سوسيولوجيا المغرب الدراسات الانجلوساكسونية :
سوسيولوجيا المغرب
الدراسات الانجلوساكسونية :
انطلق كلنير من من التساؤل :كيف يتم الحفاظ على الأمن داخل القبائل في غياب جهاز خاص؟ وجوابا على ذلك ركز على فرضيات النسب ودوره في تحديد الفئات الاجتماعية،تم غياب التراتب الاجتماعي الذي يحول دون تركز السلطة الفردية.فالمجتمعات الانقسامية لاتعرف اي نوع من التراتب الاجتماعي،وعلى المستوى السياسي تظل سلطة الرؤساء ضعيفة ومحدودة،لان المساواة السائدة تمنع بروز زعامة قوية.كما ان الوظيفة التحكيمية للصلحاء تضمن الأمن والاستقرار،ونفوذ هذه الفئة يمنع على رئيس القبيلة تجاوز سلطة معينة.
يعتبر التجزيئيون ان المجموعات القبلية كانت الى تاريخ قريب بعيدة عن كل تأثير اقتصادي وسياسي للسلطة السياسية، وان تنظيمها التقليدي بقي على ما هو عليه، وان نفس الثمثلات ماتزال تغلف العلاقات بين الاشخاص والعشائر.لقد قام دافيد هارت بسلسلة من الأبحاث الميدانية في الشمال (بني ورياغر)،وفي الجنوب (ايت عطة)،وكانت أعماله ذات أهمية انتربولوجية حيث تقدم لنا وصفا دقيقا للتنظيم التقليدي لهذه القبائل. في تحليله اعتقد هارت أنه اكتشف نسقا تجزيئيا مثاليا داخل هذه البنيات التقليدية. وهكذا فبني ورياغر،ايت عطا،وايت يافلمان يمكن اعتبارها جغرافيا، ولغويا، وسياسيا، مهمشة. وقد أدت هذه العزلة الى دعم العادة وتزكية التنظيم الذي يتحكم في كل الوحدات من العشيرة الى القبيلة الى الكونفدرالية،بحيث ان العلاقات الاجتماعية ترتكز على القرابة ، وأن القانون العرفي هو الذي حافظ على التوازن السياسي والعسكري والاقتصادي بين المجموعات القبلية. وهذا يتجلى الانسجام الاجتماعي حسب هارت في عملية التراضي حول الأرض،وفي قانون الثأر،تم أثناء الحرب،وقانون التناوب،ومؤسسة الجماعة التي تنتخب من طرف رؤساء الأسر والعشائر.
إن دافيد هارت والآخذين بالنظرية التجزيئية يعتقدون ان " الإغس" ،القبيلة ،والكونفدرالية تمثل اطارات كافية للأشخاص والعشائر لبناء علاقات اجتماعية دون الرجوع الى اطارات أكثر توسعا:(العالم الحضري،المجتمع العام، الدولة)،انهم يؤكدون على القرابة والنسب كمعايير لتفسير التنظيم الاجتماعي المبني على المساواة والهامشية.
يقدم لنا لنا التصور التجزيئي نموذجا بنيويا وظيفيا للقبيلة تكون أهم مكوناته القرابة ،التبادل، والتهميش.ونلاحظ نوعا من الاسقاط،ونفي المجتمع العام ولتطوره التاريخي،وان عبارة القبيلة المهمشة هي استمرار لمفهوم القبيلة البدائية عند الانتروبولوجيين، وهي مفاهيم استعملت لشرح المجتمع العربي الاسلامي،تم ان الآخدين بهذا المنظور استعملوا كل الشروحات الممكنة (الانشطار،الانصهار،الشرف، الصلحاء، الهامشية، التناوب...) لابراز وظيفة النسق التجزيئي بناء على افتراضات التعميم مع غياب التحليل التاريخي.
وبصفة عامة،فان التحليل التجزيئي يبعد التحول التاريخي للمجتمع العام،كما يبعد اي دور للسلطة المركزية في ادماج المجموعات القبلية على المستوى الاقتصادي والسياسي ،ويهمل العلاقة مع المجال الحضري،والتفاعلات الاجتماعية والثقافية داخل المجتمع المغربي.
يصبح النظام التجزيئي اذن تراتبيا،لان الاجزاء لا تخلو من تفاوت بفعل النسب والجنس،والسن،ونوع النشاط الاقتصادي.فمعيار النسب يقصي تلقائيا الدخلاء والأجانب من التنافس على الجاه والسلطة،ويستحضر في الوقت المناسب لإضفاء المشروعية على التفاوت القائم بوجود هرمية تتشكل من ثلاثة شرائح اجتماعية (اكرامن ، امازيغن ،احراضن) يمثل الصلحاء فيها قمة الهرم الاجتماعي.
وإذا كان كلنير وهارت يؤكدان على التناوب،ويفضلان لفظة انتخاب الرئيس،فان الجاه هو من المعايير الضروريه التي تعين المؤهلين للرئاسة سلفا.فالثروة والجاه يخولان لرؤساء الأسر الكبيرة احتكار مهام الرئاسة ( ضمان التعاقدات،حماية الممتلكات، تأمين الممرات...).وتكون هذه المهام وراثية تنتقل داخل الأسرة الواحدة من جيل الى آخر.
هناك حدود لهذا التجزؤ لا يمكن تجاوزها فالسلطة تتمركز في شخص رب الأسرة،او زعيم العشيرة،وخير مثال على ذلك الصراع على الارث الذي يحدث بعد موت الأب وان الرغبة في التملك والتسلط داخل الجماعة تخلق نوعا من التنافس والصراع من اجل الزعامة.كما ان مبدأ التناوب على السلطة الظاهر يخفي علاقات قوة متناقضة،لأن هناك عشائر قوية وأخرى ضعيفة غالبا ما تخضع او تتحالف ،وبذلك يبقى توزيع السلطة والتناوب على الرئاسة نوع من الوهم،لان الأسر الأصلية التي تحافظ على ترابطها وعصبيتها يكون لها دور اكبر في المجالين الاقتصادي والسياسي. انما يحد التماسك الوظيفي هو التراتبية المجزئة نظرا للطبيعة المركبة للبنيات الاجتماعية بالمجتمع المغربي.
عمر الابوركي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق