لا يروي الرئيس الأمريكي باراك أوباما في كتابه "أحلام من أبي: قصة عرق وإرث" الذي نشره عام 1994 اثر نيله بعض الشهرة بعد انتخابه كأول رئيس أمريكي من أصل افريقي لمجلة "هارفارد لو ريفيو" سيرة حياته منذ الطفولة وحتى تاريخ إصداره للكتاب فقط، بل يقدم أولاً وأساساً قصة كفاح واثبات للوجود واكتشاف للذات وسعي لتحويل الحلم إلى واقع، ويقدم في المقام التالي سيرة فيها الكثير من العبر وقوة الإرادة والتعلم من الأحداث وقراءة الواقع كما هو، من دون التخلي عن الحلم الذي يعتبر المحرك الأول لتغيير هذا الواقع. ويختلط في هذا الكتاب-السيرة الخاص بالعام، التفصيل الحياتي واليومي المعاش بالقضايا الكبرى والعامة التي شغلت باراك أوباما وعلى رأسها قضية السود الأمريكيين بالدرجة الأولى، وتالياً قضية الأعراق الأخرى التي تشكل مجموع الولايات المتحدة الأمريكية، وقضايا اجتماعية كثيرة أخرى انخرط فيها، ومن خلالها تلمس فيها ببطء قضايا مجتمعه الملحة، مختاراً الأهم فالمهم، لكن أهم مايميز كتاب أوباما "أحلام من أبي: قصة عرق وإرث" بالاضافة إلى تركيزه على الحلم الذي حكم حياته، وحياة أبيه من قبله، والذي يعيد اكتشافه وتقدير دوره بصماته على حياته بعد موته، ويرجع إليه أفضالاً كثيرة ورثها عنه، هو دأبه وعمله ومتابعته وتدقيقه بكل ما حوله لاكتشاف الدقائق الصغيرة والآليات الناظمة لسيرورة الحياة الأمريكية، وقدرته على خلق نوع من التوافق بينها وبين أحلام افريقي مجرد من الشعور بالوضاعة فقط لأن لون جلده مختلف، لتجد هذه الأحلام الموروثة طريقها للتحقق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق