الخميس، 19 يونيو 2014

المقاومة بالحيلة لــ جيمس سكوت

تحمل المواجهة بين القوى ومن لا قوة لديه قدراً من الخداع، فالفلاحون والإقنان ليسوا أحراراً في أن يقولوا آراءهم في حضور السلطة. إنهم يخلقون خطاباً سرياً يمثل نقد السلطة، ويتم تداوله من وراء ظهرها. أما القوي فيؤسس، بدوره، حواراً خاصاً به عن ممارسات حكمه وأهدافه، وهو حوار لا يعلن على الملأ.

مقتطفات من الكتاب



تمهيد

تطورت فكرة هذا الكتاب نتيجة للجهود الحثيثة البطيئة نوعا من حيث المقدرة و الفطنة التي بذلتها لتفهم العلاقات الطبقية في احدى قرى المالايو . كنت اسمع روايات مختلفة عن صفقات الاراضي و مستويات الاجور و المكانات الاجتماعية و التغير التكنولوجي . على ان ذلك بحد ذاته لم يكن مثار دهشة بقدر ما كانت لمختلف ابناء القرى من المصالح المتناقضة . الاكثر من ذلك ازعاجا هو ان القرويين انفسهم كانوا بين الحين و الاخر يناقضون انفسهم ! و مضى بعض الوقت قبل ان تنبهت الى ان هذه التناقضات كانت تنشأ بصورة خاصة لا بصورة حصرية بين القرويين الاكثر فقرا و الاشد تبعية اقتصادية . هنا كانت التبعية هامة كالفقر اذ ان هنالك العديد من الفقراء الذين تمتعوا الى حد باستقلال ذاتي فجاءت اراؤهم التي عبروا عنها متوافقة و مستقلة في آن .
المقاومة بالحيلة يضاف الى ذلك انه كان للتناقضات منطقها الموقعي . فإذا ما حصرت القضية بالعلاقات الطبقية وحدها و هي قضية واحدة بين قضايا كثيرة بدا ان الفقراء يقولون شيئا اذا كانوا في حضرة الاغنياء و لكنهم يقولون شيئا اخر اذا كانوا بين الفقراء . كذلك كان الاغنياء يتكلمون بطريقة الى الفقراء هي غير الطريقة التي يتحدثون بها فيما بينهم . تلك هي اهم التمايزات الا ان هنالك تمايزات كثيرة اكثر دقة يمكن تبينها على اساس التركيب المضبوط للمجموعة التي تتكلم ثم القضية المطروحة طبعا . و سرعان ما وجدت انني استعمل هذا المنطق الاجتماعي بحثا عن وضعيات او تحقيقا لها اتمكن معها من مقارنة قول بآخر ثم اشتق كما يقال طريقي الى مناكق غير مكتشفة . و نجحت الطريقة نجاحا كافيا بالنسبة لاغراضي المحدودة ثم ظهرت النتائج في (( اسلحة الاسبوع : الاشكال اليومية للمقاومة الفلاحية )) . ( مطبعة جامعة بايل 1985 ) ، لاسيما الصفحات 248 – 89 .
و بعد ان تعرفت بشكل اوثق الى كيفية تأثير علاقات القوة على المحادثات بين ابناء المالايو لاحظت قبل ان يمضي وقت طويل كيف كنت انا نفسي ازن كلماتي امام اولئك الذين لهم سلطة علي بطريقة ما ذات اهمية . ثم لحظت انني حين اضطر لكبح ردود غير حذرة اجد في الغالب شخا آخر يمكنني ان افضي له بأفكاري التي لم اقلها . كان يبدو ان هنالك ضغطا طبيعيا وراء هذا الكلام المكبوت .
اما في تلك المناسبات النادرة التي كان غضبي او استيائي يتغلبان فيها على احتراسي فقد كنت اشعر بالنشوة برغم خطر العقوبة . عند ذاك فقط ادركت تماما لماذا لا استطيع ان اخذ التصرف العلني لمن لي عليهم سلطة على ظاهره .
و انا لا استطيع ابد ان ادعي الاصالة بالنسبة لهذه الملاحظات بخصوص علاقات القوة و الكلام . هي جزء حميم من الحكمة الشعبية اليومية لدى الملايين الذين ينفقون معظم ساعات يقظتهم في اوضاع مثقلة بالسلطة حين يمكن ان تكون لاية حركة في غير موقعها او لاية كلمة خاطئة نتائج مخيفة . إن الشيء الذي سعيت كي اقوم به هنا هو متابعة هذه الفكرة بانتظام كي لا اقول بعناد لمعرفة ما يمكن لها ان تعلمنا عن السلطة و الهيمنة و المقاومة و الخضوع .

بيانات الكتاب



الاسم : المقاومة بالحيلة
تأليف : جيمس سكوت
الترجمة : ابرهيم العويس
الناشر : دار الساقى
عدد الصفحات : 314 صفحة
الحجم : 12 ميجا بايت

تحميل كتاب المقاومة بالحيلة  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق