الجمعة، 25 يوليو 2014

في رأيي المتواضع لــ غازى عبد الرحمن القصيبى

كتاب ظريف وخفيف يمكن أن يُقرأ في جلسة واحدة.
الكتاب نشر في عام 1983، وهو تجميع لمقالات نشرت قبل ذلك في مجلة اليمامة، ويمكن استشاف اختلاف أسلوب القصيبي في الكتابة آنذاك عن الأسلوب المكتمل النمو الذي تعودنا عليه في كتبه الأخيرة.
مقتطفات من الكتاب
لماذا كان رأيي متواضعا ؟
أود أن أقول إنني عندما اخترت لهذا الكتاب اسم "في رأيي المتواضع" لم أفعل ذلك عبثا أو حياء كاذبا أو استفزازا , ولكن بعد روية وتفكير . إن ما أعرضه هنا هو مجرد رأي . وهو رأي متواضع لأنه رأي الشخصي لم يسبقه كثير أو قليل من البحث التطبيقي أو الميداني . إنني أقول بملء فمي إن كل ما كتبته في هذه المقالات من قبيل الرأي الشخصي لا النظريات الدقيقة ولا الأبحاث العلمية .
وهو رأي يجري عليه ما يجري على آراء البشر جميعا من خطأ وصواب . ولا أستبعد أن يكون نصيب الثاني أوفى من نصيب الأول . وما دام كذلك , فإنني لا أرى أي مصلحة في فتح مناوشات جانبية مع كل من لا يعجبه رأي قرأه هنا . مثل هذه المناوشات في العادة , لا تنتج شيئا جديرا بالقراءة .
في رأيي المتواضع لــ غازى عبد الرحمن القصيبى إنني لا أؤمن إلا بنوعين " من الحقائق " النوع الأول هو : الحقائق الدينية التي كشف عنها القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والسنة الصحيحة الثابتة . أما النوع الثاني : فالحقائق التي أثبتت التجارب الدقيقة صحتها المرة بعد المرة_ كتركيب الماء أو تجمده عند درجة معينة من الحرارة وغليانه عند أخرى . أما كل الحقائق الأخرى فأعتبرها " وقتية " أو "نسبية " أو كليهما معا .
وأقصد بالحقائق " الوقتية " مئات النظريات التي تعج بها العلوم الطبيعية والقلة القليلة من العلوم الاجتماعية :كالعلاقة بين مادة " السكرين " والسرطان وأسباب نشوء الزلازل وتاريخ الإنسان على هذه الأرض , وقانون العرض والطلب . مثل هذه النظريات " وقتية " لأنها تمثل آخر ما توصل إليه علم ما في " وقتنا هذا " وبديهي أن " وقتنا هذا ليس البداية ولا النهاية . ما نعتبره اليوم من قبيل الخرافات كان "علما " قبل ثلاثة قرون . طيران جسم ثقيل في الهواء كان خرافة قبل سبعين عاما . علماء أجلاء ناقشو يوما من الأيام موضوع " الساعة وهل هي سحر أم صناعة " وبديهي أن نعتبره اليوم حقائق علمية قد يبدو في نظر علماء المستقبل أوهاما لا تنطلي حتى على أشد الناس غباء .
وأقصد بالحقائق " النسبية " مئات " النظريات " و" المقولات " و" الفرضيات " التي تعج بها العلوم الاجتماعية والإنسانيات والآداب كنظرية " ابن خلدون " في الاجتماع , ونظرية " تايلور "في الإدارة , ونظرية " يونج" في علم النفس . هذه الحقائق نسبية من ناحيتين : مجال انطباقها وكيفية إثباتها . كل هذه النظريات دون أي استثناء تقريبا نبعت من تجارب محصورة بطبيعتها , وبالتالي فهي نسبية بالضرورة . نظرية " ماركس " نشأت في وضع رأسمالي أوروبي معين . ونظرية " فرويد " نبعت من تجربته كطبيب مع فئة محدودة من المرضى الأوروبيين في فترة تاريخية معينة . ونظرية " ميكافيلي " وليدة المجتمع السياسي الإيطالي في وقته وهكذا .
من ناحية أخرى , فإن هذه النظريات لا يمكن إثباتها كما يمكن إثبات نظرية غليان الماء ,وبالتالي تظل حقيقتها " نسبية " . إن أي نظرية اقتصادية أو فلسفية أو اجتماعية أو أدبية تعتبر صحيحة لأن إنسانا ما يعتبرها صحيحة لا لأنها قابلة للبرهان . وما يعرض في العادة " كبراهين " أو " إثباتات " لا يعدو أن يكون " تمثيلا " أو " قرائن " أو " استدلالات " يستطيع أي مناظر ذكي أن يقوضها بسهولة أو أن يأتي بما يعارضها . بإمكاننا أن نتجادل الى يوم القيامة حول " ابن خلدون " أو " فرويد " أو " المتنبي " دون أن يقنع أحدنا الآخر .
على أن البعض , وخصوصا من محدثي الثقافة , يتصور وقد قرأ كتابا أو حصل على درجة علمية أو تعرف على أستاذ كبير , أنه قد وصل فجأة الى " الحقيقة " يتصور البعض لمجرد كونه يستطيع أن يستشهد برأي أو رأيين , أو بيت أو بيتين أنه "موضوعي " وبديهي أن أي نقاش بين من يعتقد انه قد لا يعرف ومن يجزم انه يعرف مضيعة للوقت والجهد والأعصاب . فيا لأيها الأخوة الكرام : خذوا ما يعجبكم من هذه الآراء واطرحوا ما لا يعجبكم ولكن دعونا ننطلق الى أفكار جديدة ومغامرات جديدة بدلا من أن نراوح في مكاننا نناقش أيهما أشعر : الأخطل الصغير أو جرير , ونبحث : هل كان المجتمع العباسي انعكاسا لشعر أبي نواس أم كان شعر أبي نواس انعكاسا للمجتمع العباسي ؟ في حوار عقيم أحسن إيليا أبو ماضي في وصفه :
يا صاحبي .. هذا حديث باطل
لا أنت أدركت الصواب .. ولا أنا !
بيانات الكتاب
الاسم : في رأيي المتواضع
تأليف : غازى عبد الرحمن القصيبى
الناشر : الدار العربية للعلوم ناشرون
عدد الصفحات : 104 صفحة
الحجم : 1 ميجا بايت
تحميل كتاب في رأيي المتواضع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق