هناك أوهام ومغالطات كبيرة في عالمنا العربي حول فكرة المواطنة والانتماء وخلطها بالتبعية والعبودية للأنظمة، يتراجع حق الفرد الكامل بأرضه ووطنه وحريته المطلقة بالحركة والتنقل والعمل والتعبير ، كما أن مفهوم الدولة العصرية لم يتحرر بعد من أشكال القبيلة وسطوة الأعراف وهيمنة العاطفة على جمهور المنتمين ، تغيب فكرة الحقوق المتساوية أمام وجوب الانتماء الأعمى الذي لا يضع اعتبارا للفرد
لم ينفذ الرصاص والخذلان العربي والمبادرة الخليجية
إلى قلب اليمني الثائر ..
لم تستطع قذائف الـ آر بي جي والرغبات السامية ببقاء جزيرة العرب نقية من الدنس الثوري والدعايات المقيتة حول جهل اليمن وتخلفه واقتتال قبائله , لم تنجح مجتمعة في إيقاف سيل الحريات الجارف في شوارع البلاد
اعتقد أن الكاتب نجح في حكاية الأحداث وماوراءها من منظور شخصٍ من الداخل، أو كما قال في نهاية الفصل الثاني من الكتاب:
" لا أريد لهذا الورق أن يمتلأ بما هو شخصي على حساب ماهو عام وهام، وأن يرتبط بالأفكار لا بالأشخاص وتفاصيلهم الصغيرة مهما كانت أهميتها"
يَبدأُ "بين الجزيرة والثورة" عند الثاني من اغسطس 1990 -بداية حرب الخليج- ويسير حتى يصل إلى أيام الربيع العربي، مارًا بالأحداث التي عَصَفت بالعالم والمنطقة العربية خصوصا خلال تلك الفترة، مركزًا على الجانب الإعلامي -الظاهر منه وبعضُ الخفي- من تلك الأحداث، ويقف على محطاتٍ من حياة الكاتب ، الأستاذ علي الظفيري، والتي شكّلت رؤيته لتلك الأحداث.
لغة الكتاب غنية وبسيطة في نفس الوقت، تجعل من تجربة الكتاب تجربة سريعة -أصرّ فيها عقلي على قراءة الكتاب بصوتِ كاتبه- ومثرية في نفس الوقت، حيث أنه يحكي أحداثًا قريبة، مازالت في الذاكرة ويُظهر للنور جوانب أخرى ربما كانت غائبة من قبل.
يحملُ الكتاب في طياته الهمَ العربي والثوري، والهمَ الصحفي، وهم الحريات العامة والنهضة المستمرة، تستطيع أن تستشفَ منه أن الكاتب استثمر قلبه وعقله معًا في كتابته ليخرج حاملا لشيءٍ من روحه وكثير من الإنصاف والتواضع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق