الأحد، 27 مايو 2012

المجتمع العين صالح يحتاج الى اعادة الانتاج

نها لشريعة السماء غير نفسك تغير التاريخ"هذا كلام مالك بن نبى  فقد كان يميل رحمه الله الى فرضية التغيير من الداخل، او تغيير ما بالانفس وهذا مبدا شرعى "ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغييروا ما بانفسهم"و فكرة التغيير من الداخل هى من اقوى الافكار التى  يراهن عليها فى باب التغيير... لكن الاشكالية التى تطرح بعد ان نؤمن باهمية هذه لفكرة هى: كيف نتغيير من الداخل ؟؟.
الانسان لا يتغيير لانه جلس مع نفسه وقرر ان يتغير "بزاف داروها و فى اقضى تقدير انهم لم يتغيروا كما  ارادوا" كذالك المجتمعات لا تتتغير لان جماعة اتفقوا فى  جلسة او فى "قهوة "او على صفحة من صفحات الفيس بوك انه من الافضل لهم ان يتغييروا ..اذا كانت هكذا فالتغيير يكون اسهل شئ يقوم به الانسان فالتغيير لا يتم بالنية وحدها  ولا بالعمل وحده  "فالايمان ما وقر قى القلب وصدقه العمل " انما التغيير عملية معقدة تحتاج الى تفكير طويل .


ومن المعلوم ان انسجة الكائن الحى تتجدد باستمرار ورغم هذا التجدد فانها فى كل مرة تتجدد  لتصبح كما كانت عليه قبل ان تتجدد هذا لانها محكومة الى طبيعة مواردها ومغذياتها والطريقة التى تصنع بها فى كل مرة وكذالك المجتمعات لانها ليست ذات صبغة جامدة فهى ايضا تجدد باستمرار وهى ايضا سوف تعطى نفس النمط اذا كانت محكومة لنفس الموارد والمغذيات والطريقة تنتج وتصنع بها فاذا اردنا التغيير اذن يجب ان نغيير الموارد والمغذيات يقول "بورديو":"كى يغير العالم،يحتاج المرء الى تغيير الطريقة التى يصنع بها العالم هذه هى الرؤيه والممارسة العمليه التى يتم عبرها انتاج واعادة انتاج الجماعات " فاذا اتفقنا ان التغيير يكون من الداخل  فيجب تغيير موارد هذا الداخل ،فنوعية الموارد تحدد نوعية المخرجات .ويرى "بورديو" أن هناك عملية إعادة إنتاج ذاتي من قبل المجتمع لنفسه؛ ففي عملية دائرية تيعيد الانساق الاجتماعية بناء نفسها وتنتج كامل أدوارها.
هناك اليوم فى مدينتنا دعوات هائلة من اجل التتغيير  لكن لا أحد يستطيع الجزم أن هذه الدعوات سوف تاتى بالنتيجة المرجوه منها حتى وان استجيب لها من طرف الجميع  اذا تمت إعادة إنتاج الإنسان كما هو فكرياً وثقافياً .
فعادة الكيانات الاجتماعية والثقافية لا يسمح لها أن تتحرك أو تتغير وفقاً لما يفرضه عليها الواقع السوسيولوجي الطبيعي الذي تنتمي إليه، وإنما تمارس الثبات الذي يفرضه عليها من يريد إعادة إنتاج الواقع كما هو. لقد ولدت لدينا طبقات وقطاعات واسعة تقف ضد التغيير بمفهومه الفكري والاجتماعي. فالنخب التي استفادت من أوضاع سابقة لا تزال تمارس إعادة إنتاج نفس الإطار السابق لأنه يقدم لها نفس المكاسب والامتيازات، بل وتجد أنها تمارس التخويف والترهيب من أي تغيير ممكن.
هناك مصادر رئيسية، ومغذيات ضخمة يتم عن طريقها إعادة إنتاج ثقافة مجتمع ما، مثل: التعليم، التراث والثقافة التي يتربى عليها المجتمع ،هذه المغذيات تكون سلبية جداً إن صدرت عن طريق الكيانات التي تفرط في إدعاء معرفتها بالواقع وبالبلد ، بينما هي كيانات وطبقات لا تعرف إلا نفسها، ولا ترى أبعد من مكاسبها الذاتية، وتعتبر أنها هي الممثل الشرعي الوحيد للمجتمع.
فعملية إعادة الإنتاج إن تمت بشكل صحيح، فهي في مرحلة من مراحلها لا بد أن تتضمن "قطيعة معرفية" مع فترة وإطار أو نموذج ذهني سابق. فعملية إعادة الإنتاج المجتمعية الصحيحة يتواكب فيها أكثر من بعد، والبعد الفكري والذهني هو من أهم الأبعاد المعتبرة في عملية التغيير أو التجدد هذه، وعدم خضوعه مثل غيره لمسألة التجدد وإعادة الإنتاج هو دلالة إماتة وقتل لهذا البعد. هناك نموذج فكري جمعي يسود، ويحل محل النموذج السابق، وما كان في السابق مكروها وغير مرغوب، قد يصبح تبعاً للإطار الجديد هو الوضع المفضل والمطلوب. هذه عملية طبيعية، حدثت وتحدث لدى أجيال وأقوام مختلفة عبر التاريخ، ولابد من "عدم الانهزام" أمامها.. عن طريق "فهمها".(1) يقول (جورج سانتيانا): "الأمم التي لا تقرأ تاريخها، معرضة لإعادة إنتاجه.. لغير صالحها"
(1) عبدالعزيز الحيص

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق