أوقفت مصالح الأمن عشرات تجار "الدوفيز" في مداهمة نوعية لأكبر سوق مواز للعملة الصعبة بالعاصمة بساحة بور سعيد "السكوار"، حيث حجزت ما بحوزتهم من عملة وطنية وصعبة وحولتهم على مراكز الشرطة لمباشرة التحقيقات.
وداهمت مصالح أمن ولاية الجزائر، أمس، في حوالي الساعة العاشرة صباحا، ساحة بور سعيد أو ما يعرف بـ"السكوار" أكبر نقطة سوداء لتداول "الدوفيز"، حيث أقدمت على توقيف العشرات وتحويلهم إلى مراكز الشرطة لمباشرة التحقيقات معهم.
وفي محاولة منا لمعرفة تفاصيل أكثر عن العملية والهدف منها، تقربنا من أعوان الشرطة المنتشرين بالمكان، إلا أن هؤلاء رفضوا الإدلاء بأي معلومات مكتفين بالقول إنهم "لا يعلمون ما يحدث".
وأكد شهود عيان، في تصريحات لـ"الشروق"، أن مصالح الأمن داهمت المكان بـ"الزي المدني" من جهاته الأربع، في وقت حاول بعض الناشطين الفرار من قبضة أعوان الشرطة، فيما أضاف مصدر "الشروق" أنه بمجرد أن تفطن الناشطون بالسوق لمداهمة عناصر الشرطة، هب بعضهم للتخلص مما بحوزته من "أموال" لدى أصحاب المحلات المجاورة، إلا أن هذا لم ينفع بسبب رفض أصحاب تلك المحلات ذلك، مخافة توريطهم مع الشرطة.
العملية لم تنته عند هذا الحد، فعناصر الشرطة المداهمة للمكان بـ"الزي المدني" بقيت تترصد عودة بعض "باعة الدوفيز" الذين فروا وتركوا سياراتهم مركونة مملوءة بالأموال، في انتظار خلو المكان من المراقبة الأمنية للعودة إليها، كما أقدمت الشرطة على تثبيت القوالب الحديدية في بعض السيارات التي يرجح أنها تابعة للمعنيين.
وفي سياق آخر، أكدت "مصادر" أخرى لـ "الشروق"، أن المكان كان تحت الرقابة الأمنية منذ حوالي أسبوعين أو أكثر، خاصة أن عملية المداهمة مست لأول وهلة أشخاصا معينين يعتقد أنهم أهم العناصر الناشطة في صرف الدوفيز بالسكوار، مضيفة أن عمليات تهريبات العملة الصعبة والتحقيقات التي باشرتها مصالح الأمن صبت كلها في كون مصدرها ساحة بورسعيد.
وطبعت "ساحة السكوار" بعد انتهاء العملية حركة غير عادية، الكل يتحدث عن المداهمة التي قامت بها عناصر الشرطة ومصير الناشطين في التجارة الموازية للأموال ومصير المبالغ المحجوزة.
وفي هذا الشأن قال أحد التجار هناك: "ما نراه يوميا من أموال، وبالأخص في الفترة المسائية عندما يأتي الرؤوس الكبار مرفوقين بأكياس سوداء مملوءة بالأموال تنتقل من سيارة إلى أخرى يخيل إليك أن كل أموال الجزائر موجودة هنا".
ولم تمر ساعة واحدة من قيام عناصر الشرطة بعملية المداهمة، حتى تحولت "ساحة السكوار" والطرق القريبة المؤدية من مكان اعتاده المارة مكتظا بالشباب يحملون في أيديهم مختلف أنواع العملات كـ"الورو"، "البوندا"، "الدولار".. إلى مكان خاو على عرشه.
ســلال يأمر بالتخلص من “بورصة السكوار”
كشفت مصادر وزارية مطلعة، عن أن الوزير الأول عبد المالك سلال وجّه أوامر شديدة اللهجة إلى كل من وزارتي الداخلية والجماعات المحلية والمالية تخص سوق العملة الصعبة -غير الشرعي- بـ«السكوار” بشارع بور سعيد ببلدية القصبة، للتخلص من السوق في أجل أقصاه شهر جويلية المقبل.وتشير مصادرنا إلى أن هذه التعليمة التي تلقاها كل من وزير المالية محمد جلاب ووزير الداخلية الطيب بلعيز الخاصة بأشهر سوق سوداء للعملات الصعبة في الجزائر قضت بضرورة التنسيق بين المصالح بالوزارتين لتسريع عملية التخلص من هذا السوق الذي تتحكم فيه بارونات العملة الصعبة، حيث أمر الوزير الأول بفتح تحقيقات معمقة تشمل المفتشية المالية والسلطات الأمنية، حيث قالت مصادرنا إن البنوك ستشهد خلال المرحلة المقبلة تدقيقا في كل الحسابات الجارية بالعملة الصعبة سواء تعلق الأمر بالمواطنين العاديين أو المؤسسات والاستثمارات عمومية كانت أم خاصة ، حيث تشير مصادرنا إلى أن سلال شدد في تعليماته كذلك على مراقبة كل أرصدة العملة الصعبة والتدقيق حتى في الحسابات الشخصية وكذا تشديد المراقبة حول البنوك وداخلها لإيقاف النزيف المالي الذي تعاني منه هذه الأخيرة خاصة خلال هذه الفترة، حيث أشارت مصادرنا إلى أن البنوك عرفت الكثير من التحويلات المالية المشبوهة بالعملة الصعبة، وهو ما استدعى فتح تحقيقات أمنية حول مصدر ومصير هذه الأموال.
من جهة أخرى، قالت مصادرنا إن الوزارتين ستعملان خلال الفترة المقبلة على تضييق الخناق على قنوات الصرف السوداء التي تغذي السوق بالعملة الصعبة وإيقاف النزيف الذي تعرفه احتياطات البنوك خاصة في ظل الأزمة المالية التي يمكن أن تعرفها الجزائر بداية من الأشهر المقبلة كنتيجة لانخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية سنة 2008، حيث ستعمل على مراقبة التحويلات المالية الخاصة بالاستثمارات الخارجية الممولة من الجزائر، حيث سيقدم المستثمرون شهادات ووثائق خاصة بكيفيات تمويل مشاريعهم وفواتيرها الخاصة وبيانات حسابات هذه المشاريع شهريا وبشكل دوري للتمكن من مراجعتها والتدقيق فيها كإجراءات للحد من النزيف المالي للعملات الصعبة في الجزائر، خاصة في ظل التراجع الملحوظ الذي عرفه احتياطي الصرف الأجنبي للجزائر إلى حدود 185 مليار دولار عوضا عن 194 مليار دولار أعلن عنها خلال العرض الذي قدمه محافظ بنك الجزائر للوضعية المالية للجزائر خلال سنة 2013 والسداسي الأول لسنة 2014 قبل أقل من شهرين.
ويؤكد الملاحظون والمراقبون أن الإجراءات التي ستتخذها حكومة الوزير الأول عبد المالك سلال ستساهم في ارتفاع أسعار العملات الصعبة في السوق السوداء التي تعرف خلال هذه الفترة التهابا غير مسبوق، حيث تشير التوقعات إلى وصول سعر الأورو إلى 17000 دينار عن كل مائة أورو خلال الشهرين المقبلين في حال الإعلان رسميا عن القرار الخاص بالإغلاق بورصة السكوار التي تتحكم حسب المتتبعين في تسويق 100 مليار دينار أي ما يعادل 10 ملايير دولار من العملة الصعبة.
ويبقى بذلك سوق السكوار للعملة الصعبة السوق الموازي الوحيد الذي لم تستطع الحكومة إلى حد الساعة السيطرة عليه خاصة منذ آخر تصريحات أصدرها وزير الداخلية الأسبق دحو ولد قابلية الذي قال إنه ليس من مصلحة الاقتصاد الوطني إغلاق بورصة السكوار إن صحت التسمية على الرغم من أنها تستنزف حسب بعض الأرقام ما يعادل 42 بالمائة من العملة الصعبة في الجزائر بطريقة غير شرعية.
- سوق العملة الموازية في الجزائر تتراوح ما بين 1.5 و2 مليار دولار
- سعر الأورو والدولار في السوق السوداء Prix de l'Euro et Dollar au marché noir
المصادر: 1، 2.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق