‏إظهار الرسائل ذات التسميات السداسي الرابع. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات السداسي الرابع. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 24 فبراير 2013

الجريمة اسبابها واثاراها

المقدمة
[align=right]عرفت المجتمعات البشرية الجريمة مند أقدم العصور بوصفها من اخطر الظواهر الاجتماعية في كل المجتمعات البشرية وينظر للمجرمين على أنهم فئة مرفوضة اجتماعية لسبب ماتلحقه جرائم بالمجتمع من أضرار تطال أمنه واستقراره.وتختلف النظرة للجريمة من مجتمع الى أخر .فالفعل الدى يعد سلوكا إجراميا في مجتمع ما,قد لايكون كذلك فى مجتمع أخر.
من هنا صار ينظر للفعل الاجرامى على انه فعل يتحدد بحدود الزمان والمكان. والجريمة تصبح مشكلة خطيرة تهدد امن الفرد واستقرار عندما تطغى وتصبح بالنسبة للكثير من إفراد المجتمع الوسيلة الوحيدة والممكنة لكسب العيش ,وفى مثل هدا الموقف تصبح الجريمة فعلا مضاد يطال بأضراره الفرد والمجتمع.
كما أن كثرة السكان بمجتمع ما قد تدفع الإفراد لممارسة السلوك الاجرامى لكسب العيش بالسبل السهلة والفرد فى المدينة الكبيرة مثلا يستطيع أن يسرق أو يقتل ودلك لقلة وجود من يعرفه فحيقره مثلا اما فى الريف فان الشخص الريفي تربطه علاقات أجتماعية وطيدة..
الجريمة ظاهرة اجتماعية عاصرت جميع المجتمعات قديما وحديثا المتقدمة منها والنامية وتأثرت الجريمة بكافة المعطيات المحيطة بها واختلفت باختلاف العصر في المجتمع ذاته وقد أدت التغيرات التي مرت بها المجتمعات المختلفة من أحداث أجتماعية وسياسية وأقتصادية وتكنولوجية الى إحداث تغير وتطور في كم ونوع واتجاه منسوب الجريمة.
والمجتمع الليبي شهد تغيرات وأحداثا مهمة كغيرة من المجتمعات أد انه تعرض لحكم العثماني واستعمار الايطالي ,وعاصر فترة انتداب فرنسي ثم بريطاني ,ثم حصلت البلاد على استقلالها بعد فترة أاستعمارية طويلة نتج عنها مانتج من أضرار أقتصادية واجتماعية وسياسية.( خلف: 1996,ص24).
إن البيئة المحيطة بالفرد سواء المتمثلة فى الأسرة أو الخارجية المتمثلة فى البيئة الاجتماعية إنما هى الأساس الدى يستسقى منه الفرد أنماط سلوكه ويحدد على أساسها ميوله واتجاهاته.
فالفرد لايولد شريرا ولاجشعا فالانحراف لايرجع الى نقص فى طبيعة الفرد او الى نزاعات داخلية فى نفسه البشرية وإنما يرجع الى نقص فى البيئة وعدم تهيئة الجو النفسي والمناخ الملائم للتربية والتوجيه او الرعاية بصورة سليمة.
كما يختلف مفهوم الجريمة من بيئة الى أخرى ومن جماعة الى أخرى حيث أن كل بيئة ولكل جماعة قيمها التى تغرسها فى الفرد الدى ينتمي إليها ويتمسك بها كجماعة مرجعية لها تقاليدها وعاداتها التى يتمسك بها الفرد الدى ينتمى اليها.
والبيئة ومايسودها من قيم واخلاقيات مناخية للقيم الاخلاقية الدينية والمجتمعية وتتزايد معدلات الإحداث المنحرفين فى مثل البيئات التى يسود فيها التفكك الاجتماعى وعدم الاستقرار والقيم المتقاربة هدا بالمقارنة بيئات تعيش حياة أفضل من التكيف الاجتماعى والاستقرار وثبات وفطرا لاختلافات البيئات فى القيم من مجتمع لأخر ومن زمن لأخر ومن طبقة لأخرى فى المجتمع الواحد لذا فان تحديد مدلول معين بالحكم على السلوك المنحرف أمر نسبى يختلف ياختلاف القيم الاجتماعية.
الإسلام والجريمة:
الإسلام هذه الرسالة الخالدة والخاتمة لكل الأديان ترضت من خلال كلام الله عز وجل المتمثل فى القران الكريم الى العديد من الجرائم التى تعتبر من أخطر الجرائم التى تهدد كيان الاسرة والمجتمع بل والبشرية وسن لها عقوبات رادعة مثل .
جريمة القتل قال تعالى(ولاتقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف فى القتل إنه كان منصورا)..((الإسراء الاية33)).
جريمة السرقة يقول تعالى (والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم)..((المائدةالاية38))
فى جريمة الخمر يقول(يأايها الدين امنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون)..((المائدةالاية90))
كما وضع اله خالق كل شي فى كتابه العزيز جملة من الضوابط فى المعاملات حتى تسير الحياة بشكلها الطبيعي وهى فى إطار منع الجريمة قبل وقوعها كما فى الميراث وفى الدين والشهادات......الخ
كما تعرضت الأحاديث النبوية الشريفة الى العديد من الأفعال التى ترتقي الى مستوى الجريمة وماتتركه من أثر سلبي سئ على المجتمع ونهى عنها كالإشاعة والكذب والنفاق وخيانة الأمانة والرشوة وشهادة الزور وغيرها ,وكذلك من أجل الوصول الى مجتمع اسلامى مثالي قدر الإمكان. (الكتاب السنوي للشرطة:1428 ص15)
أولا:تعريفات الجريمة:
تعددت التعريفات بتعدد الاخصائين الذين يتعاملون مع الجريمة
التعريف الاجتماعي للجريمة :
إن الجريمة في نظر علماء الاجتماع عند(دوركايم )هي ظاهرة اجتماعية طبيعية تشيع في كل المجتمعات على اختلاف درجة تطورها وحجمها ويقصد بطبيعية وسوية ,وإنها ليست شاذة على أساس انه لايخلو مجتمع من المجتمعات سواء صغيرا أم كبيرا متقدما أو متخلفا ريفيا أو حضريا من الإجرام والانحراف ,فهي حتمية واعتيادية,ولكنها حين تتجاوز المستويات المألوفة تصبح الجريمة ظاهرة شاذة وغير سوية.
إن التجريم من الناحية الاجتماعية يعتبر حكما قيميا ((من قيم الجماعة,تصوره الجماعة على بعض تصرفات أفرادها سواء عاقب القانون على هده التصرفات أم لا.ولذلك فانه لابد فى عملية التفريق بين السلوك السوي والسلوك الاجرامى الانحرافى فى الاستناد الى معايير وقيم أجتماعية معينة.
والمجتمع هو الأساس الدى يجب الاستناد إليه للتفرقة بين الفعل السوي والفعل المنحرف أو غير السوي ,فالجريمة من الناحية الاجتماعية تمثل تعارضا بين السلوك الاجتماعى وسلوك الفرد.
فلا يوجد سلوك منحرف بالفظرة أو بالوراثة ولكن أفعال الآخرين ((المجتمع)) نحو السلوك هى التى تجعل منه سلوكا إجراميا منحرفا أو سلوك سويا وعاديا,
وأغلب الكتاب الذين تناولوا موضع التعريف الاجتماعي للجريمة انتهوا الى عدة
تعريفات منها مايلى:-
1-هى كل فعل يتعارض مع ماهو نافع للجامعة وماهو عدل فى نظرها
2-هى كل فعل يقدم الشخص على ارتكابه بدوافع فردية خالصة تقلق حياة الجماعة وتتعارض مع المستوى الخلقي السائد لديها لحظة معينة.
3-هى سلوك لا أجتماعى يكون موجها ضد مصالح المجتمع ككل أو هى انتهاك وخرق للقواعد والمعايير الأخلاقية للجماعة.
4-هى انتهاك للعرف السائد بما يستوجب توقيع العقاب على منتهيكيه.
5-هى الخروج على قواعد السلوك التى يضعها المجتمع لإفراده والمجتمع هو الدى يحدد ماهية السلوك العادي وماهية السلوك الاجرامى وفقا لقيمه ومعاييرة.
التعريفات الاجتماعية للجريمة:
تعريف الجريمة الاجتماعى:
الجريمة هى كل إنحراف عن المعايير الجمعية التى تتصف بقدر هائل من الجبرية والنوعية والكلية ويعنى انه لايمكن أن تكون ثمة جريمة إلا إذا توافرت الأركان الثلاثة الآتية:-
1-قيمة تقدرها الجماعة وتحترمها طائفة هامة من الناحية السياسية من طوائف تلك الجماعة.
2-انعزال حضاري ثقافي يعمل عمله داخل طائفة أخرى من ظرائف تلك الجماعة فلا يعود أفرادها يقدرون تلك القيمة أو لا يصبح لها من الأهمية فى نظرها مثل مالها فى نظر الآخرين وبناء عليه يصبحون مصدر خطر على تلك الجماعة.
3-اتجاه عدائي محو القسر أو الضغط من جانب أولئك الذين يقدرون تلك القيمة الجمعية ضد أولئك لايكنون الاحترام والتقدير.
والجدير بالذكر أن عند حدوث اى جريمة من الجرائم فان هده الشبكة من العلاقات لابد من إن تتمثل فى صميم تلك العملية المعقدة التى يطلق عليها اسم الجريمة.
(زكريا : 1958.ص26-27)

التعريف القانوني:
حاول العلماء الجنائيون وضع أسس التعريف القانوني للجريمة ومن التعريفات القانونية المعمول بها فى اغلب قوانين المجتمعات هى كل فعل او امتناع عن فعل يقرر له القانون عقابا اى هى القيام بفعل معين يمكنهه قانون المجتمع .او هى عدم القيام بفعل ينص القانون على وجوب القيام به مثل التقصير عمدا فى إنقاذ حياة أو إسعاف شخص متضرر ,عدم التبليغ عن الجرائم ,عدم تسجيل المواليد والوفيات فى مواعيدها الهروب من الخدمة الوطنية العسكرية......الخ
1.التعريف القانوني للجريمة:
أ.هو كل فعل او امتناع ممنوع قانونا تحت طائلة العقوبة أو التدبير الاحترازي.
ب.أوهى الفعل المخالف لنصوص القانون الجزائي الذى يضعه المشرع ويحدد العقوبة المقرر تطبيقها ضد من يخالف أوامره بالفعل أو الامتناع ((اد أن الجريمة تمثل سلوكا أو أمتناعا)...( خلف:1996,ص24)
ج. التعريف الاجتماعى للجريمة:هى السلوك المخالف لما ترتضيه الجماعة.
(الشكرى : 2005,ص120)
ثانيا: أركــان الجريمة:
1-الركن الشرعي:_
اى وجود نص,النص على تجريم الفعل بشكل دقيق وواضح ادا لاجريمة ولا عقوبة الابنص وهدا يعنى انه لايشكل القيام باى فعل لم يحرمه القانون جريمة.
2-الركن المادى:
اى الحصول الفعل او الترك من قبل الشخص واثبات الجريمة ضد الجانى أمام المحكمة ,مثل ثبوت فعل السرقة والقتل والحرق والخطف وغيرها او ثبوت عدم القيام مصاب وعدم التبليغ عن الجريمة وعدم تسجيل مولود جديد فى موعده
3-النص على عقوبة: من المعروف أن ينص القانون على عقوبة محددة للفعل الاجرامى.(الوحيشى سنة2006/2007ص88)
ثالثا: تقسيمات الجرائم:
تقسم الجرائم فى المجتمع وفق عدد من المحطات الرئيسية يمكن الإشارة الى أهمها:
1-تقسيم وفق جسامتها ((ونوعها)):
هناك جنيات وجنح ومخالفات ودلك وفق العقوبة ألمقرره لكل نوع منها وهدا التقسيم ليس ثابتا دائما ولكنه يختلف بأختلاف الزمان والمكان فما قد يعتبر فى الوقت من الأوقات قد يصبح جنحة او مخالفة فى وقت أخر او العكس ودلك طبقا لتغيير الذى قد يطرا على القيم الاجتماعية السائدة او طبيعة السلطة السياسية التي تملك التشريع فادا أصبحت الجماعة المسيطرة لاترى فى فعل معين انه ينافى نظمها اويمثل خطورة عليها فإنها تجرم هدا الفعل وكذلك ادا رأى المشرع إن العقاب على فعل اويخففه وفى هده الحالة يكون التخفيف مع إبعاد صفة الجريمة على حالها تظل جناية مثلا وقد تخفف الى درجة التي من نوع الجريمة كنقلها من مرتبة الجنايات الى مرتبة الجنح وهدا مايعرف بتجنيح الجنايات لظروف مخففه.( المرصفاوى:عدد أول مارس 1962)
2-تقسيم الجرائم وفق ايجابيتها وسلبيتها:.
تقسيم الجرائم الى ايجابيه وجرائم سلبية فالفعل الايجابي للقانون كا القتل والسرقة والضرب والاغتصاب يعد جريمة ايجابية اما الامتناع عن القيام بعمل بفرصة القانون كا الامتناع عن التبليغ عن الجرائم ,أو الامتناع عن دفع نفقة حكم بها على الشخص فأنه يعد سلبية.
3-تقسيم الجرائم وفق تعمدها :.
الجريمة المعدية هي التي يتعمدها الجاني ارتكابها وبعبارة أخرى هي الجريمة التي يتوافر فيها الجنائي ,أما الجرائم غير العمدية فهي التي لايتوفر هدا القصد مثل القتل الخطأ أو الإصابة الخطأ.
4-تقسيم الجرائم وفق درجة استمرارها:.
تقسيم الجرائم الى جرائم وقتية مستمرة والجريمة الوقتيه هى التى تتكون من فعل يحدث فى وقت معين,وينهى بمجرد ارتكابة كا القتل والتزوير ,اما الجريمة المستمرة فهي تتكون من فعل متجدد ومستمر مثل جريمة خطف الأطفال أو سرقة تيار كهربائي.
5-تقسيم الجرائم وفق موضوع ضررها :.
تقسيم الجرائم الى جرائم ضارة بالمصلحة العامة كجرائم امن الدولة وجرائم ضارة بالإفراد كاالقتل والسرقة.
رابعا:التصنيفات الاجتماعية للجرائم:.
من جهة أخرى تقسم الجرائم من الناحية الاجتماعية الى عدة أنوع أهمها:
1-جرائم ضد الممتلكات ,كاالسرقة والحريق العمد وتسميم الماشية.
2-جرائم ضد الإفراد كا القتل و الضرب وهتك العرض.
3-جرائم ضد النظام العام كجرائم أمن الدولة أو إشاعة الفوضى والتخريب.
4-جرائم ضد الأسرة كالخيانة الزوجية وإهمال الأطفال.
5-جرائم ضد الدين كالاعتداء على أماكن العبادة التي تعتبر مقدسات يجب إلا تمس بسوء.
6-جرائم عامة ضد الأخلاق كالأفعال الفاضحة والخادشة للحياء في المناطق العامة.
7-جرائم ضد المصادر الحيوية للمجتمع مثل الصيد في غير موسمه أو صيد الطيور محرم صيدها او تبديد ثروات المجتمع.....الخ (محمد شفيق الجريمة والمجتمع)


خامسا: العوامل المؤدية الى حدوث الجريمة او( الانحراف)
1_ بعض العوامل الاجتماعية:
يقصد بالعوامل الاجتماعية فى هدا الآن جملة الظروف المحيطة بشخص دون سواه بحث تستثنى منها الظروف العامة التى تحيط بهذا الشخص وبغيره من سواء الناس.
الاسرة هى البيئة الطبيعية التي تتعهد الطفل بالتربية لان غريزة الأبوة والأمومة هى التى تدفع بكل من الأب وإلام الى القيام برعاية الطفل وحمايته لاسيما خلال السنوات الأولى من طفولته(علاء العمر : (د.ب)1998,ص.73)
والاسرة أول خلية فى تكوين البنيان الاجتماعى وأكثر المؤسسات الاجتماعية عمميه وانتشارا ,وهى أساس الاستقرار فى الحياة الاجتماعية وهى مصدر للعادات والتقاليد والعرف وكافة قواعد السلوك والآداب العامة.(احمد محمد خليفة ص109)
ويكون الشخص سويا ادا كانت الاسرة سوية ويتوقف دلك على بنيان الاسرة ومجموعة القيم السائدة فيها وكثافتها والعلاقة بين إفرادها والمستوى الاقتصادي والاجتماعي لها.
الاسرة تقوم على التفاهم والاحترام بين فرادها ,تودى الى خلق أفراد أسويا لاينساقون وراء الرغبات والنزعات التى تؤدى بهم الى الجريمة بينما نجد بان الاسرة المفككة التى تفتقد الى دلك الانسجام والتي تعانى أفرادها من الاضطرابات تكون مجلا خصبا لحدوث الجريمة (نجم : 1998ص55).
ولافرق فى ذلك بين شقي التفكك المادى والمعنوى حيث أنهما يؤثران تأثيرا سلبيا فى السلوك اللاحق للأبناء.
إن التفكك المعنوي او النفسي كما أشار إليه يمثل فى ظهور خلافات أسرية والتي يكون نتائجها غير السليمة للأبناء مما يؤدى الى اكتساب الأفراد أنماط سلوكية غير سوية وقد يكون الوالدان قاسيان على الطفل مهملين له ,وأمام مؤثرات أخرى خارجية يصبح الناشئ صحية إهمال الوالدين فلا عجب أن ينشا الطفل فى كثير من الأسر متروكا للمقادير وأخطاء الاباء والأمهات وجهلهم غير أن بلادنا لاتعانى من جهل الاباء والأمهات بمبادئ تربية أولادهم فقط بل تعانى الجهل العام .وأدا مانظرنا الى حياتنا هنا فى ليبيا والى حالة الاسرة الليبية حق لنا القول بان ليبيا تعد من أحوج البلدان الى إنشاء مدراس حضانة فيها .فهي خير معين للوالدين على تربية الطفل,والاسرة لها تأثيراها الواضح على شخصية الطفل,وقد تودى به الى الاجرام ,ودلك يشاهد الطفل او الفتاة والديهما فى شجار دائم ومشاحنات متكررة فأنهم سيشعرون بالفراغ وعدم الاطمئنان بل يضلان حائرين بين موقف أبيهم وموقف أمهم والى اى طرف ينحازون وقد يتعرض الطفل للإهمال فى خطم تلك المواقف .او يلجا الطرفين الى التعامل معه معاملة قاسية مما يحدث تأثيرات سلبية على شخصيتهم ويعطيهم المثل السى للعلاقة الزوجية. (جلال الدين ,عبد الخالق: 2001ص181)

كما أن تلك الخلافات قد تجعل الطفل او الطفلة يبحثان عن مكان أخر يقضيان فيه لحظات هادئة او يبحثان عن شخص بديل عن الاسرة وقد يتجه الطفل او الطفلة لرفقاء السوء مثلا.
وعدم التوافق الاجتماعى والنفسي بين الزوجين مثلا المعاملة القاسية وللاأنسانية للزوجة وما يتخللها من عنف وضرب وسب وشتم فهذه الظروف قد تؤدى فيها بشكل او بأخر بحيث يرتبط مدى دلك التأثير بشخصية المرأة نفسها وبتكوينها النفسي والعقلي ,الذى بدوره قد يدفع بها فى حالات عديدة الى طريق الجريمة والانحراف .


وقد يكون ارتفاع معدلات الجريمة لدى المتزوجين مؤشرا على العنف فى الاسرة وعلى تفشى الصراعات الأسرية ,مما يؤدى الى انحراف البنات المتزوجات بفعل تراكم الاحباطات وانسداد القنوات اجتماعيا فى تحقيق الأهداف.(ناهد: 1995,ص213)
وبعض الحالات التى تشتد فيها الخلاف بين الزوجين ولاى سبب كان قد يلجا الزوج الى سب واهانة الزوجة كما قد يتطور الأمر الى قيامه بالاعتداء عليها بالضرب ومع تكرار هدا الموقف تتكون لديها قيم سلبية تجاه زوجها او يشتد فى نفسها الحقد والرغبة فى رد الاعتبار والانتقام منه,وقد يتخذ هدا الانتقام صورا كالعصيان او طلب الانفصال او الخيانة الزوجية او القتل او الحرق وما الى ذلك من صور الانتقام.والمرأة التى تشعر ظلم الزوج لها ونظرته الدونية لإمكانياتها العقلية والمادية وعنفه الموجه ضدها,قد تندفع فى علاقة غير مشروعة مع احد الذكور المحيطين بها من داخل الاسرة كشقيق الزوج او ابن عمه ,او من خارج الاسرة .(جلال:1999ف, ص151)
بل قد يتطور الأمر الى إشراكه فى التخلص من دلك الزوج. ووجود الاسرة هو الدى يسمح للفرد بالتطبع على الحياة الاجتماعية السوية منها وغير السوية وأدا ماييضعه المجتمع من معايير وقواعد أخلاقية يتم نقلها الى الافارد عن طريق التنشئة الاجتماعية الأسرية .فهذه القواعد تضبط بشكل فاعل السلوك الفردي الدى يعمل
لصالح المجتمع.
والاسرة ماهى الاعبارة عن احدى الجماعات العديدة التى ترتبط بالسلوك المنحرف سواء فى ضوء المعايير او فى ضوء العلاقات الاجتماعية المنحرف سواء هدا الارتباط فى ضوء المعايير او فى ضوء العلاقات الاجتماعية ومن دلك يتبين بوضوح دور الاسرة المؤثرة والفعال فى صنع الجريمة والانحراف والانحرافات السلوكية,او العكس فى المجتمع المعاصر حيث إن المتغيرات الجديدة كا التحضر التصنيع والحراك الاجتماعى وشبكات الاتصال المعقدة ,وانساق القيم المتغيرة ,كما لها الأكبر فى بناء الاسرة وأداء وظائفها.(شبكة المعلومات الدولية الانترنت)
أ_تعدد الزوجات وأثره على الابناء
زواج الزوج بأمراة أخرى او زواج إلام برجل أخر حرمان الطفل من الرعاية الوالدية المشتركة بل وتضطرب حياة الطفل فى معايشته زوج الأب او الزوج إلام لان كل هدا يحرمه مقومات الشخصية الإنسانية وتتضاعف أضطرابات السلوكية وتظهر النزاعات العدوانية فى العلاقات الاجتماعية وعلى هدا يتضح لنا أن جو الاسرة الدى يحياه الطفل فى كنف والديه وفى جو تسوده العلاقات الطبية والتعاون الصادق ,فما بين الوالدين من اجل نشأة الطفل تنشئة اجتماعية صالحة كل هذا يهيئ مناخا نفسيا للطفل يؤدى الى النمو العاطفي والوجداني ويمكن الطفل من أن يتكيف مع المجتمع الخارجي.
ب _الــــــطلاق:
وهو انفصال الوالدين وانهيار التمسك العاطفي والبناء الاجتماعى للأسرة وزوال مقومات وجودها والطلاق له أثاره السلبية على الطفل او يتعرض للعديد من المشكلات كتنمية بطلاق الوالدين او يحرم الأطفال العطف والحنان وعدم الشعور بالأمن ويتعرض الأطفال لاختلاف أسلوب التربية والتعليم الدى يتبعه الأب وإلام ويتعرض الأطفال لاختلاف أسلوب التربية والتعليم الذى يتبعه الأب وألام ويجد معارضه من الطرف الأخر .وما يترتب على الطلاق من مشكلات أخلاقية نتيجة لوضع التغير المفاجئ فى حياة الأطفال بعد طلاق الوالدين وهدا بالإضافة الى المشكلات المادية نتيجة عدم التعاون الوالدين الدى قد يترتب عليه حرمان الطفل من استكمال تعليمه وعدم ظهور بالمظهر اللائق فى المجتمع الخارجي من حيث الملبس والمصروف اليومي بصورة التى اعتاد عليها فى حياته السابقة كل هدا له انعكاسات السلبية على شخصية الطفل وعدم تكيفه مع المجتمع الخارجي بل يؤدى به الى الانحراف عن السلوك العام والوقوع فى الجريمة (الجميلى: 1998,ص225)
ج _جماعة الأصدقاء:
من البديهي انه متى اجتمع أفراد متألقون نشأت بينهم روابط متبادلة تدفعهم الى التعاون وينتج عن ذلك تأثيرات متبادلة ما كانت لتحدث لو كانوا متفرقين .وان تلك العلاقات غالب ماتساعد هؤلاء الأفراد فى التغلب على بعض الصعوبات فى البيئة التى يعيشون فيها والتي قد يصعب على الفرد التغلب عليها بمفرد وكذلك تحسن أحوالهم وتنشيط أذهانهم للتفكير فيما يترتب على حياتهم الجماعية من مظاهر واثار وتخلق وعيا للمصالح المشتركة بينهم لذلك فكلما كانت تلك الجماعة لها خصائص مميزة سيكون لها مردودها على الفرد العضو فى الجماعة حيث أنها عادة ماتكون تفكيره ووجدانه وسلوكه. ادا كانت الجماعة الأصدقاء منسقة مع السياق العام للمجتمع وممسكة بعاداته وتقاليد فإنها تحدث أثرها فى تقويم سلوك الشاب او الفتاة مع احترامها لمنظومة القيم
الاجتماعية و الحياة الأصيلة السائدة.
اما ادا كانت هذه الجماعة ذات الجماعة نوازع إجرامية فى لغة للقانون فان خطورتها تتضاعف حبث تجر الشاب او الفتاة الى ارتكاب أفعال إجرامية وتجدر الإشارة الى أهمية جماعة الأصدقاء ,تأثيرها فى حياة الفرد ولاسيما هى أكثر الجماعات التى يقضى فيها الفرد أوقاته ويتعلم فيها صنوف السلوك.( العباسي: 2002,ص100).
ويتوقف تأثير هذه الجماعة فى سلوك الفرد على سرعة تأثير الفرد وتقبله لأراء الغير.فنجد أن بعض الشباب يكون سريعات التأثير لأسباب ترجع الى تكوينهم النفسي والعقلي او بعض النساء يكن سريعات التأثير لأسباب ترجع الى تكوينهم النفسي العقلي وعدم ثقتهم بأنفسهم وعندها يتقبلون كل ماتفرضه عليهم جماعة الأصدقاء ويحاربهم فى كل ما يفعلونه دونما اى اعتراض او تراجع وخاصة أن الإناث أكثر او أسرع توثر من الذكور.
د _بيئة المدرسة :
تعد المدرسة البيئة الثانية المهمة فى حياة الطفل ففيها يقضى الجزء الكبير من حياته ويتلقى فيها صنوف التربية والعلم لذا فهي تلعب دورا مهما فى تكوين شخصية وتقرير اتجاهاته وعلاقة بالمجتمع المدرسة هى لأداء الناجحة الفعالة التى تعمل مع الاسرة فى تربية الفرد وأعداده متكاملا لان الاسرة لاتسطيع القيام وحدها بعملية التربية من جميع جوانبها لان وقتها لايسمح بها بالأشراف المستمر طوال مراحل الطفولة والمراهقة والبلوغ اى مرحلة الرجولة. (صالح: 1976ف.ص78)
والمدرسة يجب أن تكون صورة مصغرة للحياة الاجتماعية الراقية التى يتدرب الطلبة فيها عل أنماط سلوكية ومعرفية راقية فإنجاح الطفل وفشله فى الدراسة يتوقف على إمكانيات الذهنية والمعاملة التى يتلقاها فى المدرسة من معلميه ,والظروف الأسرية المحيطة به.فادا كانت هده الإمكانيات متواضعة او يعامل الطفل معاملة سيئة فانه يستطيع التكيف مع هدا الوسط فتبدو عليه مظاهر الفشل فى شكل هروب من المدرسة وتشرد فى الشوارع أثناء فترة الدوام المدرسي (نجم : 1998ص55)
وكذلك الفتيات خاصة إن أعصابهن أكثر تأثيرا وأسرع وتوثرا من الذكور مما يجعلهن عرضة للتوتر والتعب والإجهاد العصبي وتؤدى المعاملة السيئة الى عدم تكيفهن مع الوسط المدرسي وبالتالي انصرافهن عن الدراسة الى أنشطة أخرى غيرها هادفة.
وان وجود الفتيات خارج الدراسة يعنى بقاءهن بعيدا عن اى حماية او رقابة أسرية او مدرسية وبالتالي فان الانقياد بل الوقوع فى أحضان جماعة فاسدة بعد أمر غير مستبعد (نجيب على الجمل)

هـ _المسكن:
اختيار المسكن الى حد كبير يؤثر على مستوى الاجتماعى والاقتصادي فوجود المسكن فى حى رافيع المستوى وأضوائه على عدد الحجرات كاف من الحجرات وتوفر الشروط الصحية فيه من تهوية وأضاءه ومياه سيكون له انعكاس طيب على نفسية ساكنيه,وان توافر مسكن بكل هده الشروط يتطلب وجود دخل اقتصادي مرتفع للأسرة اما فى حالة انخفاض دخل الاسرة فان السكن انعكاسا لذلك المستوى حيث تحضر الاسرة للإقامة فى مسكن متواضع قد تنعدم فيه وسائل الترفيه او يؤثر على سكينه فيه الابناء تربية غير صحية حيث تكثر فيه النزاعات والألفاظ البذيئة وعدم احترام الوالدين والإخوة .( العباسي: 2002,ص100)
كما يؤثر على تحصيلهم الدراسي اد كانو ملتحقين بالمدارس,ويؤدى المسكن الضيق الى حرمان الفرد من ممارسة هواياته وفضاء أوقات فراغ مما يجعله يمكث خارج البيت لفترات طويلة باحثا عن الراحة خارج دلك السكن وقد يقع الأولاد او البنات فى العديد من المشكلات نتيجة خروجها المتكرر .إضافة الى دلك فان احتواء المنزل على حجرات تتناسب وعدد ساكنيه قد يدفع الى عدم الفصل بين الصغار والكبار فى النوم والازدحام فى حجرة واحدة.
وفى بعض الأحيان تسكن مجموعة من الأسر مسكن واحد على الرغم من كثرة عددها وتنشا خلافات عديدة وتفقد العلاقات طابع الخصوصية ,كما يشجع على ارتكاب جرائم هتك العرض والموافقة وما يتبعه من قضايا كا الإجهاض أو القتل وخلافه.
(زروق: 2008,ص48).
ى_التــلفاز:
يرى بعض الباحثين أن بعض الأفلام تعمل على بث روح الجريمة حيث يصور المجرم بصوره بطوليه بشكل يثير الإعجاب بشخصيته أو الأفلام العاطفية التي تثير الغرائز وتسخر من بعض العادات والتقاليد والمثل العربية الاصيله,وتؤدي إلى الاستهتار بهذه العادات وهناك من الأفلام ما يصور أمكانيه أن يعيش الفرد المتعطل من العمل أو عن طريق خداع الآخرين ذو النجاح بالحظ والصدفة دون الاجتهاد والكفاح,وهذه الأفلام ترسم للمجرمين المناهج التي يتبعونها. ورغم إن بعض البحوث دلت على اعتراف الأحداث الجانحين بالتأثير بما شاهدوه من أفلام على سلوكهم الاجرامى إلا أن هناك بالطبع ألاف آخرون شاهدوا هذه الأفلام ولم يرتكبوا أي سلوك إجرامي. نستطيع أن نقول في ضوء ذلك إن المشاهدة تؤدي إلى الانحراف إذا كانت تلقى استعدادا نفسيا لدى الفرد أو إذا كانت ظروفه البيئية المحيطة مما يشجع أو يبعث على مثل هذا السلوك.
- دور التلفاز في الجريمة:
تختلف الآراء حول دور التلفاز والسينما والكتب المنزلية في حدوث الجريمة لدى صغار السن .فنحن بحاجه إلى مزيد من الدراسات لتحديد مدى تأثير هذه العوامل على شخصيه الطفل السوي. فإذا كنا نريد أن نخلق الجو الطبيعي الصحي الذي يساعد على نمو عقليه الطفل بانفعالاته ومشاعره بطريقه منسجمة يجب أن نستخدم كل العوامل المؤدية إلى خفض الجريمة.

من بين المبادئ التي يمكن مراعاتها ألا يكون البطل في القصص المعروضة سوبر مان والأخرى أن يكون من رجال القانون ويجب الأخذ بمبدأ عدم نفع أو فائدة الجريمة. إن مشاهده كثير من الأحداث الجانحين للتلفاز لا يعطينا مبرارا كافيا للقول بان التلفاز هو سبب الجريمة لان هناك كثيرا يشاهدونه من غير الأحداث الجانحين والواقع إن الطفل الذي يشاهد التلفاز بصوره مستمرة يلتصق بطفولته ويعكس اضطرابا انفعاليا ولكن هذا الاضطراب ليس نتيجة لعاده المشاهدة وإنما العادة في الواقع هي عرض من أعراض الاضطراب إن المشاهدة ليست السبب وإنما هي نتيجة لوجود الاضطراب
حقيقة هناك كثير من قصص الرعب ولكنه يتشكك في إمكان هذه القصص في إنتاج السلوك الإجرامي في الأشخاص الأسوياء حسن التكيف ,بل على العكس ربما تزود هؤلاء الأسوياء بمنفذ أو مخرج لتصريف مشاعرهم الحبيسة .ويرى أن الأطفال الذين يصبحون ضد المجتمع أو مجرمين يوجد بداخلهم سمات بحيث أن اى مثير يؤثر فيهم ويجب أن نعترف أن هناك بعض الحالات التي تثير فيها المادة التليفزيونية السلوك الإجرامي من بين الأشخاص المضطربين عقليا.
- سلبيات التلفاز:
يوجه كثير من علماء النفس والاجتماع والتربية والآباء والأمهات كثيرا من الاتهامات إلى التلفاز فيقال انه يساعد على نمو السلبية واللامبالاة ويضعف من قوه إبصار المشاهد ويلهيه عن القراءة والاطلاع والمناشط الأخرى ويدفع بالشباب إلى ارتكاب جرائم العنف والقتل والسرقة.
- الفروق الجنسية في تقدير سلبيات التلفاز:
يتفق الجنسان في تقدير سلبيات التلفاز ولا تختلف إحكامهما إلا في اعتبار الإناث أكثر من الذكور انه(يقيد الجسم ويحرمه من الرياضة)ورغم صغر حجم الفروق الملاحظة نسبيا إلا أن الانطباع العام إن الإناث أكثر إحساسا بسلبيات التلفاز عن الذكور وذلك في أمور مثل ضعف البصر وشغل المشاهدين عن القراءة والسلبية والتراجى وهو في نظر الذكور يؤدي إلى انتشار الجريمة والعنف وشيوع الرذيلة والجنس في النهاية اعتقد إن خير الأمور أوسطها فيجب عدم الإفراط في متابعه التلفاز أو الانقطاع عنه بشكل نهائي لأننا على علم فلا يوجد بيت في وقتنا الحاضر يخلو من أجهزه التلفاز بل إن بعض البيوت يكون أكثر من جهاز فيها,لذلك بما إننا لا نستطيع التخلي عن هذا الاختراع وعندنا القدرة في تعلم ما هو سلبي يمكن أن نوجه طاقتنا إلى تعلم ما هو ايجابي ومفيد واخذ ما يعلمنا وينمي قدراتنا من خلال برامج التوعية والتثقيف وعرض تجارب وقصص واقعيه يمكن أن نتعلم ونستفيد منها ونتجنب من خلالها الوقوع في الأخطاء أو ارتكاب جرائم الغير أخلاقيه والغير قانونيه والتي تسئ نظره أنفسنا ونظره الآخرين لنا..( شبكة المعلومات الدولية.المركز الفلسطيني)
بعض أنواع الجرائم الاقتصادية:
بما إن اغلب الجرائم إن لم يكن توتر مباشرة على يمتلكه ضحاياها من موارد اقتصادية مادية كانت ام بشرية فقد انشغل الاقتصاديون كغيرهم ممن يهمه أمر الجريمة كالقانونين ومن فى حكمهم بالنظريات التى تفسر سلوك المجرم وأهدافه من ارتكاب الجريمة وسلوك المجتمع تجاههة.
من الصعوبة حصر أنواع هذه الجرائم ولكننا سنختار أهمها وهى الرشوة والاختلاسات والتهريب وتجاره المخدرات والتزوير والاحتكار والسوق السوداء والسطو على المصارف والمحلات التجارية والسرقات والتهرب من الضرائب وال غش والتدليس
والمماطلة سداد الديون الشيكات المرتدة والنصب والاحتيال وتلويت البيئة والإخلال بتوازنها والرقيق الأبيض وتجارة الأطفال وسرقة الممتلكات.
الرشوة:- هي دفع مبالغ معينة او هديه لموظف عام وموظف في القطاع الخاص بهدف الحصول على تفضيل مالا يمكن الحصول عليه بدون رشوة وتظهر الآثار الاقتصادية السالبة لمثل هدا السلوك بشكل واضح في الدول النامية الأقل دخلا ودلك لحاجتها الماسة لرفع كفاءة أقتصادية لتحقيق أمالها في التنمية باستخدام مواردها الأكثر ندرة مقارنه بغيرها من الدول الأكثر دخلا ويكثر هدا السلوك عندما يخفض التضخم المالي الأجور لدرجة بدرجة تجعل الراتب لايكاد وبالاقتصاد الوطنى ويكثر هدا يكثر هذا السلوك عندما الراتب لايكاد يفي بالاحتياجات الاساسية للموظف وتأخد الرشوة طابعأ,أكثر أضرار بالاقتصاديات الوطنية فى حالة التجارة الدولية حيث تشتد المنافسة بين الشركات المصدرة وكل منها يود الاستحواذ على اكبر نصيب من حجم السوق للسلعة او السلع التى تتعامل فيها وتؤدى الرشوة الى اختيار أعلاها تكلفة اوأداناها نوعية مما يضر بالمواطنين.
أهم عوامل انتشار الرشوة:
1-ارتفاع تكاليف الإنتاج لبعض الأنشطة في دولة مهنية مما يدفعها الدفع الرشاوى خوفا من أن تنافسها دولة أخرى اقل تكلفة.
2-تشجيع الجهات الحكومية على شراء النقود في بعض الدول
3-زيادة درجة المنافسة في الأسواق الدولية.
4- وجود ضغوط من الإدارات العليا لتحقيق نتائج معينة تختلف النظرة من مجتمع لأخر ففي المجتمعات الإسلامية تكاد تصل درجة التحريم وتحاربها القوانين الوضعية فى المجتمعات الأمريكية والايطالية ولا يعاقب عليها القانون الفرنسي والليبانى والالمانى وبريطانيا.
الاختلاس:-
وهو سرقة المال العام أو الخارجي من قبل موظفي الدولة أو القطاع الخاص ففي حالة الاختلاس من المال العام فقد يؤدى الى فشل المشاريع التنموية او يؤثر سلب على الخدمات التى تقدمها الحكومة فى خالة أستفحالة وكبر حجمه,اما بالنسبة للاختلاس شركات القطاع الخاص فقد يؤدى الى إفلاسها أو ارتفاع أسعار منتجاتها .وبذلك فان الاختلاس من المال العام أو المال الخاص فان أثاره على التنمية الاقتصادية كبيرة وسلبه
التهريب:
وهو يشمل تهريب السلع تهريب العملات المحلية والأجنبية فتهريب السلع الى خارج البلاد يؤدى الى رفع أسعارها فى الداخل ويحرم الحكومة من ضرائب الصادرات اما تهريب السلع الى الداخل فقد يخفض أسعارها المحلية ادأنها دخلت البلاد بلا رسوم جمركية وبلا ضرائب ولكنه يحرم الحكومة من تلك الرسوم والضرائب والسلع المهربة قد تنافس السلع المنتجة محليا مما يقلل من أرباح منتجيها المحليين .وتهريب العملات فان مخاطرها اكبر من مخاطرها تهريب السلع فادا هربت العملات المحلية الى الخارج فان قيمتها ستنخفض ويقل سعر صرفها مقابل العملات الأجنبية...الخ
تجارة المخدرات:
وهى أخطر أنواع التجارة على كل المجتمعات البشرية فيا النسبة للدولة التى تنتج فيها النباتات المخدرة فإنها تحرم المجتمع من استخدام موارده التى استخدمت فى إنتاجها .شاملا العمل ورأس المال والأرض ,من استخدامها فلا إنتاج سلع بديلة أكثر نفعا داخل ضررا من المخدرات وتصيب المخدرات إفراد المجتمع الدين يستهلكون داخل البلاد مما يقلل من إنتاجهم ويريد كلفه الرعاية الصحية وأدا هربت لدولة أخرى فهي تضر بتلك المجتمعات وفى الوقت ذاته فهي لاتدر دخلا لأية دولة لاففى شكل ضرائب أو فى شكل رسوم جمركية لأنها ممنوعة من كالدول و بالتالي لابد أن تتم الاتجار بها عن طريق التهريب فقط الدى لايخضع ,بالطبع للرسوم الجمركية او للضرائب مما يحتم تضافر الجهود كل الدول لمحاربتها.( حامد: سنة 1998,ص171)
العلاقة بين تجارة المخدرات وارتكاب الجريمة :
بات من الواضح تمام الوضوح وجود علاقة بين تعاطي المخدرات او ارتكاب الجرائم او بعضها ,حيث إن العلاقة بين هذين المتغيرين علاقة طردية اى إن عدد الجرائم التى ترتكب تزداد فى المجتمع الذى يكثر فيه تعاطي المخدرات وانتشارها ,ولقد وردت العديد من التقارير لدول عربية نتيجة للدراسات حول هذه العلاقة انه هناك زيادة مستمرة فى ارتكاب الجرائم مرتبطة بتعاطي المخدرات ففي السودان مثلا زادت نسبة الجرائم سنة 1981أفرنجى بمقدار (28%)عما كانت عليه عام 1970افرنجى وارتفعت نسبة الزيادة فى سنة 1990افرنجى لتبلغ(52%)عما كانت عليه عام 1971افرنجى ,ويختلف هدا الأمر كثيرا فى العديد من الدول العربية والأجنبية ففي تقرير وزارة العدل الأمريكية دلت الإحصائيات على زيادة جرائم السرقات البسيطة وجرائم البغاء من اجل ضمان توفير مصدر مالي للحصول على المادة المخدرة وهكذا هو الحال لغالب الدول دأب فيها انتشار هذه الآفة ولايخلو مجتمعنا الليبي من هذه الظاهرة والجرائم المرتكبة بسببها فى الوسط الاجتماعى وهدا ما نلاحظه ل يوم فى زياد مستمرة.
وباختصار يمكننا القول بان تعاطي المخدرات وكثرة انتشارها تنعكس على زيادة الجرائم ,كما ونوعا فهناك من الجرائم ماهو مرتبط بتعاطي المخدرات ارتباطا مباشرا حتى انه ماكنت لهذه الجرائم أن تكون لو لها وجود المواد المخدرة ,خير مثال على هذه الجرائم الجنح لمن مرخص لهم فى الاتصال بالمواد المخدرة كجنحة عدم إمساك الدفاتر او عدم القيد فيها او الجريمة تجاوز فرق الأوزان ويمكن أيضا القول بتجريم غسيل الأموال التى ترتبط عادتا بالكسب الغير مشروع والذي يقوم فى غالب الحيان نتجة زراعة المخدرات وتهريبها والاتجار بها هدا من جانب ومن جانب أخر هناك من الجرائم ماهو مرتبط بالمخدرات ارتباطا غير مباشر وعند الحديث عن هدا النوع نجد إن الجرائم المتصلة بتعاطي المخدرات كثيرة نذكر منها على سبيل المثال لا على سبيل الحصر(السرقة للتعاطي ,او السرقة نتيجة التعاطي)وجرائم القتل نتيجة التعاطي وجرائم الرشوة والتزوير المرتبطة عادة بالتهريب المخدرات ,هدا بالإضافة الى جرائم المخدرات لاحوادث المرور التى تنزف بها شوارعنا بالدماء نزيفا مخيفا ,وذلك لقيادة المركبة فى حالة تعاطي المخدرات او شرب الكحول مما يسبب الطيش وعدم الوعي والذي هو سبب فى هده الجرائم.
حيث أجريت مؤسسة بحوث حوادث الطريق بكندا بحثا لاستكشاف العوامل المختلفة المرتبطة بوقوع الحوادث واستخدمه عينة قوامه(2218) شخصا من الذين تعرضوا او تسببوا فى الحوادث الطرق وبينت النتائج إن (37%)من ضحايا فئة الشباب كان نتيجة تناول الكحول والمواد المخدرة ,وكذلك جرائم زنا المحارم التى باتت تنتشر فى الآونة الأخيرة يرجع السبب فيها فى غالب الأحيان الى تعاطي المخدرات فالكثير ممن وقعوا فى اسر هده الجرائم (زنا المحارم)كانو تحت تأثير المواد المخدرة فاقدين للوعي والإحساس والإدراك.
الجرائم المرتبطة بالمخدرات:_
تعد الجرائم المرتبطة بتجارة وتعاطي المخدرات من أهم الآثار السلبية المصاحبة لتجارة المخدرات.
الجرائم الناتجة عن تعاطي المخدرات:_
إن المخدرات تضعف من القدرة الإنسان على الإدراك ومن السيطرة عللا الإرادة الذى لايستطيع فيه من كبح دوافعه وسلوكه مما يدفعه الارتكاب جرائم كما أن المخدرات تلعب دور المثير والمشجع لارتكاب الجرائم وخلق نزعات عدوانية وتنحصر أهم هذه الجرائم فى جرائم المال عندما يقع المدمن فى ضائقة مالية تحول بينة وبين القدرة على شراء المخدرات وما يدفع للسرقة أو للرشوة والنصب والاحتيال لتوفير هذه الأموال اللازمة لشراء المخدرات ويؤدى تعاطي المخدر الى عدم احترام القوانين والعادات والتقاليد والأعراف والاستهتار والاستخفاف بالمثل والقيم الأخلاقية ولانسسى جرائم العنف كا الاعتداء على الآخرين أو القتل.

الخسائر البشرية نتيجة تعاطي المخدرات:
أن الفرد هو الخلية الأولى فى المجتمع فإذا فسد الفرد فسد المجتمع فالبناء لكي يكون صحيحا أمنا لابد من أن يكون جميع أجزاءه سليمة وصحيحة فإذا فسدت لبنة هذا البناء تهدم البناء كله فالمجتمع لا يستطيع أن يتقدم وينمو ويزدهر الابفضل مجهود شبابه .ومن الخسائر التى يتعرض لها الشباب نتيجة التعاطي.
1-فقد العاملين فى مجال التجارة وتهريب المخدرات كاعناصر ذات تأثير سلبي على عملية التنمية .
2-المتعاطون كبؤرة اجتماعية سيئة.
3-ضحايا التعاطي والإمراض الناتجة عن المخدرات.
(المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية,سنة 1998ف .ص31).
التزوير:
ويشمل تزوير المستندات المالية المختلفة أو تلك التى تؤدى الى الحصول على أموال أو تزييف العملات نفسها والرخص التجارية والإقامة والجوازات والشهادات العلمية وما الى دلك مما يمكن الاستفادة منه اومن اجل الحصول على فوائد وميزات مهنيه وهو اى تزوير يلحق الضرر الاقتصادي بأفراد أو جماعات يعنيها وبل وبالمجتمع بأسره فان الحصول على الأموال أو النافع والميزات بهده الطريقة قد يؤثر سلبا على كثير من النشاطات الاقتصادية بما فى دلك ميزانية الحكومة وخاصة ادا أدى التزوير الى تصرف فى الاعتماد المرصودة للمشروعات أو الخدمات أو الصيانة الى درجة يؤدى الى تعطل الى منها الدى قد يحدث بصفة خاصة فى الدول النامية الأقل دخلا لشح ميزانيات حكوماتها أصلا.
السرقات:
عرف الإنسان السرقات بوصفها التقليدي فى قديم الزمان غير أن مرتكبيها أصبحوا ألان أكثر تنظيما وأكثر استخداما للتقنيات الحديثة وهى بدورها تزيد تكاليف الأمن والسلامة فضلا عن رفع تكاليف التأمين مما يرفع أسعار السلع والخدمات للمستهلكين .وأكثر ماتنتشر مثل هده الجرائم فى المدن الكبيرة التى أصبحت تعالج مثل هده الجرائم فى المدن الكبيرة التى أصبحت تعالج مثل هده الجرائم بزيادة رجال الأمن والشرطة وخاصة فى منطقة وسط المدينة حيث تكثر المحالات التجارية التى تعرى بالسرقة وتكثر فيها الكسر المنزلي مما زاد من تكاليف الأمن والسلامة للأسر وللحكومات ونسبة للعلاقات بين معدل السرقات وغيرها من الجرائم وإعداد رجال الأمن والشرطة فى المدن الكبيرة فقد قيل إن الجريمة تزاد بتزايد إعدادها .

خلاصة
الجرائم الاقتصادية كثيرة ولها أثارها الاقتصادية المدمرة للإفراد الدين يقعون ضحية لها وللمجتمع ككل لما لها من اثأر سلبية على الاقتصاد الكلى بما آن المجرم يختار مجال الإعمال غير المشروعة بدلا من الإعمال المشروعة ويحاول تعطيم إرباحه شان اى منتج فعلى المجتمع رفع تكاليف ارتكاب الجريمة وتقليل إيرادات المجرمين منها بالوسائل الوقائية والعلاجية والعقابية وقد تكون التربية وخاصة التربية الدينية من أهم عوامل الوقاية من الجريمة بكل أنواعها كما إن الحد من البطالة ومحا ربتة الفقر وتحسين توزيع الدخل بين الإفراد والجماعات وعبر المكان بين الأرياف والتنمية الاقتصادية المتزنة وإيقاف التميز العنصري والعرقي قد الجريمة فى حدها الأدنى وخاصة الجرائم الاقتصادية هدا فضلا عن السياسات الاقتصادية والإجراءات الاقتصادية والنظم المحاسبية الليمة تستخدم تقنية الحاسبات الآية استخداما فعالا فى رصد وسهولة مراجعتها. (حامد :سنة1998,ص171)



الباحث الاجتماعى :صلاح ابوالقاسم
طرابلس ليبيا







المـــــــــــــــــــــــراجع
1.دراسة عن الإضرار الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بتعاطي المخدرات, مصر المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.ص31
2.. ابوبكرعلى صالح زروق الزناتى العوامل الاجتماعية وعلاقاتها بالجريمة فى الريف دراسة ميدانية بشعبية النقاط الخمس,أكاديمية الدراسات العليا.2008ص48.
3.حميدة العباسى جرائم المرأة جامعة الفاتح.رسالة ماجستير غير منشورة 2002ص100
4.محمد صبحى نجم ,المدخل الى علم الاجرام وعلم العقاب ,الاردن دار الثقافة للنشر والتوزيع1998ص55
5.صالح عبد العزيز عبد المجيد ,التربية وطرق التدريس ,دار المعارف ,مصر 1976ف.ص78
6.محمد خلف,مبادى علم الإجرام؛بنغازي :الدار الجماهيرية للنشر والإعلان 1996,ص24.
7.حامد عبدالله ,انواع الجرائم الاقتصادية ,كلية العلوم الإدارية ,جامعة الملك سعود المملكة العربية السعودية ,أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية سنة 1998ص171
8.دراسة عن الأضرار الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بتعاطي المخدرات ,مصر ,المركز الوطنى للبحوث الاجتماعية والجنائية1998.
9.زكريا ابراهيم ,الجريمة والمجتمع ,مكتبة النهضة المصرية,1958ص26-27
10.ربيعة عثمان الشكرى,التفكك الاسرى والمعنوى وعلاقته بالاضطرابات النفسية,رسالة ماجستير غير منشورة ,الخمس جامعة المرقب, سنة 2005ص102.
11.الوحيشى أحمد بيرى,المشكلات الاجتماعية ,المركز الوطنى لتخطيط و التعليم سنة 2006,2007,ص88
12.حسن المرصفاوى نظام التجنيح .القاهرة ,المجلة الجنائية القومية عدد اول مارس1962.
13.محمد شفيق ,الجريمة والمجتمع,المكتب الجامعى الحديث محطة الرمل اسكندرية
14.جلال الدين عبدالخالق والسيد رمضان ,الجريمة والانحراف الاسكندرية .مكتبة الجامعة الحديثة2001ص181.
15.ناهد صالح ,العود الى الاجرام عند المرأة ,رسالة ماجستير غير منشورة كلية الاداب,جامعة القاهرة ,1995ص213
16.جلال حلمى ,العنف الاسرى ,القاهرة ,دار قباء للطباعة والنشر والتوزيعسنة1999ف ص151.
17.شبكة المعلومات الدولية الانترنت.
18.خيرى خليل الجميلى ,السلوك الانحرافى فى إطار التخلف والتقدم المكتب الجامعي الحديث11998ص225.
19.شبكة الملومات الدولية ,المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات .
20. علاء العمر ,الاسرة وأثرها فى التربية ,بغداد (د.ب)1998,ص.73
21.الكتاب السنوي للشرطة تاريخ وانجازت,اللجنة الشعبية العامة للأمن العام سنة1458ص15)


صلاح ابوالقاسم سالم /العنوان طرابلس ليبيا
http://www.social-team.com/forum/showthread.php?t=9169

موضوع: تعريف الجريمه في المجتمع

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


تعريف الجريمة



مفهوم الجريمة و المجرم و الضحية..!!




كان هناك اتجاه دائم إلى الربط بين مفهوم الجريمة و مفهوم المرض على أساس
أن السلوك الإجرامي سلوك مريض وليس سلوكا صحيا أو سويا. و هذا الربط أدى
إلى نتائج غير دقيقة في تفسير الجريمة و وضع سياسة للوقاية و الجزاء بل أنه
يؤدي و يشجع المجتمع على البحث عن ميكروب الجريمة هذه، مثلها مثل ما يبحث
الطبيب عن ميكروب المرض و هو أبعد الأشياء عن الحقيقة إذ ليس هناك ميكروب
مسئول عن المجرم و الجريمة فالمجرم في النهاية هو صناعة المجتمع الذي يعيش
فيه. و يترتب على ذلك أنه ليس هناك مصل معين للوقاية من الجريمة فلا هو
ميكروب و لا هو سبب وحيد آخر مسئول عن الجريمة.

و نجد إن كل الآراء التي اتجهت إلى محاولة تفسير الجريمة و إرجاعها إلى سبب
واحد مثل الجهل أو الفقر أو الاضطرابات النفسية أو سوء الحالة الأسرية أو
القدوة السيئة أو الإعلام السىء..الخ جميعها قد باءت بالفشل و الاعتقاد
العام بين الباحثين الآن أن ظاهرة الجريمة مرتبطة بجذور متعددة تتفاعل في
بيئة معينة و ظروف معينة لا يمكن حصرها يتولد عنها السلوك الإجرامي في
النهاية.

و من ناحية أخرى فإن وصف الجريمة بالوباء هو وصف صادق على انتشار الجريمة
فنجد في الواقع أن وباء الجريمة قد انتشر انتشاراً ذريعاً في العصر الحديث و
تلونت ملامحه أكثر من أي وقت مضى و تضاعف عدد المجني عليهم حتى أصبحوا
يزيدون أضعافا عن ضحايا أي وباء. و هو ما يعرض المجتمع كله كيانه و سعادته و
مصيره للخطر و التدهور.

إن مفهوم الجريمة مفهوم عريض جدا و متعدد و إن كان أول ما نسمع كلمة
الجريمة نميل إلى التفكير بالجرائم التقليدية و الضحايا التقليدية مثل
ضحايا السرقات و القتل و الاغتصاب..الخ من الجرائم التي أطلق عليها بعض
العلماء الجرائم الطبيعية أي التي توجد في كل مجتمع و في كل زمان و مكان
إلا أن أفق الجريمة و المجرمين و الضحايا قد اتسع كثيرا بتعقد المجتمع
البشري فهي أصبحت أكثر خطورة و تعقيدا و أكثر عقلانية أي نشاطا محسوباً و
مقصوداً أكثر منها مصادفة و نزوة مثل: العصابات الدولية القوية المسيطرة.

مفهوم الجريمة:

تعريف الجريمة من المنظور الاجتماعي أنها:
هي كل فعل يتعارض مع ما هو نافع للجماعة و ما هو عدل في نظرها. أو هي
إنتهاك العرف السائد مما يستوجب توقيع الجزاء على منتهكيه. أو هي انتهاك و
خرق للقواعد و المعايير الاخلاقية للجماعة. و هذا التعريف تبناه الاخصائيون
الانثروبولوجيون في تعريفهم للجريمة في المجتمعات البدائية التي لا يوجد
بها قانون مكتوب.

و على هذه فإن عناصر أو أركان الجريمة من هذا المنظور هي:

•قيمة تقدرها و تؤمن بها جماعة من الناس.

•صراع ثقافي يوجد في فئة أخرى من تلك الجماعة لدرجة أن أفرادها لا يقدرون
هذه القيمة و لا يحترمونها و بالتالي يصبحون مصدر قلق و خطر على الجماعة
الأولى.

•موقف عدواني نحو الضغط مطبقاً من جانب هؤلاء الذين يقدرون تلك القيمة و يحترمونها تجاه هؤلاء الذين يتغاضون عنها و لا يقدرونها.




تعريف الجريمة من المنظور النفسي:

هي إشباع لغريزة انسانية بطريقه شاذه لا يقوم به الفرد العادي في إرضاء
الغريزة نفسها و هذا الشذوذ في الإشباع يصاحبة علة أو أكثر في الصحة
النفسية و صادف وقت إرتكاب الجريمة إنهيار في القيم و الغرائز السامية. أو
الجريمة هي نتاج للصراع بين غريزة الذات أي نزعة التفوق و الشعور
الاجتماعي.




تعريف الجريمة من المنظور القانوني:

الجريمة هي كل عمل يعاقب علية بموجب القانون. أو ذلك الفعل الذي نص القانون على تحريمة و وضع جزاء على من ارتكبه.



مفهوم المجرم:


تعريف المجرم من المنظور الاجتماعي:


هو الشخص الذي لا يلتزم و لا يخضع لقانون الدولة و يحاول إنتهاكه. و هو الشخص الذي يعتبر نغسة مجرماً و يعتبرة المجتمع مجرماً كذلك.




تعريف المجرم من المنظور النفسي:


و هم الاشخاص الذين يعانون من اضطرابات او انحرافات في الاشخصية او السمه. و
هي ناجمة عن النمو و الارتقاء و الانفصال اللاسوي و للعلاقات الغير مرضية و
المعبة بين (الهو و الأنا و الأنا العليا) و هي الاسباب الرئيسية لسلوكهم
الاخرامي هذا.

ايضاً المجرم هو من يعاني قصوراً في التوفيق بين غرائزه و ميولة الفطرية و بين مقتضيات البيئة الخارجية التي يعيش فيها.




تعريف المحرم من المنظور القانوني:


هو الشخص الذي ينتهك القانون الجنائي الذي تقررة السلطة التشريعية التي
يعيش في ظلها. و من ثم هو الذي يرتكب جرم ما و يعد جريمة في نظر القانون
فقط و لا يعتبر مجرماً إذا ما قام بفعل جرم ما و لا يحبذه المجتمع.

و في وجهة نظر القانون فلفظ مجرم لا يطلق على الشخص المرتكب الجريمة إلا
بعد التحقيق فيها و صدور الحكم فيها و إلا فهو يعتبر متهماً فقط.

نجد ايضاً أنه توجد معايير تقرر جواز معاملة مرتكب الجريمة كمجرم منها:

•السن: يجب أن يكون سن مرتكب الجريمة مناسباً فهناك بعض البلاد التي تحدد
سن ال7 لتعاقبه حيث أن قبل ذلك يكون الطفل غير واعي و لا يعرف الصح من
الخطاء و بعض البلاد التي نجدها تحدد سن المسؤلية الجنائية بقانون وضعي او
في الدستور.

و بغض النظر على القوانين الجنائية نجد أن مرتكبي الجريمة من الاطفال
يعاقبون بطريقة إنشائية أو تودعهم مركز للأحداث بما يعود عليهم بالفائدة و
المصلحة.

•يجب أن تكون الأفعال الإجرامية أيضاً إختيارية و ارتكبت دون أي ضغوط أو
إكراه و الإكراه الذي يجب أن يكون واضحاً و متصل اتصالاً مباشراً بالفعل
الاجرامي المعين. فمثلاً أن تأثير الأباء او اصدقاء السوء الغير مباشر و
القديم على مرتكب الجريمة لا يعترف بها على أنها ضغوط.

•يجب أن يكون الفعل مصنفاً قانوناً كضرر للدولة و ليس ضرر خاص أو خطاء ما
لأن عادة يقوم الناس بمعالجة بعض الأمور بنفسهم فيما بينهم و التي يمكن أن
تتطور و تصبح مشكلة كبيرة و يتضرر فيها العديد من الاشخاص و الممتلكات و
التي كان يمكن إجتنابها برفع دعوى خاصى للمحكمة او للشرطة ليقوموا هم
بمعالجتها.



مفهوم الضحية:


الضحية هم كل ما أصابهم شراً أو أذى نتيجة لخطاء أو عدوان أو حادث.

الضحايا أنواع و تختلف هذه الأنواع بإختلاف الجرائم التي يرتكبها المجرمون.

فهناك ..

ضحايا القتل العمد

ضحايا القتل الخطأ

ضحايا الإيذاء

ضحايا السرقات

ضحايا النصب

ضحايا الإغتصاب لكلا الجنسين

ضحايا الإدمان

ضحايا العنف ضد النساء

ضحايا العنف من الأطفال

ضحايا الحوادث المختلفة من مواصلات

ضحايا السقوط من علو

ضحايا الإنتحار

ضحايا الفقر

ضحايا الحروب

الجريمة هي أي فعل يؤدي إلى انتهاك القانون ويعاقب صاحبه من قبل الدولة .

ورغم ما يشاهد من انسجام لهذا التعريف مع مختلف القوانين، إلا أنه لا يخلو
من العيوب، شأنه شأن جميع التعاريف في مجال العلوم الإنسانية.

وأهم هذه العيوب:





ثانيا: تعريف الجريمة في علم الاجتماع:


اختلفت مدارس علم الاجتماع وكذلك علماؤه في تعريف الجريمة، وقد أدى هذا
الاختلاف إلى ظهور عدد من التعاريف ذات الاتجاه الاجتماعي، ومن أشهرها
تعريف (سالن Sallin) حيث يقول :

الجريمة هي انتهاك للمعايير الاجتماعية , وتأتي شهرة هذا التعريف من كونه
جمع كثيرا من الاعتبارات الاجتماعية في عبارة قصيرة، فالعادات والتقاليد
والأعراف والقانون كلها معايير اجتماعية, ومن أهم الانتقادات الموجهة إلى
هذا التعريف ان المعايير الاجتماعية تختلف من مجتمع إلى آخر، ولعل ذلك هو
ما دفع العالم (Rafaele Garofalo) إلى تصنيف الجرائم إلى جرائم طبيعية
وجرائم مصطنعة، الأمر الذي أظهر تعريف (Sallin) وكأنه تعريف يخص مجتمعا
واحدا، فقد قسم جاروفالو الجريمة إلى نوعين:

جريمة طبيعية، وجريمة مصطنعة.


فالجريمة الطبيعية هي ذلك الفعل الذي لا يختلف شعور الناس تجاهه بأنه جريمة
مهما اختلفت المجتمعات والأزمنة، كالاعتداء المادي أو المعنوي على
الأفراد، والاعتداء على الأموال والممتلكات،
الجريمة المصطنعة فهي الأفعال المنتهكة لمكونات ثقافية مصطنعة، أو ما يسمى
بالعواطف غير الثابتة كالديانات والعادات والتقاليد, ولعل نظرية جاروفالو
هذه من أكثر النظريات انسجاما مع الواقع الثقافي المعاصر، ذلك أنه لا يمكن
بحكم هذا الواقع، أن يتم الحصول على تعريف اجتماعي واحد يكون مقبولا تماما
في كل المجتمعات، أوعلى الأقل عند كل علماء الاجتماع، وعلى هذا الأساس فإن
النقد الموجه لهذه النظرية من زاوية عدم تشابه عاطفتي الشفقة والأمانة لدى
كل المجتمعات، وهو نقد جاء به العالم (Durkheim) نقد ضعيف لأنه لم يأخذ في
الاعتبار أن الشعوب والثقافات قد لا تتفق على تعريف آخر أكثر من اتفاقها
على هذا التعريف في هذا العصر بالذات، ثم انه يؤخذ على هذا النقد أن
العواطف تتشابه لدى كل المجتعات لكنها لا تتطابق تماما، والأخذ بمسألة
واحدة تتشابه عواطف كل الشعوب تجاهها، خير من تركها حتى يتحقق التطابق
العاطفي التام.




ثالثا: التعريف الاجتماعي القانوني للجريمة:


يأخذ التعريف الاجتماعي القانوني للجريمة بمسألة الخروج على المعايير
الاجتماعية وانتهاك القانون في آن واحد، ومن هذا المنطلق عرفت الجريمة
بأنها: كل سلوك مؤذ وضار اجتماعيا، ويتعرض صاحبه للعقاب من الدولة .

وهي أيضا : كل فعل انتهك القيم الاجتماعية التي حددتها الغالبية العظمى من الهيئة التي وضعت القانون الذي يجسد هذه القيم .




رابعا:التعريف النفسي للجريمة:


شهد هذا الجانب، مثله مثل الجوانب السابقة، اختلافات أخرى، غير أن
الاختلافات في مجال علم النفس تبدو أقل بسبب أنه ركز على جانبين في تعريفه
للجريمة:

الأول :ان الجريمة غريزية.

الثاني:ان الجريمة فعل لا إرادي ناتج عن صراعات نفسية تحدثها مكبوتات اللاشعور.

ففي الجانب الأول عرفت الجريمة بأنها:

فعل يهدف إلى إشباع غريزة إنسانية ,, وصادف هذا الإشباع خلل كمي أو شذوذ
كيفي في هذه الغريزة انهارت معه الغرائز السامية والخشية من القانون .

وفي الجانب الثاني عرفت الجريمة بأنها:

انعكاس لما تحتويه شخصية الفرد من مرض نفسي,, يعبر عن صراعات انفعالية لا شعورية ولا يعرف الفرد صلتها بالأعراض التي يعاني منها .

بعض تعاريف علم النفس تمزج بين المفهوم النفسي والقانوني والاجتماعي
للجريمة ومن قبيل ذلك تعريف يقول :الجريمة فعل إنساني يسأل عنه الفرد
ويتحمل عواقبه إذا توافرت الإرادة والحرية والاختيار , ومما يلاحظ على
التعاريف النفسية للجريمة أنها تركز على الحالة الصحية للنفس والعقل لدى
الشخص وقت ارتكابه للفعل، وهي أمور تتطلب فحصا علميا متخصصا في الطب
والعلاج النفسي، والطب العقلي، لإثبات اعتلال الصحة النفسية من عدمه قبل
المحاكمة، وهناك من السلطات القضائية بل الدينية بشكل عام في بعض المجتمعات
من لا تزال تنظر إلى علم النفس على أنه ضرب من الكفر.

إن علم الجريمة والعقاب علم واسع ومعقد، ويدخل في تراكيب وتفاعلات مفاهيمه
كل مكونات المعرفة الإنسانية,, وما أوردناه من تعاريف ليس إلا اختصارا لعدد
كبير وموسع من التعاريف التي احتوتها معظم الدراسات العربية والأجنبية في
مجال علم الجريمة والعقاب، وهي في صياغتها ومواضعها الأساسية، وفي صورها
المختصرة هذه تدل بوضوح على أنه قد أصبح لدى العلماء والباحثين والمفكرين
اقتناع بوجود عوامل موضوعية وراء الإجرام، تشرك المجتمع ومؤسساته في
المسؤولية عن السلوك الإجرامي، أو تخفف من العقاب على الجاني، أو تدرأ
العقوبة بإخراج الجاني من نطاق المسؤولية الأخلاقية عن فعله، وهي العوامل
نفسها التي دعت المشرعين إلى تصنيف الجرائم حسب شدتها إلى :جناية جنحة
مخالفة, ويمكن تقسيم هذه العوامل إلى ثلاثة محاور، كل محور يحتوي على عدد
من التفريعات على النحو الآتي:

المحور الأول البيئة الأساسية للمجتمع وتشمل:

البيئة الجغرافية البيئة الثقافية البيئة الدينية القيمية البيئة العائلية
البيئة السياسية البيئة الاقتصادية البيئة التعليمية البيئة السكانية
التغير الاجتماعي.

المحور الثاني المعايير الأخلاقية والمثالية السائدة وتشمل:

الضوابط الاجتماعية التقليدية والرسمية نظام التدرج الاجتماعي الدخل والثروة المنافسة والصراع .

المحور الثالث العوامل الشخصية وتشمل:

الوراثة التكوين النفسي التكوين العضوي.

من المؤكد أن هذا التحول لم يكن سريعا أوسهلا، فقد بدأت بوادر التفكير في
الأسباب الموضوعية للسلوك الإجرامي منذ عام 1586م على يد العالم (ديلابورطا
Della Borta) حين تحدث عن وجود علاقة بين الجريمة والعيوب الجسمية الظاهرة
على الفرد، إلا أن بعض الموروثات الثقافية السيئة عن العصور القديمة
والوسطى استمرت تتناقلها الأجيال كحجر لم يتبدل حتى العصر الحديث في بعض
المجتمعات، من ذلك أن عقوبة الخرق على الخازوق ظلت تطبق في أوروبا حتى عام
1786م، كما أن الاتجاه الكنسي بالتخلي عن فكرة أن المجرم شيطان يجب
استئصاله من المجتمع لم يظهر إلا في القرن الثامن عشر, وعلى الرغم من البطء
الشديد للتغير الاجتماعي بعامة ووجود عوائق تلقائية وأخرى مصطنعة اعترضت
سبيل هذا التغير فإن من الواضح أن التطورات الفكرية في مجال تفسير السلوك
الإجرامي كانت سببا في تطور أهداف العقاب وتحولها من الرغبة في الانتقام من
الجناة إلى الرغبة في إصلاحهم وإعادة تأهيلهم، والتحول من العقوبات
الاستئصالية والبدنية إلى العقوبات السالبة للحرية ومنها السجن، ولكون
المجتمعات الغربية حديثة عهد بعقوبات القرون القديمة والوسطى، فقد ظهرت
عقوبة السجن على أنها اتجاه إنساني, ويبدو أيضا، أنه بازدياد التطور
الفكري، بدأ النقد يطال هذه العقوبة، وازدادت القناعة بضرورة الإصلاح من
نظم السجون، وتحويلها من مؤسسات عقابية بحتة، إلى مؤسسات إصلاحية، إلى جانب
كونها تنضوي على إجراء عقابي كما هو الحال عندما بدأ إصلاح نظم السجون في
أمريكا بعد الحرب الأهلية، ثم تحول هذا الاتجاه إلى برنامج رسمي في
الولايات المتحدة الأميركية لتحسين أساليب التعامل مع المذنبين، وتطبيق
بدائل الإجراءات الجنائية والعقابية وبرامج الخدمة الاجتماعية في جميع
مراحل الدعوى الجنائية، وذلك في عام 1968م.

ويمكننا في نهاية هذا الموضوع أن نخلص إلى مجموعة حقائق واستنتاجات من أهمها:

1 ان التغير الفكري سمة لازمت الإنسان منذ الأزل القديم لكن هناك عوائق
مادية ومعنوية ، طبيعية ومصطنعة، اعترضت طريقه مما أدى إلى ركوده أوتقهقره
أو الإبطاء من سرعته.

2 ان تطور العقاب مرتبط ارتباطا تاما بالتطور في مجال تفسير السلوك الإجرامي وتابع له.

3 ان المؤسسات التشريعية في المجتمعات الغربية نظرت إلى عقوبة السجن كاتجاه
إنساني في معاملة المذنبين، قياسا على العقوبات الوحشية التي كانت تطبق في
المجتمعات الغربية خلال العصور القديمة والوسطى.

4 ان نتائج البحوث العلمية والفكرية لا تحدث التحول المطلوب في المجتمع
بشكل سريع وفعال، ما لم يكن هناك سعي حقيقي من السلطة نحو الأفضل، بحيث
تقبل تلك النتائج وترعاها.

5 إن العقوبة في معظم مجتمعات العصر الحديث، وبخاصة في النصف الأخير من
القرن التاسع عشر، لم تعد غاية في حد ذاتها، وإنما أصبحت وسيلة تهدف إلى
العلاج والوقاية.

6 ان هناك ستة اتجاهات في تعريف الجريمة هي:
الاتجاه الإسلامي الاتجاه الاجتماعي الاتجاه القانوني الاتجاه الاجتماعي القانوني الاتجاه النفسي الاتجاه النفسي القانوني الاجتماعي.

7 انه لا يوجد تعريف للجريمة متفق عليه بين مختلف الثقافات والتخصصات العلمية، فالوقت لم يحن بعد.

8 ان تقسيم جاروفالو للجريمة إلى طبيعية ومصطنعة يمكن أن يكون مدخلاً
لإيجاد تعريف متفق عليه للجريمة الطبيعية على أساس أن الشفقة والأمانة
تتشابه لدى كل المجتمعات، وليس من المنتظر أن تتطابق في المستقبل القريب،
وما لا يدرك كله لا يترك جله، أما الجريمة المصطنعة فسوف يبقى الاختلاف على
تعريفها قائما طالما أن هناك اختلافات ثقافية كبيرة بين المجتمعات، وسوف
تتقلص هذه الاختلافات كلما زاد عدد المجتمعات الموجودة على مقدمة مذنَّب
الحضارة بسبب انتقال مجتمعات إلى هذا الموقع بعد أن وصلت من الرقي الحضاري
إلى مستوى يؤهلها لهذا الانتقال، وهنا يكون التجانس الحضاري قادرا على
إيجاد تعريف موحد للجريمة لا يشذ عنه إلا مجتمع ما زال على ذيل المذنَّب
الحضاري.

9 ان المشرعين قد أحسنوا صنعا عندما قسموا الجرائم إلى : جناية جنحة مخالفة
وكم سيكون مفيدا لو أن المشرعين تخلصوا من عيب دقيق في هذا التقسيم يتمثل
في أنه تم في إطار لفظ الجريمة ومفهومها العام، فالمشرعون عندما قالوا :
(تقسيم الجرائم) أبقوا المخالفة والجنحة جريمة، فجُرد هذا التقسيم من هدفه،
ولجعل هذا التقسيم يحقق هذفه نقترح تعديل عبارة (تنقسم الجرائم) إلى عبارة
(تقسيم الأفعال المعاقب عليها) ثم يتم إحلال لفظة (جريمة) محل لفظة
(جناية) ليصبح التقسيم على النحو الآتي:

(تنقسم الأفعال المعاقب عليها إلى : جريمة جنحة مخالفة ) وهذا التقسيم
المقترح سيسهل، ايضا، وصف من يرتكب فعلاً يعاقب عليه فيصبح: (مجرما، جانحا،
مخالفا) (مجرمة، جانحة، مخالفة

الجريمة و المجتمع


معظم المجرمين البالغين بدأوا حياتهم الاجرامية منذ الصغر...الاحداث المنحرفون..ضحايا عدم الاطمئنان والاضطراب الاجتماعي

الجريمة في المجتمع ليست ظاهرة حديثة العهد، بل عانت منها المجتمعات القديمة وعرفتها التشريعات في مختلف العصور عن طريق منع ارتكابافعال تشكل خطورة على امن المجتمع والانسان معاً ، واخذ ت المجتمعات والافراد تحكمها العادات والتقاليد من خلال الاحكام الخاصة بالعشيرة او القبيلة بسبب عدم وجود سلطات قانونية رسمية في بداية الأمر كالشرطة والمحاكم والسجون... والمجتمعات لم تخل تماما من الجريمة فهي نتيجة حقيقة عن ما يثورمن تنازع غير شرعي في المصالح والسعي للتنافس بين اوساط المنحرفين سلوكياً واخلاقياً على إشباع الحاجات والرغبات.

ان ظاهرة الإجرام في المجتمع مازالت موضع اهتمام علماء القانون والاجتماع وعلم النفس لما تثيره من اضطراب في العلاقات الإنسانية وإهدار للسلوك والقيم السائدة فضلا عن التهديد العلني لسلطة الدولة والقانون... وقد اصبحت هذه الظاهرة وبائاً ليستشري ويخترق جسد الشباب من الصغار والاطفال ، حيث اثبتت الدراسات والبحوث والاختبارات العلمية على ان الجريمة أكثر ما تكون شيوعا بين الصغار، وان معظم المجرمين البالغين قد بدءوا حياتهم الإجرامية منذ سن الحداثة.
ثروة المستقبل
الاطفال ثروة البلاد ومستقبلها ...وخزين شعبها ...اذا اصلحت تربيتهم اصلحت البلاد بهم وان فشلت الاسرة والمجتمع في اعدادهم وتقويمهم وكانوا عرضة للانحراف والفساد انعكس ذلك سوءاً وتدهوراً على البلاد والعباد ...عوامل كثيرة تسبب ضياع الاطفال وفي مقدمتها الحروب والازمات الاقتصادية ...فالطفل الذي ينشأ في مجتمع تسوده اجواء الخوف والرعب وتنتشر فيه مفاهيم القتل والارهاب وحالة اللاامن ينشأ في احدى الاتجاهين المختلفين، اما الخوف وعدم الاستقرار وحالة الهروب من معالجة الاخطاء خوف الوقوع في المشاكل والمواجهات او النشوء عنيفاً ومشاكساً وغير مساهماً في تطوير المجتمع.
سياسة تعميم (الجهل)
التقت (المؤتمر) احد الاطفال وهو يبيع (المناديل الورقية) في احدى التقاطعات الرئيسية ، ترك المدرسة وهو في الصف الثالث الابتدائي بسبب عدم قدرة اسرته على دفع تكاليف وصرفيات المدرسة من لباس ومستلزمات اخرى كانت تفرضها الاوضاع السيئة في فترة حكم النظام السابق في محاولة لتطبيق سياسة تعميم (الجهل) المتعمدة ضد الشعب العراقي .
وطفل اخر، الفشل والجهل والاحباط والخوف من المستقبل ، كان هاجسه الوحيد حين تحدث لـ (المؤتمر) قائلا لقد جنت عليّ اسرتي وهي السبب في عدم مواصلتي الدراسة، ابي لم يرى جدوىمن تحمله نفقات ذهابي الى المدرسة...فكان يقول لي ان نهاية دراستك الجندية ..وبيع السكائر على الرصيف ..) ،فاصبح كما قال ابيه يبيع السكائر والمشروبات الغازية على الرصيف ...ولكن بدون علم يتسلح به في حياته ومستقبله ..!!
يقول الطفل (مهند جبار) -12عاماً ابي كان موظفاً بسيطاً ، ترك الوظيفة بسبب راتبه الذي كان لايكفي عشرة ايام ، واشتغل عاملاً في احدى المصانع الاهلية ...واجبرني على ترك الدراسة والعمل في عدة مهن ..لم تروق لي ولم امتهن احدها يوماً ...فاصبحت اخيراً بائع متجولاً على الارصفة... وختم حديثه ليقول :ان الكثير من الاباء يمنعون ابناءهم من الذهاب الى المدرسة، اما بسبب الوضع المادي وسوء الحالة المعاشية اوالمستقبل المجهول الذي ينتظر اولادهم والعمل على الرصيف كباعة متجولين بعد انهاء دراساتهم...!!
الاضطرابات الاجتماعية
الحروب والازمات وما اعقبها من اوضاع اقتصادية سيئة بسبب السياسات الخاطئة للنظام السابق وما اثمرعنها كالحصارالاقتصادي وانتشار الفقر الشديد في عموم العراق فضلا عن الامية التي سادت بعض الشرائح ،قد احبطت المجتمع العراقي عموماً والاسرالعراقية الفقيرة خصوصاً ،حيث تسبب هذه الاضطرابات الاجتماعية الى بروز شرائح من العصابات الخطرة جعلت القتل والاختطاف والسرقة والاعتداء على حريات وممتلكات الاخرين هدفاً للعيش اوالحصول على المال لبذخها على ملذاتهم وشهواتهم الشخصية، محاولين بذلك معاداة الحكومة وسلطة القانون .
وقد اثبتت ملفات الجريمة واعترافات المجرمين ان بعض عناصر ومكونات هذه العصابات ،شباب في سن المراهقة ودون السن القانوني، الذين ونتيجة الفقر والجهل ولجوءهم لكسب المال بطرق غير مشروعة و تعاطيهم المخدرات والمسكرات فقدوا توازنهم العقلي واصبحوا لايدركون نتيجة افعالهم الاجرامية تجاه الفرد والمجتمع
مواطن عراقي سرقت سيارته وابلغ بدوره مركز الشرطة الكائن في منطقة الحادث ، لم يكن الانتظار طويلا حيث استرد سيارته .. ولكن كيف ...؟؟؟
اتصل به احد الاشخاص ليلاً وكان (ملثماًً) ليخبره ان كان يريد سيارته فليذهب معه ليراها ، وكان الشخص الملثم ( طفلا) ليتجاوزالثانيةعشرمن عمره..!!
توجه مالك السيارة وهو معصوب العينين برفقة افراد العصابة الى مكان مجهول ليرى العديد من السيارات المسروقة ، وكانت احداها سيارته التي طلبت العصابة ارجاعها بشرط ان يدفع (1000) دولار ، وعدم اخبار الشرطة عن ما شاهده والا سوف يقتلونه ويخطفون ابنته ويقطعوا راسها ان فعل ..!!
البيئة... وانحراف الاحداث
يؤكد خبراء علم النفس والاجتماع ان معظم حالات الانحراف ترجع إلى البيئة التي ينشا فيها الطفل،الدكتور اياد النقشبندي اخصائي علم النفس ورئيس مركز الدراسات التربوية والنفسية تحدث لـ (المؤتمر) عن دور البيئة في نشأة الاطفال قائلا: ( ان معظم المجرمين البالغين بدءوا حياتهم الاجرامية منذ سن الحداثة..) مشيراً الى ان الأسرة هي البيئة و الخلية الأولى المسؤولة عما يصيب الطفل من انحراف لأنه عن طريقها يتلقى القيم والعادات والنظرة إلى الحياة والمجتمع، فهي الصلة التي تربطه بالمجتمع الكبير فيما بعد ومؤكداً ان المدرسة تعد البيئة الثانية التي يتعرف عليها الحدث وتتميز بكونها غير محددة كالأسرة ولا يستطيع التهرب منها... وفي ظل هذه البيئة يتعرف الحدث على رفاق آخرين وهذا يتطلب مستوى معين من السلوك الذي يكون قد اكتسبه في أسرته ، وهو يحاول أن يتهرب من متطلبات المجتمع الخارجي إذا رأى أنها أصبحت عبئا عليه.
واوضح النقشبندي ان الطفل وعندما يكبر و ينتقل إلى بيئة التدريب المهني التي يواجه فيها مجتمعا جديدا أيضا بعلاقاته واتصالاته، حيث تبرز بعض الصعوبات التي قد تؤدي به إلى السلوك المنحرف... مؤكداً ان عدم تكيف الحدث داخل الأسرة سيقوده بالأرجح على عدم التكيف خارج الأسرة ، والحياة اليومية في البيئة المدرسية أو بيئة العمل قد تولد لديه بعض المشاكل حيث تظهر فرص الاحتكاك بالآخرين.
الأزمات … والحلول
ان معالجة الازمات والظواهر السلبية في المجتمع تستوجب الكثير من القدرات والخبرات والجهود وخصوصاً فيما يتعلق الامربالتعامل مع الإصلاح الاجتماعي، إذ لا يمكن نزع الأفكار السيئة من أذهان الناس وتطهير سلوكهم بالحديث وبيان الراي …
هذا الأمر يحتاج إلى دراسات دقيقة موسعة يضعها خبراء، تنهض بتنفيذها جهات مسؤولة حريصة على سلامة المجتمع...و لمعالجة جميع الازمات وكل ما يقال في اصلاح جنوح الاحداث والاطفال في المجتمع العراقي هناك خطط تحتاج إلى ممارسات عاجلة تبدأ بتوفير فرص عمل للعاطلين، وتوفير ضمان إجتماعي للعوائل الفقيرة، فضلا عن فرض التعليم على كل شرائح المجتمع من خلال رفع المعوقات التي تحول دون التحاق الأطفال وحتى الكبار ضمن أعمار مناسبة بالمدارس ..
هذا فضلاً عن الحاجة إلى قيام مؤسسات اجتماعية تربوية رسمية وغير رسمية تأخذ على عاتقها مهمة تأهيل العناصر السيئة في أوساط الأطفال والمراهقين والشباب..


نظام ( جريسبي)للمراقبة وضبط اللصوص أثناء ارتكاب الجريمة..القاء القبض على لص بواسطة جهاز الكمبيوتر

مع انخفاض أسعار كاميرات الكمبيوتر وسهولة تقنياتها أصبح من اليسير وضع جهاز الكمبيوتر في المتجر أو المنزل أو المكتب وربطه بشبكة الانترنيت والاستفاده منه ، حيث يمكن لجهاز الكمبيوتر أن يكون مفيداا ومتعدد ا لأغراض ، وهذا ما ا دركه السارق (بن بارك )- 19 عاماً، عندما التقطت صورته الكاميرا التي كانت مثبتة بجهاز الكمبيوتر ذاته الذي كان يقوم بسرقته في احدى المحال التجارية في مدينة كامبريدج … ومع ارتيابه اثر سماعة صوت، نظر اللص (بارك) مباشرة الى الكاميرا التي سجلت حادثة سرقة الكمبيوتر والفرار به
وأثنت شرطة كمبريدج على قيام (دنكان جريسبي) مهندس برامج كمبيوتر، بابتكار نظام خاص لضبط جهاز الكمبيوتر للقيام بالمهمات الأمنية واعتبرت هذه التقنية غاية في العبقرية، حيث ألقت الصور التي التقطتها كاميرا الكمبيوتر باللص (بارك ) في السجن بينما تناقلتها وسائل الإعلام لتعريف العالم هذا النظام المتطور في اكتشاف الجرائم من خلال اجهزة الكمبيوتر
وقال ( جريسبي ) : إن كل شخص يمكنه أن يفعل الشيء ذاته عن طريق حا سوبه ، موضحاً ان التقنية اللازمة لتحقيق ذلك الهدف كانت متوفرة منذ زمن طويل. و عندما تشتري كاميرا للكمبيوتر سيصاحب ذلك برنامج يفعل تلك المهمة مبيناً ان هذه التقنية أكثر تطورا من كاميرا الفيديو التي تحتوي على شريط بداخلها ، غير أن الفكرة الأساسية لا تختلف كثيرا .
واوضح جريسبي ان موقع جريسبي الخاص على الإنترنت يضم بعض الخطوات التي استخدمت لضبط جهاز الكمبيوتر إلى جانب عدد من الإرشادات القيمة ، كما أنه بالبحث السريع على الإنترنت يمكن العثور على خيارات واسعة من البرامج بعضها يمكن تحميله مجانا ، مشيراً أن المراقبة على مدار الساعة أمر لايخلو من المشاكل.
ويقول ديفيد بيتروك، خبير مراقبة الفيديو ان المراقبة تتواصل طوال الوقت وتستحوذ على مساحة شاسعة من ذاكرة الكمبيوتر وإحدى طرق التغلب على تلك المشكلة تتمثل في استخدام نظام جريسبي الذي يضم برنامج لاستشعار الحركة ، و تلك التقنية تستخدم بصورة أكبر اليوم من اجل تتبع الوجوه أثناء المحادثات المرئية عبر الإنترنت حيث لايتعين ضبط الكاميرا أثناء الحوار للبقاء في الصورة وبالمثل فإنها تتعقب المجرمين حيث بمجرد أن يستشعر الكمبيوتر أية حركة يبدأ في تخزين الصور، ومن ثم فانه يختزن فقط اللحظة التي تجري فيها الحركة
وفي بعض البرامج بإمكانه إرسال تحذير عبر الهاتف المحمول.
واذا سرق اللص جهاز الكمبيوتر بالصور المحملة عليه ، فيقوم برنامج نظام جريسبي( استشعار الحركة ) بارسال الصور إلى موقع الشرطة على الإنترنت ، ويستوجب هذا معرفة بعض المعلومات التقنية ليتم ضبط جهازالكمبيوتر وإرسال الصورآلياً إلى اي موقع على الإنترنت.

الاثنين، 31 ديسمبر 2012

ملخص علم الاجتماع الحضري

الفصل الأول:
مدخل لدراسة المجتمع المحلي
1 – جوانب من التراث السوسيولوجي للمفهوم:
ارتبط مفهوم المجتمع المحلي شأنه في ذلك شأن معظم المفاهيم السوسيولوجية التي اشتقت منه لغة الحياة اليومية بمعاني كثيرة ومتعددة.
وتنقسم التعريفات إلى قسمين رئيسيين:
تعريفات وجهات النظر التقليدية أو الكلاسيكية:
تعريف روبرت ماكيفر : المجتمع المحلي هو وحدة اجتماعية تجمع بين أعضاءها مجموعة من المصالح المشتركة، وتسود بينهم قيم عامة وشعور بالانتماء، بالدرجة التي تمكنهم من المشاركة في الظروف الأساسية لحياة مشتركة.
تعريف روبرت بارك: "أن المجتمع المحلي في أوسع معاني المفهوم يشير إلى دلالات وارتباطات مكانية جغرافية، وأن المدن الصغرى والكبرى والقرى بل والعالم بأسره تعتبر كلها رغم ما بينها من الاختلافات في الثقافة والتنظيم والمصالح.. الخ، مجتمعات محلية في المقام الأول".
تعريف لويس ويرث: أن المجتمع المحلي يتميز بما له من أساس مكاني إقليمي يتوزع من خلاله الأفراد والجماعات والأنشطة، وبما يسوده من معيشة مشتركة تقوم على أساس الاعتماد المتبادل بين الأفراد، وبخاصة في مجال تبادل المصلحة.
تعريف آموس هاولي: "إن التحديد المكاني للمجتمع باعتباره منطقة جغرافية أو مساحة مكانية يشغلها مجموعات من الأفراد محاولة تعسفية للتعريف, وإنه من الملائم أن ننظر إلى المشاركة في الإيقاع اليومي والمنتظم للحياة الجمعية على أنها عامل أساسي يميز المجتمع المحلي ويعطي لسكانه طابع الوحدة، إن المجتمع المحلي أكثر من مجرد تنظيم لعلاقات التكافل بين الأفراد، وأن الحياة الجمعية تشتمل على قدر من التكامل السيكولوجي والأخلاقي إلى جانب التكامل التكافلي أو المعيشي، وأنه يتعين على الباحث أن ينظر إلى الجوانب السيكولوجية والأخلاقية على أنها مظاهر متكاملة، وليست مختلفة أو متميزة لحياة المجتمع المحلي، خاصة وأن الأنشطة المعيشية وما يرتبط بها من علاقات تكافلية تتداخل وترتبط بمجموعة المشاعر والأحاسيس وأنساق القيم والمعايير الأخلاقية وغير ذلك من موجهات السلوك والتفاعل اليومي".
تعريف تالكوت بارسونز: المجتمع المحلي هو جمع أو حشد من أفراد يشتركون في شغل منطقة جغرافية أو مساحة مكانية واحدة كأساس لقيامهم بأنشطتهم اليومية.
تعريف بلين ميرسر: المجتمع المحلي هو تجمع لأشخاص تنشأ بينهم صلات وظيفية، ويعيشون في منطقة جغرافية محلية خلال فترة محددة من الزمن، كما يشتركون في ثقافة عامة، وينتظمون في بناء اجتماعي محدد ويكشفون باستمرار عن وعي بتميزهم وكيانهم المستقل كجماعة.
تعريفات وجهات النظر المتطورة أو الأكثر حداثة.
قدم موريس شتاين عدداً من الانتقادات التي وجهها للتطور التقليدي للمفهوم "إن انتشار الحضرية أفقد الأفراد إحساسهم وشعورهم بالمجتمع المحلي كما أن مقومات التنظيم الاجتماعي التقليدي في كثير من المجتمعات المحلية الأمريكية قد تقوضت نتيجة لتعرضها للمؤثرات الخارجية التي أفقدت الأفراد شعورهم بالانتماء إلى مجتمعاتهم المحلية، والتي مكنت من إحلال الانقسامية والجزئية محل الشمولية فطورت مجتمعات محلية فرعية –معادية لبعضها البعض- بدلاً من الشعور التقليدي بالانتماء والتعاون المحلي، وباختصار فإن القومية والعالمية قد غدت سمة العصر التي تؤكد وباستمرار خاصية الاعتماد المتبادل بدلاً من خاصية الاستقلالية والاكتفاء الذاتي، التي كانت من أهم مقومات التصور التقليدي لمفهوم المجتمع المحلي إن تقدم وسائل النقل والاتصال وما ترتب عليه من اعتماد متبادل بين المجتمعات المحلية ارتبط بالعديد من المصاحبات النفسية التي أدت إلى ضياع أو فقدان المجتمع المحلي السيكيولوجي.
ويشارك شتاين في تصوره السابق كل من ملفين فيبر ورونالد وارن فقد انتقد فيبر تصور أن المجتمع المحلي وحدة اجتماعية ذات ارتباط وتحديد مكاني، إن إنسان العصر الحديث، وبخاصة سكان الحضر يعيش في مجتمعات محلية عديدة كما أن هذه المجتمعات التي يرتبط بها وينتمي إليها لم تعد مجرد مكان محدد يلتزم به كأسلافهم بل أصبح أكثر ارتباطاً بمجتمعات المصلحة المتنوعة مهما اختلف أساس هذه المصلحة، ولم يعد الأفراد بحاجة إلى التركيز المكاني، ومن ثم لم تعد الحدود المكانية مؤشراً هاماً للعلاقات الوظيفية أو أساساً للنظام في المجتمع.
ويعتبر تعريف رونالد وارن من أحدث التعريفات "إن مصطلح المجتمع المحلي يتضمن بعداً سيكولوجياً وآخر جغرافي وثالث سوسيولوجي فهو من الناحية السوسيولوجية يتضمن المصالح المشتركة والخصائص المميزة للأفراد والروابط المشتركة بينهم كما هو الحال بالنسبة لمجتمع المصلحة، كما أنه من الناحية الجغرافية يشير إلى منطقة بعينها يحتشد فيها جماعات من الإفراد ومن وجهة النظر السوسيولوجية يرتبط البعدان السيكولوجي والجغرافي معاً ليشير المصطلح إلى المصالح المشتركة وإلى أنماط متميزة من السلوك يختص بها جماعات بعينها من الأفراد نظراً لاشتراكهم في نفس المنطقة أو المكان.
ملاحظة هامة: ارتباط المفهوم واستخدامه في علم الاجتماع من تصورين مختلفين فمن ناحية نجد تصوراً يفيد الإشارة إلى جمع بشري محدد يشغل منطقة جغرافية معينة، ويتخذ من الاشتراك في المكان الواحد أساساً ترتكز عليه كل محاولة للتعريف أو التنميط أو الدراسة كما ينظر إلى البعد المكاني باعتباره متغيراً مستقلاً يفسر ما لنماذج المجتمع المحلي المختلف من خصائص متميزة ومن ناحية أخرى نجد تصوراً آخراً يؤكد البعد السيكولوجي ويعتبر الاتصال والإجماع أو الاتفاق شرطاً ضرورياً أو مقوماً أساسياً من مقومات المجتمع المحلي، ومن ثم يصبح المجتمع المحلي عبارة عن كل أخلاقي تندمج فيه عقول الأفراد، ومن خلاله فقط، تتاح الفرصة للأفراد للتعبير عن قدراتهم وإمكاناتهم بطريقة كلية وملائمة.
2 – محاولة لإعادة التعريف: وجهة نظر:
هناك اعتبارين تلقي الضوء لإعادة التعريف:
الاعتبار الأول: يختص بتقييم البعد المكاني:
المجتمع المحلي هو: "تجمع إنساني تقوم بين أعضائه روابط الاعتماد الوظيفي المتبادل ويشغل منطقة جغرافية محددة ويستمر خلال الزمن عن طريق ثقافية مشتركة تمكن الأفراد من تطوير أنساق محددة للاتصال والإجماع فيما بينهم كما تيسر لهم سبل التفاعل وتنظيم أوجه نشاطاتهم اليومية".
الاعتبار الثاني: يدور حول تطبيق المصطلح واستخداماته:
أ – كثيراً ما يشار إلى بعض المؤسسات على أنها مجتمعات محلية مثل "السجون والمستشفيات العقلية والأديرة والملاجئ والثكنات العسكرية" ومن اللائم أن نطلق على هذه الكيانات اسم "المؤسسات الشمولية العامة" ففي مثل هذه التسمية ما يشير إلى أنه بإمكان الفرد أن يقضي حياته بأكملها بين جدرانها.
ب – يشار في بعض الأحيان إلى بعض الوحدات الاجتماعية ذات الأساس المكاني الأكثر اتساعاً كالأقاليم والولايات والدول بل والعالم بأسره على أنها مجتمعات محلية وكثيراً ما نقرأ أو نسمع عن "مجتمع الأطلنطي، أو عن المجتمع العالمي" ويعكس استخدام المصطلح بهذا المعنى نفس الفكرة المألوفة عن "مجتمع المصلحة"، أو "المشاركة في وجهات النظر والاهتمامات".
ويجب التأكيد على البعد الزماني إلى جانب التأكيد على البعد المكاني، بمعنى أن يشير مفهوم المجتمع المحلي إلى أن "مناطق بعينها ذات تفاعل يومي مستمر ومنتظم".
3 – عناصر التعريف:
أ – عنصر الإقليم أو المكان المحدد: يشير إلى منطقة محددة ذات خصائص طبيعية أو مصطنعة فريدة ومتميزة يتوافق لها بالضرورة ما يطوره المجتمع من نسق خاص للتنظيم الاجتماعي، ويبدو من الصعب فهم وتفسير طريقة الحياة في المجتمع دون الرجوع إلى خصائص المكان كمتغير أساسي يميز المجتمعات المحلية عن بعضها البعض.
ب – خاصية الاستقلال والاكتفاء الذاتي:المجتمع المحلي عبارة عن جماعة مكتفية بذاتها من الأفراد، فيعتمد الأفراد على بعضهم البعض للقيام بالوظائف الأساسية كما ترتبط الأهداف الجمعية والنشاطات الفردية بتنوع واسع النطاق من الاحتياجات والمصالح والاهتمامات التي لا يمكن لمؤسسة أو تنظيم بعينة أن يواجهها أو يشبعها.
ج – خاصية الوعي الذاتي: وتعتبر من أهم الخصائص المميزة للمجتمع المحلي وتتضمن هذه الخاصية الاعتراف المتبادل بين الأفراد إلى جانب الشعور بالانتماء والتميز.
د – القيم والمعايير المشتركة: من أهم ما يميز المجتمع المحلي عن أشكال التنظيم الاجتماعي الأخرى ما يسوده من أنساق خاصة للقيم والمعايير إذ عادة ما يعاد صياغة الكثير من القيم المطلقة في الثقافة الكبرى في ضوء الرموز والأحداث ذات الدلالة والمغزى في السياق المجتمعي المحلي.
4 – مدخل متعدد الأبعاد لدراسة المجتمع المحلي: وجهة نظر:
أ – المجتمع المحلي كوحدة مكانية إقليمية:
أي أنه تجمع من أفراد يعيشون داخل منطقة جغرافية ذات خصائص معينة، وترجع أهمية هذا العبد المكاني إلى سببين رئيسيين أولهما أن العوامل المكانية تساعد في تفسير قيام المجتمع وبقائه وتنظيمه، وثانيهما أن أفراد المجتمع بما يطورونه من تنظيمات وميكانيزمات للتفاعل بينهم يعدلون وباستمرار من الوسط أو القاعدة المكانية التي يعيشون في إطارها وحدودها، معنى ذلك أن العلاقة جد وثيقة بين المكان وخصائصه ومتغيراته، وبين التنظيم الاجتماعي وطريقة الحياة التي يعيشها أفراد المجتمع.
ولعل السبب الرئيس لظهور المجتمعات المحلية يكمن في أن الإنسان لا يستطيع بحال من الأحوال أن يسمو أو يتجاوز حدود المكان أضف إلى ذلك أن إشباع الحاجات النفسية والاجتماعية للإنسان تتضمن بالضرورة الجوار أو الاقتراب المكاني.
موجز القول إن المتغيرات المكانية -سواء نظرنا إليها كمتغيرات مستقلة أو تابعة- عناصر أساسية لا يمكن إغفالها في الدارسة السوسيولوجية للمجتمع المحلي، وإن الاهتمام والتركيز على هذه المتغيرات كان سبباً في تطوير أحد المداخل الكبرى في دراسة المجتمع هو ما يعرف باسم المدخل الإيكولوجي، ومن علمائه المعاصرين آموس هاولي إذ يعرف المجتمع المحلي بأنه "تلك الرقعة المكانية التي يرتبط بها وفيها السكان والتي من خلالها يتم تكامل الأفراد مع بعضهم البعض استجابة لمتطلباتها اليومية وخصائصها".
ب – المجتمع المحلي كوحدة للتنظيم الاجتماعي:
هناك ثلاثة مداخل:
1 – مدخل لدراسة المجتمع المحلي كجماعة اجتماعية.
2 – مدخل لدراسة المجتمع المحلي كنسق اجتماعي.
3 – مدخل لدراسة المجتمع المحلي كشبكة أو نسيج للتفاعل الاجتماعي.
يرجع تصور المجتمع المحلي كشكل من أشكال الجماعات الاجتماعية إلى هيللر حيث ذهب إلى أن للجماعة الاجتماعية عدداً من الخصائص الأساسية التي تعد من أهم مقومات بناء المجتمع المحلي، وهي احتوائها على تجمعات الأفراد وتحديدها لبناء الدور والمكانة وشمولها على مجموعة من المعايير التي يلتزم بها الأعضاء.
ويعد مدخل النسق الاجتماعي لدراسة المجتمع المحلي ترجمة معدلة لمدخل الجماعة الاجتماعية فالنسق الاجتماعي شأنه شأن الجماعة الاجتماعية يشتمل على أعضاء وبناء معياري ومحددات للدور والمكانة ومقاييس أو محكات للعضوية، ولو أن هذه المقاييس تأخذ في مدخل النسق الاجتماعي حدوداً اجتماعية ونفسية ومكانية في نفس الوقت ويعتبر رونالد وارن أحد مؤيدي هذا المدخل حيث يتصور المجتمع المحلي على أنه "نسق كلي يتكون من أنساق اجتماعية فرعية أصغر تقوم بدورها بعدد من الوظائف ذات الملائمة المكانية المتخصصة كالضبط والمشاركة والدعم والإنتاج والتوزيع والاستهلاك.. الخ"، ووفقاً لهذا المدخل يعتبر المجتمع المحلي الوحدة الأساسية للتنظيم الاجتماعي.
ويلتقي المدخل التفاعلي مع مدخل النسق الاجتماعي في نقطة هامة هي أن التفاعل لا يتم بين أفراد فحسب، بل يقع بين الجماعات والنظام والمؤسسات أيضاً، ولعل من أهم مشكلات هذا المدخل أن الظروف المحيطة بالمجتمعات المحلية في الوقت الراهن لا تتفق تماماً مع التعريفات التي حددت لمفهوم التفاعل من قبل الغالبية العظمى من علماء الاجتماع، فالتفاعل هو علاقة المواجهة المباشرة بين شخصين أو أكثر بحيث يتعين على كل فرد أن يضع الآخرين في اعتباره وتقديره عند قيامه بفعله، غير أن شمول أو احتواء كل أعضاء المجتمع في شبكة التفاعل على هذا النحو أمر يندر أن يتحقق إلا في أبسط المجتمعات المحلية وأصغرها حجماً خاصة وأن كبر الحجم وزيادة التعقيد وتنوع المصالح والاهتمامات قد تحول دون حدوث التفاعل على نحو مباشر وشمولي، ويميل بعض العلماء إلى الجمع بين مدخل الأنساق والمدخل التفاعلي، بحيث لا يقتصر تحليلهم إلى وحدات أو أنساق فرعية متفاعلة داخل المجتمع المحلي، ويشير رونالد وارن إلى محاور أفقية ورأسية للتفاعل أما المحور الأفقي فيتضمن علاقة الفرد أو الجماعة بالجماعة داخل مكان أو إقليم محدد، بينما يتضمن المحور الرأسي علاقة الفرد بالجماعات المحلية أو الأنساق الفرعية، أو علاقة الوحدات والجماعات المحلية بوحدات أو جماعات إقليمية أو قومية أكثر شمولاً، وباختصار يوفر هذا المدخل أداة تصورية أكثر ملائمة لوصف تفسير العلاقات المتداخلة بين مختلف الوحدات التي يتركب منها المجتمع المحلي.
الفصل الثاني
المجتمع الحضري كنموذج متميز للمجتمع المحلي مدخل نظري
1 – المجتمع المحلي الحضري بين ثنائية ومتصل: نماذج تصورية:
تعد محاولة تنميط المجتمعات المحلية وتحديد الخصائص المميزة لكل نمط محاولة قديمة بدأها الحاكم الصيني كونفوشيوس وفلاسفة اليونان مثل أفلاطون وأرسطو ومفكرو العصور الوسطى كالقديس أوغسطين وابن خلدون، وقد استمرت هذه المحاولة في علم الاجتماع ظهر ذلك واضحاً في أعمال كل من تونييز وبيكر ودوركايم وسبنسر وفيبر، ولقد كان من أهم الأفكار التي ارتبطت بهذه المحاولات فكرة "النموذج المثالي" و "النمط التركيبي" للمجتمع المحلي والتي كانت تمثل حجر الزاوية في "نظريات التعارض" التي اشتهرت بثنائيتها الريفية الحضرية، وفكرة "المتصل الريفي الحضري" كأداة تصورية متطورة لمعالجة المجتمع الحضري الحديث.
المقصود بالنموذج المثالي: تلك الصياغة التصورية أو البناء العقلي لصيغة معينة تشمل عناصر مميزة لفئة محددة من الظواهر تستخدم في التحليل الاجتماعي وتعتمد العناصر التي يتم تجريدها في هذا الصدد على ملاحظات مستقاة من الظواهر الملموسة التي أمكن دراستها، ومن خصائص هذا البناء النظري أنه لا يكون مطابقاً تماماً لأية ملاحظة إمبريقية مفردة ويرجع استخدام الفكرة إلى ماكس فيبر الذي طور "النموذج المثالي" كمنهج أو أسلوب يستخدمان في الوصف والمقارنة واختبار الفروض المتصلة بالواقع الإمبريقي، ومن أمثل الأنماط أو النماذج المثالية نجد "المنظمة الدينية" و "الإنسان الاقتصادي" و "الإنسان الهامشي" و "المجتمع المحلي" و "المجتمع المعقد" كانت كلها أنماطاً قابلة للتجريب والاختبار عند ماكس فيبر، ولم تكن بحالة من الأحوال صوراً واقعية أو تعبيراً عن الحقيقة، والنموذج المثالي ليس مثالياً بالمعنى الأخلاقي، كما أنه لا يعبر عن "المتوسط" بالمعنى الإحصائي، بل هو مثالي بالمعنى المنطقي، أي كبناء عقلي افتراضي نستطيع من خلاله تنظيم الواقع عن طريق عزل أو إبراز عناصر الظواهر الاجتماعية ووضعها داخل نسق متسق ومنظم للعلاقات.
ويقوم النموذج المثالي بوظيفتين أساسيتين:
الأولى: كحالة أو نموذج محدد يمكن مقابلة الظواهر الملموسة بها، مما يعين على التصنيف والمقارنة.
الثانية: المعاونة في تطوير تعليمات نموذجية تشكل أساس التفسير السببي للأحداث التاريخية.
النمط التركبي: هذا المصطلح أدخله هوارد بيكر كصياغة بديلة للنموذج المثالي ويتمثل الاختلاف بينهما في أن النموذج المثالي صيغة تصورية تسبق البحث، بينما يعتبر النمط التركيبي نتيجة للبحث ذاته، لذلك فإن التركيب يجب أن تفهمه في ضوء مشكلة معينة وأن يصوب نحو فرض واضح، ويفيد النمط التركيبي في أنه يوفر للباحث وسائل لترتيب البيانات كما يسهل عملية التعميم والمقارنة، ولا يعتبر النمط التركيبي وصفاً حرفياً لنسق الظواهر التي يدركها الباحث فهو مجرد نموذج مبسط للحقيقة والواقع.
كما أشار ماكيني إلى أن النمط التركيبي أداة يستخدمها الباحث لاستخلاص ما هو لازم من تعليمات عن المجتمعات المحلية إذ على الرغم من أن لكل مجتمع خصائصه الفردية إلا أن الباحث يستطيع باستخدام هذه الأداة التصورية أن يتجاهل هذه الخصائص الفريدة مركزاً فقط على الخصائص العامة والمشتركة بين المجتمعات التي تندرج تحت نمط واحد بعينه، كما أن الباحث يستطيع في نفس الوقت أن يجري المقارنات الهامة بين أنماط المجتمعات بعضها البعض، إلى جانب أن يصبح بمقدوره أن يكشف عن معدلات التغير التي تطرأ على المجتمع حال انتقاله من نمط إلى آخر، وهذا ما طبقته حرفياً نظريات التعارض باستخدامها لتلك الثنائية المعرفة بين النمط الريفي والنمط الحضري وأيضاً ما اتبعه أصحاب مدخل المتصل الريفي حضري في تحليلهم لخصائص المجتمع الحضري المعاصر.
وتستند فكرة "المتصل" إلى تصور أن أي خاصية للظاهر تمثل بدرجة معينة، وأن هناك تغيرات متدرجة في حجم وأهمية هذه الخاصية على المستوى الإمبريقي، ويشير "المتصل الريفي الحضري" بالتالي إلى وجود نوع من التدرج يقوم بين خصائص الريفية والحضرية أشبه بخط مستقيم، بحيث تتزايد درجات أي من هذه الخصائص أو تقل بنسب متفاوتة بالنسبة لواقع كل مجتمع على حدة، ولذلك يكون من الممكن أن نصنف المجتمعات المحلية وفقاً لوقوع خصائصها على نقاط معينة على طول هذا المتصل، وتستند فكرة المتصل الريفي حضري على حقيقة أن الواقع الإمبريقي لمجتمعات اليوم لا يؤكد بالضرورة وجود نمط ريفي بحت أو حضري بحت للمجتمع المحلي، بل هناك نوعاً من التداخل بين خصائص النمطين.
إن جانباً لا يستهان به من التراث العلمي المرتبط بالمجتمع المحلي الحضري، قد استوعب عدداً من المحاولات التي بذلت لإيجاد أو تحديد بعض الأبعاد الأساسية للمقارنة، وبالتالي لإبراز التعارض بين نموذج المجتمع المحلي الحضري بنموذج آخر مقابل له، وقد عرفت هذه المحاولات باسم نظريات التعارض، تصورت ثنائية لنموذجين متعارضين للمجتمع المحلي كان النموذج الحضري أحد قطبيها، وبطبيعة الحال استندت هذه المحاولات على أفكار "النموذج المثالي" و "النمط التركيبي" و "المتصل الريفي حضري" في إجرائها لهذه المقارنة ويكفي أن نستعرض هنا محالة أو محاولتين بارزتين كمثال يوضح كيف استخدمت هذه الأفكار كأدوات تصورية لتحليل ودراسة المجتمع الحضري، ولتوضيح ما ترتب على ذلك من نتائج نظرية ومنهجية لمعالجة الموضوع.
أ – فيرديناند تونييز، والنموذج المثالي للمجتمع:
يعد فيرديناند تونييز واحداً من رواد "حركة التنميط" في علم الاجتماع، فقد كان لمؤلفه المشهور المجتمع المحلي والمجتمع أثره الواضح في أعمال كل من هوارد بيكر ودور كايم وردفيليد، وغيرهم ممن استطاعوا تطوير فكرة "النمط التركيبي" كأداة تصورية على درجة عالية من الكفاءة لتحليل الأنساق الاجتماعية.
ترتكز نظرية تونييز على افتراض أساسي مؤداه أن العلاقات الاجتماعية أمر يرتبط بالإرادة الإنسانية، بمعنى أنها توجد فقط بفضل إرادة الأفراد أن توجد، ومع ذلك تختلف دوافع أو أسباب الارتباط بالآخرين اختلافاً كبيراً من فرد لفرد، ومن موقف لآخر، ففي بعض الأحيان يرتبط الأفراد بعضهم مع البعض على أساس من إرادتهم "الطبيعية" أو الأساسية، فتكون العلاقات القادمة بينهم غاية أو هدفاً في ذاتها، وفي أحيان أخرى يرتبط الأفراد مع بعضهم البعض لتحقيق هدف أو مجموعة أهداف معينة، ومن ثم يكون أساس العلاقة "إرادة عقلانية رشيدة"، ويكون نمط العلاقات بينهم وسائل لتحقيق أهداف معينة.
وللإرادة الطبيعية أبعاداً كثيرة، إلا أن "الفهم" و "الوحدة" هما أهم مقوماتها، ذلك لأن في أنساق العلاقة القائمة على مثل هذا النوع من الإرادة يتحقق لكل فرد درجة عالية من فهم الآخرين، بحيث تصبح رفاهية ورعاية الغير شغله الشاغل، كما يتحقق قدراً كبيراً من وحدة الأهداف والقيم والمعتقدات، تلك الوحدة التي ترتكز على المشاركة في نفس التقاليد والتجارب والخبرات، ومن ثم تصبح العلاقات المنبثقة عن الإرادة الطبيعية هدفاً في ذاتها وليست وسائل لأهداف أخرى، وتعتبر الأسرة والجماعات القروية وجماعات أصحاب الحرف العامة أمثلة واقعية لأنساق العلاقة القائمة على الإرادة الطبيعية.
وفي الطرف المقابل، تقرر الإرادة العقلانية أهمية كبرى لوسائل تحقيق الغايات المرغوبة ولذلك تجد الفرد في نسق العلاقات القائمة على مثل هذا النوع من الإرادة يدفع وباستمرار نحو مصالحه الخاصة ورفاهيته، تراه يوطد علاقاته بالآخرين ويؤسس أفعاله وسلوكياته على نوع من "التحكمية" و "العمدية" وفي ذلك ما يشير إلى قدرة الفرد على الاختيار بين الوسائل والغايات بعناية وحكمة وعقلانية، وتعتبر "الإرادة العقلانية"، هي النسق المسيطر على العلاقات التي تقوم بين رجال الأعمال وكبار السن والعلماء والطبقات ذات المستويات التعليمية العليا، كما أنها تشير في الوقت نفسه إلى نمط التفاعل الذي يسيطر على حياة ساكني الحضر.
ومن هذا المنطق تصور تونييز نسقين من العلاقات الاجتماعية يقوم كل منهما على أساس مختلف من الإرادة:النسق الأول:"المجتمع المحلي" النسق المقابل: "المجتمع أو الرابطة"، ويختص كل من النسقين بعدد من السمات المميزة التي تقف على طرفي نقيض من بعضها فالاعتماد والعون والدعم المتبادل إلى جانب الارتباط العاطفي الوثيق والمتبادل، والالتزامات الشاملة، ونسق السلطة الذي يرتكز على عوامل السن والحكمة والقوة الخيرة، هي أهم ما يميز نسق العلاقات الاجتماعية في "المجتمع المحلي" وفي هذا الموقف يربط بين الأفراد التقاليد المقدسة وروح الأخوة التي تنشأ عن روابط الدم والموقع المشترك إلى جانب روابط العقل وفي هذا الصدد يذكر تونييز:
"يشير المجتمع المحلي الذي يقوم على روابط الدم إلى وحدة "الوجود أو الكيان" ويتميز في الوقت نفسه عن المجتمع المحلي الذي يقوم على أساس الموقع المشترك، وعن المجتمع المحلي الذي يقوم على أساس روابط العقل، أو الذي يشير إلى التعاون والعمل المنسق لإنجاز أهداف مشتركة، إن مجتمع الموقع المشترك يمكن تصوره كمجتمع للحياة الفيزيقية، كما يعبر مجتمع الروابط العقلية عن مجتمع الحياة العقلية، وترتبط الأشكال الثلاثة فيما بينها لتقدم أصدق وأعلى شكل من أشكال المجتمعات البشرية".
وعلى عكس ما هو قائم في المجتمع المحلي فإن أفراد المجتمع يبدون أكثر انعزالاً لتصل "الفردية" إلى أقصى درجاتها، ولذلك فإنه من النادر أن توجه مصلحة "المجتمع" تصرفات الفرد وأفعاله، بل توزن كل الأفعال بميزان ما تعود به من منفعة للفرد، ولهذا كانت كل العلاقات التي تقوم بين الأفراد ذات طابع تعاقدي وانقسامي تشتمل على تبادل السلع والخدمات والأموال وسيادة قانون الالتزام، ومن المتصور في نظر تونييز أن يتميز "المجتمع" بحالة مستمرة ومتصلة من التوتر، ولا يمكن تجنب الصراع الصريح بين الأفراد إلا عن طريق العرف والتشريع والرأي العام.
يبدو أن تونييز كان مهتماً بصفة أساسية بتحليل العلاقات الاجتماعية، ومع ذلك يبدو واضحاً أيضاً أن لمفهومي "المجتمع المحلي" و "المجتمع" إمكانية ملحوظة للتطبيق على دراسة الأشكال المختلفة للتنظيم الاجتماعي، ونجد في الأسرة وما ينشأ بداخلها من علاقات بين أعضائها أبرز الأمثلة وأوضحها على علاقات "المجتمع المحلي" بالمعنى الذي حدده تونييز إن هذا النوع من العلاقات الأسرية يستند في الأساس على العواطف والفهم –أي على الإرادة الطبيعية- وتنأى تماماً عن كل رغبة في تحقيق هدف معين أو مصلحة خاصة، كذلك تعبر "المجاورات" والقرى والمدن الصغرى أمثلة واضحة لعلاقات المجتمع المحلي، وتمثل المدن الصغرى بصفة خاصة أكثر أشكال المجتمع المحلي تعقيداً أنها إلى جانب القرية تظل محتفظة ببعض الخصائص المميزة للأسرة ولو أن القرية تتمثل أكثر هذه الخصائص، بينما تبقى المدينة الصغيرة على عدد أقل منها –أي من هذه الخصائص- وفي الطرف المقابل تمثل المدن الكبرى والعواصم القومية والمتروبوليس ما أسماه تونييز "بالمجتمع " أو "الرابطة" ففي مثل هذه التنظيمات يكون للنقود ورأس المال أهمية مطلقة، حيث يكون التأكيد واضحاً على إنتاج السلع والأرباح والمعرفة العلمية التي تستخدم لتحقيق أعلى مستويات الكفاءة والعقلانية، حيث تكون لعقلية الرأسمالي أو رجل الأعمال الغلبة والسيادة، بالإضافة إلى أن تونييز قد تصور أن يرتبط نموذجا التنظيم "المجتمع المحلي و المجتمع أو الرابطة" بنموذجين مختلفين للقانون، حيث يستند الضبط الاجتماعي في تنظيم "المجتمع المحلي" على الطرائق الشعبية والأعراف والعادة التي تختص في نظر الأفراد بصدق أبدي سرمدي، ولا يمكن أن تفقد ما لها من قوة رابطة،إن قانون المجتمع المحلي بهذا المعنى يتمثل في ضبط الكل أو المجموع وسيطرته على أجزائه، فمصالح الأسرة أو القرية أو المدينة الصغيرة تحتل مركز الصدارة والغلبة على كل مصلحة فردية، أما قانون "المجتمع" أو "الرابطة" فيتميز بما له من طابع علمي عقلاني ويبتعد كل البعد عن الغيبيات والعقيدة والتقليد،فهو يمثل اتفاقاً عقلانياً رشيداً بين الأفراد كما أن وظيفته الأساسية تدعيم الحقوق والواجبات والالتزامات، أو بعبارة أخرى هو –أي قانون المجتمع أو الرابطة- شكل من أشكال العقد، فلا يتمسك به الأفراد ولا يتمثلون له إلا لأن نفعهم ومصلحتهم تحتمان هذا التمسك والامتثال.
ملاحظات على موقف تونييز:
1 – من النادر أن يتحقق تصور المجتمع أو الرابطة، بالمعنى الذي حدده لكل منهما في عالم الواقع، وإنما كانا نماذج مثالية تستخدم فقط كمستويات أو أدوات تصورية تصنف من خلالها الظواهر الامبيريقية.
2 – قصد تونييز أن يكون إطاره التصوري السابق ذو طابع دينامي، أي أن يقدم من خلال هذا الإطار نظرية عن التغيير الاجتماعي والثقافي، لقد أشار أكثر من مرة إلى أنه "بمرور الوقت" تحل علاقات المجتمع أو الرابطة محل علاقات المجتمع المحلي، وأن الإرادة الطبيعية ستفسح المجال شيئاً فشيئاً للإرادة العقلانية" وبعبارة أخرى قدم تونييز بتصوره السابق تفسيراً اقتصادياً للتغيير الاجتماعي والثقافي حيث يؤكد أن ظهور الرأسمالية وما صاحبها من رغبة جامحة وحب لجمع الأموال وزيادة الأرباح كان عاملاً أساسياً لأفول المجتمع المحلي وما ارتبط به من قيم وإيديولوجيات، وبالتالي لسيطرة القيم المرتبطة بالتجارة والرأسمالية ولذلك سيصبح التجار والرأسماليون "السادة الطبيعيين في المجتمع" أولئك الذين دفعوا وباستمرار لهذا التحول الخطير من "المجتمع المحلي" إلى مجتمع "الرابطة".
ب – سوروكين-زيمرمان والثنائية الريفية الحضرية:
تتلخص محاولتهما في نظرتها إلى "المهنة" على أنها تمثل المحك الأول والأساسي لما بين نموذجي المجتمع من فروق واختلافات إذ يرتبط هذا الاختلاف الأساسي بسلسلة أخرى من الاختلافات أو الخصائص المميزة، وتمتد هذه الخصائص إلى جانب اختلاف المهنة على مدى سبعة أبعاد للمقارنة هي:
1 – المهنة:
تتمثل الخاصية الأولى والأساسية للمجتمع الحضري في أنه جمع من أفراد يشتغلون أساساً بأعمال التجارة والصناعة والحرف والإدارة وغير ذلك من الأعمال غير الزراعية، وفي مقابل ذلك يغلب العمل الزراعي على المجتمع الريفي، الذي يتركب من جموع من الفلاحين (الزراعيين) وأسرهم، إلى جانب عدد قليل جداً من المشتغلين بالأنشطة غير الزراعية، ويترتب على هذا الاختلاف فروق عديدة بين المجتمعين من أهمها ما نجم عن العمل الزراعي من ارتباط شديد بالأرض والجماعات القرابية، ابتعاد واضح عن التخصص والتقسيم الدقيق للعمل، ونظرة ثابتة لا تتغير إلى الموقف الكلي للحياة يتوارثها الأفراد جيلاً بعد جيل، ثم أخيراً عدم وجود فواصل دقيقة بين حياة العمل وحياة الفرد أو الأسرة، وعلى العكس من ذلك، نجد مجموعة من النتائج المعاكسة ترتبت على طبيعة أنساق المهنة في المجتمع الحضري من أهمها: انفصال جماعات المهنة عن الجماعات القرابية، وانفتاح الأفراد على "عوالم" مهنية مختلفة ومتعددة، والتخصص الدقيق والمتقن في مجال العمل، وظهور معايير وأبعاد جديدة لتحديد المكانة المهنية للفرد، ومقاييس مختلفة للنجاح المهني كالتحصيل الدراسي المتخصص والخبرة الفنية ومستويات الكفاءة وغير ذلك.
2 – البيئة:
إن اختلاف نوعية العلاقات بين كل من المجتمع الريفي والحضري بالبيئة الطبيعية، يمثل وجهاً آخر من أوجه الاختلاف بين نموذج المجتمع: فالمجتمع الريفي بطبيعته نظراً لسيطرة العمل الزراعي مجتمع أكثر ما يكون ارتباطاً أو خضوعاً للبيئة الطبيعية، ومن ثم تبدو علاقته بها وثيقة ومباشرة، كما أن غلبة البيئة الطبيعية وسيطرتها على البيئة الاجتماعية والإنسانية هي أهم ما يميز نموذج المجتمع الريفي وعلى العكس من ذلك يعيش المجتمع الحضري حياته في عزلة نسبية عن البيئة الطبيعية الأمر الذي يجعل للبيئة الاجتماعية والبشرية غلبة وسيطرة واضحة.
ويضيف بيترمان إلى ذلك قوله أن هذا الاختلاف قد انعكس وبوضوح على نوعية المشكلات البيئوية لكل من المجتمع الريفي والمجتمع الحضري، وعلى التصورات المقترحة لمواجهتها.
3 – حجم المجتمع:
على الرغم مما يثيره استخدام متغير "الحجم" كمحك للتمييز بين المجتمع الريفي والحضري من صعوبات منهجية ترتبط بمجال تطبيق هذا المتغير (هل يطبق على مساحة الأرض التي يشغلها المجتمع؛ أم على جموع الأفراد التي يتركب منها) إلا أن الحجم أعتبر عند سوروكين وزيمرمان، وجهاً من وجوه الاختلاف والمقارنة بين نموذجي المجتمع، حيث إن المجتمع المحلي الريفي صغير بطبيعته وأن ثمة علاقة عكسية بين الريفية والعمل الزراعي وبين حجم المجتمع، وعلى الطرف المقابل يتميز النموذج الحضري من المجتمع بكبر حجمه النسبي عن النموذج الريفي وبالتالي فإن ثمة علاقة طردية بين الحضرية واتساع الحجم.
4 – كثافة السكان:
نموذج المجتمع المحلي الريفي يتميز بانخفاض الكثافة السكانية، لذلك ترتبط الريفية بوجه عام بعلاقة عكسية مع الكثافة، على العكس من نموذج المجتمع الحضري التي ترتفع فيه معدلات الكثافة السكانية كسمة مميزة، وترتبط فيه الخصائص الحضرية بعلاقة طردية مع ارتفاع هذا المعدل.
5 – التجانس والتغاير:
ترتبط متغيرات الحجم والكثافة ارتباطاً علياً بمتغيري التجانس والتغاير كوجه آخر من وجوه المقارنة بين المجتمع المحلي الريفي والحضري، وفيما يتعلق بالسمات النفسية والاجتماعية والعرقية يبدو سكان المجتمع الريفي أكثر تجانساً إذا قورنوا بسكان المجتمع الحضري، وأنه نتيجة لذلك يرتبط التجانس ارتباطاً طردياً بالريفية وعكسياً بالحضرية، كما يرتبط التغاير بطريقة عكسية بالأولى وطردية بالأخيرة.
6 – التمايز الاجتماعي والتدرج الطبقي:
تختلف انساق المكانة والتمايز والتدرج الطبقي اختلافاً بيناً في نموذجي المجتمع المحلي والريفي والحضري، سواء من حيث عوامل كسب المكانة الاجتماعية، أو أسس التمايز والتدرج الطبقي أو مظاهره، وتأتي هذه الفروق نتيجة لازمة لاختلاف مقومات التركيب المهني في كل نموذج، ففي المجتمع الحضري ترتكز أنساق التدرج الطبقي على العلاقات الاجتماعية الثانوية، كما لا تعمل بنفس الطريقة التي تقوم بها في المجتمع الريفي، فمن الملاحظ أن التمايز والتدرج الطبقي في مجتمع القرية مسائل شخصية بحتة، لأنه من السهل على الفرد في مثل هذا المجتمع أن يعرف وأن يمارس مهنة الآخرين، ومن ثم لا يكون الموقف بحاجة إلى تمايز بين الأفراد على أساس الطبقة، هذا على العكس من المجتمع الحضري، الذي تتدرج فيه المهن والأعمال تدرجاً هيراركياً، وحيث تؤسس المكانة الاجتماعية والطبقية للفرد وتصنف في حدود ما استطاع أن يحقق لنفسه من كسب مادي بعيداً عن انتمائه لجماعة قرابية معينة كعامل من عوامل كسب المكانة، بالإضافة إلى أنه مع زيادة تقسيم العمل وتخصصه تعقداً في المجتمع الحضري، تتضح وباستمرار أهمية الدور المهني للفرد كعامل من أهم عوامل كسب المكانة في المجتمع، كما أن في مجتمع مثل هذا بلغت فيه التناقضات ذروتها في مجال المهنة والدخل ومستويات المعيشة والتعليم..الخ، لا يتوقع أن تقوم التمايزات الطبقية على أساس من علاقات واحتكاكات أولية بين الأفراد، بل تصبح رموز مثل المستوى المهني ومستوى الدخل والتعليم والزي..الخ، مظاهر أساسية وهامة للتمايز الطبقي بين أفراد المجتمع.
7 – الحراك والتنقل:
إن الحراك بأشكاله المكانية والمهنية والاجتماعية أقل كثافة في المجتمع الريفي عنه في المجتمع الحضري وأن معدلاته ترتبط ارتباطاً طردياً مع زيادة الحضرية، يستثنى من ذلك فقط ما يتميز به المجتمع الريفي من ارتفاع في معدلات التنقل الفيزيقي –الهجرة- من جوانب الريف إلى المدينة وفيما عدا ذلك تبقى أشكال الحراك الأخرى –المهني والاجتماعي- في المجتمع الريفي أقل وضوحاً وكثافة إذا قورنت بمعدلاتها في المجتمع الحضري.
8 – أنساق التفاعل:
أهم ما يميز أنساق التفاعل في المجتمع الريفي أن "نطاق" التفاعل أو مجاله بالنسبة للفرد أو الجماعة يكون أكثر ضيقاً؛ وأن النتيجة التي تترتب على الحجم المحدود للمجتمع، وبالتالي لنطاق التفاعل بين أفراده وجماعاته، تتمثل في غلبة العلاقات الأولية على أنساق التفاعل، حيث تبرز العلاقات الشخصية والدائمة والشمولية بين الأفراد، بتفاعل سكان هذا المجتمع مع بضعهم البعض كأشخاص آدميون، على العكس من ذلك كان اتساع وكبر حجم المجتمع الحضري وارتفاع معدلات التغير بين سكانه سبباً مباشراً في اتساع نطاق التفاعل بالنسبة للفرد والجماعة وبالتالي تغلب العلاقات غير الشخصية والمؤقتة أو العرضية، كما تبدو هذه العلاقات بدورها ذات طابع سطحي رسمي انقسامي، وباختصار يتفاعل سكان هذا النموذج من المجتمع المحلي "كأرقام" أو "عناوين" وليسوا كأشخاص.
ج – ريدفيلد ومتصل الفولك – حضري:
يتفق تصور روبرت ردفيليد "لمتصل" الفولك حضري في إطاره التصوري العام مع تصور تونييز للنموذج المثالي للمجتمع، وتصور سوروكين وزيمرمان لثنائية الريفي-حضري، ومع ذلك فإن هناك بعض نقاط للاختلاف أهمها: أن ردفيليد لم يكن ليهتم بوضع نماذج مثالية متعارضة للمجتمع المحلي فحسب بل حاول أن يتفهم التغيرات التي قد تحدث عندما يتحول المجتمع من حالة "الفولك" إلى حالة "الحضري".
ويتوصل ردفيليد إلى عشرة متغيرات أساسية يمكن من خلالها ترتيب المجتمعات كما لو كانت تمثل تزايداً أو نقصاناً تدريجياً ومتعاقباً في كل منها، لذلك فإن كل مجتمع من المجتمعات يكشف عن عدد من الخصائص المميزة بالمقارنة بغيره من المجتمعات الأخرى على النحو التالي:
1 – أنه أقل –أو أكثر- ارتباطاً بالعالم الخارجي.
2 - أنه أقل –أو أكثر- تغايراً.
3 - أنه أقل –أو أكثر- تقسيماً للعمل.
4 - أنه أقل –أو أكثر- تطويراً لاقتصاد السوق والمال.
5 - أنه أقل –أو أكثر- احتواءً على تخصصات مهنية أكثر علمانية.
6 - أنه أقل –أو أكثر- بعداً عن الاعتماد على الروابط والنظم القرابية.
7 - أنه أقل –أو أكثر- اعتماداً على مؤسسات ذات طابع غير شخصي للضبط.
8 - أنه أقل –أو أكثر- تمسكاً بالعقيدة أو بالأصل.
9 - أنه أقل –أو أكثر- بعداً عن التمسك بالعادات والأعراف التقليدية.
10 - أنه أقل –أو أكثر- تسامحاً وتأكيداً للحرية الفردية في الفعل أو الاختيار.
وهكذا تقيس هذه المتغيرات السابقة درجة تحضر مجتمع الفولك (حيث يشير تناقض درجة المتغير إلى القرب من النموذج الفولكي، وتشير زيادته إلى الاقتراب من النموذج الحضري) كما يتيح الاختلاف النسبي لمدى تمثل كل متغير في أي من المجتمعات إمكانية وضعه على إحدى نقاط المتصل الريفي الحضري.
وفي محاولته تحليل المتغيرات التي يمر بها المجتمع حال انتقاله من نموذج الفولك إلى النموذج الحضري، وحد ردفيليد هذه المتغيرات (أو الخصائص) العشرة في ثلاث مقومات أساسية للتغير أو التحول الحضري هي: زيادة التفكك الثقافي، تزايد العلمانية، زيادة انتشار الفردية، ولذلك كانت هذه الخصائص أهم ما يتسم به المجتمع الحضري في نظره، وجاء تبريره لذلك على النحو التالي:
أ – تزيد الحضرية من التفكك الثقافي للمجتمع، ويعني بذلك أن القواعد والمعايير التي كانت توجه السلوك والفعل الاجتماعي في مجتمع الفولك غدت أكثر تعقيداً وتعدداً في المجتمع الحضري، يتخذ التفكك الثقافي المصاحب للحضرية أربعة مظاهر أساسية هي: أولاً، أن تفقد الثقافة وحدتها التقليدية، ثانياً، اتساع نطاق البدائل الثقافية أمام الفرد مما يؤدي إلى تميع الأنماط السلوكية وصعوبة تحديدها، إن مجتمع المدينة يتيح فرصاً أرحب للاختيار، الأمر الذي يترتب عليه ظهور مشاكل اللا معيارية أو فقدان المعايير، ثالثاً، فقدان التكامل والارتباط المتبادل بين مقومات الثقافة ففي نموذج الفولك تتوحد كل عناصر الثقافة المحلية وتترابط فيما بينها، حتى يصعب على المرء فهم المعتقدات والقيم والطقوس المرتبطة بالمرض مثلاً دون استيعاب وفهم ما يرتبط بالعمل الزراعي والتفكير الغيبي من قيم ومعتقدات، رابعاً،الصراع الواضح أو عدم الاتساق بين المستويات الثقافية، ففي مجتمع الفولك تنسجم السمات والمركبات الثقافية مع بعضها البعض، على العكس من المجتمع الحضري الذي يواجه فيه الفرد توقعات سلوكية متعارضة وغير متسقة.
ب – تزيد الحضرية من اتجاه المجتمع نحو العلمانية والدنيوية، ففي مجتمع الفولك تجد أن كل الأنشطة التي يقوم بها الأفراد تصطبغ بالطابع الديني والعاطفي، بينما ترتبط النشاطات الحضرية وتوجه باعتبارات وأحكام عقلانية براجماتية، ويترتب على ذلك أنه مع زيادة الحضرية يتحرر الأفراد من الضوابط التقليدية وتتاح لهم فرصة صنع القرار في ضوء ضوابط علمانية رشيدة، دون ما ارتباط بإرادة المجتمع التي تجسدها المعتقدات الدينية المقدسة والتقليدية.
ج – تزيد الحضرية من انتشار الفردية وزيادة سيطرتها على موجهات السلوك الإنساني، ويعني ذلك أن الفرد وليس الجماعة هو المسئول عن عملية صنع القرار وعن نتائج ما يقوم به من أفعال، كما يعني أيضاً اختفاء الوظائف الجمعية وإحلالها بنشاطات فردية بحتة تهدف لتحقيق مصالح الفرد في المقام الأول، فإذا كان سكان مجتمع الفولك ينفقون المزيد من الوقت والجهد لأداء أعمال عامة جمعية دون مقابل نجد سكان المجتمع الحضري يعتبرون ذلك نوعاً من العبث والسلوك غير الرشيد، وقد تمثلت الفردية جوانب متعددة من حياة المجتمع الحضري، كان من أهمها إحلال الأسرة النواة محل العائلة الممتدة، وضعف سلطة الدين والمعتقدات وتحرر الأفراد من الروابط التقليدية بجماعات قرابية أو مكانية.
انتقادات أوسكار لأفكار ردفيليد:
أ – تتضمن فكرة المتصل نظرية للتغير مفادها أن الحضرية تطيح وبالضرورة بمجتمع الفولك، غير أنه من الخطأ أن نرجع كل التغيرات التي تطرأ على مجتمعات الفولك إلى عامل واحد بعينه هو التحضر.
ب – إن الثقافات دائماً في حالة من التغير المستمر، ومع ذلك ليس شرطاً أن تكون هذه التغيرات ذات طابع أو اتجاه ثوري للانتقال من مجتمع الفولك إلى مجتمع حضري.
ج – إن النموذج الذي حدده ردفيليد لم يبرز الاختلافات والتمايزات الواسعة المدى بين مجتمعات الفولك ذاتها، كذلك لقد ركز متصل ردفيليد على الجوانب الرسمية للمجتمع، وهذه لا تمثل أهمية كبيرة في التحليل الثقافي للمجتمع.
د – إن كثيراً من نتائج التحضر التي ساقها ردفيليد كالتفكك الثقافي والاتجاه نحو العلمانية والفردية تفتقر لشواهد امبريقية مؤكدة إذ لا يوجد أي دليل على حدوث تفكك ثقافي في مجتمع الفولك.
وهناك نقطة ضعف خطيرة في فكرة ريدفيليد وهي فشلها في تحديد العناصر الرئيسية للمجتمع الحضري في ذاته، إذ لا يكفي أبداً أن نقوم بتحليل هذا النموذج من المجتمع باعتباره "نموذجاً مناقضاً" لمجتمع الفولك، بعبارة أخرى لم يولي ريدفيليد اهتماماً خاصاً بتحديد خصائص الحضرية والمجتمع الحضري في ذاته.
2 – المجتمع المحلي الحضري في حدود تصور استنباطي:
سبب تسميتها بذلك أن أصحابها كانوا يبدؤون تصورهم للمجتمع الحضري والمدينة بصفة خاصة ببعض الافتراضات أو القضايا التي يعتبرونها مسلمات في غير حاجة إلى برهان ثم يشرعون بعد ذلك في استنباط قضايا أخرى غيرها، تمثل خصائص مميزة للحياة الحضرية.
أ – لويس ويرث والحضرية كطريقة للحياة:
قدم مقالة هامة يمكن تلخيصها في تعريف وسؤال وإجابات متتالية:
تعريف المدينة: "أنها موقع دائم يتميز بكبر الحجم وبكثافة عالية نسبياً، وبدرجة ملحوظة من اللاتجانس بين سكانها"
السؤال: يدور حول الصور والأشكال الجديدة للحياة الاجتماعية والتي قد تنجم عن الخصائص الأساسية المميزة للمجتمع الحضري (الحجم، والكثافة، واللاتجانس).
الإجابة: لخصت تصوره للمجتمع الحضري فكانت على النحو التالي:
افترض أن الحجم والكثافة والتغاير أو اللاتجانس، متغيرات أساسية أو مستقلة، أو خصائص مميزة للمجتمع الحضري، تسلم بدورها إلى عدد من القضايا أو الخصائص التي ترتبط بطبيعة الحياة الحضرية وشخصية ساكن الحضر.
وأنه كلما كبر حجم المجتمع الحضري (المدينة) اتسع نطاق "التنوع الفردي" وارتفع معدل التمايز الاجتماعي بين الأفراد الأمر الذي يؤدي إلى زيادة انتشار "العزل المكاني" للأفراد والجماعات على أساس السلالة أو المهنة أو المكانة، ويؤدي هذا العزل المكاني إلى إضعاف روابط الجيرة والعواطف التي تنشأ نتيجة المعيشة المشتركة ولأجيال متعاقبة تحت تقليد عام مشترك، كما أن ضعف هذه الروابط والعلاقات (الفولوكية) يفرض بدوره إحلال المنافسة وميكانيزمات الضبط الرسمي محل الروابط والعلاقات غير الرسمية في مجتمع الفولك.
ويستنبط ويرث مجموعة من القضايا استناداً على متغير "الحجم" مؤداها إن كبر الحجم وزيادة عدد السكان يحد من إمكانية أن يتعرف كل فرد على الآخرين معرفة شخصية وثيقة، ويترتب على ذلك انتشار علاقات اجتماعية ذات طابع انقسامي من خلالها يتعرف الحضري على عدد أقل من الأفراد وبدرجة أقل من المودة، إلى جانب سيطرة علاقات المنفعة، مما يؤدي بدوره إلى فقدان المعايير وافتقاد روح المشاركة والطواعية، وبطبيعة الحال يؤثر ذلك في النسق الاقتصادي والسياسي، حيث تؤدي انقسامية العلاقات الحضرية وتميزها بالطابع النفعي إلى التخصص الوظيفي للنشاط وتقسيم العمل واقتصاد السوق، كما تؤدي صعوبة الاتصال الشخصي والمباشر بين الإفراد إلى أن يوكل أمر الدفاع عن مصالح الأفراد إلى أجهزة متخصصة، ومن خلال عمليات الإنابة أو التفويض.
وبنفس الأسلوب عالج ويرث متغير "الكثافة" كخاصية أساسية ومميزة للمجتمع الحضري يترتب عليها خصائص أخرى، لقد تصور ويرث أن الكثافة تؤكد الآثار الاجتماعية والنفسية الناجمة عن الحجم، فهي تزيد من درجات التقارب الفيزيقي بين الأفراد في مقابل التباعد الاجتماعي، كما أنها تؤكد على الحاجة إلى التخصص والتمايز، وتكمن وراء كل حاجة إلى ضوابط رسمية لمواجهة كل احتمالات الفوضى والتفكك الناجمة عن زيادة أعداد السكان، ثم إنها "الكثافة" تزيد من العزل المكاني بمعنى انفصال الجماعات السكانية عن بعضها البعض في شكل مجاورات أو أحياء متجانسة نسبياً.
أما متغير "اللاتجانس" فقد كان في ذاته نتيجة ترتبت على متغيري "الحجم" و "الكثافة" فهو استجابة مباشرة لضرورة اقتصادية (تقسيم العمل) وأخرى اجتماعية تمثل الاختلافات والفروق المتوقع وجودها في جماعات كبيرة وكثيفة من السكان، ولكن اللاتجانس (التغاير) يؤدي بدوره إلى سلسلة من المصاحبات الاجتماعية أهمها تطوير نسق أكثر تعقيداً للتدرج الطبقي وزيادة معدلات الحراك بأشكاله الفيزيقية والاجتماعية، تطوير شخصية "علامية كوزموبوليتية" وفي الاتجاه المضاد، قد يؤدي التغاير إلى نوع من الجمود والتقنين اللذان يسيطران على حياة المدنية الأمر الذي يؤدي بدوره إلى نسق للتفاعل الاجتماعي يتميز بعلاقات غير شخصية وبأفكار وتصورات نمطية كما أن تنوع النشاطات والبيئات الاجتماعية والثقافية داخل المجتمع الحضري من شأنه أن يؤدي إلى قدر لا يستهان به من تفكك الشخصية وزيا