كتاب يعيد قراءة الجسم العربي من خلل موروث الثقافة الشعبية المغربية بوعي نقدي، يعتمد بعدين أساسيين هما نقد المفهوم اللاهوتي للجسم العربي من ناحية، ونقد المقاربات الأثنولوجية التي تتعامل مع الثقافة الشعبية تعاملاً خارجياً ومتعالياً من ناحية ثانية. إنه النقد المزدوج كما يسميه الخطيبي. كل اطمئنان يجد نفسه هنا محاكماً، يستقبله سؤال ما نطق به اللسان من قبل.
مقتطفات من الكتاب
ملاحظاتترددت كثيرا قبل الشروع في كتابة هذه المقدمة التي اخشى أن تكون حاجزا بين القارئ و الكاتب أو حدا من حرية قراءته على الاقل . إن المقدمة عادة ما توجه القراءة على رغم انها قد تكون مساعدة في تفكيك و تركيب المتن المقروء و مع ذلك فإن بعض المتون تنفر من كل تقديم يظل انفتاحها خارجا على انغلاق المقدمات و هذا هو الشأن مع كتاب عبد الكبير الخطيبي (( الاسم العربي الجريح )) .
إذا لماذا التمادي في فرض هذه المقدمة على نفسي و على القارئ بخاصة و أن للكتاب مقدمتين اولاهما لرولان بارط و ثانيهما للكاتب نفسه ؟ يظهر لي أن اصوغ السؤال على هذا النمط غير سليم دائما فإذا كنت في ريب مما يمكن أن تمنحه مقدمتي للقارئ فإن هذه الريبة تظل محصورة . لن اوجد القارئ بقدر ما سأثبت بعض الملاحظات التي بدا لي التنصيص عليها ضروريا فعلاقتي بالنص الاصلي لم تكن بريئة اثناء نقله إلى العربية .
كتابي (( الاسم العربي الجريح )) له فرادته في الثقافة العربية الحديثة و هو في رأيي اهم ما كتبه الخطيبي إلى الان في مجال البحث و يقارن اهيمته (( كتاب الدم )) في مجال الابداع .
هذه القراءة النقدية للجسم العربي تسعى لهدف مركزي هو الفصل بين الجسم المفهومي و الجسم الحقيقي المعيش و الملموس . إن الثقافة العربية تعاملت مع الجسم انطلاقا من المتعاليات التي قعدت قراءتنا له وفق قوانين لاهوتية تفرغ الجسم من حمولته التاريخية و الذاتية .
و هكذا اصبح الحديث عن الجسم الواقعي يمر عبر الحديث عن حسم اخر غريب عنه . و ماذا منحتنا هذه القراءة المتعالية في نهاية التحليل فير الوعي الشقي الذي لا قدرة له على رؤية الجسم في حالاته الواعية و اللاواعية ؟
تظهر الثقافة العربية الحديثة و كأنها حديث كتب عن كتب سواء اتعلق الامر باعادة قراءة الموروث العربي أم يمواجهة المرحلة التاريخية التي اخذت حديثا في نسج تميز بنيتها عما سبقها من بنيات اجتماعية – ثقافية .
هذا المجال المعرفي الذي استقرت فيه الثقافة العربية الحديثة يحرم الانتقال إلى مجال معرفي مغاير و مكان اخر للقراءة و من ثم ظل الحديث عن الجسم الواقعي محرما لا فرق في ذلك بين اللاهوتيين و العلمانيين .
تهيأ هذا الانتقال في كتاب الخطيبي على مستوى ثان هو مواجهة الثقافة الشعبية المغربية . ليس الاهتمام بالثقافة الشعبية في العالم العربي جديدا فقد انتبه اليه الرومانسيون و خلفاؤهم معا على أن الحدود الفاصلة بين مقاربة هؤلاء و مقاربة الخطيبي اكثر من واضحة اساسها المنهج . فالفرق بين المقاربتين كامن في الجواب على السؤال التالي : لماذا الثقافة الشعبية : إن توجه الخطيبي إلى الثقافة مناف لكل شعارية مرحلية ظاهرها الرحمة و باطنها العذاب إنه بعيد أيضا عن كل تدخل اثنولوجي بلسان عربي يدعي انه يصد لسان الاجنبي فيما هو واقعيا منفذ لاهدافه و احلامه . إن هذا التوجه بالاحرى تدخل ايديولوجي عنيف لا يستسلم لمشاهدة الغرابة التي يلمس فيها الاثنواوجيون انبساط اليافهم الموتورة فيجعلون من نوجههم اليها مدخلا لاستغلال الثقافة الشعبية بعد سرقة الكلمة من فم الشعب .
بيانات الكتاب
تأليف: عبد الكبير الخطيبي
ترجمة: محمد بنيس
الناشر: منشورات الجمل
عدد الصفحات: 276 صفحة
الحجم: 3 ميجابايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق