طالع الفصلية كاملة اونلاين من هنا
المواضيع المتوفرة في العدد 11/ مارس 2015
الافتتاحية : شرور ما بعد الربيع
في المبدأ، تبدو السياسة قرينةً للانحياز. وذاك أن العملَ السياسي يجد نفْسَه، حالما يتفكّر في ماهيته وشروط أمانته لها، طرفاً في منازعةٍ أو منازعات. ويقتضي الاستواءُ طرفاً في نزاع أن يسعى من يرى لنفسه هذا الموقع إلى التأثير في وجهة النزاع متوخّياً إتاحة الغلَبة للصفّ الذي اتّخذ لنفسه موقعاً فيه. فإذا كانت موازين النزاع لا تبيح الأملَ في الغلبة، كان توجيه السعي إلى تحقيق المتاح، في كلّ مرحلة من مراحل النزاع، ممّا فيه صالِحُ الصفّ الذي اعتمده الطرف المعنيّ صفّاً له أو صالِحُ القضية التي شاءها قضية له في هذا النزاع. في كلّ حال، لا يستغني من يتّخذ لنفسه صفة الفاعل في ساحة من ساحات السياسة عن التصميم على تَرْكِ أثرٍ يتعمّده ويقدّر طبيعتَه في موازين الصراع الذي يخوض...
على أن هذا المبدأ الذي يبدو حليفاً لنوعٍ من البديهة لا يلبث أن يتبدّى، عند التفكّر، أضعفَ مُسْكةً ممّا يوحي مشهدُه أوّلَ وهلة. فحتّى في الحرب الخارجية التي يتبين فيها المعتدي من المعتدى عليه من غير لَبْسٍ ولا إبهام، لا يُستبعد أن يدبّ الشقاقُ في صفّ المعتدى عليهم بسببٍ من تباينٍ في كيفيات خوض النزاع أو توقّعاتٍ متعلّقة بما بعد النزاع يتسلّط بمقتضاها فريق من أفرقاء الداخل على آخر محوّلاً الانتصار في النزاع الخارجي إلى سلاح ينفرد باستعماله في الصراع الداخلي. لا تمنح هذه الحالة مشروعيةً تلقائية لموقف يُبْنى حصراً على حساب الميزان الداخلي المتوقّع ولكنها تُدخل هذا الموقف في باب المحتمل وتحمل على الروية في محاكمته.
هذا في حالة تبدو فيها المصلحة والقيمة ماثلتين للنظر الإجمالي في جهةٍ واحدة. فما بالك بحالات تضطرب فيها العلاقة كثيراً أو قليلاً بين القيمة والمصلحة، فينشأ خلاف مثلاً بين مستوياتٍ للمصلحة لا يخلو أيّ منها من قيمة: يدخل حساب السلامة الشخصية، مثلاً، ويقابله حساب المصلحة العامّة بما يتضمّنه من تصوّر للنظام السياسي ولحقوق الجماعات والأفراد، وقد يقابله أيضاً حسابٌ أممي يتعلّق بمواجهةٍ دائرة (أو يفترض أنها دائرة) بين أحلافٍ ثابتة أو متحرّكة تشقّ شطراً من العالم أو تشقّ العالم بأسره...
هذا ولا يخلو همّ الموقف الذي يطرحه هذا الاختلاف في الأوضاع وفي طبيعة المنازعات ونطاقها وفي ما تمليه من صلة ائتلاف أو اختلاف بين القيمة والمصلحة من أثرٍ للموقع من النزاع المتّخذ موضوعاً للموقف. فلا يمكن افتراض المساواة في الفضل أو في الجريرة بين من يقيم في ساحة النزاع ويمثّل له الموقف الذي يتّخذه مسألة حياةٍ أو موت ومن يبدي تضامناً مع طرفٍ من أطراف نزاعٍ بعيد فلا يحمّله التضامن عبئاً مباشراً ولا يعود عليه بمكسبٍ أيضاً باستثناء ما كان رِضاً معنوياً من الشخص عن نفسه ومن الغير عنه.
نلمّ بمشكل الانحياز في السياسة هذا وبتنوّع احتمالاته لجهة المصالح والقيم ونحن ننظر في ما آلت إليه حركات التغيير التي شهدتها الأعوام الأربعة الأخيرة في بلدان عربية مختلفة. ولا ريب أن المآلات قد تنوّعت وأن ما بدا، في أوائله، حركاتٍ ذاتَ إلهامٍ متقارب الوجهات قد تفرّقت بها السبل. وهذا يُردّ بحدّ ذاته إلى فوارقَ كثيرةٍ بين المجتمعات نَحَتْ حركاتُ التغيير في مرحلتها الأولى نحو طمسها أو أغرت بتحييدها.
يسود شعورٌ مشروعٌ بالخيبة صفوفَ من أبدوا تضامناً مع هذه الحركات في المرحلة التي يمكن أن يطلق عليها اسم إجمالي هو اسم المرحلة ”الشعبية“. وهي قد اتّسمت بضخامة الحشود الشعبية وغلبة الأشكال السلمية من تظاهرٍ واعتصامٍ على العمل ووضوح الأهداف المعلنة وانعقاد قدْرٍ مرموق من الإجماع عليها. وهو ما كان يسمح بالاشتمال على كلٍّ من هذه الحركات على أنها وحدةٌ يُنْظر إليها في جملتها بل كان يتيح النظر إلى المشهد العام الذي تحصّل بعد تدحرج الموجة إلى بلدان عديدة على أن له هو أيضاً صفة تنضوي تحتها ساحاته كلّها وتبيح اعتبارها، على نحوٍ ما، تجلّياتٍ لقوّة تغييرية واحدة. أسعف هذا التصوّرَ انبلاجُ الحركات المعنية هنا في أوقات متقاربة إلى حدّ بدت معه وكأنّها خرجت تباعاً من بؤرة واحدة.
ويمكن القول أن ما جرى مذّاك أورث كثرةً في مواضع الوحدة المفترضة على غير صعيد واحد. فقد انكفأ العمل السلمي في كلّ من الساحات وانكفأت معه قوىً ذواتُ أوزان اجتماعية لا تجد لنفسها مكاناً حيث يسود العنف وتتعين مواجهتُه بمثله. في الوقت نفسه، برزَت، في كلّ من الحركات، قوىً متعارضة إلى حدٍّ أمكنت مُداراتُه بالسياسة في حالاتٍ ومراحلَ وتعذّرَت في حالاتٍ ومراحل اخرى وحلّ محلّها الجنوحُ إلى العنف. وراح المنظرُ العامّ لِما كان قد أمكن أن يطلقَ عليه اسمٌ واحد هو ”الربيع العربي“ يتكسّر إلى صورٍ متباينة... راحت الإحاطة بالملامح الدقيقة لكلّ من هذه الصور تغدو أمراً عسيراً أيضاً وتحمل المهتمّ على نوعٍ من اليأس من جلاء عوامل الغموض والاختلاط (ولو تباينت شدّتها وتنوّعت مصادرها من حالة إلى حالة) في الصور التي أخذَت تعرضها على ناظريه الساحات المختلفة.
فقدت الحركات، إذن، صفتها الشعبية وفقدت وحدتها العامّة، أي، على الأخصّ، وحدة المعنى والوجهة، وفقدت كلٌّ منها كلّ وضوحٍ في صيغة الصلة التي تنطوي عليها بالمستقبل وتريد إملاءها عليه. فإذا كان قد بقي شيء من هذا فإنما هي صيغة التخبّط أو صيغة الارتداد على العصر كلّه والبحثِ لا عن مكانٍ في العالَم بل عن مخرجٍ منه. هذه النكسات المتراكبة هي مصدر الشعور الذي ذكرناه بالخيبة. ولا ريب أن هذه الخيبة تُصْدي، حين يعبِّر عنها من اقتُصر أمرُه على إبداء التضامن من قريبٍ أو بعيد، لخيبةِ مَن كانوا مادّةَ القوى الضالعة في المرحلة الأولى من حركات التغيير واضطرّوا، لأسباب يقترن فيها التنوّع بالوضوح، إلى الانكفاء عن الساحات في أوقاتٍ مختلفة.
هؤلاء ليسوا وهَمْاً بصرياً وإنما هم قوىً عظيمة الشأن أيّاً يكن ما انتهت إليه أدوارها. نقول هذا مدركين أن الأوهام البصرية كانت ولا تزال، في الحالات التي نحن بصددها، محتملة الحصول في الماضي والحاضر، وأن حصولها ليس شيئاً وهمياً هو نفسه. بل إن علينا البحث عن بعض مصادر الوهم في الصفاقة التي تبقى عليها الأحوال والأوضاع في مجتمعات كان تحصيل المعرفة بأوضاعها وأحوالها أمراً لا تستطيبه الأنظمة السياسية القائمة ويكرهه غيرها من السلطات أيضاً. وكانت هذه وتلك تملك ما يلزم من وسائل الردع للحدّ من حركة التحصيل المشار إليه ناهيك بتزييف معطياتٍ بديلة لحصائله.
يفضي التكسّرُ أو تكاثرُ الشقوق الذي انتهت إليه كلّ من الساحات إلى جبه ما يستشعره الفاعل السياسي من حاجةٍ إلى الانحياز طلباً للفاعلية (هي ما بدأنا بذكره) بعسْرٍ في اختيار الصيغ والأحلاف لم يكن ليعرض له في ما سمّيناه المرحلة ”الشعبية“ من حركات التغيير. وهي أيضاً مرحلةُ تلبُّسِ الحركاتِ المذكورة معنىً عامّاً واحداً (أشرْنا إليه) ووجهةً ينحو تيّارها نحو توحيد القوى في كلّ من الساحات. فحيث عاينّا ما صمد من الأنظمة القديمة أو ما قام من الأنظمة، لا تلبيةً لحركات التغيير بل طلباً للَجْمها، يستوي النظامُ طرفاً في النزاع الأهلي فيتعذّر أن تفترض له شرعية الدولة ويصبح سؤالُ الشرعية مطروحاً عليه بالصيغة نفسها التي يطرح بها على غيره من الأطراف.
فحين كانت المطابقة تبدو واضحة بين المُعْلَن والواقع، حيث اتّحدا في القول أن ”الشعب يريد إسقاط النظام“، بدا الخيار غايةً في البساطة، مقصوراً على نُصْرةِ الشعب أو نصرة النظام. وأما الحال بعد استئثار القبائل والطوائف بالساحات تتصدّرها الفصائل المسلّحة وقد أصبحت تحصى بالمئات، في بعض البلاد، فمَفادُها أن التمثّلَ بجهةٍ من هذه الجهات يصبح متعذّراً، عمليّاً، حين لا يكون المتمثّل منتمياً إلى إحداها أو تكون سلامته وسائر مصالحه الحسّية رهناً بالولاء لها. بل إن المتابعةَ لتقدير موقفٍ يحيط بجوانب الوضع كلّه وبدعاوى أطرافه تصبح هي نفسها متعذّرة أو قريبة من التعذّر حتى على من كان من أهل البلاد المعرّضين لأخطار النزاع الجاري. فكيف على من كان في خارج الميدان يبتغي تقديم المعونة بما يستطيع وإبداء التضامن مع الجهة المستحقّة بعد أن يطمئن إلى حسن تقديره للاستحقاق؟
مَنْ له اليومَ أن يدّعي الإحاطة، مثلاً، بما يحرّك مئاتٍ من الفصائل المسلّحة تتوزّع الأرضَ السورية وتستَدْرِج إليها التدخلَ الخارجي بحُمولاته المتعارضة؟ وهذا مع العلم أن النظام الأسدي قد أصبح، من حيث التمثيل، واحداً من هذه الفصائل لا ريبَ أنه أكبرُ حجماً وأعقد تكويناً وأشدّ أذىً أيضاً من كلٍّ من الأخريات؟ وهل الحال مختلفة في غير التفاصيل في ليبيا أو في اليمن أو في العراق إذا نحن نظرنا إليها بمنظار الأسئلة المتعلّقة بإمكان الإحاطة وبإمكان التوصـّل إلى موقف في النزاع ذي شرعية عامّة؟ وهل لا يزال التسليمُ مقبولاً في مصر بحَصْرِ الخيار ما بين الارتداد الزاحف نحو الحكم العسكري والعودة إلى حكم الإخوان المسلمين بسعيهم المتكالب إلى مصادرة الدولة وإرساء طرازٍ خاصّ بهم من الاستبداد؟
اليوم لا تمثّل محالفةُ النظام بحدّ ذاتها، قديماً كان النظام أم مستجَدّاً، مستنداً لاقتران الفاعلية التي يطلبها الفاعل السياسي بالانحياز بالقيمة المتّسقة مع زَعْم الولاء لمُثُلٍ عامّة أو لمصالحَ تتعلّق بمستقبل الشعوب وحقّها في الحرّية والرخاء. بل يرجّح أن تمثّل محالفةُ النظام تلك عكس هذا كله. يرجّح أيضاً أن يُنْظر إلى كلّ طرفٍ على أنه باتَ لا يمثّل سوى مطامحه ومصالحه وأن الصلةَ بين هذا التمثيل وبين مصالح عليا للبلاد أو للشعب هي نفسها تجسيد لقيم مقررة السموّ إنّما تبقى موضوعَ رِيبة ونظرٍ دائمين.
في هذا التفتّت المستشري في كلّ ساحةٍ تُطرح على كلّ جماعةٍ متّصلة بالميدان (بل أيضاً على كلّ فردٍ معرّضٍ لأخطاره) مسألةُ السلامة ومسألة المكانة أيضاً، في ضوء التطوّر المحتمل لميزان القوى والمآل المقدّر للمواجهة. ويصبح مرجّحاً أن يدخل اعتبار المصلحة المتعلّقة بالسلامة أو بالمكانة في تقرير الموقف المتّخذ أي في تقرير الانحياز ووجهة المبادرة مهما يكن صعيد التعبير عنهما. ويصبح منطقُ ”أهْوَنِ الشرّين“ أو ”أهونِ الشرور“ وارداً أو غالباً. ولكن اعتبار المصلحة، إذ يملي فهماً للموقف أيّاً يكن، لا يسعه الاستواء أساساً لشرعيةٍ تنسبُ إلى الموقف. فحتى العدوّ تُفهم مواقفُه ويَكْتسب سلوكُه منطقاً حين يسلَّط عليها ضوء المصلحة مجرّداً. وهو ما لا يبطل الطعن في شرعية تلك المواقف وهذا السلوك ولا يمنع اتّخاذ هذا الطعن أساساً لشرعية العداوة. فمن أفضال العدوّ (حيثُ توجَد) أن وجوده يفرض وجود مثالٍ يتعدّى المصلحة، وإن يكن يستوعبها، يبنى عليه الموقف منه. لا يجوز إذن أن يعتبر فهم الموقف تبريراً تلقائياً له ولا سبيل إلى اعتماد المصلحة وحدها شرطاً كافياً للتبرير.
لنا أن نخرج، من بعدُ، من نطاق الأفراد أو الجماعات، في اتّصال هذه أو أولئك بالساحات المضطربة اليوم بالمواجهات الأهلية من سورية إلى ليبيا ومن العراق إلى اليمن. نخرُجُ مبتغين النظرَ في مواقف الدول الأخرى الضالعة في هذه النزاعات إلى حدّ المسؤولية عن إدامتها، في بعض الحالات. إذّاك نجد أنفسَنا غيرَ مستغنين، على هذا المستوى أيضاً، عن مقياسٍ يتخطّى التقدير المباشر لمصالح هذه الدول طلباً لموقفٍ نتّخذه من مواقفها ومسالكها. معلومٌ أن المواقف تفترق، على هذا المستوى، بين تغليبٍ لما يُعْتَبر مصالحَ إستراتيجية (يجب النظرُ في سلامة تقديرها) وما يُعتبر مصالحَ للشعوب بما هي جماعاتُ بَشَرٍ أحياءٍ أو مجتمعات.
هذه المصالح الأخيرة هي ما ظهَرَ أن حركاتِ التغيير غلّبَتْه في مرحلتها الأولى معتبرةً، في ما بدا، أن تحقيقَ الغلبة لها شرطٌ لإحقاق كلّ حقّ، أيّاً يكن، يتعدّى نطاق هذا المجتمع أو ذاك. على هذا المستوى أيضاً، نجد أنفسنا غير مطمئنين إلى حساب المصالح مقياساً نعتمده منفرداً، محتاجين إلى قيمةٍ عليا نتّخذها أساساً عامّاً لمواقفنا. ههنا أيضاً تسوّي المصالح ما بين الصديق والعدوّ. ويتبدّى لزاماً أن نسأل عن أساس صداقة الصديق وعمّا إذا كان هذا الأساسُ يبيح له أن يفعل ما يفعله أم لا يبيح... هذا فضلاً عن السؤال الذي تطرحه الأزمات من تلقائها إذ تخرجنا من تلقائية التسليم بالصداقة لتلزمنا بتجديد البحث في أساس تلك الصداقة وحقيقتها.
لا بديلَ من اعتبار البشر الذين ملأوا الميادين لشهورٍ من الزمن في هذه الكثرة من العواصم والمدن المنتشرة بين المحيط والخليج حقائق. كانوا ولا يزالون حقائق، مهما تكن عيوبُ العُدّةِ البصريّة التي شاهدناهم بها، ولم يصبحوا أوهاماً عَبَرت. بل إنهم هم الحقيقة الغامرة وهم القيمة الكبرى التي تتأسس عليها المواقف والسياسات. ولا ينتقص من حقيقتهم هذه أن قوّة القمع الموصوفة من هنا واستشراءَ التسلّح من هناك والنجدةَ الخارجية للأنظمة وتألّبَ الدول ذات المصلحة على الحركات الشعبية من هنالك، قد ألزَمت هؤلاء البشر بالانكفاء عن ساحاتهم وحجبت معظم أصواتهم. لا ينتقص من هذه الحقيقة أيضاً أننا لا نعرف نسبةَ من حَمَلَهم تغيّرُ الظرف من بينهم على الارتداد إلى انتماءاتٍ كانوا قد باشروا خروجاً من قيدها وعلى تغيير مواقعهم في هذا الاتّجاه أو ذاك. لا ينتقص منها، على الأعمّ، أنهم أصبحوا يبدون (أو هم بَدوا من البداية) مفتقرين جدّاً إلى تمثيلٍ سياسيّ يناسب ما ظهر أنه أحجامُهم في أوائل حركاتهم. هذا يرتّ
بمهامَّ يجب أن تكون طويلة النفس، على الأرجح، ولا بدّ أن تكون ثقيلةً على حامليها. ولكنّ هذا لا ينبغي أن يُعْمي عن موضع الشرعية مَنْ كان متجرّداً للبحث عنه.
(هيئة التحرير)
أواخر كانون الثاني 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق