يرى كيليطو أننا لا نتحرّر من لغتنا التي تربّينا عليها في أسرتنا، والتي اعتدناها وألِفناها. فهي حتى إن كانت في حالة كمون، فإنها تظل متربصة في المناسبات جميعها. على هذا النحو فإن كل متكلم يعبّر باللغات الأجنبية انطلاقا من لغته التي يمكن التعرّف عليها عن طريق نبرة شاذة أو لفظ أو تركيب، وأيضا عن طريق النظرة وسمات الوجه (أجل، لِلُغة وجه)
مقتطفات من الكتاب
السور
في رسالة الغفران للمعري وهو المؤلف الذي يصف فيه الآخرة يخصص مقطع مثير للغة الانسان الأول نعلم من خلاله أن آدم كان يتكلم اللغة العربية في الجنة كما نقرأ أنه عندما هبط من الفردوس نسي العربية فأخذ يتكلم السريانية .
وهكذا اقترن عنده تغيير المكان بفقدان لغة واكتساب أخرى ندرك أن نسيان اللغة الأصلية يعتبر عقابا وبطبيعة الحال بعد البعث والعودة الى الجنة سينسى آدم السريانية ويستعيد اللغة العربية .
لا تغيير للمكان من دون عقاب : فقد ينسى المرء لغته وبعبارة أخرى قد يصبح آخر كثير من المغاربيين , وكثير من العرب يمكنهم اليوم أن يتعرفوا على أنفسهم في قصة آدم فهم بكيفية أو بأخرى تعلموا لغة أجنبية " فنسوا " لغتهم .
حتى سن السابعة لم أكن أعرف الا العربية وبما أنني لا أذكر كيف اكتسبتها " فمن منا يذكر كيف تعلم التكلم ؟ " أميل الى الاعتقاد أن هذه اللغة فطرية وأنني جئت الى الدنيا معها كانت ف انسجام مع العالم الذي ترعرعت فيه , عالم المنزل والأسرة والحي كان العالم حينئذ مكتفيا بذاته , منغلقا مكتملا .
كنت أعلم شبه علم أن أفرادا ينتمون الى ديانة مخالفة كانوا يتكلمون الفرنسية والاسبانية .
درست اللغة الفرنسية بسبب عثرة من عثرات التاريخ , أو الجغرافية بالأحرى لو أنني ولدت شمال المغرب لكنت درست لغة ثيرفانطيس , وأعتقد أن مساري العلمي وقدري كانا سيتخذان منحى آخر توجهت نحو اللغة الفرنسية لأنني ولدت في الرباط في المنطقة التي تخضع لحماية فرنسا .
غدت الرحلة فيما بعد رحلة يومية من المدينة العتيقة الى ما وراء السور من الفضاء الأسروي المألوف الى الفضاء الأجنبي الغريب .
وهي أيضا رحلة من الشفوي الى المكتوب : فرضت الفرنسية علي نفسها كلغة لا تنفصل عن الكتابة تعلمتها عن طريق تهجي الحروف وتدوينها درستها لا لأتكلمها وانما لأقرأها وأكتبها .
ما أن كنت أغادر القسم حتى كانت تمحى اذ لم تكن لي فرصة لاستخدامها صحيح أنني تمكنت تدريجيا من التحدث بها الا أنني لم تتح لي فرصة استعمالها .
بيانات الكتاب
الاسم : أتكلم جميع اللغات لكن بالعربيةتأليف : عبد الفتاح كيليطو
الترجمة : عبد السلام بنعبد العالي
الناشر : دار توبقال للنشر
عدد الصفحات : 115 صفحة
الحجم : 2 ميجا بايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق