منذ انتهاء الحرب الباردة أصبح مفهوم التحول واحدا من المفاهيم كثيفة التداول بين محللى السياسة الدولية وحتى بافتراض أن الحرب الباردة لم تكن فد انتهت فإن مفهوم التحول كان سيكتسب اهتماما أكاديميا وإعلاميا واسعا على الأقل بحكم أننا على أعتاب قرن جديد وهو فى حد ذاته كفيل بإثارة خيال واسع عن مستقبل وشكل النظام الدولى ودور عديد من القوى الدولية والإقليمية الفاعلة فيه
مقتطفات من الكتاب
فهم الآخر
كلما كنت أعود من زيارة الى تركيا باعلامها وباحثيها ومفكريها وناسها العاديين كان يبتدي أمام ناظري وبأسى كبير حجم الهوة التي تفصل الانسان العربي بمختلف شرائحه عن معرفة " وبالتالي فهم " حركة مجتمع ونظام في دولة كانت علاقتها بنا وعلاقتنا بها متطرفة في خياراتها : اما تكاملا " عثمانيا " واما انفصاما " جمهوريا " :
ولم يكن التقاعس عن فهم " ونضيف هنا تفهم " " الآخر " مقتصرا على طرف دون غيره بل كان متبادلا على جميع المستويات ولا نفتئت على اعتدادنا " المشرقي " اذا أرجعنا علة ذلك .
بصورة أساسية الى قصورنا عن التعاطي مع التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه مجتمعاتنا بأدوات العلم الشمولي وتفكيك الموروث المزمن " العلاقات القبلية , النزعات التسلطية , الأمية سوء توزيع الثروة الارهاب الفكري والسياسي " بعيدا عن هاجس الخوف من فقدان الخصوصية و " أصالة " الانتماء .
اليوم وعلى مشارف القرن الواحد والعشرين لم تتغير صورة التعاطي القاصرة المتبادلة بين العرب والأتراك كثيرا كثيرا كما كانت عليه .
واذا كان من حافز يدفع قدما الى اعادة النظر ولو بصورة خجولة بهذا الواقع الاليم فهو حدث انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفييتي واستشعار الخطر من اعادة فتح بعض الملفات القديمة مثل مسألتي الموصل – كركوك والاسكندرون .
لكن هذا الكتاب , ليس دراسة في العلاقات العربية – التركية وهو اذا كان يزعم أساسا تقديم " معرفة " ما ومعطيات تحليلية تشكل على ما نظن ما يؤهلها لسد ثغرة في الثقافة السياسية العربية , فانه في تناوله لقضايا تركية كثيرة ومتنوعة يمثل بدوره للأتراك " نظرة " أخرى " عربية " قابلة للنقاش والتفاعل في اطار مفتوح لن يعدم فائدته .
ان قراءة " الآخر" " الذي قد يكون أيضا ايرانيا أو روسيا أو أميركيا أو أوروبيا " مطلوبة من الطرفين وانعدام مراكز الدراسات العربية المعنية بالمتابعة اليومية للوضع التركي من مختلف جوانبه يقابله كذلك ندرة الدراسات المنتظمة ومراكز الدراسات الاستراتيجية المتخصصة بشؤون العالم العربي المعاصر في تركيا .
وما يصدر بين الفنية والأخرى من دراسات أو تقارير استراتيجية هو أما مبادرات فردية أو صادر عن مراكز ومؤسسات ذات وظيفة أعم مثل : وقف دراسات الشرق الأوسط والبلقان وقف الدراسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لتركيا وقف الدراسات السياسية والاجتماعية أو مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الاسلامية باسطنبول .
لذا في ظل غياب معرفة الآخر تبدو طموحة أكثر من اللزوم محاولات وضع أسس للتعاون وحتى للنقاش بين تركيا والعالم العربي على الأقل بجزئه المشرقي وتتحول بالتالي بعض التظاهرات أو " الحوارات " الطارئة ولأنها كذلك الى ما يشبه الفولكلور فتسيء وتخدع أن تؤسس وتصحح وترشد .
تركيا – الضرورة للعالم العربي ليست مجرد مصير تاريخي مشترك معه امتد لأكثر من أربعمئة عام وليست مجرد امتداد حالي جغرافي وديني الى الشمال منه .
انها مجموعة من الأبعاد التي وفرها موقعها الجيوستراتيجي وماضيها العثمالي وتطلعها الكمالي " نسبة لمصطفى كمال أتاتورك " والتحولات في العلاقات والموازين الدولية .
بيانات الكتاب
تأليف : محمد نور الدين
الناشر : رياض الريس للطباعة والنشر
عدد الصفحات : 320 صفحة
الحجم : 13 ميجا بايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق