هذا الكتاب بتمثيله لفلسفة بعد حداثية هو دفاع مستبسل عن التعددية الثقافية تنضيدا لعصر ما بعد الاستعمار وهو يتبع رواسب الاستعمار الماثلة ويتلمس الطرق للخلاص منها ومن آفات المركزية الغربية التى تبلورت فى العنصرية البيضاء ليكونوا ناكثين لها غادرين بها وفى هذا اخلاصهم ومجدهم وشرفهم
يناقش الكتاب استراتيجيات الخطاب العالمى وحقوق الانسان ومعوقات الديمقراطية والقضايا الشائكة المتعلقة باللغة والقومية والهوية والغيرية والاخر واختلاف الثقافات والمناطق الحدودية
مقتطفات من الكتاب
مقدمة
اجتمعت على تأليف هذا الكتاب سبع عشرة كاتبة من أنضر الوجوه المنجزة في الفكر النسوي والفلسفة النسوية بدورها قد أثبتت وجودها كاضافة حقيقية وحرث للأرضية العقيلة واستنبات لبذور لم تبذر من قبل وباتت من المعالم البارزة في الفكر الفسلفي الراهن الأقدر على استنطاق قواه النقدية تبرز النسوية قدرة الفلسفة المتوالية على أن تنبعث متجددة عفية فتية دائما تنفض عن ريشها غبار الذي انقضى وتنطلق برؤاها الثاقبة لاستشراف آفاق ما هو آت متسلحة بالثابت الديناميكي فيها " مناهجها النقدية التي تسائل وتحاور لتستجيب لمستجدات واقع يمكن دائما أن يكون أفضل أوليست الفلسفة في النهاية هي الانعكاس المجرد الواعي لمرحلتها الحضارية , بقدر ما هي الرؤية النقدية ؟ هؤلاء الكاتبات لهن مواقع واتجاهات واهتمامات مختلفة فجاء كل فصل بمنزلة وحدة مستقلة يمكن أن يبدأ أو ينفرد بها القارئ ومع هذا تتجلى أحد جمالات هذا الكتاب الكثيرة في حوار داخلي عميق بينهن يصنع وحدة عضوية ومنهجية تحتذى فتبدأ الكاتبة مما انتهت اليه جهود أخرى , تنصت الى قول آخر لتصدق عليه أو تستشهد به أو تنقده أو ترفضه أو تحاول أن تتقدم ببديل أفضل يمتد هذا الى محاورة أخريات وآخرين واسهامات مختلفة ذات صلة بالميدان .
وفي النهاية تأتي المحصلة لتسد فراغا في المكتبة العربية من حيث تعطي صورة حية نابضة لجوانب من الفلسفة الأمريكية المعاصرة ليس في الولايات المتحدة الأمريكية فقط .
بل أيضا فلسفة القارة من كندا الى المكسيك ويمتد الحوار المتوهج الى مناطق في أمريكا الجنوبية فنتعرف على جوانب مثيرة من الفلسفة الأمريكية ومن واقع اللاتين وأصول ثقافاتهم وعقائدهم وعوائدهم وانجازات فلسفية لهم جديرة بأن تستوقفنا من قبيل نقد انريك دوسيل الثاقب للتنوير الذي يكشف عن أساطير أوروبية حداثية في جوهرها استعمارية تسربلت بأزياء العقلانية الرشيدة والحقائق الموضوعية المطلقة بغية اقصاء الآخر واحكام مركزية الغرب وهيمنته على العالمين ويتوشج هذا مع الفلسفة النسوية التي انطلقت لتقويض المركزية الذكورية بما تنطوي عليه من بنية تراتبية سادت لتعني الأعلى والأدنى , امتدت في الحضارة الغربية من الأسرة الى الدولة الى الانسانية جمعاء فكانت أعلى صورها في الاستعمارية والامبريالية وكان استبعاد المركزية الذكورية استبعادا للمركزية الغربية وللاستعمارية والامبريالية والعنصرية .... تحريرا للشعوب من الهيمنة الغربية فتعمل النسوية على " فضح ومقاومة كل هياكل الهيمنة وأشكال الظلم والقهر والقمع وتفكيك النماذج والممارسات الاستبدادية واعادة الاعتبار للآخر المهمش والمقهور والعمل على صياغة الهوية وجوهرية الاختلاف والبحث عن عملية من التطور والارتقاء المتناغم تقلب ماهو مألوف وتؤدي الى الأكثر توازنا وعدلا " ومن هذه المنطلقات بعد الحداثية بعد الاستعمارية يتخلق حوار منفتح بين الشمال والجنوب وبين كل الأطراف في عالم لا مركزية فيه , ليأخذ كل طرف مكانا له تحت الشمس وليس في ظلال هيمنة آخر والتبعية له فهذا الكتاب أصلا وهدفا من أجل تأكيد وتأصيل التعددية الثقافية بما تقتضيه من تفهم للاختلافات وقبول للآخر نشدانا لعالم أكثر عدلا وأكثر انسانية وأكثر خصوبة وثراء .
لم يأت هذا الدفاع المشبوب عن التعددية الثقافية في صورة خطاب انشائي أو طوباوي بل جاء خطابا فلسفيا رصينا مسلحا بصياغة مفاهيم دقيقة وبترسيم وتحليل استراتيجيات خطابية وواقعية فعالة لاستيعاب التعددية والتشاركية واجتثاث المركزية والاستعمارية من جذورها تنضيدا لعصر ما بعد الاستعمارية وايضاح ايجابيته وفاعليات توظيفها وأيضا يتتبع رواسب الاستعمارية الماثلة ومثالبها ويتلمس الطرق للخلاص منها ومن آفات المركزية الغربية التي تبلورت في العنصرية حتى يستحث البيض على أن يعصفوا بالعنصرية البيضاء ليكونوا " ناكثين لها " غادرين بها وفي هذا مجدهم وشرفهم .
بيانات الكتاب
تأليف : اوما ناريان
الترجمة : يمنى طريف الخولي
الناشر : عالم المعرفة
عدد الصفحات :344 صفحة
الحجم : 9 ميجا بايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق