كتاب مختصر تاريخ العالم ( عالم المعرفة400 ) للنمساوي الإنجليزي إي إتش غومبرييتش
الكتاب مكون من 40 فصلا
لطالما اعتقدت أن التاريخ قصة , قصة هي الأكثر خيالية وجموحا بين كل أنواع النثر الكتابي فما التاريخ سوى سرد للذكريات تكونت من زاوية نظر منفردة معجونة بالمحيط والتقاليد والطبيعة الحياتية للسارد مشربة بأحاسيسه ومشاعره ولقد بدا أن أي اتش غومبريتش الذي ستحكي حفيدته ليوني غومبريتش عن سيرة حياته مطولا في مقدمتها لهذا الكتاب كان يحاول بكل ما يمتلك من أدوات كتابية وبلاغية أن يحول هذا النص الي قصة يتشوق قارئه الى اتمامها ليبقى الكثير من تفاصيلها في ذهنه .
وهكذا أتى كتاب " مختصر تاريخ العالم " في نص قصصي مشوق أكثر ما يميزه أنه في الواقع موجه الى فئة عمرية صغيرة تتراوح في تقديري مابين الأعوام الثمانية والثمانية عشر عاما حيث انه صيغ ليخاطب كل قارئ صغير منفردا ليحاكيه بكلمات وتعبيرات مثل " ها أنت , وهل تعرف وكما تتذكر " وغيرها .
تحكي لنا ليوني غومبريتش في المقدمة التالية القصة المشوقة التي دفعت بجدها أي اتش غومبريتش الى توجيه نصه التاريخي لهذه الفئة العمرية التي قد تشكل أكثر فئات القراء صعوبة في الارضاء والجذب ليأتي النص سلسا وجميلا وجاذبا ليس فقط للصغار بل كذلك للكبار الذين يتطلعون الى لمحة تاريخية بسيطة للزمن البشري في لغة سهلة مبسطة وأسلوب جاذب لطيف .
ولقد وضع هذا المنحنى السردي كثيرا من الصعوبات في طريق ترجمة النص والذي كان لابد له أن يعكس بالعربية البساطة السردية ذاتها الموجهة الى تلك الفئة العمرية المحددة وعليه فقد جاء اختيار الألفاظ والتعابير ليتواءم وسلاسة النص والقدرة الاستيعابية للقارئ الصغير وحيث ان هذه الترجمة هي ترجمة للنص الانجليزي المترجم عن النص الألماني الأصلي , فان هذا البعد الثنائي كثيرا ما أسهم في رفع درجة غموض الفحوى واغترابها عن لغتنا العربية وتعابيرنا المعتادة ( هذا على الرغم من أن الكاتب نفسه هو من قام بترجمة النص الألماني في معظمه الى النص الانجليزي ) .
ومما لاشك فيه فقد كانت عملية تطويع اللغة العربية بطبيعتها العميقة الموغلة في القدم لتوصل الفكرة للقارئ العربي عملية شاقة وخطرة غير أنها لا تخلو من المتعة التي تفتح أبواب استكشافات لغوية جديدة .
ولقد كانت للنص تلقائية محببة تعكس الكثير من أفكاره واعتقادات وايمانيات الكاتب تلك التي , على الرغم من جهده المبذول في اخفائها جاءت واضحة بتأثير من طبيعة الأسلوب البسيط المباشر فالكثير من القصص التاريخية المسردة في النص جاءت لتعكس نظرة الكاتب وطبيعة محيطه وتاريخه الشخصي , فمن جهة يركز الكاتب على تاريخ اليهود وكل أنواع المعاناة التي مروا بها وصولا الى المذابح النازية في ألمانيا ذاكرا بين طيات سرده أصول أسرته اليهودية وشيئا من المعاناة التي مرت بها .
ومما يبرز في السرد التاريخي هنا كذلك ايمان الكاتب العميق بالمسيحية وحبه الخالص للسيد المسيح مما جعله ينظر من زاوية مناقضة الى الدين الاسلامي ونبي الاسلام محمد صلى الله عليه وسلم .
وعلى الرغم من محاولاته المستمرة للعودة الى المحايدة في السرد في ذكره للجرائم التي ارتكبها المسيحيون على سبيل المثال ابان الحروب الصليبية في حق المسلمين فان هذا الحب الشاعري الخالص للسيد المسيح والايمان العميق بالمسيحية يبرزان دوما على وجه النص ويصبغان طبيعته العامة بروحيهما .
غير أن أجمل ما يميز هذا النص السردي المتواصل هو قدرة الكاتب التي تجلت في طياته على ربط الأحداث والأسماء وطرح التشبيهات التي قد تتباعد مئات السنوات بعضها عن بعض فتجده على سبيل المثال في غمار وصفه لحدث أو لشخصية في منتصف القرن الخامس عشر قد قفز بالقارئ عائدا الى حقبة زمنية ماضية رابطا الشخصية أو الحدث بآخرين مشابهين قص هو عنهما في العصور الغابرة الموغلة في القدم .
هذه التشبيهات والمحاولات المستمرة لربط التاريخ البشري من أوله الى آخره بحلقات الأشخاص والأحداث انما تجعل النص أكثر تشويقا واثارة وترفع من قدرة القارئ على تذكر الأحداث وربطها واستيعابها بصورتها الكبيرة الموسعة غير أن أكثر ما يعكسه ويؤكده هذا الأسلوب هو محبة الكاتب الخالصة الحقيقية للتاريخ الانساني الذي يبدو أنه يتشكل حقيقة كنهر رقراق في عقله حتى أنه يستطيع أن يبحر الى أي نقطة ليصطاد منه مايريد من أحداث وأشخاص لا يعتقدهما يخرجان أبدا عن تكامل وانسياب التاريخ البشري .
الاسم : مختصر تاريخ العالم
تأليف : اي اتش غومبريتش
الترجمة : إبتهال الخطيب
الناشر : عالم المعرفة
عدد الصفحات : 346 صفحة
الحجم : 10 ميجا بايت
الكتاب مكون من 40 فصلا
مقتطفات من الكتاب
مقدمةلطالما اعتقدت أن التاريخ قصة , قصة هي الأكثر خيالية وجموحا بين كل أنواع النثر الكتابي فما التاريخ سوى سرد للذكريات تكونت من زاوية نظر منفردة معجونة بالمحيط والتقاليد والطبيعة الحياتية للسارد مشربة بأحاسيسه ومشاعره ولقد بدا أن أي اتش غومبريتش الذي ستحكي حفيدته ليوني غومبريتش عن سيرة حياته مطولا في مقدمتها لهذا الكتاب كان يحاول بكل ما يمتلك من أدوات كتابية وبلاغية أن يحول هذا النص الي قصة يتشوق قارئه الى اتمامها ليبقى الكثير من تفاصيلها في ذهنه .
وهكذا أتى كتاب " مختصر تاريخ العالم " في نص قصصي مشوق أكثر ما يميزه أنه في الواقع موجه الى فئة عمرية صغيرة تتراوح في تقديري مابين الأعوام الثمانية والثمانية عشر عاما حيث انه صيغ ليخاطب كل قارئ صغير منفردا ليحاكيه بكلمات وتعبيرات مثل " ها أنت , وهل تعرف وكما تتذكر " وغيرها .
تحكي لنا ليوني غومبريتش في المقدمة التالية القصة المشوقة التي دفعت بجدها أي اتش غومبريتش الى توجيه نصه التاريخي لهذه الفئة العمرية التي قد تشكل أكثر فئات القراء صعوبة في الارضاء والجذب ليأتي النص سلسا وجميلا وجاذبا ليس فقط للصغار بل كذلك للكبار الذين يتطلعون الى لمحة تاريخية بسيطة للزمن البشري في لغة سهلة مبسطة وأسلوب جاذب لطيف .
ولقد وضع هذا المنحنى السردي كثيرا من الصعوبات في طريق ترجمة النص والذي كان لابد له أن يعكس بالعربية البساطة السردية ذاتها الموجهة الى تلك الفئة العمرية المحددة وعليه فقد جاء اختيار الألفاظ والتعابير ليتواءم وسلاسة النص والقدرة الاستيعابية للقارئ الصغير وحيث ان هذه الترجمة هي ترجمة للنص الانجليزي المترجم عن النص الألماني الأصلي , فان هذا البعد الثنائي كثيرا ما أسهم في رفع درجة غموض الفحوى واغترابها عن لغتنا العربية وتعابيرنا المعتادة ( هذا على الرغم من أن الكاتب نفسه هو من قام بترجمة النص الألماني في معظمه الى النص الانجليزي ) .
ولقد كانت للنص تلقائية محببة تعكس الكثير من أفكاره واعتقادات وايمانيات الكاتب تلك التي , على الرغم من جهده المبذول في اخفائها جاءت واضحة بتأثير من طبيعة الأسلوب البسيط المباشر فالكثير من القصص التاريخية المسردة في النص جاءت لتعكس نظرة الكاتب وطبيعة محيطه وتاريخه الشخصي , فمن جهة يركز الكاتب على تاريخ اليهود وكل أنواع المعاناة التي مروا بها وصولا الى المذابح النازية في ألمانيا ذاكرا بين طيات سرده أصول أسرته اليهودية وشيئا من المعاناة التي مرت بها .
ومما يبرز في السرد التاريخي هنا كذلك ايمان الكاتب العميق بالمسيحية وحبه الخالص للسيد المسيح مما جعله ينظر من زاوية مناقضة الى الدين الاسلامي ونبي الاسلام محمد صلى الله عليه وسلم .
وعلى الرغم من محاولاته المستمرة للعودة الى المحايدة في السرد في ذكره للجرائم التي ارتكبها المسيحيون على سبيل المثال ابان الحروب الصليبية في حق المسلمين فان هذا الحب الشاعري الخالص للسيد المسيح والايمان العميق بالمسيحية يبرزان دوما على وجه النص ويصبغان طبيعته العامة بروحيهما .
غير أن أجمل ما يميز هذا النص السردي المتواصل هو قدرة الكاتب التي تجلت في طياته على ربط الأحداث والأسماء وطرح التشبيهات التي قد تتباعد مئات السنوات بعضها عن بعض فتجده على سبيل المثال في غمار وصفه لحدث أو لشخصية في منتصف القرن الخامس عشر قد قفز بالقارئ عائدا الى حقبة زمنية ماضية رابطا الشخصية أو الحدث بآخرين مشابهين قص هو عنهما في العصور الغابرة الموغلة في القدم .
هذه التشبيهات والمحاولات المستمرة لربط التاريخ البشري من أوله الى آخره بحلقات الأشخاص والأحداث انما تجعل النص أكثر تشويقا واثارة وترفع من قدرة القارئ على تذكر الأحداث وربطها واستيعابها بصورتها الكبيرة الموسعة غير أن أكثر ما يعكسه ويؤكده هذا الأسلوب هو محبة الكاتب الخالصة الحقيقية للتاريخ الانساني الذي يبدو أنه يتشكل حقيقة كنهر رقراق في عقله حتى أنه يستطيع أن يبحر الى أي نقطة ليصطاد منه مايريد من أحداث وأشخاص لا يعتقدهما يخرجان أبدا عن تكامل وانسياب التاريخ البشري .
بيانات الكتاب
تأليف : اي اتش غومبريتش
الترجمة : إبتهال الخطيب
الناشر : عالم المعرفة
عدد الصفحات : 346 صفحة
الحجم : 10 ميجا بايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق