من البداية يضع نجيب محفوظ القارئ، أمام واقع يعيشه بطل الرواية (سعيد مهران) الخارج لتوه من السجن بعد قضاء أربعة أعوام بسبب ارتكاب سرقة، وقد كانت المرارة التي شعر بها خلال فترة الحبس أقل من أثر المرارة التي تركتها زوجته (نبوية) في نفسه، عندما زين لها صديق سعيد السابق – عليش سدرة – أن تطلب الطلاق من سعيد، ليتزوجها عليش بعد ذلك. كما أن شعوره بأن ابنته الطفلة – سناء – عند هذين الخائنين، زاد من حقده عليهما.
كان أول مافعله سعيد، أنه توجه إلى بيت عليش، وطلب رؤية ابنته وأخذ بعض الأشياء الخاصة به. وقد صدم عندما لم تعرفه ابنته، وعندما تنكر له الزوجان. فطلب أن يأخذ البنت، ولكن الزوجين أعطياه بعض الكتب. وخرج من البيت وهو مصمم على قتل الإثنين.
ويلجأ سعيد وسط خيبته إلى بيت أحد المتصوفين – الشيخ النجداوي، والذي كان سعيد يزوره وهو صغير بصحبة أبيه، ويحدثه الشيخ عن أيام. السجن، والأيام التي خلت قبله ويحاول الشيخ أن يسمعه بعض النصائح. التي لم يجد فيها سعيد مايخفف من حالة الإحباط التي يعيش فيها.
اراء القراء
لم أتصوّر أنّ هذا الحقل من اللغة لنجيب محفوظ منه نصيب , محتلف سردا و مبنى و معنى عمّا قرأته لمحفوظ حتى الآن ...
من الجاني و من الضحيّة , أين يسكن الحقّ أين ترجح الحقيقة , مع من يميل الضمير , مع من يصرخ القانون , أين يكمن القتل في جيب الغنيّ أم في مسدّس المسحوق , كم للكمات من لعب تبني من محاربة العواصف عواصف أشدّ سوادا , أين الحقّ حقّا , أرني خيط الوفاء بين العفّة و العهر , خيط المبدأ بين الغنى والفقر , خيط الحقيقة بين القاتل و المقتول !!
الشخصيات: ليست كثير مقارنة بروايات نجيب محفوظ الاخري، و الشخصية الاساسية هي شخصية "سعيد مهران" اللص. و هي شخصية مركزة تحمل الكثير علي الجانب الاجتماعي و النفسي و الانفعالي، ضحية مؤامرة الغدر والخيانة..
الراوي و السرد:-
لم يكن سرداً تقليدياً حيث اصبح الراوي يتبادل دوره مع الشخصية، مع الاهتمام بالمنولوج و هناك انتقالات كثيرة .
-الحوار ياخذ احيانا شكل المنولوج حيث استفاد نجيب محفوظ من الرواية المنولوجية وتيار الوعي أثناء استعمال الحوار الداخلي للتعبير عن صراعات الشخصيات الداخلية.
الزمن:-
الزمن المرجع: عيد الثورة ص9
لزمن في الرواية ينطلق من حاضر الخروج من السجن إلى مستقبل الاستسلام والموت. و هذا الزمن ينحرف احيانا إلى الماضي لاسترجاعه( فلاش باك )، أو إلى المستقبل حيث جد الحركة مستمرة بين الحضر و المستقبل.
و نلاحظ الحضور الاساسي للماضي لتدليل علي ان "سعيد" لا يستطيع الانفصال عنه كما في ص 34، و 35.
فصول الرواية تضعنا أمام وضع اجتماعي منحرف حيث الجريمة وفساد القيم ،مع ما توفره السلطة من
حماية وتغطية تعزز قوة المفسدين الكبار.
وأمام هذا الانحراف الاجتماعي لا يمكن إلا أن نجد بعدا نفسيا يطبعه التوتر والتخوف كقاسم مشترك
بين جميع الشخصيات وإن اختلفت أسباب كل شخصية و دوافعها ،وقد تطور إلى الغضب والرغبة في
الانتقام يظهر بشكل جلي في سعيد وهو يقبل على الانتقام ،أو رءوف وهو يطارد سعيد للتخلص منه،
لتكون النهاية الموت،بعد مشوار طويل من الاضطراب والضياع .
ويستند الكاتب في نقل تفاصيل رواية " اللص والكلاب " إلى الرؤية الخلفية واستعمال ضمير الغائب
والسارد الموضوعي الذي لا يشارك في القصة ، بل يقف محايدا من الأحداث يصف ويسرد الوقائع
بكل موضوعية، فهو يملك معرفة مطلقة عن الشخصيات خارجيا ونفسيا.
تقوم علي الصراع الأساسي بين "اللص والكلاب" أو سعيد مهران والمجتمع. وهذا الخط يلعب دور
العمود الفقري الذي يربط فصول الرواية منذ أول سطر إلي آخر سطر فيها.
لعبت الاماكن دور البطل في هذه الرواية حيث انها رابط الاحداث و الشخصيات و الصراعات والبداية
من ميدان القلعة ، الحي الذي كان يقطنه سعيد ، منه دبرت مؤامرة سجنه، وإليه عاد للانتقام،وهو
مسرح أول جريمة يرتكبها ،ويعتبر طريق الجبل مأوى سعيد يلجأ إليه للتخفي بعيدا عن أعين الشرطة ،
و " فيلا " رؤوف علوان الشاهدا على تبدل القيم و التنكر لها وأول نقطة يبدا منها سعيد انتقامه وهو
أيضا مسرح الجريمة الثانية الفاشلة،وهناك مواقع مساعدة كالمقهى الذي يمثل السند والحماية الخلفية
لسعيد، و بيت نور عامل مساعد أيضا مكن سعيد من الشعور بالأمان اما المقبرة فهي اخر مكان حيث
تمثل النهاية.
و الرواية تتخذ الرواية طابعا سينمائيا حركيا حيث كتبت بطريقة السيناريو القابل للتصوير السينمائي
والإخراج الفيلمي . وفعلا تم إخراج هذا الفيلم سينمائيا ؛ لتوفر الرواية على كل العناصر البصريه و
الحركية و الدرامية الكافية لتتحول الي فيلم سينمائي و تستطيع جذب المتفرج .
تحميل روايه اللص والكلاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق