‏إظهار الرسائل ذات التسميات أوسكار وايلد. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات أوسكار وايلد. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 10 سبتمبر 2012

كل الأحكام هي أحكام بالموت


الوقوف أمام المحكمة كمتهم يعني أن تكون مضطرا لتبرير نفسك أمام كل الحاضرين، غالبا أنت تحاول تبرئة نفسك من جريمة أو خطيئة، وأنت مضطر أيضا لأن تكشف نفسك وتقريبا تاريخك أمام أناس ربما لم تكن لتسمح لهم بأن يدخلوا إلى عالمك.

ميرسو بطل رواية كامو "الغريب"يتصور أمر المحاكمة (التي تمت في الفصلين الثالث والرابع من الكتاب) كله كتمثيلية، الشرطي الذي يرافق ميرسو يقول له إن كثرة القضايا تشعره بالملل، وربما الأمر كذلك بالفعل، فالقضية متكررة ربما على كل البشرية إلى جانب ميرسو، أنت محكوم عليك بالموت، الحكم جاهز ومعروف، والخطيئة/ الجريمة التي قمت بها لا تجد نفسك مسئولا تماما عنها، "كونك ولدت" كما يقول كالديرون، أو كونك قتلت عربيا فقط لأن الشمس/ الطبيعة ضغطت عليك، هذا التبرير الذي يثير الضحك عندما يقوله ميرسو في المحكمة، فهذا ليس سببا معقولا، وهو تبرير لن يمنع حكم الإعدام. في قاعة المحكمة يجد ميرسو تفاصيل حياته التافهة كأشياء تؤخذ ضده؛ بروده – الذي يمكن أن يوصف بأنه برودا عاديا – وشربه القهوة باللبن وتدخينه السجائر في مواجهة موت أمه، عدم رغبته في رؤية جثتها، مشاهدته فيلما في السينما مع صديقته بعد ذلك وممارسته الجنس معها، هذا كله أداء يومي عادي، لا يستحق لأول وهلة أن تعتقد أنه سيتخذ كدليل ضدك، وأن هؤلاء المعارف والعابرين في حياتك سيكونون شهودا عليك. يكتشف ميرسو أيضا كم هو مكروه من قبل الحاضرين، وفي لحظة يتصور أن الحاضرين يتحدثون عن شخص غيره. من الناحية الفنية يبدو كامو متأثرا بدوستويفسكي – الذي أثبت في "الأخوة كارامازوف" أنه الكاتب الخبير بمشاهد المحاكمات – فمن الممكن أن يصرح الشاهد برأي ونقيضه كما فعل حارس دار المسنين التي كانت تعيش فيها أم ميرسو فهو لم ير ميرسو يبكي في مواجهة جثمان أمه ولكنه أيضا لم يره غير باكيا، مثلما نصبح في شك من شهادة شخصية "جريجوري" في رواية "الأخوة كارامازوف" عن أحداث قتل الأب في ليلة شرب فيها قدح ونصف من شراب مخلوط بالكحول. أحد الصحفيين في "الغريب" يذكر أن أهم قصص الحوادث هذا الصيف كانت قصة ميرسو وقصة الرجل الذي قتل أبيه، هذه القضية التي تماثل قضية ديمتري المتهم بقتل أبيه.

مرة أخرى في "الأخوة كارامازوف" لدوستويفسكي يتكرر أن يبدو المتهم  خارج عملية الصراع - وذلك في مشاهد المحاكمة التي خصص لها دوستويفسكي 14 فصلا من الرواية، هذا بالإضافة إلى اعتذار الكاتب أنه لن يستطيع أن يذكر لنا كل الأحداث - فالمنافسة بين المحامي فيتوكوفيتش ووكيل النيابة كيريلوفيتش مثلا في المحاكمة كانت تبدو بمعزل عن حرج مصير ديمتري، فيبدو أن المنافسة تأتي على حساب حياة هذا الشخص، ولكن رغم ذلك لم يكرر ديمتري انفعال ميرسو النفسي القائل: "ما هذا؟ من هو المتهم هنا؟ إن المتهم شخص مهم في القضية، ثم إن لديّ شيئا أريد أن أقوله". باستعادة حياة ديمتري كلها تقريبا في جلسات المحكمة نكتشف أن الحكم هنا هو حكم يقيم تجربة ديمتري الحياتية، رغم أن القاريء يعلم أنه مظلوم في هذه القضية ولم يقتل أبيه، في بعض الأحيان يتخيل ديمتري أنه سيحمل صليب أخطاءه الأخرى بالحكم عليه بغض النظر عن مدى تورطه في هذه الجريمة. تتلخص فلسفة العمل كله في مشهد المحاكمة؛ تحب جروشنكا ديمتري أكثر وقتها، يتضح تردد كاترينا إيفانوفنا بين ديمتري وإيفان، يلخص إيفان فلسفته عن قتل الأب، كل هذه العلاقات تتكشف أمام الجميع في قاعة المحكمة.

عند كافكا كانت "المحاكمة" هي الرواية كلها، كان المطلوب من  "جوزيف ك" أن يبرر نفسه أمام الجميع في مواجهة التهمة التي لا يعرفها محاولا أن يتخلص من هذا الاعتقال الشاذ. في حين أن المشهد الذي اعتدنا أنه يتكثف في الروايتين السابقتين أصبح أكثر عبثية هنا (مشهد المحكمة في الرواية كان أقرب إلى جلسة استماع لا محاكمة)؛ جوزيف ك يحاول أن يبريء نفسه أمام الجمهور، يحاول أن يكسبهم بتصريحاته وينتزع منهم صيحات الإعجاب وكأنه أمام جمهور مباراة رياضية، حتى يكتشف أن كل هذا ليس لصالحه، الحاضرون كلهم يعبثون به، وقد يتجاهلونه لينظروا بشغف لرجل يحتضن المرأة الغسالة في قاعة المحكمة. في لحظات في الرواية يعتقد ك أنه ذو أهمية كبيرة سواء بسبب المؤامرة التي تحاك ضده أو بسبب الاهتمام الغريب به من بعض الشخصيات ومنها الشخصيات النسائية، وفي لحظة أخرى يقول له قس السجن ببساطة: "المحكمة لا تريد منك شيئا، إنها تستقبلك عندما تأتي وتصرفك حينما تذهب".

عند نجيب محفوظ سطور قليلة كونت مشهد محاكمة بارز لعاشور الناجي في رواية "الحرافيش"، كان عليه فيه أن يبرر استيلائه على دار البنان. المشهد كان نقطة تحول أخرى في شخصية عاشور، فبعد الحكم عليه يخرج من السجن ليصبح فتوة الحارة ويرسى تقليد الفتونة الذي ستصبح معيار بقية الملحمة. صورة أخرى لمحاكمة ظهرت عند نجيب محفوظ كانت تمزج بين السريالية والرمز، وهي أحد "أحلام فترة النقاهة" في الكتاب الذي صدر في نهاية حياة محفوظ، وهو الحلم رقم 100 الذي ضم عدة زعماء في قفص المحكمة ينتظرون الحكم عليهم، فيحكم القاضي على السارد الجالس في قاعة المحكمة رغم أنه يعتقد أنه خارج القضية. يختلط الوضع هنا بين كون الجدل يتم بعيدا عن الشخصية المحكوم عليها مثلما الحال مع ميرسو وديمتري، وعدم معرفة التهمة كما الحال عند جوزيف ك، ولكن على أي حال فهناك رمزية واضحة في الحلم في كون أن الشعب المصري هو من يتعرض للعقاب رغم أنه لا يعتقد أنه موضع الاتهام من الأصل، هذا التفسير المباشر الذي يجعل الحلم أكثر أحلام نقاهة محفوظ استخداما إلى درجة الابتذال.

شخصية أدبية أخرى تصبح محاكمتها معلما بارزا في عالم الأدب؛ هنا الأديب نفسه يقف أمام المحكمة وليس فقط شخصية من شخصياته، كانت محاكمة أوسكار وايلد بتهمة "الأفعال غير اللائقة" تمثل ذروة انحداره هذا الذي اتجه إليه بنفسه، كان من الممكن لوايلد أن يتجنب كل ما حدث له لو لم يرفع قضية تشهير على ماركيز كوينزبري (والد رفيقه ألفرد دوجلاس)، الذي بدوره استطاع أن يثبت تهمة الشذوذ عليه. بدا وايلد يتحدث بمصطلحاته هو في مقابل القضاة والخصوم الذين لا يستوعبون مشاعره الخاصة، هو "أعظم متحدث في عصره" كما يقول ييتس عنه، يوضح وايلد لهم أن خطاباته لألفريد دوجلاس مجرد أعمال فنية، إن مشاعره تجاه الشباب تشبه أفكار أفلاطون وأعمال ميكيلانجلو، وأن صداقته بهم تشبه صداقة داود بيوناثان، قطع أدبية يقولها وايلد أثناء المحاكمة تثير الاستحسان والضحكات. مرة أخرى هنا يصبح ماضي وايلد كله شاهدا عليه - كما كان ماضي ميرسو وديمتري - حياته في العالم السفلي الإنجليزي وإيحاءته اللا أخلاقية في "صورة دوريان جراي"، لم يكن صعبا أن يسقط وايلد، ليعتبر بعد ذلك في كتابه "من الأعماق" أن أعظم نقطتي تحول في حياته هي حينما بعثه أبوه ليتعلم في أوكسفورد، وعندما أرسله المجتمع إلى السجن. وينتهي وايلد في "من الأعماق" لكتابة ما يعتبر صدى لكل المحاكمات السابقة، ولكل المحاكمات التي نمر بها جميعا:
"كل المحاكمات هي محاكمات لحياة المرء، وكل الأحكام هي أحكام بالموت".

أمير زكي
سبتمبر 2012

***

مصادر:

- ألبير كامو، الغريب، ت: محمد غطاس، الدار المصرية اللبنانية، الطبعة الأولي 1997
- فيودور دوستويفسكي، الأخوة كارامازوف، ت: سامي الدروبي، مكتبة الأسرة، 2009
- Franz Kafka, The Trial, T: Mike Mitchell, Oxford World’s Classics, First Edition 2009
- نجيب محفوظ، الحرافيش، مكتبة مصر
- نجيب محفوظ، أحلام فترة النقاهة، دار الشروق، الطبعة الأولى 2005

الأربعاء، 18 يوليو 2012

صورة دوريان جراي – أوسكار وايلد – اقتباسات


"ليس بين الكتب كتب أخلاقية وكتب منافية للأخلاق؛ فالكتب إما جميلة التأليف وإما رديئته. تلك هي خلاصة القول".

***

"ما من فنان يشتكي السقم أبدا؛ فالفنان يستطيع التعبير عن كل شيء في الحياة".

***

"اختلاف الظنون في العمل الفني دليل على أن العمل جديد ومعقد ونابض بالحياة، وكلما اختلف النقاد أحس الفنان بأنه أدى واجبه".

***

"الجمال الحقيقي يختفي حين تظهر مخايل الذكاء، والذكاء نفسه إسراف من الطبيعة، والإسراف يفسد التناسب في أي وجه، فالمرء إذا بدأ يفكر، تحول وجهه إلى جبهة كبيرة، أو أنف كبير، أو أي شيء من هذا القبيل. استعرض سائر النابهين في أي مهنة من مهن الفكر تر صورهم نماذج من البشاعة ليس لها مثيل، وقد يستثنى من ذلك رجال الكنيسة، ولكن هذا طبيعي فرجال الكنيسة لا يفكرون البتة، والأسقف يردد وهو في الثمانين ما لقن أن يقوله وهو في الثامنة عشرة".

***

بازيل هولوورد: "إن القدر يكيد لأصحاب الذكاء النابغ والجمال النابغ، ويتعقبهم كما يتعقب الملوك منذ فجر التاريخ بدون إشفاق. والخير لنا أن نكون من طينة العامة، فالأغبياء ودميمو الخلقة أسعد أهل الأرض طرا، لأن في وسعهم أن يجلسوا في اطمئنان، ويحملقوا كالبلهاء من أماكنهم في موكب الحياة الحافل، فإن فاتهم النصر فقد كفوا مرارة الهزيمة. هم يعيشون كما ينبغي أن نعيش جميعا، يعيشون في صفاء، لا يبالون بشيء، آمنين مطمئنين، لا يفسدون حياة أحد، ولا يفسد أحد حياتهم، أما نحن فندفع ثمن التفوق غاليا: أنت تدفع ثمن جاهك وحسبك، وأنا أدفع ثمن ذكائي وفني أيا كان قدرهما، ودوريان جراي يدفع ثمن جماله وشبابه، نعم يا هاري، لسوف ندفع ثمن ما حبتنا به الآلهة من نِعَم، ولسوف نتعذب عذابا أليما".

***

بازيل هولوورد: "... إذا أحببت أحدا من أعماق قلبي كتمت عن الناس اسمه؛ لأن في إعلانه شيئا من الخيانة، ولقد تعلمت الولع بالأسرار، ويبدو لي أن الأسرار هي ما بقى لنا في هذا العصر مما يملأ الحياة غرابة وغموضا، فأتفه الأمور يثير فضولنا إن هو حُجِب عنا، ولذلك تجدني لا أطلع أحدا على وجهتي كلما غادرت لندن في هذه الأيام، فإن فعلت فقدت كل شيء في رحلتي، أعترف لك بأنها عادة سيئة، ولكنها تدخل على الحياة شيئا من سحر الخيال".

***

"... اللذة الوحيدة في الزواج هي أنه يجعل حياة الغش لازمة للطرفين".

***

"إن أردت أن تكون طبيعيا فلا بد لك من التكلف، وأشد أنواع التكلف عندي هو التكلف الذي ألتزمه لأبدو طبيعيا".

***

لورد هنري: "الجبن والضمير اسمان لمدلول واحد يا بازيل، وكل ما هنالك أن الضمير هو الاسم الرسمي، الماركة المسجلة على حد قولهم".

***

"... أعطف من كل قلبي على الكره الذي تبديه الديمقراطية الإنجليزية لما تسميه مساويء الطبقة الراقية، فعامة الشعب تشعر بأن العربدة والغباوة والانحلال الخلقي امتيازات خاصة بها، وإذا اتصف أحدنا بنقيصة من هذه النقائص بدا أنه اعتدى على اختصاصات تلك الطبقة".

***

"... لا جدال في أن العبقرية أطول أجلا من الجمال، وهذه أفظع مأساة في حياتنا الإنسانية؛ ولذا ترانا نتكالب على تثقيف أنفسنا، وفي تنازعنا الوحشي للبقاء نبحث عن ذخيرة باقية؛ ولذا ترانا نحشو أدمغتنا، بالحقائق والترهات على السواء كيلا نفقد أمكنتنا في الحياة، وهي غاية سخيفة، إن المثل الأعلى في عصرنا هو الرجل الذي يعرف كل شيء، وجمجمة الرجل الذي يعرف كل شيء صندوق مزعج، بل هي حانوت من حوانيت العاديات اكتظ بالوحوش الأثرية وأكداس التراب، ولن تجد فيه سلعة لم يبالغ في تقدير ثمنها".

***

"إن تأثيرك في شخص ما معناه أنك تسبغ روحك عليه، مما يملأ رأسه بأفكار ليست أفكاره، ويملأ قلبه بعواطف ليست في طبعه، ويجعل من رذائله رذائل مستعارة من الغير، وبذلك يصبح صدري يردد ترنيمة رجل آخر، أو ممثلا يلعب دورا لم يكتب له. إن غاية الحياة تقدم الذات، وما خلق كل منا إلا لينمي ملكاته، ويصون طبيعته على الوجه الأكمل، ولكن الناس في هذه الأيام يخافون من أنفسهم، وينسون أن واجب الإنسان الأول هو واجبه نحو نفسه، فتراهم يطعمون الجياع ويكسون العراة وأرواحهم جائعة عارية. ولا بد من أحد أمرين، فإما أن شعبنا قد فقد شجاعته، أو أن الشجاعة لم تكن من صفاته في يوم من الأيام، فنحن عبيد الخوف: الخوف من المجتمع وهو جوهر الأخلاق، والخوف من الله وهو جوهر الدين".

***

"... لا نجاة من الغواية إلا بالاستسلام لها، فإن قاومت الغواية ذبلت روحك من شوقها إلى المحظور، وما حظر المحظور إلا رياؤها، وبكت نهما إلى الحرام، وما حرم الحرام إلا يأسها وإشفاقها".

***

"ما هذا اللغو الكثير الذي يردده الناس عن الوفاء! إن الحب نفسه مسألة فسيولوجية ولا دخل للإرادة فيها. أرى الشبان يحاولون الوفاء فيعجزون عنه، وأرى الشيوخ يحاولون الخيانة فيعجزون عنها. هذا كل ما نستطيع قوله عن الموضوع".

***

"... لن يستعيد إنسان شبابه إلا إذا ارتكب حماقاته من جديد".

***

لورد هنري: "لا تتزوج أبدا يا دوريان، فالرجال يتزوجون حين يقتلهم الملل، والنساء يتزوجن من باب الفضول، ولكنهم جميعا يندمون على ذلك".

***

لورد هنري: "اسمع يا بني إنما يؤمن بالتخصص أصحاب العقول التافهة، وما يسمونه بالوفاء أسميه أنا الكسل الناجم عن العادة، أو أسميه فقرا في الخيال حسب الحالة. إن الإخلاص في الحياة العاطفية يشبه انتظام التفكير في الحياة العقلية، كلاهما أمارة الفشل. ما هذا الوفاء الذي يتحدث عنه الناس! لا بد أن أحلله يوما من الأيام. إنه يقوم على غريزة الملكية، وكم من شيء لا نجدا بأسا من لفظه لولا خوفنا أن يلتقطه الآخرون".

***

"... ما عرفت فنانا قط جذاب الشخصية إلا وكان تافه الفن، أما كبار الفنانين فأشخاصهم تفنى تماما في عملهم، فلا يبقى للعالم من أشخاصهم ما يثير اهتمام أحد. والشاعر الفذ، أقصد الشاعر الفذ بمعنى الكلمة رجل خلت حياته من الشاعرية، أما صغار الشعراء فيسخرون الدنيا بشخصياتهم العجيبة، وكلما انحطت قوافيهم ارتفعوا في عيون الناس، حتى لتجد أن مجرد نشر ديوان من الشعر الركيك يجعل من صاحبه شخصية تأسر القلوب، فصغار الشعراء يمارسون الشعر الذي عجزوا عن قوله، وكبارهم يقولون الشعر الذي خافوا من ممارسته في الحياة".

***

"إن في الحياة سموما عجيبة لا سبيل إلى معرفة خواصها إلا أن تتسمم بها النفس، وإن في الحياة أمراضا غريبة لن يفهمهما بنو الإنسان إلا إذا نزلت بهم ثم خرجوا ناقهين، ولكن ثمرة الاختبار شهية، والحياة حلو مذاقها لمن عرف حقيقتها، وما ألذ أن يتأمل الإنسان العاطفة الرقيقة تقسو حتى تصير كالصارم المشحوذ، والعقل الغليظ يرق وتضفي عليه العاطفة جميل الألوان، ويرى كيف يلتقيان وكيف يفترقان! إن الثمن الذي ندفعه لنظفر بهذه التجربة بخس مهما علا، ولوجدنا بالحياة ذاتها، فالإحساس أثمن ما في الوجود، وفي سبيل الإحساس يهون كل شيء".

***

"إن منشأ احترامنا للآخرين هو خوفنا من ألا يحترمنا الآخرون، وأساس التفاؤل هو فزعنا من الكوارث لا أكثر ولا أقل، وإذا أحسنا الظن بجارنا نسبنا إليه من الفضائل ما قد يعود بالفائدة علينا، فنحن نقرظ مدير البنك لعله يقرضنا بعض المال، ونصف قاطع الطريق بالبطولة لعله يتجاوز عما في جيوبنا".

***

"... إن النساء كما وصفهم ذكي من أذكياء فرنسا يلهبن فينا الرغبة في القيام بروائع الأعمال، ثم يمنعننا من تنفيذ هذه الرغبة".

***

"إن السيجارة هي أحسن مثل لأحسن متعة، فهي لذيذة وهي لا تشبع حواسك تماما".

***

"... نحن نجد لتأنيب النفس لذة عظمى، وحين نؤنب أنفسنا نحس بأن الغير لا يملك حق تأنيبنا، فالاعتراف هو الذي يغسل خطايانا، وليس الكاهن الذي نعترف أمامه".

***

دوريان جراي: "... أنا أحب الفضائح إذا رويت عن الآخرين، أما الفضائح التي تروى عني فلا يهمني أمرها، لأنها لا تأتي بجديد".

***

"إن المرأة تتزوج مرتين إذا كانت تمقت زوجها الأول، أما الرجل فيتزوج مرتين إذا كان يعبد زوجته الأولى. في الزواج تجرب النساء حظهن، أما الرجال فيقامرون بحظهم".

***

"... الحب يحيا بالتكرار، والتكرار يصقل الرغبة ويكسبها صفة الفن. إن الحب واحد مهما تعدد موضوعه، وفي كل مرة يحب القلب لا يبقى فيه إلا حب واحد، والتعدد لا يضعف الحب، بل يذكيه، فالحياة لا تتسع إلا لاختبار واحد عظيم، وسر السعادة أن نكرر هذا الاختبار ما وجدنا إلى ذلك سبيلا".

صورة دوريان جراي
أوسكار وايلد
ت: لويس عوض
المشروع القومي للترجمة 2001

الأحد، 3 يونيو 2012

زوج مثالي – أوسكار وايلد – اقتباسات



"قوة النساء تأتي من حقيقة أنه لا يمكن شرحنا سيكولوجيا. الرجال يمكن تحليلهم، النساء يُعشَقن فقط".

***

"أنا أحب أن  أتحدث عن لا شيء. إنه الشيء الوحيد الذي أعرف شيئا عنه".

***

"كما ترين، إنه من الخطير جدا أن تستمعي. إن استمع المرء ربما يقتنع؛ والرجل الذي يسمح لنفسه أن يقتنع في جدال هو شخص غير عاقل على الإطلاق".

***

"على المرء أن يلعب دوما بنزاهة... عندما تكون لديه الكروت الكسبانة".

***

"ماضي المرء هو ما عليه المرء. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يجب الحكم بها على الناس".

***

"الحياة ليست عادلة.. وربما كونها ليست كذلك هو  شيء جيد بالنسبة لمعظمنا".

***

"هل تعتقد حقا... أن الضعف هو الذي يذعن للإغراء؟ إذن فسأخبرك أن هناك إغراءات كبيرة تحتاج إلى القوة، القوة والشجاعة للإذعان إليها، أن يرهن المرء حياته كلها للحظة واحدة، أن يخاطر بكل شيء برمية واحدة، سواء كان الرهان على القوة أو اللذة، لا يوجد ضعف في هذا. هناك شجاعة كبيرة وعظيمة".

***

"الناس الآخرون بشعون جدا. الصحبة الوحيدة الممكنة هي صحبة المرء لنفسه".

***

"واجبي هو شيء لا أفعله مطلقا... إنه دائما ما يجعلني مكتئبا".

***

"النساء ليسوا موجودات ليحكمن علينا، ولكن ليغفرن لنا عندما نكون بحاجة للمغفرة. المغفرة وليس العقاب هو دورهن".


زوج مثالي
أوسكار وايلد
الاقتباسات من ترجمتي عن النص الإنجليزي

الأربعاء، 30 مايو 2012

امرأة بلا أهمية – أوسكار وايلد – اقتباسات


"الميزة في اللعب بالنار.. هي أن المرء لا يُلسَع أبدا. إنهم الناس الذين لا يعرفون كيف يلعبون بها هم الذين يحترقون".

***

"ليدي هانستون: أنا متأكدة، لورد إيلنجوورث، أنك لا تعتقد أن غير المتعلمين من حقهم أن يصوّتوا؟
لورد إيلينجوورث: أعتقد أنهم الناس الوحيدون الذين يستحقون ذلك".

***

"ليس على المرء أن يأخذ جانب أي شيء.. الميل لجانب هو بداية الإخلاص، ويتبع ذلك فورا الجدية، وهذا يجعل الإنسان مضجرا".

***

"على المرء أن يكون لديه شيء يشغله هذه الأيام. لو لم تكن لديّ ديوني لما كان هناك شيء أفكر فيه".

***

"السيدة ألونبي: شيء عجيب، النساء العاديات غيورات جدا على أزواجهن، أما الجميلات فلسن كذلك!
لورد إلينجوورث: النساء الجميلات ليس لديهن وقت. إنهن دوما منشغلات بكونهن غيورات من أزواج الأخريات".

***

"الكثير من الزواج ليس أمرا جيدا بالتأكيد. عشرون عاما من الرومانسية تجعل المرأة كالطلل؛ ولكن عشرين عاما من الزواج تجعلها أشبه بالمبنى العام".

***

"في المعبد كل الناس عليهم أن يكونوا جادين، عدا الشيء الذي تتم عبادته".

***

"لورد إلينجوورث: أنا لا أمانع أن تكون النساء العاديات متزمتات. إنه العذر الوحيد لكونهن عاديات".

***

"لورد إلينجوورث: هل تعلمين، أنا لا أؤمن بوجود النساء المتزمتات؟ لا أعتقد أن هناك أمرأة في العالم لن تشعر بالإطراء ولو قليلا إن بادر أحدهم بحبها. هذا هو ما يجعل النساء جذابات بشكل لا يُقاوَم".

***

"لورد إلينجوورث: ألا تعرفين أنني دائما أنجح في أي شيء أحاوله؟
السيدة آلونبي: أنا آسفة لسماع ذلك. نحن النساء نعشق الفاشلين، إنهم يعتمدون علينا".
لورد إلينجوورث: أنتن تعبدن الناجحين، وتتمسكن بهم.
السيدة آلونبي: نحن الأكاليل التي تغطي صلعتهم.
لورد إلينجوورث: وهم يحتاجونكن دوما، في غير لحظة الانتصار.
السيدة آلونبي: لا يصبحون مثيرين للاهتمام ساعتها".

***
"كتاب الحياة بدأ برجل وامرأة في حديقة".

***

"السيدة آلونبي: الرجال يريدون دوما أن يكونوا حب المرأة الأول. هذا هو غرورهم الأخرق. نحن النساء لدينا غريزة أحذق. ما نحبه هو أن نكون عشق الرجل الأخير".

***

"السيدة آلونبي: الرجل المثالي يجب أن يتحدث إلينا وكأننا إلهات، ويعاملنا وكأننا أطفال. عليه أن يرفض كل طلباتنا الجادة، ويرضي كل نزوة من نزواتنا. عليه أن يشجعنا على تقلباتنا، ويمنعنا عن مهامنا. عليه دوما أن يقول أكثر مما يعني، وأن يعني دوما أكثر مما يقول... عليه ألا يلاحق نساء جميلات أخريات، لأن هذا سيُظهر أنه بلا ذوق، أو يجعل المرأة تعتقد أن لديه كثيرات. إلا أن عليه أن يكون لطيفا تجاههن جميعا، ولكنه يقول بطريقة ما إنهن لا يجذبنه... إن سألناه عن أي شيء، عليه أن يقدم لنا إجابات تتعلق بنا. عليه دوما أن يمدحنا على كل المميزات التي يعرف أننا لا نملكها. وعليه أن يكون قاسيا، قاسيا جدا في لومنا على الفضائل التي لم نحلم أبدا أن نملكها".

***

"الواجب هو ما ينتظره المرء من الآخرين، وليس ما يفعله المرء بنفسه".

***

"عدم الرضا هو الخطوة الأولى في تقدم الرجل أو الدولة".

***

"الأطفال يبدأون بحب والديهم. بعد وقت يحكمون عليهم، ونادرا ما يحدث أن يسامحوهم".

***

"للالتحاق بأفضل مجتمع هذه الأيام، على المرء أن يُطعم الناس، أو يسلي الناس، أو يصدم الناس، هذا كل ما في الأمر".

***

جيرالد: إنه من الصعب أن تفهم النساء، أليس كذلك؟
لورد إلينجوورث: ليس عليك أبدا أن تفهمهن. النساء صور، الرجال مشكلات. إن كنت تريد أن تعرف ما الذي تعنيه المرأة حقا – وبالمناسبة فهذا دوما أمر من الخطير فعله – عليك أن تنظر إليها، لا أن تستمع لها.
جيرالد: ولكن النساء ذكيات بشكل بشع، أليس كذلك؟
لورد إيلينجوورث: على المرء دوما أن يقول لهن ذلك. ولكن، بالنسبة للفيلسوف يا عزيزي جيرالد، فالمرأة تمثل انتصار المادة على العقل – مثلما الرجال يمثلون انتصار العقل على الأخلاق.

***

"لورد إلينجوورث: تاريخ النساء هو تاريخ أسوأ أنواع الطغيان الذي عرفه العالم، إنه طغيان الضعيف على القوي. إنه الطغيان الوحيد الذي يستمر".

***

"كل امرأة متمردة، وعادة هي في حالة ثورة عارمة على نفسها".

***

"الرجال يتزوجون لأنهم مُتعَبون، النساء لأنهن فضوليات. الإثنان يشعران بالإحباط".

***

"عندما يكون شخص في حالة حب فهو يبدأ بخداع نفسه، وينتهي بخداع الآخرين، هذا هو ما نسميه الرومانسية. ولكن الحب العظيم فعليا نادر نسبيا في أيامنا. إنه امتياز الناس الذين ليس لديهم شيء ليفعلوه".

***

"... العالم صُنع بواسطة الحمقى، والحكماء عليهم أن يعيشوا فيه".

***

"كل الأفكار غير أخلاقية، ماهيتها الأساسية هي الهدم. إن فكرت في أي شيء فأنت تقتله، لا شيء يحيا يتم التفكير فيه".

امرأة بلا أهمية
أوسكار وايلد
الاقتباسات من ترجمتي عن النص الإنجليزي

الأربعاء، 22 فبراير 2012

الخطابات القذرة لكبار الكتاب


إميلي تمبل
14 فبراير 2012

ت: أمير زكي
فبراير 2012

هذه أجزاء من بعض الخطابات الرومانسية القذرة لكبار الكتاب التي اختارتها إميلي تمبل بمناسبة يوم الفالنتين.

***

من جوستاف فلوبير إلى لويز كوليه، 1846

حب العمر



"سأمطرك في المرة القادمة التي سأراك فيها بالحب، بالأحضان، بالنشوة. أريد أن ألتهمك مع كل مباهج الجسد، حتى تتهافتي وتموتي. أريدك أن تنبهري بي، وأن تعترفي لنفسك بأنك لم تحلمي أبدا بمثل هذه الأفعال... عندما تكبرين، أريدك أن تستعيدي تلك الساعات القليلة، أريد أن ترتعش عظامك الواهنة من البهجة عندما تفكري فيها".

***

من تشارلز بوكوفسكي إلى ليندا كينج، 1972

هذا يمتد ليكون رسالة حب إلى ثلاجة كينج – ولسبب واضح كما يبدو



"أحببت طريقتك في تحريك يديك؛ هذا جعلني أسخن من الجحيم... كل شيء تفعلينه يجعلني أسخن من الجحيم... أقذف اللبن تجاه السقف... أيتها العاهرة، الصعبة، شديدة السخونة، أيتها المرأة شديدة الجمال... لقد جلبت أشعارا جديدة وآمال جديدة ومباهج جديدة وحيل جديدة للكلب العجوز، أحبك، شعر كُسّك الذي تلمسته بأصابعي، داخل كُسّك، المبتل، الساخن، الذي تلمسته بأصابعي؛ وأنت، هناك فوق الثلاجة، لديك ثلاجة رائعة، شعرك يتدلى إلى أسفل، متوحش، وأنت هناك، كطائر مفترس أنت، كشيء مفترس أنت، ساخنة، شهوانية، مُعجزة... أشتبك برأسك، أحاول أن أصل للسانك بفمي، بلساني... كنا في بوربانك وأنا كنت أحبك، حبا لازروديا، يا إلهتي الجميلة الملعونة، يا مهمازي، يا شرموطة الفردوس القاسية المثيرة ذات الشعر الرفيع، أحبك... وأحب ثلاجتك، والتي أثناء تقابلنا وتصارعنا تشاهدنا برأسها البديع وبابتسامتها المحبة الشاعرية الساخرة وهي تسخن...
أريدك أنت
أريدك أنت
أريدك أنت
أنت أنت أنت أنت أنت أنت".

***

من جيمس جويس إلى نورا بارنكل، 1909:

ملك خطابات الحب القذرة، هذه هي واحدة من رسائل جويس الوصفية العديدة لزوجته. ما الذي نستطيع قوله، الرجل كان مدعيا جدا.



"صغيرتي المحببة الداعرة نورا، لقد فعلت كما أخبرتيني أيتها الفتاة الصغيرة القذرة، واستمنيت مرتين وأنا أقرأ خطابك. أنا سعيد لأعرف أنك تحبين أن تُناكي من الخلف. نعم، الآن أذكر هذه الليلة عندما نكتك لمدة طويلة من الخلف. لقد كانت أقذر نيكة نكتها لك يا عزيزتي. قضيبي كان بداخلك لساعات، أدخله وأخرجه من ردفيك المنقلبين. شعرت بمؤخرتك السمينة المتعرقة تحت بطني ورأيت وجهك المتورد وعينيك المجنونتين. مع كل نيكة أنيكها لك يندفع لسانك الجريء من خلال شفتيك، وإن قسوت في نيكك عن المعتاد تخرج ضرطات من مؤخرتك. كان لديك مؤخرة ممتلئة بالضرطات في تلك الليلة، يا عزيزتي، وقد أخرجتهم منك، كبار وضخمين، رياح طويلة، فرقعات قصيرة والعديد من الضرطات الشقية التي انتهت بدفعة طويلة من داخلك. إنه من الرائع أن تنيك امرأة عندما تخرج منها ضرطة مع كل نيكة. أعتقد أنه بإمكاني معرفة ضرطة نورا في أي مكان. أعتقد أنني أستطيع أن ألتقطها في حجرة ممتلئة بالنساء الضرّاطات. إنها أقرب لضوضاء طفولية، لا تقارن بالضرطة الفواحة الرطبة التي كنت أتخيل أنها لدي الزوجات البدينات. إنها مفاجئة وجافة وقذرة كما لفتاة جريئة تدعها تنطلق في مخدع المدرسة الداخلية ليلا. أرجو من نورا أن تدع ضرطاتها تنطلق بلا نهاية في وجهي حتي أستطيع تشمم رائحتها أيضا.

تقولين إنني عندما سأعود ستمصيني وتريدين أن ألعق كسك أيتها المنحرفة القذرة. أتمنى أن تفاجئيني في مرة وأنا نائم بملابسي، تتسللي إليّ باللمعة الداعرة لعينيكِ الناعستين، وتفكين بلطف أزرار بنطلوني وتأخذين بلطف قضيب حبيبك السمين، تلقميه فمك المبلل وتمصينه حتى يصبح سمينا وصلبا ويقذف في فمك. في أحد المرات أيضا سأفاجئك وأنت نائمة، أرفع تنورتك وأفتح سروالك بلطف، ثم أنام بلطف بجانبك وأبدأ في لعق شعر عانتك ببطء. ستبدأين في التحرك بقلق لألعق شفري كس حبيبتي. ستبدأين في الشخر والأنين والتنهيد والضرط من الشهوة وأنت نائمة. وبعد ذلك سألعق أسرع وأسرع كالكلب النهم حتى يتبلل كسك تماما ويهتز جسدك بعنف.

تصبحين على خير، صغيرتي الضراطة نورا، عصفورة النيك الصغيرة القذرة! كلمة حب واحدة يا عزيزتي، وضعتيها لتجعليني أستمني بشكل أفضل. أكتبي لي المزيد عن ذلك وعن نفسك، أيتها اللطيفة القذرة، القذرة".


***


من فرانز كافكا إلى ميلينا جيسينكا، 1921:

قذارة كافكا أقرب إلى الاستعارة، ولكن مع ذلك...



"لا يا ميلينا، أنا أطلب منك مرة أخرى أن تبتكري إمكانية أخرى لكتابتي إليك. ليس عليك الذهاب إلى مكتب البريد بلا جدوى، ولا حتي ساعي البريد خاصتك – من هو؟ - عليه ان يفعل ذلك، ولا حتى موظفة البريد لتسأليها بلا ضرورة.

إن لم يكن باستطاعتك إيجاد إمكانية أخرى، بالتالي فالمرء عليه أن يتحمل ذلك، ولكن على الأقل ابذلي جهدا قليلا لتجدي واحدة.

الليلة الماضية حلمت بك، الذي حدث بالتفصيل أتذكره بصعوبة، كل ما أذكره هو أننا امتزجنا معا. كنت أنتِ، وكنتِ أنا. في النهاية تلبستكِ النار بطريقة ما.

تذكرت شخصا يطفيء الحريق بالملابس، أخذت معطفا قديما وأخذت أطفيء به.

ولكن الانمساخ بدأ مرة أخرى وظل حتى لم تعودي موجودة، وبدلا من ذلك أصبحت أنا متلبسا النار، وأنا أيضا الذي أطفيء الحريق بالمعطف.

ولكن المعطف لم يطفيء النار وفقط أكد شكي القديم بأن هذه الأشياء لا تطفيء الحريق.

في هذا الوقت حضر فريق المطافيء وتم إنقاذنا بطريقة ما.

ولكنك كنت مختلفة عما قبل، وكأنك رُسمت بالطباشير على الظلام، وسقطت بلا حياة أو ربما تهافتِّ - من البهجة لكونك أُنقذت – بين ذراعيّ.

ولكن هنا أيضا عاد الانمساخ غير اليقيني، وربما اكون أن الذي سقطت بين ذراعي أحدهم".

***

من أوسكار وايلد إلى لورد ألفريد دوجلاس، 1893:

خاضع للتقاليد الحديثة (وإن كان جميل شعريا)، هذا واحد من الخطابات التي استخدمت في محاكمة وايلد بتهمة الأفعال غير اللائقة.



"صبيي
سونيتتك جميلة جدا، ومن العجيب أن شفتيك الحمراوين الورديتين يمكنهما أن تُوهبا لجنون الموسيقى والأغاني مثلما هما لجنون القُبل. روحك اللطيفة الذهبية تتحرك بين الشهوة والشعر. أعرف أن هياكينثوس الذي أحبه أبوللو بجنون كان أنت في أيام اليونان. لم أنت وحيد في لندن، ومتى ستذهب إلى ساليزبري؟ إذهب إلى هناك لتقضي الوقت تحت الشفق الرمادي للأشياء القوطية، وتعال عندما تحب. هنا مكان جميل ولا يعوز غيرك؛ ولكن إذهب إلى ساليزبري أولا.
دائما، وبحب لا يموت،
المخلص، أوسكار"

***

من إديث وارتون إلى و. مورتون فولرتون، 1908:

إنها تستطيع أن تغازل أكثر مما تعتقد، إن كانت تستطيع أن ترسم بحذق هذا المشهد الساحر.



"هناك صياغة لمغازلة ناجحة بداخلي، لأن بصيرتي تظهر لي كل خطوة في اللعبة – ولكن هناك، في نفس اللحظة، فعل ازدراء يجعلني أزيح كل القطع من على لوح اللعبة وأصرخ: "خذهم كلهم – أنا لا أريد الفوز – أريد أن أخسر كل شيء لصالحك!".

***

من فيرجينيا وولف إلى فيتا ساكفيل – ويست، 1927:

هذا الخطاب ليس بهذه القذارة – إلا إن اتخذت خطوة أخرى وتخيلت "الآلاف، الملايين" كأشياء في ذهنها "لن تُستحث في النهار"، وبدون ذكر وجود معنى مبطن أو معنيين – ولكنه أحد مفضلاتنا على الإطلاق، لذلك دعنا نتخيل.

"اسمعي يا فيتا – اهجري رجلك، وسنذهب إلى هامبتون لنتغدى على النهر معا ونتنزه في الحديقة تحت ضوء القمر ونعود المنزل متأخرين وثملين، وسأخبرك بكل شيء في رأسي، آلاف، ملايين – إنهم لن يُستحثوا في النهار، ولكن بواسطة الليل على النهر. فكري في ذلك. اهجرى رجلك كما أقول وتعالي".

***

من بنيامين فرانكلين إلى مدام بريو، 1779
 
بنيامين فرانكلين الرجل كان وغدا جادا. هذا الخطاب يقول أساسا أنه يحب كل شيء في صديقته السيدة عدا أنها لا تريده أن يخدعها – ولكنه يكره أيضا أنها لن تستسلم جنسيا. هذا يبدو قذرا جدا بالنسبة لنا، ولكن ليس بالشكل الجنسي.

"مدام بريو،

ما الاختلاف يا صديقتي العزيزة بينك وبيني! أنت تجدين أخطاء لا تعد فيّ، في حين أننى لا أرى سوى خطأ واحد فيكِ (ولكن ربما يكون هذا خطأ نظارتي) أنا أقصد هذا النوع من الجشع الذي يقودك لاحتكار كل عواطفي، وعدم السماح لي للوصول لأي من سيدات بلدك اللطيفات.

هل تتخيلين أنه من المستحيل بالنسبة لعواطفي (أو لطفي) أن يتعدد بدون أن يتضاءل؟ أنت تخدعين نفسك، وأنت تنسين الصفات اللاهية التي تمنعيني عنها. أنت تنبذين وتحصرين تماما كل ما يمكن أن يكون جسدي لعواطفنا، ولا تسمحين لي سوى ببعض القبل المهذبة والمخلصة مثل تلك التي يمكن أن تقدميها لقريباتك. ما الحميمي الذي آخذه ليمنعني من إعطاء المماثل له للأخريات، بدون أن أجني على ما يخصك؟

الأصوات الجميلة التي تصدرينها من البيانو بيديك البارعتين يمكنها أن تمتع عشرين شخصا في نفس الوقت بدون أن يقلص هذا اللذة على الإطلاق، أنت مفرطة الخبث تجاهي، وباستطاعتي وبمنطق محدود أن أطلب من عطفك ألا يسمح لأذنين سواي بأن تُسحران بهاته الأصوات الجميلة".

***

من إرنست همنجواي إلى ماري ويلش (التي ستصبح زوجته الرابعة)، 16 أبريل، 1945

من الذي يمكنه توقع حب بلا أمل بالنسبة لبابا[i]؟ هو يبدو يحب بجنون كبير هنا – يدعوها باسم التدليل المحبب "بيكل"[ii]– هذا الذي يجعلنا نشعر بنوع جيد من القذارة.



"بيكل العزيزة، 

أنا ذاهب خارجا إلى القارب مع باس ودون أندريه وجريجوري وسأظل بالخارج طوال اليوم ثم سأعود وسأكون متأكدا من وجود عدة خطابات أو خطاب. ربما ستوجد الخطابات، ولكن إن لم أجدها سأصير ابن شرموطة حزينا. ولكنك تعرفين كيف تتعاملين مع ذلك بالطبع؟ أنت تنتظرين حتى النهار التالي. أعتقد أنه من الأفضل ألا أنتظر شيئا حتى غدا مساء وبالتالي لن تكون الليلة سيئة جدا.

أرجوك اكتبي لي يا بيكل، إن كان هذا عمل عليك أن تفعليه فافعليه. بدونك الأمور شديدة الصعوبة، أنا أمارس حياتي ولكني أفتقدك لدرجة الموت. لو حدث أي شيء لك سأموت بنفس طريقة الحيوان الذي سيموت في الحديقة لو حدث شيء لرفيقته.

الكثير من الحب إليك أيتها العزيزة ماري، وأعرفي أننى لست متعجلا، ولكني فقط يائس.

إرنست"


[i]  لقب أطلقه همنجواي على نفسه (أ.ز)
[ii]  Pickle قد تحيل الكلمة إلى الشخص اللعوب أو العضو الذكري أو ثمرة الخيار. (أ.ز)