رواية نون - سحر الموجي pdf
"لا أنكر أننى أحببتها على الرغم من كرهى لها فى البداية... يبدو أن الرواية نفسها نون كبيرة تأخذك من ذروة النفور والاستهجان ثم تنزل بك رويداً إلى التقبل ثم الاستيعاب. سحر الموجى قادرة على الغوص فى أعماق النفس البشرية وترويضها أفقياً ورأسياً. أفقياً بتناولها نماذج إنسانية مختلفة من نساء ورجال (رغم غلبة النزعة الأنثوية على الرواية)أصحاب خلفيات إجتماعية وثقافية مختلفة, ورأسياً بربطها بين الإنسان المعاصر والإنسان القديم فى الأساطير والحضارات البعيدة.
النون فى المعجم قد تشير إلى المحيط أو الحوت وكلاهما يعبر عن مفهوم الاتساع والاحتواء والغضب أحياناً, تماماً كالمرأة.. نون النسوة. تلعب سحر الموجى على تلك الفكرة فى حكايتها أحياناً بشكل واضح بربطها للمرأة بالطبيعة كما تشير الأساطير الفرعونية والأغريقية القديمة, أو بشكل ضمنى من خلال تحول "حدوتتها" إلى دوائر تكبر وتصغر وتتداخل وتبدأ حيث تنتهى.. تماماً كالحياة! فما الحياة إلا مجموعة من الدوائر المتداخلة الصغيرة داخل دائرة كبيرة اكتمالها هو الموت. لذلك أحببت النهاية المفتوحة (جداً) للرواية, فلا نجد حلولاً ولا نهايات سعيدة أو تعيسة, وهذه هى الحياة!
كما ذكرت مسبقاً سحر الموجى قادرة على مداعبة الروح بتشبيهاتها الأثيرية, فتدور بروح القارىء داخل دائرة النون صعوداً وهبوطاً.
ما يؤخذ على الرواية هو تهلهل خيوط الحكى قليلاً وعدم اتباعها سرعة محددة (تيمبو), فأوقاتاً تمر الأحداث سريعاً جداً بلا مبرر وأوقاتاً أخرى ببطء شديد قد يصيبك بالملل. كما أن أبطال الرواية تبدو كنماذج شاذة بشكل كبير عن السائد فى المجتمع المصرى مما يؤدى إلى صعوبة تفاعل وتعاطف القارىء معهم. ولكن طبعاً ذلك الشذوذ السلوكى مقصود من جانب الراوية لتقدم نماذج معاكسة ل"ساكنى علب السردين".
الرواية ممتعة على المستوى الروحى والفكرى... حتى وإن كرهتها, لن تفشل فى دفعك للتدبر والتأمل فى حياتك. "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق