السبت، 19 يوليو 2014

فصل من الهول لد. أحمد خالد توفيق


hool
فصل من الهول لد. أحمد خالد توفيق

صرح مصطفى الفرماوي مدير تزويد الكتب بالشروق عن توافر رواية الهول قريبًا بالمكتبة , من الرواية :

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

كان الرعب في كل مكان والصرخات تندلع في ظلام الليل

ارداقو اوجوم يسفن تدجو ينكل يتم الو تيادبلا تناك يتم فرعال.. موجنلا بناج يف تدلو..

آسف.. نسيت نفسي للحظة ونسيت أنكم عاجزون عن القراءة بالمقلوب. سأكرر ما قلته:أنا وُلدت في جانب النجوم.. لا أعرف لنفسي بيتًا ولا وطنًا سواه، والذين يقرؤون قصص الرعب يعرفون ما هو جانب النجوم جيدًا، لهذا لن أطيل عليهم..

كان الرعب في كل مكان، والصرخات تندلع في ظلام الليل.. هل قلت “ليل”؟ لا يوجد شيء كهذا؛ لأنه لا يوجد نهار في جانب النجوم أصلاً، لكننا أحيانًا نشعل واحدًا منا لنرى على الوهج المنبعث منه حقيقة الأشياء.

ننضج مع الزمن ونتعلم أشياء أكثر فأكثر.. لكننا ندرك أولاً أننا جئنا من أجل الخوف والهول.. نغتسل بالدم ونقتات بالفزع ونسكر لدى سماع صرخات الأطفال..

توملل دجملا.. لوهلل دجملا..

لن أحكي لك قطاعات عالمنا وقانون الصيرورة، فهذا موضوع يطول.. ثم إنه سر على كل حال.. يكفي أن أخبرك بأنني نشأت في صيرورة سيجفريد الأميدي.. إنه سيد مهيب عندنا..

وجاء اليوم المقدس.. اليوم الذي تعرف فيه أنك ستغادر الصيرورة؛ لأنك صرت ناضجًا بما يكفي..

تتقدّم إلى حيث يجلس سيد الديجور مع الشيطان.. تخبره بأنك نضجت..

يهزّ رأسه لك فتشعر بأن أنيابك تستطيل والدم يخرج من منخريك، وشرر النار يتطاير من أناملك، وقد صار لك زئير كزئير الهول نفسه.. لقد منحك الـ…. منحك الـ….لا أجد كلمة مناسبة لذا سأستعمل لفظة “منحك الإذن”..

تتقدّم نحو واحدة من الفجوات..

هناك فجوات عددها ثلاثمائة في عالمنا.. وهي تقود إلى كوكبكم…

تقف بانتظار اللحظة المختارة.. تراقب هذا المذءوب وهو ينحني برأسه ليخترق الفجوة.. هناك ممر مفتوح في بيت مهجور في المكان الذي تسمونه بوكوفينا برومانيا.. سوف يجتاز هذه الثغرة، وبعد أيام يتحدث الناس عن مذءوب في المنطقة..

مصاص دماء يتقدّم ليجتاز الفتحة.. سوف يعبر إلى ما تسمونه الهند.. وبعد أيام سوف يجد الناس هناك جثثًا خالية من الدماء…

جاء دوري، فوقفت أمام الثغرة وقلت لسيد الديجور:

ـ “هبني الهول… هبني الهول!”

وعبرت الثغرة….

دخلت عالمكم في ليلة مظلمة قررت السماء فيها أن تغسل الأرض بعنف وبلا رحمة..

من حين لآخر كانت ألسنة البرق تهوي من السحب المظلمة فتتوهج الأشجار.. الأشجار التي توشك العواصف على اقتلاعها من موضعها.. وكانت الريح تعوي بلا انقطاع..

هناك بئر في هذا المكان.. بئر ماؤها سامّ لا يصلح للشرب، وقد امتلأت بمياه الأمطار وبدأت تفيض.. هذا مكان لا يمكن لمعتوه أن يأتي له في هذه اللحظات بالذات.. لكنه ثغرة مهمة من ثغرات جانب النجوم، إنني على بُعد نصف ميل من قرية ألمانية هادئة..

من القواعد المهمة هنا أنني قادر على العبور لأي ثغرة من الثغرات الأخرى بسهولة تامة..

الناس في القرية يعتقدون أن أشياء مريبة تحيط بهذه البئر، وهم يتحاشون الاقتراب منها منذ زمن، لا شك أن سكانًا آخرين من جانب النجوم قد جاءوا هنا وأحدثوا أثرًا.. لا شكّ أن الفلاحين يقولون إن هناك شيطانًا في الغابة.. لا يعرفون أنها حزمة من الشياطين..

أمشي تحت العواصف والسيول وأتحوّل إلى شكل شبه بشري..

وعندما أصل إلى القرية الألمانية الناعسة أمشي وسط الشوارع الخالية.. ظلام..ضوء خافت من وراء النوافذ.. رائحة حساء.. أمطار..

هذا البيت يصلح.. أتجه نحوه وأدقّ الباب مرارًا وأتكلم بالألمانية التي صرت أجيدها فجأة..

ـ “من فضلكم.. أنا أتجمّد..”

يفتح فلاح ألماني كثّ الشارب الباب لي ويرمقني في شك.. إنه يدخن غليونًا لكنه يمسك به بين أنامله وهو يفكّر بعمق..

من الداخل تسمع صوت زوجته تصيح:

ـ “دعها تدخل يا مولر.. الفتاة مبتلة كالدجاجة.. ألا ترى أنها واهنة رقيقة؟”

يفسح الباب لي، وأدخل البيت الدافئ لأجد أسرة تتكون من الزوجة وفتاة في سني وطفل في السابعة.. يبدو أنهم كانوا يتناولون العشاء حالاً..

يسألني الفلاح وهو يعطيني مقعدًا:

ـ “هل أنت بخير؟”

ـ “نعم”

ـ “ماذا جاء بك إلى الغابة في جو كهذا؟”

أحكي له عن الأوغاد الذين خطفوني في سيارة.. ثم عندما مررنا قرب قريتهم عضضت يد واحد من الخاطفين، وركلت باب السيارة لينفتح وألقيت بنفسي للخارج.. مشيت كثيرًا حتى وصلت لهم..

يقول الطفل وهو يشرب ملعقة من الحساء:

ـ “كيف فتحت الباب بالركل؟”

لكني أتجاهله وأغرق نفسي في طبق الحساء الذي قدّموه لي، وأضع فيه بعض لقيمات الخبز.. هنا تقول الابنة وهي تنظر لي مليًا:

ـ “لماذا تلبسين ثيابًا صيفية؟”

جوّ التذاكي هذا يثير جنوني فعلاً.. قلت في عصبية:

ـ “كنت ألبس معطفًا فوق هذه الثياب”

يسألني مولر وهو يعيد إشعال الغليون:

ـ “من أين اختطفوك؟”

ـ “من فورتشايمر.. كنت أقود سيارتي هناك”

ينظر لزوجته مفكرًا.. ثم يقول لي وهو يطلق سحابة دخان كثيفة:

ـ “أنا أعرف كل سكان فورتشايمر.. عددهم لا يتجاوز 200 شخص.. أنا متأكد من أنك لست من أي أسرة هناك”

هنا يجنّ جنوني..

عندما غادرت البيت بعد ساعة، كنت قد قمت بكل شيء ممكن.. لا بد أن من سيرون البيت سوف يعجزون عن النوم لفترة طويلة. ربما يحكون لأولادهم ما رأوه لعدة أجيال..

كنت غارقًا في الدم وأنا أمشي تحت الأمطار أنظر للسماء.. وأترك الماء يغسل ما علق بجلدي ووجهي.. أنا الهول.. أنا الهول..

كانت البئر هناك والماء يتدفق منها..

ببساطة تسلقت على الحافة ونزلت فيها..

سأكون في مكان آخر مع أناس آخرين حالاً..

هذه المرة تحوّلت إلى مذءوب

الفجوة التالية كانت في نيوزيلندا..

هذه المرة تحوّلت إلى مذءوب.. وخرجت من الفجوة في وقت اكتمال القمر., وقفت على الطريق السريع أمام السيارات أعوي وأتلوى.. وكان المشهد مخيفًا لدرجة أن أكثر من سيارة انحرفت عن الطريق وانقلبت.. كنت أنزل لأنهي أمر الركاب..

ثم بعد هذا دخلت الغابات القريبة.. كان هناك عدد من الشباب ينعمون بنزهة خلوية، أي أن كل شاب وفتاة كانا في ركن بعيد عن زملائهم.. هذا سهّل المهمة جدًا..كنت أجول بين الأشجار، ثم أنقضّ على العاشقين اللذين لا يصدّقان أن هذا حقيقي.

فقط عندما ترى الفتاة رأس حبيبها في حجرها كانت تطلق صرخات الهستيريا.. هنا تلحق به بسرعة..

لقد مرحت كثيرًا..

أنا الهول.. أنا الهول…

 

 

 

مقتبس من موقع اخر كتاب . كل الحقوق محفوظة 2014.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق