يدعو هذا الكتاب إلى إعادة تقييم الرواية التقليدية العربية للفتوحات، وللتاريخ العربي -الإسلامي برمّته، وعرضها على النقد والبحث العلمي، كمقدّمة لازمة لإنتاج فهم حديث يساهم في التقدّم الحضاري وكسر القوالب الجامدة التي سجن العرب أنفسهم فيها، من جهة، وتلك التي دفعتهم إليها بعض مدارس الاسشتراق العنصرية، من جهة أخرى.
مقتطفات من الكتاب
على الرغم من احتلال الفتوحات العربية حيزا كبيرا من الروايات التأسيسية للاسلام كدين و للكيانات السياسية و الاجتماعية العربية و الاسلامية على رقعتين جغرافية و زمنية شاسعتين الا أن تدوين العرب اخبار الفتواحات و اثارها لم يأخذ في الاعتبار اخذا كافيا ما عنته الفتوحات بالنسبة إلى الشعوب التي جاءها العرب المسلمون الاوائل .
المصادر التاريخية العربية التقليدية حافلة بروايات عن اعمال الحكام البيزنطيين و الفرس و الوجهاء في البلدان التي وصلت اليها الفتوحات . و ترسم بعض اوجه الحياة الثقافية و الاقتصادية لتلك الشعوب . لكن الروايات تلك لم تستند إلى المصادر الاصلية لكتاب الشعوب المغلوبة .
و يحاول هذا الكتاب سرد قصص الفتوحات العربية كما رآها ثم رواها اخباريو يبزنطية و فارس و مصر و الصين و الاندلس و السريان و غيرهم مع الاخذ في الاعتبار أن كتابة تاريخ أي شعب بالاستناد إلى مصادر من خارج مصادره و رواياته عبثية بسهولة الوقوع في غواية الرواية وحيدة الجانب بقدر جاذبيتها . اما البحث عما تركته الفتوحات العربية من اثار في تواريخ الشعوب المغلوبة فمهمة لها ما يسوغها و ما يضفي عليها معنى راهنا .
و مؤلفات الكتاب العرب الذين تناولوا الفتواحات نموذج عن الوقوع في اسر الخطاب الصادر عن الذات و الموجه اليها . في حين أن الفتوحات استهدفت بلاد (( الاخر )) و اراضيه و سعت إلى تغيير عقيدته و ضمه إلى الدين الجديد وسط حملات عسكرية و دعوية واضحة و صريحة . و لم تتوقف الفتوحات الا و كان العرب كما الشعوب الاخرى قد انتقلوا من حال إلى حال .
لقد اغفل المؤلفون العرب صوت الاخر هذا و جاءت اعمال اكثرهم تصوغ و تشذب الرواية العربية – الاسلامية للفتوحات من دون أن تولي ما بقي في قصص و تواريخ الآخرين عنها ما تستحق من عناية . و نسميها قصصا لتوزعها على طيف عريض من المصادر التاريخية و غير التاريخية . اما الاولى فتغلب عليها الطبيعة الاخبارية التدوينية . و اما الثانية من كتب قديسين و سير شهداء و سجلات محلية فلم يهتم اصحابها اصلا بجعلها مراجع عن خطوب التاريخ و صروفه .
إن العناية المطلوبة بالصنفين هذين من المؤلفات و التي تعاني من قلة من ينظر اليها نظرا نقديا و علميا تبرر الضرورة الملحة للخروج من ثنائية تهيمن على النتاج الفكري العربي الحديث و ترتفع فيها السدود و الحواجز عاليا بين ما يرسمه العرب و المسلمون من صورة عن انفسهم و بين ما يراه العالم فيهم . حدا لثنائية تلك هما اولا الرواية التقريظية التمجيدية ببطولات العرب في الفتوحات و ثانيا الرؤية التبخيسية التحقيرية لكل ما قام العرب به على امتداد تاريخهم .
لقد آن الاوان في رأينا كي يشارك العرب في رسم صورتهم بناء على قراءة دقيقة لما تراكم عبر اكثر من الفي عام من الصلات بينهم و بين الشعوب و الحضارات الاخرى . الفا عام و ليس اربعة عشر قرنا لان العديد من مكونات الصورة النمطية عن العرب وجدت عند الرومان و الفرس و غيرهما من الشعوب قبل ظهور الاسلام .
بيانات الكتاب
الاسم : الفتوحات العربية فى روايات المغلوبين
تأليف : حسام عتيانى
الناشر : دار الساقى
عدد الصفحات : 230 صفحة
الحجم : 5 ميجا بايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق