ينصب جهد المؤلف في هذا الكتاب على إبراز ما يتضمنه التراث العربي من كتابات ورسائل وأقوال في الحكمة وأبوابها، موجهاً اهتمامه ليس إلى الجوانب التي استهلكت بحثاً وتأويلاً، بل إلى تلك الجوانب والفصول المنسية والمهمّشة في التراث، ومحاولة انتقاء ما يمكن أن يجعل منه تراثنا عالمياً، وما يحفظ مكانته المتميزة، وما يُمكّن الإنسان العربي من مواجهة موجات العولمة الثقافية العاتية، وما يجعل قارئ التراث متشوقاً إلى قراءة تلك الكتب القديمة التي تكاد تصبح مهجورة أو في طي النسيان.
مقتطفات من الكتاب
مقدمة
عذلني صديقي الأجنبي وقد تناهى الى مسامعه أني عاقد العزم على أن أفرد " حكمة العرب " بكتاب مخصوص فقال :
" لقد ملكني العجب بهذا الكلام , فاني ما سمعت أغرب منه وان كلامك يا هذا لمن العجب العجيب : فبحق الحق ماذا أنت قائل ؟ وما للعرب والحكمة يا وديدي ! وأني للعرب هذه الحكمة ؟ أو تريد أن تبحث عن حكمة من لا حكمة له , أي عند من ليست له الحكمة بضاعة ؟ تلك ضالة لا توجد , عز المطلوب وما كان للطالب مما رامه سوى خيبة الأمل وهل للعرب من حكمة حتى تخصهم بكتاب وتخصها بهم ! أو بسبب أن الزمان انخدع لهم بريهة وهنم لهم هنيهة صرت الى الاعتقاد بأنهم أبدعوا حكمة ؟
يا طول تعب الباحث عن الحكمة عند العرب , ويا بعد وصوله ! اليك عني فما أنا منك ولا أنت مني !
ويا فضيحة من تزيا بزي الحكماء وخالف طريقتهم ! العرب من الحكمة يا خليصي صفر ! يعدون حكماء وليسوا حكماء ويدعون النسب اليها وليسوا من نسبها , أوليس الأخلق بك وأنت ترى أن العرب صاروا اليوم الى ملء الدنيا وشغل الناس لا بحكمتهم التي زعمتها لهم وانما بحمقتهم التي تردوا في أوديتها : أو ما تراهم مشردين في كل واد يهيمون يتبعون كل ناعق ؟ أوليس الأخلق بك أن تبادر فتنشئ كتابا تسميه " كتاب الحمقة العربية " تضمنه كل الأعمال الخرقاء التي اقترفوها اما باسم " العروبة " أو " الاسلام " أو " الأمة " أو " الاشتراكية " أو " الوطنية " ؟
وبالله عليك أنظر الى عرب اليوم : أتحسبهم عقلاء ؟ بل هم حمقاء ! ومن أين لهم بهذه الحكمة الموهومة وقد جلت في العالم العربي بأكمله واني ان عثرت على بعض حكمائهم فما عثرت للعرب بعامة على حكمة ! أو قد فرغنا بعد من حمقة العرب حتى نروي عن حكمتهم ؟
وفي الجملة ان عيشك بجهلك خير لك من معرفتك بحكمة العرب المزعومة وبعد لا تظنوا بأنفسكم أيها العرب أنكم حكماء بل انما يجب أن يشهد لكم بالحكمة غيركم , ولا يوجد ولن يوجد ومن أين لكم به ؟ انما أنتم صحاة الألسنة سكارى العقول , هيامى الأرواح حيارى الأنفس ما لي أراكم أخصب شيء ألسنة وأجذبه عقولا ؟ وبعد وقبل ليس كل من ادعى الحكمة فهو حكيم وان أدعياء الحكمة لكثر , وان المخلصين منهم لقيل وبحان الله ! قد صارت " حكمة العرب " المزعومة تذكر في الكتب , ولا نجد لها " فاعلا " .
وما كاد ينتهي صديقي الأجنبي من عذله لي هذا حتى عطف صديقي العربي على كلامه واستأنف القو من حيث انتهى سالفه فأرسل وواصل :
" أعلم علم تنبيه لا علم تأديب , أن العرب أمة حماسة أي جليسي لا أمة حكمة , فكان الأولى بك والأجدر والأحق أن تجدد " كتاب الحماسة " العربي القديم أو بالأحرى أن تستأنف التأليف في " كتب الحماسة " العربية , وما أكثرها ! وذلك بما استحدث من كلام عرب اليوم وخطبهم الحماسية ورسائلهم الوعيدية ومواعظهم الانهاضية التي ملأت الدنيا وشغلت الناس .
العرب اليوم يا الفي صرعى في حالهم حيارى سكارى .
بيانات الكتاب
الاسم : الحكمة العربية
تأليف : محمد الشيخ
الناشر : الشبكة العربية للأبحاث والنشر
عدد الصفحات : 624 صفحة
الحجم : 14 ميجا بايت
مقتطفات من الكتاب
مقدمة
" لقد ملكني العجب بهذا الكلام , فاني ما سمعت أغرب منه وان كلامك يا هذا لمن العجب العجيب : فبحق الحق ماذا أنت قائل ؟ وما للعرب والحكمة يا وديدي ! وأني للعرب هذه الحكمة ؟ أو تريد أن تبحث عن حكمة من لا حكمة له , أي عند من ليست له الحكمة بضاعة ؟ تلك ضالة لا توجد , عز المطلوب وما كان للطالب مما رامه سوى خيبة الأمل وهل للعرب من حكمة حتى تخصهم بكتاب وتخصها بهم ! أو بسبب أن الزمان انخدع لهم بريهة وهنم لهم هنيهة صرت الى الاعتقاد بأنهم أبدعوا حكمة ؟
يا طول تعب الباحث عن الحكمة عند العرب , ويا بعد وصوله ! اليك عني فما أنا منك ولا أنت مني !
ويا فضيحة من تزيا بزي الحكماء وخالف طريقتهم ! العرب من الحكمة يا خليصي صفر ! يعدون حكماء وليسوا حكماء ويدعون النسب اليها وليسوا من نسبها , أوليس الأخلق بك وأنت ترى أن العرب صاروا اليوم الى ملء الدنيا وشغل الناس لا بحكمتهم التي زعمتها لهم وانما بحمقتهم التي تردوا في أوديتها : أو ما تراهم مشردين في كل واد يهيمون يتبعون كل ناعق ؟ أوليس الأخلق بك أن تبادر فتنشئ كتابا تسميه " كتاب الحمقة العربية " تضمنه كل الأعمال الخرقاء التي اقترفوها اما باسم " العروبة " أو " الاسلام " أو " الأمة " أو " الاشتراكية " أو " الوطنية " ؟
وبالله عليك أنظر الى عرب اليوم : أتحسبهم عقلاء ؟ بل هم حمقاء ! ومن أين لهم بهذه الحكمة الموهومة وقد جلت في العالم العربي بأكمله واني ان عثرت على بعض حكمائهم فما عثرت للعرب بعامة على حكمة ! أو قد فرغنا بعد من حمقة العرب حتى نروي عن حكمتهم ؟
وفي الجملة ان عيشك بجهلك خير لك من معرفتك بحكمة العرب المزعومة وبعد لا تظنوا بأنفسكم أيها العرب أنكم حكماء بل انما يجب أن يشهد لكم بالحكمة غيركم , ولا يوجد ولن يوجد ومن أين لكم به ؟ انما أنتم صحاة الألسنة سكارى العقول , هيامى الأرواح حيارى الأنفس ما لي أراكم أخصب شيء ألسنة وأجذبه عقولا ؟ وبعد وقبل ليس كل من ادعى الحكمة فهو حكيم وان أدعياء الحكمة لكثر , وان المخلصين منهم لقيل وبحان الله ! قد صارت " حكمة العرب " المزعومة تذكر في الكتب , ولا نجد لها " فاعلا " .
" أعلم علم تنبيه لا علم تأديب , أن العرب أمة حماسة أي جليسي لا أمة حكمة , فكان الأولى بك والأجدر والأحق أن تجدد " كتاب الحماسة " العربي القديم أو بالأحرى أن تستأنف التأليف في " كتب الحماسة " العربية , وما أكثرها ! وذلك بما استحدث من كلام عرب اليوم وخطبهم الحماسية ورسائلهم الوعيدية ومواعظهم الانهاضية التي ملأت الدنيا وشغلت الناس .
العرب اليوم يا الفي صرعى في حالهم حيارى سكارى .
بيانات الكتاب
الاسم : الحكمة العربية
تأليف : محمد الشيخ
الناشر : الشبكة العربية للأبحاث والنشر
عدد الصفحات : 624 صفحة
الحجم : 14 ميجا بايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق