الأربعاء، 18 يونيو 2014

الكتابة في درجة الصفر لــ رولان بارت


"الكتاب في درجة الصفر" مؤلف تأسيس، يتناول القضايا الرئيسية في مفهوم الكتابة والنص، ويعد جواباً على سؤال طرحه سارتر قبله في كتابه "ما هو الأدب؟" واتخذ مكانته بين كلاسيكيات النقد الحديث بحيث أصبحت عبارة "الكتابة في درجة الصفر" إحدى المفاهيم المعيارية التي فرضت حضورها في المصطلحات النقدية.

مقتطفات من الكتاب



مدخل

لم يكن ( هيبير ) يبدأ أي عدد من اعداد مجلة ( الاب دوشين ) مطلقا دون ان يضع فيها بعض الكلمات البذيئة . و لم تكن هذه البذاءات دالة على شيء و لكنها تؤشر فإلى أي شيء تؤشر ؟ .. الى موقف ثوري كامل . هذا إذن مثال على الكتابة التي ليست وظيفتها الايصال او التعبير فحسب بل فرض امر يتجاوز اللغة و هو التاريخ و الانحياز اليه بآن واحد .
الكتابة في درجة الصفر لا توجد لفة مكتوبة لا تعلن عن نفسها و ما يصدق على ( الاب اوشين ) يصدق على الادب ايضا . ينبغي للادب كذلك ان يشير الى شيء مختلف عن محتواه و عن شكله الفردي و هذا الشيء (( سياجه )) الخاص به . و به – حصرا – يفرض نفسه على اعتباره ادبا . و ينتج عن ذلك مجموعة من بضع علامات لا علاقة لها بالفكر او اللسان او الاسلوب و هي ترمي الى توكيد عزلة اللغة الطقسية داخل كل صيغ التعبير الممكنة . هذا النظام المقدس للعلامات المكتوبة يطرح الادب على اعتباره مؤسسة و يميل بديهيا الى انتزاعه من التاريخ لانه لا يمكن اقامة سياج بعيدا عن فكرة الخلود .
و الحال ان التاريخ يتصرف بكل وضوح حيثما يكون مرفوضا . من الممكن إذن رسم مخطط لتاريخ لغة الادب يختلف عن تاريخ اللسان او تاريخ الاساليب و لكنه تاريخ علامات الادب فحسب . و يمكن الجزم بأن هذا التاريخ الشكلاني يبين بطريقته الواضحة علاقته بالتاريخ العميق . و لا جدال في ان الامر يدور حول علاقة يمكن لشكلها ان يتبدل مع التاريخ نفسه . و ليس ضروريا اللجوء الى حتمية مباشرة للاحساس بحضور التاريخ في مصير الكتابات . هذا النوع من الجيهة الوظيفية التي تجرف معها الاحداث و المواقف و الافكار طوال الزمن التاريخي تعرض هنا حدودا للاختيار اقل مما تعرض مؤثرات . فيغدو التاريخ امام الكاتب حينئذ و كأنه مثول لاختيار ضروري بين عدد من اخلاقيات اللغة . و هو يضطره الى ان يحمل الادب دلالة طبقا لامكانيات لا يتحكم فيها . و لسوف نرى على سبيل المثال ان الوحدة الايديولوجية للبرجوازية قد انتجت كتابة وحيدة و انه في الازمنة البرجوازية ( أي الكلاسيكية و الرومانتيكية ) لم يكن ممكنا للشكل ان يتمزق لان الشعور لم يعد ممزقا . و على العكس منذ ان توقف عن ان يكون شاهدا على الكلى ليغدو ضميرا تعيسا ( حوالي 1850 ) فإن اول عمل قام به هو ان اختار الزام شكله بكتابة ماضيه سواء تحمل مسؤولية هذه الكتابة او رفضها . لقد تفجرت الكتابة الكلاسيكية إذن و اصبح الادب كله منذ ( فلوبير ) الى ايامنا هذه اشكالية اللغة .
في تلك اللحظة بالذات تكرس الادب نهائيا على اعتباره موضوعا ( و كلمة ادب نفسها ولدت قبل فترة وجيزة ) . و لم يستطع الفن الكلاسيكي ان يشعر بنفسه كأنه ( ال ) لغة فقد كان لغة ما . أي انه شفافية و تداول بلا توقف و التقاء مثالي لفكر كلي مع علامة زخرفية بلا عمق و لا مسؤولية و كان سياج تلك اللغة اجتماعيا و ليس طبيعة . و نحن نعلم انه قد تكدرت تلك الشفافية حوالي نهاية القرن الثامن عشر و غدا للشكل الادبي سلطة ثانية مستقلة عن تناسقه و عن ثوريته فأصبح يبهر و يغرب و يفتن و امتلك ثقلا . و لم يعد الادب يعتبر صيغة تداول متميزة اجتماعيا بل ينظر اليه على اعتباره لغة متماسكة عميقة حافلة بالاسرار معروضة و كأنها حلم و تهديد بآن واحد .

بيانات الكتاب



الاسم : الكتابة في درجة الصفر
تأليف : رولان بارت
الترجمة : محمد نديم خفشة
الناشر : مركز الإنماء الحضاري
عدد الصفحات : 131 صفحة
الحجم : 2 ميجا بايت

تحميل كتاب درجة الصفر 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق