الجمعة، 25 يوليو 2014

مذكرات الدعوة والداعية لــ حسن البنا

مجموع ما كتبه الإمام الشهيد حسن البنا عن حياته الحافلة ونشأة الجماعة وتكوينها
وتعدد شعبها ومناطقها وأفرادها وانتقالها من الاسماعيلة الى القاهرة .. والكتاب حبكته جميلة وممتعة واللغة فيه رصينة ..
أعتقد من يقرأ هذا الكتاب فسيختلف تقديره حتما لحسن البنا سواء كان من محبيه فيزيد حبه له أو من معارضيه
فينصفه ويحترمه
مقتطفات من الكتاب
مقدمة
( أوصي الذين يعرضون أنفسهم للعمل العام ويرون أنفسهم عرضة للاحتكاك بالحكومات ألا يحرصوا على الكتابة )
لا أدري لماذا أجد في نفسي رغبة ملحة في كتابة هذه المذكرات بعد أن أعرضت عن ذلك إعراضا تاما على اثر عثور النيابة على مذكراتي الخاصة سنة 1943 , ما لقيت من المحقق من عنت وإرهاق في غير جدوى ولا طائل ولا موجب إلا تحميل الألفاظ غير ما تحمل , واستنباط النتائج التي لا تؤدي إليها المقدمات بحجة أن هذه هي مهمة النيابة العمومية باعتبارها سلطة اتهام .
مذكرات الدعوة والداعية لــ حسن البنا ولعل ضياع معظم هذه المذكرات بعد ذلك هو السبب المباشر نزولا على هذه الرغبة , لأنه يظهر أنه من العزيز على المرء أن تضيع من بين يديه هذه الذكريات العزيزة , أو أنه يخشى عليها الضياع والنسيان وهي صفحات حياته , يسري بتلاوتها واستعراضها عن نفسه , ويتركها لغيره من بعده .. وبالرغم من هذا الضياع فإنني لازلت أذكر هذه الوقائع كأنها بنت الساعة .
ولعل هذا سبب آخر لرغبتي في الكتابة , حتى لا تأتي على هذا التذكر عوادي الزمن , " واختلاف النهار والليل ينسي " ! .
ومهما يكن من شيء فانا راغب في الكتابة , وسأكتب نزولا على هذه الرغبة , فإن يكن الخاطر رحمانيا فالحمد لله , وإن يكن غير ذلك فأستغفر الله , ويقيني أن هذه الكتابة إن لم تنفع فلن تضر , والخير أردت , والله ولي التوفيق .
وإن كنت أوصي الذين يعرضون أنفسهم للعمل العام ويرون أنفسهم عرضة للاحتكاك بالحكومات ألا يحرصوا على الكتابة , فذلك أروح لأنفسهم وللناس , وأبعد عن فساد التعليل وسوء التأويل والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ! .
مدرسة الرشاد الدينية
رحم الله أستاذنا الشيخ محمد زهران صاحب مدرسة الرشاد الدينية , الرجل الذكي الألمعي , العالم التقي , الفطن اللقن الظريف , الذي كان بين الناس سراجا مشرقا بنور العلم والفضل يضيء في كل مكان , وهو وإن كانت دراسته النظامية لم تصل به الى مرتبة العلماء الرسميين , فإن ذكاءه واستعداده وأدبه وجهاده قد جعله يسبق سبقا بعيدا في المعارف وفي الإنتاج العام . كان يدرس العامة في المسجد ويفقه السيدات في البيوت . وأنشأ مع ذلك مدرسة الرشاد الدينية في سنة 1915م . تقريبا لتعليم النشء على صورة كتاتيب الإعانة الأهلية المنتشرة في ذلك العهد في القرى والريف , ولكنها في نهج المعاهد الرائعة التي تعتبر دار علم ! تربية على السواء ممتازة في مادتها وطريقتها , وتشتمل مواد الدراسة فيها – زيادة على المواد المعروفة في أمثالها حينذاك – على الأحاديث النبوية حفظا وفهما , فكان على التلاميذ أن يدرسوا كل أسبوع في نهاية حصص يوم الخميس حديثا جديدا يشرحه لهم حتى يفقهوه , ويكررونه حتى يحفظوه ثم يستعرضون معه ما سبق أن درسوه فلا ينتهي العام إلا وقد حصلوا ثروة لا بأس بها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأذكر أن معظم ما أحفظ من الأحاديث بنصه هو مما علق بالذهن منذ ذلك الحين , كما كانت تشتمل كذلك على الإنشاء والقواعد والتطبيق , وطرف من الأدب في المطالعة أو الإملاء ومحفوظات ممتازة من جيد النظم أو النثر ولم يكن شيء من هذه المواد معروفا في الكتاتيب المماثلة . وكان للرجل أسلوب في التدريس والتربية مؤثر منتج , رغم أنه لم يدرس علوم التربية ولم تلق قواعد علم النفس , فكان يعتمد أكثر ما يعتمد على المشاركة الوجدانية بينه وبين تلامذته , وكان يحاسبهم على تصرفاتهم حسابا دقيقا مشربا بإشعارهم الثقة بهم والاعتماد عليهم ,ويجازيهم على الإحسان أو الإساءة جزاء أدبيا .
يبعث في النفس نشوة الرضا والسرور مع الإحسان , كما يذيقها قوارص الألم والحزن مع الإساءة , وكثيرا ما يكون ذلك في صورة نكتة لاذعة أو دعوة صالحة أو بيت من الشعر – إذ كان الأستاذ يقرضه على قلة - ولا أزال أذكر بيتا من الشعر كان مكافأة على إجابة في التطبيق أعجبته فأمر صاحب الكراسة أن يكتب تحت درجة الموضوع .
حسن أجاب وفي الجواب أجادا فالله يمنحه رضا ورشادا
كما أذكر بيتا آخر أتحف به أحد الزملاء على إجابة لم ترقه فأمره أن يكتب تحت درجته :
يا غارة الله جدي السير مسرعة في أخذ هذا الفتى يا غارة الله
ولقد ذهبت مثلا وأطلقت على هذا الزميل اسما فكنا كثيرا ما نناديه إذا أردنا أن نغيظه " يا غارة الله " . وإنما كان الأستاذ يوصي صاحب الكراسة بأن يكتب بنفسه ما يمليه عليه لأنه رحمه الله كان كفيفا ولكن في بصيرته نور كثير عن المبصرين ( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) ولعلي أدركت منذ تلك اللحظة وإن لم أشعر بهذا الإدراك – أثر التجاوب الروحي والمشاركة العاطفية بين التلاميذ والأستاذ ,
بيانات الكتاب
الاسم : مذكرات الدعوة والداعية
تأليف : حسن البنا
الناشر : دار التوزيع والنشر الإسلامية
عدد الصفحات : 340 صفحة
الحجم : 5 ميجا بايت
تحميل كتاب مذكرات الدعوة والداعية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق