للحارة سحر، وللتاريخ عبق ، وللزحمة دفء، أتى بهذا نجيب محفوظ فى قصته صباح الورد ليضيف إلى قصصه المحفوظية حكاية أخرى عن الحارة وأهل الحارة وما يدور بداخل الحارة ،متأثراً بكل معانى الألفة التى تكون بين الأسرة ثم الجيران ثم الحارة التى يعيشون بها ،تتكون القصة من ثلاث حكايات ، يغزل الكاتب الكبير نجيب محفوظ حكاياته جامعاً الإطار السياسى بالإطار الاجتماعى بالإطار الاقتصادى ، ليحيك من اهل الحارة الصغيرة امثلة تشابه الواقع بأفراده الذين يعيشون وسط الكثير من الظروف وبينهم الكثير من الاختلافات ولكن يربطهم شىء .
كان الاسلوب الذى اتبعه الكاتب فى كتابة القصة هو اسلوب السرد فها هو يحكى عن ذلك المواطن الذى يحلم بالوظيفة والزواج والاقدار تاركاً هذا الحلم حلماً لا يجرؤ على المحاولة لتحقيقه ، ويحكى ايضًا عن المرأه ودورها ومدى تأثيرها فى البناء الاجتماعى والتربوى والثقافى .
أخذنا نجيب محفوظ فى رحلة إلى الماضى والذكريات الجميلة التى كانت فى موطن كل شخص فينا جاعلاً الحنين وسيلة المواصلات التى نركبها فى انتقالنا عبر الزمن .
المقدمة :
اليوم أبدأ حياة أخرى ، حياة التقاعد . عمر طويل تقضى خدمة الحكومة أفنى شبابى وكهولتى وأطل بى على الشيخوخة . وأظلنى بولاء لملك وأربعة رؤساء فلم يشعر أحدهم لى بوجود ، لا يخالجنى أسى كبير لأنى ما انتقلت إلا من درجة الضجر إلى أخرى أسوأ وأشد . الذاكرة تعذبنى والخيال ، فلعله من حسن حظ الحشرة الهائمة فى القمامة ألا يكون لها ذاكرة او خيال . بل الأغلب أن الحشرة تهنأ بالقمامة . بالقياس إلى لا فارق يذكر بين مسكنى البالى وبين القمامة . إنه لظلم وأى ظلم ألا أكون اليوم فى بيئة جديدة تزهو بالنقاء والنضارة ، وألا أكون شجرة تنعم بالأوراق والأزهار والثمار . وأذكر أسرتى فيتقبض وجهى من المرارة والسخط ، على أن وقت المحاسبة قد مضى وانقضى . لا أريد أن أصدق أننى عايشت هذه الحجرة منذ عهد التلمذه وحتى عهد التقاعد . هيئتها ومحتوياتها لم تكد تتغير إلا قليلا . هذا السرير الخشبى ما أصلبه ، سرير معمر لم تنل السنون من صحته وقوة احتماله ، لا يحظى أثاث هذا العصر بمثل هذه القوة المتحدية . وصوان متوسط الحجم ذو ضلفة واحدة تشغلها مرآه من أعلاها إلى أسفلها ، طراز منقرض تماما . ومكتب صغير قائم بين النافذتين متين القوائم مقشر السطح راجعت فوقه دروسى الابتدائية والثانوية والجامعية . وكنبة تركية طويلة جديرة بالمتاحف . وسجادة فارسية ــ هدية البكالوريا ــ هى المتاع الوحيد المحافظ على رونقه . لم تعد تعرف هندسة البناء الحديثة حجرات بهذا الاتساع ولا أسقف بهذا الارتفاع ولا أرضية مركبة من البلاط المعصرانى . العمارة نفسها آن لها أن تحال إلى التقاعد ، وشارع أبو خوذة لم يعد له من مضمون الشارع إلا اسمه . نفايات الدهر الغليظ ، تتوارى فى أركانها المظلمة أجمل الذكريات ، ولا جديد ألبتة إلا السكان الجدد ينفثون الغربة والابتذال والاستفزاز . وحيد فى شقة كبيرة ، من حجرات أربع وصالة تتكون ، يغزوها من التراب ، وتقطنها معى الصراصير والفئران . أتصدى لكل شىء دون جدوى ، للغزاة والوحشة والكآبة ، وللذكريات الحلوة أيضا ، وألعن الذاكرة والخيال .
فصول الكتاب :
الفصل الأول : أم أحمد
الفصل الثانى : صباح الورد
الفصل الثالث : أسعد الله مساءك
معلومات الكتاب :
اسم الكتاب : صباح الورد
المؤلف : نجيب محفوظ
الناشر : دار مصر للطباعة
التصنيف : روايات
الحجم :3.09 ميجا بايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق