القنوات الفضائية الأجنبية الموجهة للعالم العربي
قراءة في كتابات وبحوث نخبة من الإعلاميين والمفكرين العرب
من إعداد الأستاذ :
ساعد هماش
جامعة الحاج لخضر – باتنة- الجزائر
مقدمة :
في خضم التوالد السريع للقنوات الفضائية، والتوسع الإعلامي المرئي والمسموع، وفي ظل التغيرات التي يشهدها العالم وخاصة الجيوسياسية، والتي أرجعها أغلبية الباحثين والمفكرين للسلطة الرابعة والإعلام الجديد وما يحتويه من تقنيات ووسائل، وبالخصوص ما يشهده الواقع العربي تحت مظلمة ما يسمى بالربيع العربي، وفي إطار بزوغ مؤشرات جديدة تمهيدا لتشكل عالم جديد سياسيا وجغرافيا، بدأ التركيز على المنطقة العربية من طرف الدول الكبرى، وأدركت أن أنجع وسيلة لتبادل الخطاب بينها وبين شعوب هذه الدول هو الفضائيات الأجنبية الموجهة للعالم العربي والناطقة باللغة العربية خاصة وأن العالم كما قال ماك لوهان أصبح قرية واحدة تسمع كل أخبارها ولا تخفى منها خافية.
وفي معرض الحديث عن القنوات الفضائية الأجنبية الموجهة للعالم العربي أو الناطقة باللغة العربية تجدر الإشارة هنا أنه من الملاحظ في الآونة الأخيرة تزايد هذه القنوات بشكل ملفت للانتباه، مما أدى بالكثير من المتتبعين من أهل الاختصاص وغيره إلى محاولة فهم علة هذا التزايد والبحث في أسبابه وخلفياته ومبتغى الدول الكبرى من توجيه هذه القنوات إلى المواطن العربي بالذات.
والملاحظ كذلك بخصوص هذه القنوات الموجهة للعالم العربي، قلة الدراسات والبحوث الأكاديمية الموجهة للبحث في هذه الظاهرة، إلا بعض المحاولات هنا وهناك من أصحاب الاختصاص وقلة من المفكرين الباحثين العرب، رغم أن هذه الظاهرة كما يعتبرها البعض أهم ما ميز الإعلام السمعي البصري في القرن الحالي، خاصة بالشكل الذي تشهده الساحة الإعلامية من تزايد سريع وكبير لهذه القنوات.
ومما سبق تأتي هذه الدراسة كقراءة تحليلية لأهم كتابات وبحوث نخبة من الإعلاميين والمفكرين والباحثين العرب الذين تناولوا هذه الظاهرة، من خلال إنتاجهم العلمي سواء كان بحوث أكاديمية أو مقالات صحفية.
أهمية هذه الدراسة وأهدافها :
تكمن أهمية هذه الدراسات أنها محاولة لتسليط الضوء على مختلف البحوث والكتابات - على الرغم من محدوديتها وقلتها- لغرض التعرف أكثر على هذه الظاهرة المتزايدة بشكل سريع خاصة في الآونة الأخيرة، ومحاولة علمية لمعرفة أهم الدوافع والأسباب والخلفيات الفكرية لهذه الظاهرة، وكشف مبتغى الدول الداعمة لها، وبطبيعة الحال كل هذا من خلال القراءة التحليلية والمتأنية للباع العلمي المتوفر بين أيدينا لمختلف الإعلاميين والباحثين.
والمقصود بنخبة من الإعلاميين والمفكرين العرب في هذه المداخلة أهل الاختصاص، بمعنى المختصين في مجال الإعلام والاتصال، بالإضافة إلى بعض من المفكرين والباحثين المهتمين بهذه الظاهرة الإعلامية الحديثة نسبيا.
ومن خلال إطلاعي المتواضع على مختلف الدراسات والبحوث المنجزة في هذا المجال سأحاول التركيز على مجموعة من المقالات والبحوث، والتي من أهمها التقرير الذي أنجزته مجلة الإذاعات العربية سنة 2010 والذي يحتوى ملفا كاملا حول الفضائيات الدولية الناطقة بالعربية، بعد ذلك تحليل بعض المقالات المختارة لمجموعة من الإعلاميين الذين تتباين وجهات نظرهم من باحث إلى آخر ومن مؤيد إلى معارض ومن باحث في الأسباب والدوافع إلى محذر من النتائج والعواقب.
وسأبدأ بالملف الذي أنجزته مجلة الإذاعات العربية حول الفضائيات الناطقة بالعربية، بدءا بتقديم الأستاذ محمد رؤوف يعيش، ثم بحث أكاديمي بعنوان الخطاب التلفزيوني الأمريكي الموجه إلى المشاهد العربي للدكتور علي جبار الشمري من كلية الإعلام بجامعة بغداد، بعد ذلك مقالة للدكتور السيد بخيت من كلية الاتصال بجامعة الشراقة تحت عنوان البي بي سي العربية، خصوصية الإعلام الكلاسيكي وتحدياته في بيئة إعلامية جديدة، انتقالا إلى قناة توتشي فيله من خلال بحث للإعلامي المولدي الهمامي بعنوان البرنامج العربي لتلفزيون دوتشيه فيله ترف إعلامي أم تسويق لألمانيا اليوم، وأخيرا الخطاب الإيراني إلى العرب بلغتهم من خلال قناة العالم للدكتور راغب الجابر من كلية الإعلام والتوثيق من الجامعة اللبنانية.
1- تقديم الأستاذ محمد رؤوف يعيش لملف المجلة حول الفضائيات الناطقة بالعربية:
متسائلا هل جسور للتواصل أم ترويج لثقافة أجنبية؟ حيث قدم لمحة عامة حول التزايد المتسارع لظهور هذه الفضائيات الموجهة للمواطن العربي، ثم تطرق إلى بداية ظهور هذه الفضائيات بداية من قناة الحرة سنة 2003 ونهاية بقناة تي آر تي التركية، خاتما تقديمه بعدة أسئلة تساؤلا من أهمها دواعي إحداث هذه القنوات، وإلى أي مدى استطاعت استقطاب المشاهد العربي، وما الذي ترمي إليه الدول من إطلاق مثل هذه القنوات ؟
2- الخطاب التلفزيوني الأمريكي الموجه للعالم العربي للدكتور علي جابر الشمري :
حيث بين فيه أن الدول على اختلاف ايديولبوجياتها تعمد إلى صناعة خطاب تلفزيوني يسهم في إيجاد علاقات طيبة مع الجماهير وتعميق الثقة معها، وأكد على أن الخطاب التلفزيوني اليوم احتل مكانة مهمة وأساسية للدول الفاعلة في المسرح السياسي الدولي لكونه سبيل تلك في إحداث التأثير وتغيير الآراء والقناعات، لدى الجمهور المستقبل، وبين أن خير وسيلة لمعرفة دوافع المرسل هي تحليل الرسائل الاتصالة الموجهة إلى الآخر، ثم اعتبر قناة الحرة من القنوات الحديثة التي تعمل على توضيح ملامح الثقافة السياسيةالتي يريد الأمريكيون نشرها بين الجمهور العربي، وبين أن من أهم وظائف القنوات الموجهة الإخبار والإعلام، تقديم وجهة نظر الدولة القائمة على القناة وتفسيرها تجاه القضايا والأحداث المختلفة على الساحة الدولية، تكوين الآراء والاتجاهات، الترفيه والتسلية للترويح على المشاهدين، وركز على قناة الحرة التي حدد مهمتها الأساسية بأصنافها المختلفة في تهيئة العقل العربي لتقبل النموذج الغربي، أو الترويج للثقافة الغربية الأمريكية، كذلك من بين أهم أطروحاتها التعريف بالمجتمع المدني، الاحتذاء بالأنموذج الأمريكي، تفسير وتبرير السياسة الأمريكية، ومن بين أهم النتائج التي توصل إليها هو ما عبر عنه في الفقرة التالية قائلا :"يبدو أن هناك سعيا من الخطاب التلفزيوني الأمريكي عبر قناة الحرة إلى إيجاد أنموذج حضاري يهدف إلى محو الهويات الوطنية وإلغاء النسيج الحضاري والاجتماعي للشعوب، قصد بسط هيمنة الولايات المتحدة وسيطرتها على العالم".
3- البي بي سي العربية، خصوصية الإعلام الكلاسيكي وتحدياته في بيئة إعلامية جديدة للدكتور السيد بخيت :
حيث بدأ بملحة تاريخية عن قناة البي بي سي، ثم بين أنها تقدم خدمة متكاملة في مجال نقل الأخبار إلى العالم العربي عبر الإذاعة والتلفزيون والانترنيت والهاتف النقال، وأوضح أن البي بي سي سعت إلى دخول حلبة المنافسة الإعلامية وأطلقت قناة بالعربية في 11 مارس 2008، لبث النشرات الإخبارية والبرامج الحوارية والمنوعة والأفلام الوثائقية، وأقر أن الملامح العامة لخريطة البرامج لقناة البي بي سي تسعى للتطرق إلى مواضيع غير تقليدية على الساحة العربية واختراق المحظورات المتعارفة، ومن أهم الانتقادات التي وجهها لهذه القناة حساسيتها المفرطة في ردودها على مزاعم الانحياز، وبأنها تفقد أعصابها أحيانا في تغطية بعض أحداث المنطقة العربية، وأن التزامها بالتطبيق الميكانيكي للتوازن يتفوق أحيانا على الاعتبارات الحالية للدقة والحيادية والعدالة.
4- البرنامج العربي لتلفزيون دوتشيه فيله ترف إعلامي أم تسويق لألمانيا اليوم للإعلامي المولد الهمامي :
حيث أقر في بداية دراسته أن قناة دوتشيه فيله تسعى إلى تكوين بطاقة تعريف بألمانية إلى العالم الخارجي بكل ما فيها من حراك سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي، وأن الرسالة الأساسية للقناة تحسين صورة ألمانية في العالم، ويتمحور البرنامج العربي لتلفزيون دوتشيه فيلة في تقديم مادة متنوعة أساسها المجلات والبرامج والمواعيد الإخبارية، والفلسفة البراميجية لهذا التلفزيون تهدف أساسا إلى مساعدة المشاهد العربي على فهم الحياة الأوروبية، والاندماج فيها، بشرح القوانين وتسهيل عملية الانخراط في المجتمعات الغربية، والأهم من ذلك أن دوتشيه فيله تدعو المشاهد العربي بصورة أو بأخرى إلى الانبهار بألمانيا اليوم في جميع المجالات.
5- قناة العالم، الخطاب الإيراني إلى العرب بلغتهم للدكتور راغب جابر :
حيث بين الدكتور راغب جابر أن نشأة قناة العالم كانت في سياق تاريخي، سياسي واجتماعي وإيديولوجي، وهي ليست ترفا أو محطة تجارية أو مستقلة، إنها ذات غرض محدد ومرسوم بدقة، وهدفها بالتأكيد استراتيجي في المنطقة العربية، وأوضح أيضا أن قناة العالم وضعت أيضا في سياق منافسة القنوات الدولية الموجهة للعالم العربي، ما يوحي إلى موقع إيران في منظومة القوى الدولية صاحبة المصالح في العالمين العربي والإسلامي، ومن أهدافها كما حدده مدير مكتبها في بيروت أن تكون جسرا للتواصل بين الإيرانيين والعرب ولاسيما النخب السياسية والفئات المثقفة وأصحاب الاختصاص والتواصل في نظره يقتضي الحوار، والحوار تريده القناة مباشرة ومن دون وسيط، ومن أهدافها أيضا مواجهة ظاهرة التطبيع مع المعتدين على مقدسات الأمة الإسلامية وعلى رأسهم إسرائيل، إلى جانب السعي إلى تعميق الحوار مع الآخر المختلف دينيا ولغويا وثقافيا وفكريا وسياسيا، والتنبيه إلى المخاطر التي تهدد أمن المنطقة العربية وأمن الأمة الإسلامية، وأكد أن ما يبرز هوية القناة وتوجهاتها هو برامجها المختلفة وليس نشراتها الإخبارية، والعمق في إيديولوجيا قناة العالم يسير في خطين متوازيين هما : الأمة إسلامية وليست عربية، وإيران والعرب جزء من هذه الأمة، ويحرص المسؤولون على قناة العالم كما يذكر مدير مكتبها في بيروت على القول : أن خطاب القناة ليس خطابا دينيا تبليغيا شعاريا، بل هو خطاب إنساني حضاري إسلامي أصيل، وهذا الخطاب المنفتح يتكون من خلال الجمع بين أصالة الثوابت الإنسانية والمبادىء الأخلاقية وعصرية الأساليب والتقنيات.
هذا فيما يخص مختلف الدراسات المقدمة من طرف مجموعة من الباحثين ضمن إطار التقرير الذي قدمته مجلة الإذاعات العربية حول الفضائيات الناطقة باللغة العربية.
أما الآن فسأتطرق إلى بعض كتابات وبحوث الإعلاميين المناقشين لموضوع الفضائيات الأجنبية الموجهة للعالم العربية محاولا استخلاص زبدة ما جاء فيها من آراء ومناقشات حول هذه الظاهرة الإعلامية الحديثة.
وأول ما أبدأ به مقال للدكتور فيصل القاسمالغني عن التعريف، منشور في إحدى المجلات عبر الانترنيت والمعنون بـ : لماذا فشلت الفضائيات الأجنبية الموجهة للعالم العربي ؟ وأول ما ابتدأ به فيصل القاسم في مقاله مقولة لأحد كبار السياسيين الغربيين قبل أكثر من خمسين عاماً عن الغرض من إطلاق وسائل إعلام غربية موجهة إلى العالم العربي فقال بالحرف الواحد :
كي تحبط ظهور أي ثورات داخلية ضد الأنظمة العربية القائمة.
ويشرح هذه المقولة قائلا :" بعبارة أخرى فإن وسائل الإعلام الغربية التي استهدفت منطقتنا منذ الثلث الأول من القرن الماضي وحتى الآن كان هدفها الأول الحفاظ على الأنظمة وتجميلها وتكريس الأوضاع العربية المتردية، أي تلك التي تمخضت عن الرسم الاستعماري للوطن العربي وخاصة اتفاقية سايكس بيكو سيئة الصيت، وذلك عن طريق ترويض الشعب العربي بالأساليب الخطيرة التي ابتكرها الإعلام الغربي للتحكم بالأمم والمجتمعات. لقد كانت تلك الأجهزة وما زالت أكبر داعم لأنظمتنا حتى الآن.
ويقول أيضا إن المراقب لبرامج بعض القنوات الغربية التي تبث بالعربية يرى أن انتقاداتها لبعض الأنظمة العربية لا تتجاوز القضايا السياسية العامة، كأن تشن هجوماً على بلد عربي يتعنت في التطبيع مع إسرائيل ويمانع في تحقيق السلام المطروح أمريكياً. أما عندما يتعلق الأمر بالقضايا الجوهرية التي تهم المواطن العربي فهي "تفاح محرّم" بالنسبة للفضائيات الغربية.
وربما السبب الذي أدى بفيصل القاسم إلى الحكم بفشل هذه القنوات هو عدم تطرقها إلى القضايا الجوهرية التي تخص المشاهد العربية، ونستشف ذلك من قوله :" لو كانت بعض القنوات الغربية الجديدة فعلاً تريد التقرب من المشاهد العربي وتكسبه إلى جانبها لفتحت الملفات الحيوية التي تهمه. لكنها لم تفعل أبداً، فلم نر مثلاً ولا برنامجاً قوياً ومؤثراً عن الفساد المستشري في أوساط الأنظمة العربية الحاكمة أو عن الاستبداد المقيت الذي يخنق الفرد العربي من الماء إلى الماء.
وفي اعتقادي أن السؤال الذي يطرح نفسه انطلاقا من سؤال الدكتور فيصل القاسم هو : هل حان الوقت كي تحكم مسبقا بفشل القنوات الأجنبية الموجهة للعالم العربي، بالرغم من حداثة بعضها ؟
كذلك من أهم الدراسات في هذا المجال دراسة ملاك ناصر المعنونة بـ : الفضائيات الأجنبية الموجهة، حرية الرؤية في الظلام ، حيث بدأت دراستها بقولها : قنوات ناطقة بالعربية، ولكنها ليست عربية! وقنوات روحها أجنبية ولكن في قالبها وجسدها عربية! وقنوات أخرى أجنبية قلبا وقالبا، ولكن في ساعات محددة تتحول إلى العربية
ثم أوضحت أن بداية فكرة (توجيه) إعلام إخباري أو عام من الغرب إلى الشرق، كان بتلك الإذاعات الأجنبية الشهيرة التي اقتاتت على أخبارها أجيال كاملة من المستمعين العرب، عندما كان هؤلاء يبحثون عن الخبر الصادق الواضح الطازج في أوانه، بدلا من التعتيم الإعلامي الذي كان مفروضا من أجهزة الإعلام العربية الرسمية، وعبرت بصفة عامة عن هذه القنوات أنها ثقافة أجنبية بلغة عربية.
وفي نهاية مقالتها، وكوصف لحال المشاهد العربي مع هذه القنوات شبهته بقصة دون كيشوت البطل الأسباني الذي كان يصارع (طواحين الهواء) رمزا وتعبيرا عن صراع مثالياته مع الواقع المخرب... وهكذا يتصارع المشاهد العربي الآن مع (قنوات الهواء) لعله يجد الحيادية الكاملة وفق مثالياته في الإعلام المفتوح الآن... فكم عانى هذا المشاهد العادي العربي من (القمع الإعلامي والقهر المعلوماتي) و(ضغوط الدعايات) السياسية الرسمية في بلدانه قبل ثورة الفضائيات المتفجرة الآن - مما جعله - وكردة فعل تجاه الزيف والتزييف والتغييب - يبحث عن الحيادية الكاملة. لكن السؤال الآن: هل هناك حيادية في الإعلام بشكل عام والإعلام الراهن بشكل خاص؟
وكإجابة عن سؤالها تقول : لا وجود لما يسمى (بالحيادية) في أي إعلام، فهي من المثاليات التي لا واقع لها في الإعلام... فالإعلام - أي إعلام - هو موجه بشكل أو بآخر، وله أيديولوجيته، وله أجندته الخاصة، طالما أن طبيعة الإعلام في النهاية هي (رسالة) ترسل إلى المتلقي... لكن ما يبقى وما يحتاجه بالفعل المشاهد العربي وسط هذا الخضم الإعلامي الغربي خاصة، هو البحث عن (الموضوعية)... فالموضوعية هنا هي البديل المنطقي الواقعي للحيادية... وهي التي تعني أمورا كثيرة، منها احترام عقلية المشاهد، وإبراز كل الجوانب بلا تورية، ولو أدى الأمر إلى تعرية كل الأغلفة عن الموضوع المطروح، كما أنها تعني تناول (الموضوع) كما هو دون (رتوش) أو إضافة أو حذف.
بالإضافة إلى دراسة الأستاذ شريف شعبان مبروك المعنونة بـ : الفضائيات الأجنبية الناطقة بالعربية: المعلن والخفي، وهو باحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمصر، حيث أكد أن هذه القنوات جاءت فى إطار حملة مكثفة لمواجهة تزايد مشاعر الكراهية ضدها فى العالم العربى، والتي نالت من المصالح الغربية الاقتصادية والإستراتيجية فى المنطقة. ومن ناحية أخرى هدف بعضها إلى إبراز الحقائق فى المنطقة بشكل مغاير ... أيضا جاء إطلاق هذه القنوات فى محاولة من الدول الكبرى للاستحواذ على أكبر قدر من النفوذ والمصالح بالمنطقة، لأن من يملك نفوذا أكبر بهذه المنطقة يملك نفوذا أكبر على مستوى العالم.
وفي دراسة أخرى بعنوان : الفضائيات الأجنبية بالعربية.. حلقة في مسلسل الحرب الثقافية بين الغرب والعالم الإسلامي لمحمد جمال عرفة، أكد من خلالها أن هذه القنوات عبارة عن هجوم فضائي على العرب واستدل بعدة مقولات منها مقولة رئيس تحرير صحيفة "القدس العربي" عبد الباري عطوان أن أهداف تلك المحطات وخططها على المدى البعيد لا تخرج عن الأهداف الأمريكية منذ هجمات 11 سبتمبر، بشأن تغيير العقل العربي والتدخل في تشكيله، خصوصاً أنها قنوات موجهة بعكس القنوات العربية ال 280 التي لا يوجد من بينها سوى 10 قنوات إخبارية عربية، والباقي قنوات دينية أو ترفيهية أو غنائية أو شعوذة، مؤكداً أن القاسم المشترك بين أغلب تلك القنوات هو أنها ممولة من حكومات بلدان متورطة في الحروب والأزمة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي لها مصالح حيوية وإستراتيجية فيها.
ويضيف عطوان: أن "ميلاد خدمات تلفزيونية بالعربية في كل من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وروسيا وبريطانيا، هو جزء من هجمة شرسة تستهدف العقل الجمعي للمنطقة بهدف تسطيح وعيه وتهيئة التربة الخصبة لاستغلال ثرواته الطبيعية المتمثلة أساساً في النفط".
إلا أن عطوان يهوِّن من تأثيرها على عقول وقلوب أبناء المنطقة "لأن المشاهد العربي ليس من الغباء بالشكل الذي يتصوره أصحاب تلك المشاريع الإعلامية"، حسبما يقول.
فيما اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر "محمد المسفر" تلك القنوات جزءاً من حرب طويلة ضد الأمة العربية الإسلامية وهويتها، وقال: إن الهدف من تلك القنوات هو "دخول البيت العربي واستهداف النواة الأساسية للهوية العربية والإسلامية المتمثلة في خلية العائلة، بهدف إعادة صياغة العقل العربي من الأساس لتمهيد الأرضية الثقافية للقوى المتصارعة في المنطقة".
خاتمة :
وكخاتمة لهذه الدراسة يمكننا القول من خلال قراءتنا المتواضعة لمجموعة من كتابات وبحوث الإعلاميين والمفكرين والباحثين في موضوع القنوات الفضائية الأجنبية الموجهة للعالم العربي أن معظم هؤلاء الكتاب يتفقون في شيء واحد وهو أن الهدف الأساسي لهذه القنوات هو دخول البيت العربي وتحسين صورة الدول المستخفية ورائها، ومحاولة تحسين صورتها لدى المشاهد العربي، بالإضافة إلى نشر الثقافات ومحاولة الدمج والاندماج مع خصوصية المجتمعات الموجهة لها.
وتبقى هذه الدراسات عبارة عن محاولات من هنا وهناك لتشريح هذه الظاهرة، ولا يزال المجتمع الأكاديمي العربي بحاجة ماسة إلى دراسات أكاديمية وعلمية حولها خاصة وأنها شكل من أشكال الغزو الثقافي الحديثة والخطيرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق