الأربعاء، 14 يناير 2015

الأجنحة المتكسرة لـ جبران خليل جبران

الأجنحة المتكسرة..يروي فيها جبران قصته مع أول حب ازدهر في قلبه نحو "سلمى كرامة" ابنة صديق قديم لوالده، وكيف انتهى حبهما بسبب الأعراف والتقاليد التي حالت دون اكتماله، حيث حُكم عليه بالموت ليلة مولدة .

مقدمة


كنت في الثامنة عشرة عندما فتح الحب عيني بأشعته السحرية و لمس نفسي لأول مرة بأصابعه النارية . و كانت سلمى كرامة المرأة الاولى التي ايقظت روحي بمحاسنها و مشت أمامي إلى جنة العواطف العلوية حيث تمر الايام كالاحلام و تنقضي الليالي كالأعراس .
الأجنحة المتكسرة سلمى كرامة هي علمتني عبادة الجمال بجمالها و ارتني خفايا الحب بانعطافها و هي التي انشدت على مسمعي أول بيت من قصيدة الحياة المعنوية .
أي فتى لا يذكر الصبية الاولى التي أبدلت غفلة شبيبته بيقظة هائلة بلطفها ، جارحة بعذوبتها فتاكة بحلاوتها ؟ من منا لا يذوب حنينا إلى تلك الساعة الغريبة التي اذا انتبه فيها فجأة رأى كليته و قد انقلبت و تحولت و أعماقه قد اتسعت و انبسطت و تبطنت بانفعالات لذيذة بكل ما فيها من مرارة الكتمان ، مستحبة بكل ما يكتنفها من الدموع و الشوف و السهاد ؟
لكل فتى سلمى تظهر على حين غفلة في ربيع حياته و تجعل لانفراده معنى شعريا و تبدل وحشة ايامه بالانس و سكينة لياليه بالانغام .
كنت حائرا بين تأثيرات الطبيعة و موحيات الكتب و الاسفار عندما سمعت الحب يهمس بشفتي سلمى في آذان نفسي و كانت حياتي خالية مقفرة باردة شبيهة بسباب آدم في الفردوس عندما رأيت سلمى منتصبة امامي كعمود النور . فسلمى كرامة هي حواء هذا القلب المملوء بالاسرار و العجائب ، وهي التي افهمته كنه هذا الوجود ، و أوقفته كالمرآة امام هذه الاشباح . حواء الاولى أخرجت آدم من الفردوس بإرادتها و انقياده ، اما سلمى كرامة فأدخلتني جنة الحب و الطهر بحلاوتها و استعدادي و لكن ما أصاب الانسان الاول قد اصابني ، و السيف الناري الذي طرده من الفردوس هو كالسيف الذي اخافني بلمعان حده و أبعدني كرها عن جنة المحبة قبل ان اخالف وثبة و قبل ان اذوق طعم ثمار الخير و الشر .
و اليوم و قد مرت الاعوام المظلمة طامسة بأقدامها رسوم تلك الايام لم يبق لي من لك الحلم الجميل سوى تذكارات موجعة ترفرف كالأجنحة غير المنظورة حول رأسي مثيرة تنهدات الاسى في اعماق صدري مستقطرة دموع اليأس و الاسف من اجفاني ... و سلمى ؛ سلمى الجميلة العذبة قد ذهبت إلى ما وراء الشفق الازرق و لم يبق من اثارها في هذا العالم سوى غصات اليمة في قلبي و قبر رخامي منتصب في ظلال اشجار السرو . فذلك القبر و هذا القلب هما كل ما بقي ليحدث الوجود عن سلمى كرامة ، غير ان السكينة التي تخفر القبور لا تفشي ذلك السر المصون الذي اخفته الالهة في ظلمات التابوت و الاغصان التي امتصت عناصر الجسد لا تبيح بحفيفها مكنونات الحفرة . اما غصات هذا القلب و أوجاعه فهي التي تتكلم و هي التي تنسكب الان مع قطرات الحبر السوداء معلنة للنور أشباح تلك المأساة التي مثلها الحب و الجمال و الموت .

بيانات الكتاب

الاسم : الأجنحة المتكسرة
المؤلف : جبران خليل جبران
الناشر : مؤسسة هنداوي للتعليم و الثقافة
عدد الصفحات : 66
الحجم : 11.5 ميجا
تحميل كتاب الأجنحة المتكسرة

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق