السبت، 26 يوليو 2014

حكايات مسافر لــ مصطفى محمود

كتاب خفيف دوَّن فيه ةدكتور مصطفى رحلاته واسفاره فى بلدان زارها بين لندن وباريس وبيروت وبرلين وطرابلس
أنهى دكتور مصطفى الكتاب متحدثا عن تاريخ ليبى طويل ومشرف بعباره : تُرى ماذا تخبئ لك الأيام يا طرابلس ؟! .. يا أعز من احببت ذات شتاء فى عام 67

مقتطفات من الكتاب

مقدمة
الليالي الحمراء في ألمانيا
ألمانيا بلاد مهذبة جدا كل شيء فيها يتم وفقا لجدول وبرنامج وحصص محددة .
وفي خلال خمسة أيام متتالية من رحلتنا كانت كل حصصنا مصانع ..
حكايات مسافر لــ مصطفى محمود كنا نصحو على مصنع ونفطر على ورشة ونتغذى على شركة ونتعشى على منجم وبدأت أشعر بالغيظ ..
أليس في ألمانيا حصص للتسلية ..
كنت قد مللت من الفحم والحديد وطفح بي الملل
وبدأت أعرب لمرافقنا الرسمي عن اعجابي العظيم بألمانيا وصناعاتها وكنت أقول له كل يوم خمس مرات .. ان ألمانيا رائعة وانها أثبتت أنها لن تموت وانها انتصرت على أعدائها ...
وكان يجيبني بابتسامة مهذبة قائلا :
هذا قليل من كثير يا سيدي وغدا سوف ترى في مصانع " اسن " ماذا فعلنا .. سوف ترى مليار طن من الخردة يذوب أمام عينيك ويتحول الى أنهار من الحديد السائل ثم يخرج من طرف المصنع أنابيب وأسياخا وألواحا وشرائح وسوف ترى الألواح في مولونيا تتحول الى عربات أنيقة وسوف ترى في باديش الهواء يتحول الى سماد انك تستطيع أن تتصور مدى ما بذلنا من جهد اذا اطلعت على أرقام انتاجنا الأخيرة .
ويضع يده في جيبه ويخرج خريطة ورسوما بيانية واحصاءات يبسطها أمامه ويبدأ في تلاوتها :
3 ملايين طن كذا وكذا في شهر كذا
5 مليارات من الأطنان كذا في شهر كيت وكيت .
تسعون ألف قطعة في سنة كام وفي سنة كام وأحتى رأسي انحناءة غاية في التهذيب وأنا أؤكد له أن هذا ما أتصوره فعلا وأن ألمانيا قد أصبحت عميدة الصناعة في العالم ثم أردف في خجل قائلا :
ولا شك أن الصناعة ليست كل شيء في ألمانيا ولا بد أن ألمانيا تقدمت في كل فن حتى حتى في السينما مثلا ...
ها ... ها ... السينما والراديو والتلفزيون أيضا ان عندنا صمامات تستطيع أن تلتقط كذا ذبذبة في الثانية وتستطيع أن تعمل على كذا موجة في وقت واحد ... والاحصاءات الأخيرة تدل على ...
ويخرج خريطة الرسوم البيانية والاحصاءات ويبدأ في التلاوة من جديد فأقول في استسلام :
رائع .. رائع .. عظيم مدهش
وقد ظللت شهيد هذه الاحصاءات مدة خمسة أيام متوالية حينما فهم الألماني البيب غرضي فجأة فقال لي وهو يربت على كتفي :
ها .. أنت تريد أن تلهو ؟
فقلت في استنجاد : ها .. ها ... أرجوك .
وربت على كتفه وربت على كتفي وتبادلنا النظرات الجانبية والضحك لأول مرة في الرحلة ثم مال علي هامسا :
سوف آخذك الى أرقى مقهى في دسلدورف الى البلاديوم ...
رائع .. أشكرك ... سوف يساعدني هذا كثيرا على فهم المصانع ...
وتصافحنا في ود عميق ...
وفي المساء كنت أجلس الى جواره في صالة ملهى أنيق حول بيست رقص ومسرح متحرك ... وكنا نحن الاثنان الشابين الوحيدين في الملهى كله ... وكل من حولنا من العجائز ..
وفهمت أن صديقي مبالغة في الحفاوة بي قد صحبني الى أغلى كباريه في دسلدورف وهو كباريه يذهب اليه أصحاب المصانع فقط ليشاهدوا نوعا راقيا جدا من اللهو ... نوعا يشبه الفلسفة عندنا .
واستسلمت لقضائي ورحت أنظر الى الوجوه الكهلة والشعر الأبيض والظهور المحدبة وأتأمل الفراء والمجوهرات وثياب السهرة .

بيانات الكتاب

الاسم : حكايات مسافر
تأليف : مصطفى محمود
الناشر : دار اخبار اليوم
عدد الصفحات : 131 صفحة
الحجم : 1 ميجا بايت

تحميل كتاب حكايات مسافر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق