ان الحياة لا تنفصل عن فكرة الهدف
مقتطفات من الكتاب
مقدمةقضية هذا الكتاب قضية ثورية ولا بد لي أن أقررها بوضوح في البداية لقد آمن الانسان البدائي بأن العالم كان مليئا بقوى غير منظورة : الأورندا " قوة الروح " عند الهنود الأمريكيين و الهواكا عند أهل بيرو القدماء .
وقال " عصر العقل " ان تلك القوى لم يكن لها وجود قط الا في خيال الانسان , وانه ليس سوى العقل وحده ما يستطيع أن يطلع الانسان على حقيقة الكون .
وكانت المشكلة هي أن الانسان قد أصبح قزما مفكرا وكان عالم العقليين مكانا يشيع فيه ضوء النهار حيث كان الضجر والتفاهة و " العادية " هي الحقائق النهائية والمطلقة .
ولكن المشكلة الرئيسية بالنسبة للكائنات الانسانية هي ميلهم الى أن يقعوا في شرك : " تفاهة الأشياء اليومية " اذا ما استعرنا عبارة هايدجر في عالم مشاغلهم الشخصية الخانق وفي كل مرة من مرات وقوفهم في هذا الشرك فانهم ينسون العالم الشاسع الهائل ذا المغزى الأكثر اتساعا الذي يترامى من حولهم ولما كان الانسان بحاجة الى احساس بالمعنى لكي ينفس عن طاقاته المخبوءة فان هذا النسيان يجذبه أو يدفعه الى أغوار عميقة من الانقباض والضجر وهو الاحساس بأن شيئا لا يستحق أن يبدل من أجله أي جهد .
وبمعنى ما فان الهنود الأمريكيين وأهل بيرو كانوا أقرب الى الحقيقة من الانسان الحديث ذلك لأن حدسهم ل " القوى غير المنظورة " جعلهم متفتحين لتلقي مظاهر وتجليات المعنى التي تحيط بنا .
ان اشتياق فاوست الى معرفة " الغيب " هو الرغبة الغريزية في الايمان بالقوى غير المنظورة وبالمغزى الأكثر اتساعا الذي يستطيع أن يكسر تلك الدائرة فيضع نهايتها .
ان ما يثير الاهتمام هو أن الانسان الغربي قد طور العلم والفلسفة بسبب هذه الرغبة المتلهفة الحارقة الساعية الى المغزى الأكثر اتساعا ولم يكن تفكيره العقلي هو ما خانه وانما كان عجزه عن التفكير بوضوح هو الخائن أي أن يفهم أن العقل الصحيح لا بد له أن يستخلص من العالم " زادا " من المعنى اذا كان له أن يستمر في الحصول على " نتيجة " من المجهود الحيوي .
وكان الخطأ القاتل هو فشل العلماء والعقليين في المحافظة على تفتح عقولهم للاحساس بال " هواكا " أي بالقوى غير المنظورة لقد حاولوا أن يقيسوا الحياة بمسطرة طولها ست بوصات وأن يزنوها بصنجات المطبخ ولم يكن هذا علما وانما كان فجاجة لا تزيد أكثر من درجة واحدة على فجاجة المتوحشين وقد سخر سويفت منها في قصته " رحلة الى لابوتا " .
يعيش الانسان بأن " يأكل " المغزى مثلما يأكل الطفل الطعام . وكلما ازداد عمق احساسه بالدهشة كلما ازداد اتساع فضوله وتطلعه الى المعرفة والفهم وازدادت قوة حيويته وازدادت قوة قبضته على وجوه الخاص .
بيانات الكتاب
تأليف : كولن ولسن
الترجمة : سامى خشبة
الناشر : دار الآداب
عدد الصفحات : 436 صفحة
الحجم : 11 ميجا بايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق