الاثنين، 18 مارس 2013

الشيخ عبد الرحمن السكوتي

بسم الله الرحمن الرحيم وصل الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم


ولد رحمه الله تعالى بقرية ساهل من بلدية أقبلي أولف بأدرار سنة 1285.قرأ القرآن على مشايخ القرية ولما حفظ القرآن حفظ إتقان اتجهت همته السامية إلى تعلم العلوم الشرعية فانخرط في سلك طلبة العلم وحضر مجالس شيوخ البلدة التي كانت زاخرة بالعلماء متعددة المجالس العلمية فطفق يتردد بين هذا المجلس وذاك وخصوصا مجلس خاله الشيخ السيد حمزة بن الحاج أحمد الذي يعد عميد علماء تلك الناحية والذي كان له الأثر الكبير في تثقيف وتعليم الشيخ السكوتي فدرس عليه الفقه بنصوصه المتداولة وسمع منه الحديث الشريف.وقرأ علوم العربية والفرائض والحساب وغيرها حتى أصبح من العلماء الأعلام ففاضت عليه الفيوضات الرحمانية والأنوار الربانية والعلوم الدينية فنال من العلوم ما كان به إمام الأئمة وأصبح معظما محترما عند الخاصة والعامة في تلك الأمة.
ولما حصل العلوم قام لله سبحانه بشكرها فعلم وثقف ووجه وأرشد ونصح وألّف مؤلفات مفيدة وخلف وراءه طلبة كثيرين جازاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرا. فمن مؤلفاته كتاب في علم المنطق لكن بكل أسف قد اختفى هذا الكتاب فلم يعد موجودا ومنها أرجوزة في علم الفرائض سماها جوهرة الطلاب في علمي الفروض والحساب ومطلعها:

بسم الإله والصلاة والســــــــــلام
على النبي والآل والصحب الكـــــــرام
وبعد حمد وارث الأرض ومــــن
لــــــه البقا وليس يفنيه زمـــــــــــــــــن
فأجدر العلوم علـــــــــــــم الإرث
بالنظـــــــر الســــــــديد أو بالبحـــــــث
إذ جاهـــــل به لبيب مثلـــــــــــه
في قولــه كبــــرنس لا رأس لـــــــــــــه

عدد أبياتها 180 بيتا.

وقد شرحت هذه الأرجوزة بشرح مفيد كشفت فيه عن خباياها وفتحت به مشكلها سميته كشف الجلباب على جوهرة الطلاب أقول في ديباجته:

الحمد لله الذي يرث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين سبحانه رب المشرقين والمغربين خلق الإنسان وجعل له عينين ولسانا وشفتين وهداه النجدين وأرسل سيدنا محمد بالهدى فجعله سيد الكونين وأنزل عليه] يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين [ صلى الله وسلم عليه صلاة وسلاما دائمين وعلى آله وأصحابه سادة الدارين وشموس الملوين وبعد فيقول العبد الفقير ذو الذهن الفاتر والفهم القاصر محمد باي بن محمد عبد القادر لما كان علم الفرائض مما يتنافس فيه المتنافسون ويرغب في علمه وتعليمه الراغبون وكان العلامة الينبوع الصافي الشيخ محمد عبد الرحمن السكوتي الملايخافي قد ألف فيه أرجوزة سماها جوهرة الطلاب في علمي الفروض والحساب وقد مضى عليها ردح من الزمان وهي في طيّ الإهمال والنسيان
...إلى...
ومؤلف الجوهرة هو الشيخ محمد عبد الرحمن السكوتي الملايخافي من القبيلة الشهيرة بأولاد ملايخاف ازداد بقرية ساهل أقبلي في الثمانينات من القرن الثالث عشر للهجرة وكان أحد علماء توات الذين نشروا العلم وألفوا التآليف وتركوا تراثا خالدا للأجيال كان رحمه الله فقيها نحويا فرضيا منطقيا ترك عددا كثيرا من الطلبة في بلدته وفي ورقلة توفي رحمه الله في الشهر الأول من سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وألف للهجرة في الينبوع بين مكة والمدينة بعد أداء الحج والزيارة رحمه الله. انتهى من الشرح المذكور.

كما خلف الشيخ السكوتي رحمه الله الكثير من القصائد الشعرية نذكر منها ما يلي: قصيدته في الرد على من ينكر التجويد وطعن في أهل المغرب من أجل ذلك يقول السكوتي:

فيا خــرشـــــى الأصطـــفي قصــر
هديت إلى الرشاد عــن اغتيــــــــاب
فإن لحــــــوم أهــــل الله سُــــــــــمّ
لآكلهــــــــــــا ومجلبـــــة الـعـــــذاب
وأهل الغرب قــــــــام الديــن حقـا
بهم و حمــــــــــوه من أهــــل التبـاب
وفي تفضيلهــــم قــــد جـاء نصـا
حـــديــث مسنـد دون ارتـيــــــــــــاب

...إلخ.

ومنها ما بعث به لعلماء كسام في موضوع مسألة غصب يقول:

إلى علمـــاء كســام أبلــغ مجلتـــــي
مغلغلــــة وأقـــــرأ عليهــــــم تحيتـي
أخـــص بذا القاضي محمد سيــدي
ونخبتـــه محمــدا ذا الفتـــــــــــــــــوة
ومن عطف عليهمـــا ببديهـــــــــــة
بلا نظر في الحكم أو دون فكــــــــــرة
وموجب ذا مـــن إبله غصبت وقــد
شراها لغير غاصب بعــــــــــد مــــــدة

...الخ

ومنها قصيدته التي بعث بها إلى أهل إينغر لما انتصروا في المعركة الطاحنة التي دارت بينهم وبين المستعمر الفرنسي إبان دخوله للناحية قال الشيخ السكوتي:

يا أهـــل إينغـر للسماء مجدكــــم
سما وصيْـتُـكـــــــم يعلـــــو وينتشــــــــر
لله دركـــم بعتـــم نفوســكــــــــم
مــــن الإلــــه بجنــــة لهـــا خـــطـــــــــر

...الخ

وله رسالة إلى علماء أبي جبيهة بأزواد الذين كانت له علاقة بهم تجديدا للعهد واستعطافا لهم واستقطابا للدعاء الصالح منهم وهذه الرسالة مختومة بأبيات ولكنها تلاشت وتقطعت وهي تمثل عشر صفحات. وله نظم على أسماء الله الحسنى مطلعه:

أدعوك يارب الورى رب الورى
الله والرحمن أرجــــــــــــــــــو أن أرى
أول من نظــــــم هــــذا الـــدررا
مــــــن السلوك الغــر في اثني عشـــــرا

إلى آخرها.

ولقد قام العلامة السكوتي بدعوة إصلاحية بورقلة ضد الخرافات التي كانت آنذاك سائدة في تلك المنطقة وخصوصا في القصر وبفضل توجيهاته ونصائحه قد أُمِيت الكثير منها وصار في خبر كان وقد أيده على نصر الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تلامذته الأبرار وعلى رأسهم الحاج علي بن إبراهيم وإخوانه وتلميذه الفقيه الشيخ السيد الحاج محمد بن الحاج عيسى وجماعة من الرويسات وبني ثور وورقلة والقصر وعجاجة وأنقوسة وبفضله انتصر الحق على الباطل والعلم على الجهل والنور على الظلمة ولقد وجد في أهل ورقلة من التأييد والمحبة لدين الله ما لا يكاد يوجد في أي ناحية من نواحي الجنوب .

ولقد امتازت ورقلة بنصرة العلماء ومحبتهم والإقتداء بهم مما جعل السكوتي يجد لدعوته هناك الأرض الخصبة الصاغية والقلوب الواعية ولقد فيهم مكرما معززا طول مقامه بين ظهرانيهم وكان في تلك البلدة الكريمة كنار على علم ويشهد لذلك آثاره الموجودة حتى الآن مثل عين الماء المعروفة بعين السكوتي في وسط غابات النخيل وآثاره العلمية التي تركها في صدور تلامذته أمثال الشيخ بن الحاج عيسى والحاج النعيمي والشيخ دادنة والشيخ بريغش والشيخ بحوص بنوة وأمثالهم من أساطين العلم والمعرفة ومن تلامذته أيضا الحاج إبراهيم المخدمي والإمام النقوسي ووالده الشيخ الحاج محمد ناجي والحاج قدور خيراني وغيرهم فهم الذين واصلوا من بعد مسيرة العلم والمعرفة والقيام بالتوجيه والنصح والتعليم.

ثم إن الشيخ السكوتي من ورقلة انتقل إلى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج سنة 1332 هجرية. وأثناء رجوعه من الديار المقدسة بعد أداء الحج والزيارة وافته المنية في ينبوع النخيل بين مكة والمدينة سنة 1333 هجرية 1911م.

وحيث أنه لم يترك أولاد الصلب فقد ترك أولاد القلب في ورقلة وفي توات وتربى في أحضان أخواله فلان بساهل أقبلي حتى صار كأنه واحد منهم لأن أباه توفي وهو صغير رحمه الله آمين.

المرجع:

كتاب قبيلة فلان في الماضي والحاضر ومالها من العلوم والنعرفة والمآثر. للشيخ محمد باي بلعالم رحمه الله

و- الرحلة العلية إلى منطقة توات لذكر بعض الأعلام والآثار والمخطوطات والعادات وما يربط توات من الجهات (في جزأين ). . له أيضا

المصدر:مدونه محمد باى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق