عبقرية الصديق لــ محمود عباس العقاد
في هذا الكتاب يتحدث عباس محمود العقاد عن الخليفة الأول أبو بكر الصديق ويرد فيه على اتهامات بعض المؤرخين للصديق بالمنهج العلمي وبدون أسلوب انفعالي وخصوصاً مسالة خلافته للدولة الإسلامية. كما أن الكاتب يتحدث في هذا عن مفتاح شخصيته ومفتاح الشخصية حسب رأي الكاتب هو ذلك الشيء الصغير الذي عن طريقه نستطيع الدخول في فهم شخصية الرجل ومفتاح الصديق هو الاعجاب بالبطولة وهي التي دفعته ليكون أول من آمن برسالة النبي محمد لان اعجابه بالرسول هو الذي أدى إلى اعجابه بالرسالة خلاف الخليفة الثاني عمر بن الخطاب والذي أدى اعجابه بالرسالة إلى الاعجاب بالنبي. عبقرية الصديق هو أحد سلسلة العبقريات الإسلاميةالمقدمة
المصلحون من عظماء الأديان اهل لكل تعظيم واعتراف بالجميل، لا يعيبهم انهم سبقوا عصر العلم الحديث، بل يزكيهم ذلك ويضاعف حقهم في الثناء وعرفان الجميل، ويدل على أن الحاجة إليهم كانت أمس وألزم وانهم كانوا في خدمتهم الإنسانية أقدر وأعظم، مع ما هو مفهوم من الفارق بين حاجة الناس إلى الدين وحاجتهم إلى العلوم. فهذه حاجة ذهنية وتلك حاجة حيوية أو ورحية لا تغني فيها علوم العلماء.ثم جاءت الديمقراطية وأساء بعض الناس فهمها كما أساءوا فهم النزاع بين العلم والدين، فظنوا ان حرية الصغير تجعله في صف الكبير، وان المساواة القانونية تلغى الفوارق الطبيعية، وان الثورة على الرؤساء المستبدين معناها الثورة على كل ذي مكانة من العظماء، وهو وهم ظاهر البطلان ولكنه قد سرى مسراه إلى الأذهان، فكثر التطاول على كل عظمة إنسانية، وفشت بدعة الاستخفاف والزراية حتى أوشك التوقير لمن يستحق التوقير أن يعاب.
ثم جاءت الشيوعية وهى قائمة على ان الأبطال صنائع المجتمع وليسوا بأصحاب الفضل عليه , وان تعظيم الأبطال الغابرين يصرف الناس عن عيوب النظم الاجتماعية التي أنشأت أولئك الأبطال فخدموها قاصدين مدبرين أو على غير قصد منهم وتدبير , وأفرط الشيوعيون في تلويث كل عظمة يؤدى توقيرها الى نقص مذهبهم ومخالفة دعوتهم , حتى بلغ من سخفهم في هذا انهم غيروا أبطال الروايات في مسرحيات شكسبير وامثاله فعرضوا هملت على المسرح لئيما ماكرا سيء النية على خلاف ما صوره الشاعر , لأن تصوير أمير من أمراء القرون الوسطى في صورة حسنة يخل بما قرروه عن النظم الاجتماعية والسياسية في تلك القرون.
وتكاثرت على هذا النحو أسباب الغض من العظماء حتى صح عندنا ان العظمة في حاجة الى ما يسمى برد الاعتبار في لغة القانون، فان الإنسانية لا تعرف حقا من الحقوق ان لم تعرف حق عظمائها، وان الإنسانية كلها ليست بشيء ان كانت العظمة الإنسانية في قضيمها أو حديثها ليست بشيء.
قال زميلنا الباحث الفاضل الأستاذ أحمد أمين من نقده لكتاب هيكل في الصديق وكتابي في عبقرية عمر "بقيت مسألة هامة كثيرا ما اختلفت وجهة الكتاب فيها، وهي ان العظيم مهما عظم له خطآت ولا ما كان انسانا والعصمة لله وحده. فهذا واجب المترجم له أن يعرض لكل ذلك في تفصيل فيذكر كل ما له وشيد بذكره ويذكر خطته وينقدها ويعلم بذلك درسا في نواحي مجده ودرسا آخر في مواضع خطئه او واجبه فقط تجلية نواحي العظمة والتأويل والدفاع الدائم عن نواحي الخطأ؟ أنا أرى أن الرأي الأول أوجب، متأسيا بأبي بكر وعمر نفسيهما، والمؤلفان الفاضلان الى الرأي الثاني أميل".
والواقع أننا إلى الرأي الثاني أميل كما قال زميلنا الأستاذ ولكنه الميل الذي نحده بما قدمناه من حدود ونحتج له بما بيناه من أسباب.
بيانات الكتاب
الاسم: عبقرية الصديقالمؤلف: عباس محمود العقاد
الناشر: المكتبة العصرية
السلسلة: سلسلة العبقريات
الحجم: 5 ميجا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق