"الشجاعة من أجل الوجود" كلاً من معنى مفهوم الشجاعة، أي المعنى الانطولوجي، فالشجاعة كسلوك إنساني وباعتبارها موضوعاً للتقويم هي مفهوم اخلاقي، وهي بوصفها تأكيداً كلياً وجوهرياً للذات يتعلق بوجود المرء مفهوم انطولوجي، والشجاعة من أجل الوج...
مقتطفات من الكتاب
مقدمة
ها نحن جميعا سجناء في الغرفة المظلمة ، غرفة الوجود . وجود محكم لا نافذة فيه و ال مخرج ... وجود كله جحيم حيث تواجه الذات ذاتها و تواجه الاخرين ... وجود يشبه ما تحدث عنه ليبتنز عن الذرات الروحية التي لا نوافذ فيها و لا ابواب ... وجود لا تدخله الشمس لتضئ ابعاه و في هذه الحلكة لا نوم ... دائما عيون الإنسان محدقة (( إننا نحرك اجفاننا إلى الأعلى و إلى الاسفل و يحدث انقطاعا عن الحياة و كل شيء يصبح اسود و عيون المرء مغرورقة . انك لن تتصور كم هي منعشة و مريحة ! اربعة الاف راحة قصيرة في السنة . اربعة الاف راحة قصيرة ... الفكرة اذن هكذا ؟ على أن اعيش من غير اجفان ... لا اجفان و من ثم فلا نوم اليس كذلك ؟ ... و لكن كيف اتحمل صحبة نفسي ؟ ... و من ثم فعلى المرء أن يعيش و عيناه مفتوحتان طوال الوقت )) .
افلا مخرج من هذه الغرفة المغلقة ؟ (( لقد سمى سارتر مسرحية من اقوى مسرحياته ( لا مخرج ) و هو تعبير تقليدي عن موقف الناس . لكنه هو نفسه لديه مخرج . انه يستطيع أن يقول ( لا مخرج ) و من ثم يأخذ موقف اللامعنى على عاتقه ))
هذا هو خيط الامل الابيض الواعي الوحيد في هذه الغرفة الذي يتبينه الفيلسوف المعاصر بول تيليش الذي اعتاد الدارسون أن يدرجوه أما تحت الاورثوذكسية الجديدة أو تحت الوجودية و في هذا الخيط الدقيق الواهي تتناسج حياته و فلسفته .
إننا و نحن غارقون في الزمن الحاضر تصرخ اعماقنا : أي زمان هذا الزمان الذي نعيش فيه ! انه ومان استشرت فيه النازية و اوقدت حربا ضروسا اكلت الملايين ... انه زمان الطحن تمارسه الامباريالية باعنف ما يكون ... انه زمان الزلزلة حيث تتزعزع فيه الافكار و تتضارب ... و الرعب النووي يخيم فوق الإنسان .. فهل نواجه هذا الزمان شجاعة بأقصى شجاعة أو نستسلم للنوم و نعيش شاردي البال ؟ (( أن الحكاية ( التي يرويها كيركجور ) تمضي عن الرجل المذهول الشارد الذي ابتعد و تجرد عن حياته الخاصة حتى لا يكاد يعرف أن يوجد ، إلى أن يستيقظ ذات صباح جميل ليجد نفسه ميتا . و هذه القصة لها دلالتها الخاصة اليوم حيث أن هذه الحضارة حضارتنا قد وضعت يدها على اسلحة تستطيع بها – و بمنتهى السهولة – أن تحدث لنفسها مصير بطل كريكجور : يمكننا أن نستيقظ ذات صباح لنجد انفسنا ميتين – و دون أن تمس حتى جذور وجودنا .. إننا لا نسأل انفسنا عن ماهية الافكار القصوى القائمة وراء حضارتنا التي اوجدتنا في هذا الخطر إننا لا نبحث عن الوجه الإنساني المختفي خلق المظهر المربك المحير للاسلحة التي اوجدها الإنسان بالاختصار إننا لا نجرؤ أن نتفلسف )) .
و لكن ها هو احد المفكرين يأخذ على عاتقه مهمة التفلسف مهمة أن يتساءل عن الموقف الراهن للانسان في لحظته الراهنة . لا يتوقف عند هذه اللحظة التي هي في رأيه اشبه بالبهو بل ينفذ من خلالها ليصل إلى ما هو ابدى برغم الموقف الميئس الذي يعيش فيه ..... و من ثم فانه يبحث عن (( الموقف الديني )) على اساس انه الموقف (( الذي يتناول علاقة الإنسان بما هو ابدى )) .
بيانات الكتاب
تأليف :بول تيليش
الترجمة : كامل يوسف حسين
الناشر : المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع
عدد الصفحات : 165 صفحة
الحجم : 3 ميجا بايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق