يقف هذا الكتاب من الناحية الفكرية موقفًا علميًا وفلسفيًا ختصًا يتمثل في افتراض أن اللعب هو أساس الحضارة وأنه الأقدم عهدًا والأعمق أصلاً من الحضارة ذاتها، على امتداد فصول الكتاب أعمل المؤلف عديدًا من مناهج وأدوات البحث والتحليل تتراوح بين التحليل الأنثروبولوجي والتحليل الاجتماعي والثقافي والتاريخي موظفًا هذه المناهج والأدوات في تحليل الموضوع.
مقتطفات من الكتاب
مقدمة
بقلم : جورج شتاينر
يبدو أن حياة يوهان هوتسينغا 1872 – 1945 كانت هادئة ومستقرة رغم آلامه ومعاناته في ظل الاحتلال النازي لهولندا الذي لم يثنه عن مواصلة نشاطاته كمؤلف ومؤرخ , لقد تقلد العديد من المناصب الأكاديمية المرموقة في الجامعات الهولندية حيث عمل أستاذا للتاريخ في جامعة غرونينغين وهي من الجامعات المتميزة الى حد كبير التي كتب عنها يوهان دراسة شيقة تناولت تاريخ تلك الجامعة على مدار مائة عام .
ثم شغل كرسي التاريخ في جامعة ليدن العريقة في الفترة من عام 1915 الى عام 1941 ويعد هذا المنصب من أسمى المناصب العلمية في الجامعة وفي مدينة ليدن ذات الأسطح الجملونية – النابضة بالحياة والمفعمة بعبق الذكريات المستوحاة من التاريخ السياسي والثقافي الأوروبي – خاصة تاريخ القرن السابع عشر – تفتحت قريحة يوهان وكتب أعظم مؤلفاته ودراساته الأدبية والسياسية والدينية التي كانت انعكاسا لتجربته الحياتية .
في هذه المدينة نمت وترعرعت شخصيته الوقورة ذات الحساسية المرهفة وبعدما نشر كتابه التاريخي " خريف العصور الوسطى " أصبح الرجل ملء السمع والبصر في أوروبا بأسرها .
وعلى الرغم من بعض الانتقادات التي تعرض لها الكتاب علاوة على تحفظات وملاحظات عدد من المؤرخين الا أنه يعد من الروائع التاريخية التي سبرت الأغوار الثقافية والنفسية للعصور الوسطى .
لقد أثبت كتاب " خريف العصور الوسطى " أن يوهان هوتسينغا هو الوريث الأكاديمي للكاتب العظيم ياكوب بوركهارت الذي ألهمت كتبه عن عصر النهضة في ايطاليا – يوهان فانكب على دراسة التاريخ الأوروبي القديم .
وكان الرجلان يعتبران من ورثة الفيلسوف اراسموس “Erasmus”وممن ساروا على نهجه خاصة بعدما كتب يوهان السيرة الذاتية لاراسموس والتي نشرت في عام 1924 .
ولقد استطاع الرجلان " بوركهارت وهوتسينغا " كل في مجال تخصصه وكل في مدينته – بال “ basel” وليدن – تنقية واعادة تشكيل وبناء الخطاب التاريخي والحضاري على أسس علمية نزاعة الى الحدس الفلسفي وبفضل الارتباط العاطفي والشخصي الذي يفتقد الى التمييز أحيانا – بين بوركهارت والفيلسوف الألماني نيتشه كان بوركهارت يؤمن بأن القيم الأوروبية والانسانية تعاني من العديد من الأزمات التي تهدد بقاءها .
أما هوتسينغا فقد شهد تداعيات سقوط النموذج القيمي الأوروبي وهو قابع في منفاه الكنسي – داخل أبريشية منعزلة في شرق هولندا وبينما كان يقضي شتاه الحياتي الأخير في هذا المكان الكئيب قارس البرودة ظل هوتسينغا يستخلص العبر والدروس ويدعو الى تحويل لحظة الانهيار الى زخم متجدد .
لقد كان هوتسينغا مولعا بالثقافة باعتبارها نوعا من اللعب ويرجع هذا الاهتمام الى عام 1903 عندما أكمل دراسته في مجال الاستشراق ودراسات اللغة السنسكريتية .
وفي سيرته الذاتية " طريقي الى التاريخ " يروي لنا أنه تخصص في التاريخ بالمصادفة البحتة , ولقد أشار الى الترابط بين الثقافة واللعب في خطابه الى المجتمع الجامعي في جامعة ليدن عندما تولى منصب رئيس الجامعة في عام 1933 .
تأثر هوتسينغا بالأزمة السياسية التي اجتاحت أوروبا في الثلاثينيات من القرن المنصرم ونشوء الحركة النازية في ألمانيا حيث أصدر كتابه الشهير " في ظل أشباح الغد " عام 1935 .
وربما ازداد اهتمام هوتسينغا بمسألة اللهو واللعب بسبب تصاعد الأزمة السياسية في أوروبا وكرد فعل معاكس ركز اهتمامه على السلوك الانساني في سويعات المرح والمزاح والبهجة .
ومن هذا المنطلق شرع هوتسينغا في تأليف كتابه الشهير " ديناميكية اللعب " وانتهى من كتابة الطبعة الأولى في عام 1938
بيانات الكتاب
الاسم : ديناميكية اللعب في الحضارات والثقافات الإنسانية
تأليف : يوهان هوتسينغا
الترجمة : صديق محمد جوهر
الناشر : هيئة ابو ظبى للثقافة والتراث
عدد الصفحات : 570 صفحة
الحجم : 6 ميجا بايت
تحميل كتاب ديناميكية اللعب في الحضارات والثقافات الإنسانية
مقتطفات من الكتاب
مقدمة
بقلم : جورج شتاينر
ثم شغل كرسي التاريخ في جامعة ليدن العريقة في الفترة من عام 1915 الى عام 1941 ويعد هذا المنصب من أسمى المناصب العلمية في الجامعة وفي مدينة ليدن ذات الأسطح الجملونية – النابضة بالحياة والمفعمة بعبق الذكريات المستوحاة من التاريخ السياسي والثقافي الأوروبي – خاصة تاريخ القرن السابع عشر – تفتحت قريحة يوهان وكتب أعظم مؤلفاته ودراساته الأدبية والسياسية والدينية التي كانت انعكاسا لتجربته الحياتية .
في هذه المدينة نمت وترعرعت شخصيته الوقورة ذات الحساسية المرهفة وبعدما نشر كتابه التاريخي " خريف العصور الوسطى " أصبح الرجل ملء السمع والبصر في أوروبا بأسرها .
وعلى الرغم من بعض الانتقادات التي تعرض لها الكتاب علاوة على تحفظات وملاحظات عدد من المؤرخين الا أنه يعد من الروائع التاريخية التي سبرت الأغوار الثقافية والنفسية للعصور الوسطى .
لقد أثبت كتاب " خريف العصور الوسطى " أن يوهان هوتسينغا هو الوريث الأكاديمي للكاتب العظيم ياكوب بوركهارت الذي ألهمت كتبه عن عصر النهضة في ايطاليا – يوهان فانكب على دراسة التاريخ الأوروبي القديم .
وكان الرجلان يعتبران من ورثة الفيلسوف اراسموس “Erasmus”وممن ساروا على نهجه خاصة بعدما كتب يوهان السيرة الذاتية لاراسموس والتي نشرت في عام 1924 .
ولقد استطاع الرجلان " بوركهارت وهوتسينغا " كل في مجال تخصصه وكل في مدينته – بال “ basel” وليدن – تنقية واعادة تشكيل وبناء الخطاب التاريخي والحضاري على أسس علمية نزاعة الى الحدس الفلسفي وبفضل الارتباط العاطفي والشخصي الذي يفتقد الى التمييز أحيانا – بين بوركهارت والفيلسوف الألماني نيتشه كان بوركهارت يؤمن بأن القيم الأوروبية والانسانية تعاني من العديد من الأزمات التي تهدد بقاءها .
أما هوتسينغا فقد شهد تداعيات سقوط النموذج القيمي الأوروبي وهو قابع في منفاه الكنسي – داخل أبريشية منعزلة في شرق هولندا وبينما كان يقضي شتاه الحياتي الأخير في هذا المكان الكئيب قارس البرودة ظل هوتسينغا يستخلص العبر والدروس ويدعو الى تحويل لحظة الانهيار الى زخم متجدد .
لقد كان هوتسينغا مولعا بالثقافة باعتبارها نوعا من اللعب ويرجع هذا الاهتمام الى عام 1903 عندما أكمل دراسته في مجال الاستشراق ودراسات اللغة السنسكريتية .
وفي سيرته الذاتية " طريقي الى التاريخ " يروي لنا أنه تخصص في التاريخ بالمصادفة البحتة , ولقد أشار الى الترابط بين الثقافة واللعب في خطابه الى المجتمع الجامعي في جامعة ليدن عندما تولى منصب رئيس الجامعة في عام 1933 .
تأثر هوتسينغا بالأزمة السياسية التي اجتاحت أوروبا في الثلاثينيات من القرن المنصرم ونشوء الحركة النازية في ألمانيا حيث أصدر كتابه الشهير " في ظل أشباح الغد " عام 1935 .
ومن هذا المنطلق شرع هوتسينغا في تأليف كتابه الشهير " ديناميكية اللعب " وانتهى من كتابة الطبعة الأولى في عام 1938
بيانات الكتاب
الاسم : ديناميكية اللعب في الحضارات والثقافات الإنسانية
تأليف : يوهان هوتسينغا
الترجمة : صديق محمد جوهر
الناشر : هيئة ابو ظبى للثقافة والتراث
عدد الصفحات : 570 صفحة
الحجم : 6 ميجا بايت
تحميل كتاب ديناميكية اللعب في الحضارات والثقافات الإنسانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق