الثلاثاء، 29 يوليو 2014

الروح والجسد لــ مصطفى محمود

خواطر متعددة عن "إنسجام الظاهر والباطن في وحدةٍ متناسقة متناغمة".. عن علاقة الانسان بالإنسان، وعلاقته بالكون..
عن السعادة المعرفةِ بصلح يعقده الانسان بينه وبين نفسه، بين الانسان والآخرين وبينه وبين الله... تلك سعادة التحرر من عبودية الشهوات والمجتمع
يرى مصطفى محمود ان الحب المطلق لا يجوز الا لله وحده وتعلق زائل بزئل.. وهو كلام لو قرأته في مكان آخر لتعذر علي فهمه وهضمه.. توسع عندي بشرحه معنى "الحب في الله" وتأكد لدي ان السالم من تبع المنهج الذي يصفه في العلاقات الانسانية كلها.. الصداقة.. الزواج.. الأمومة
مقتطفات من الكتاب
الصمت
نحن نتبادل الكلمات والحروف والعبارات كوسائل للتعبير عن المعاني وكأدوات لكشف كوامن النفوس .. ونتصور أن الحروف يمكن أن تقوم بذاتها كبدائل للمشاعر , ويمكن أن تدل بصدق على ذواتنا ومكنوناتنا .
والحقيقة أن الحروف تحجب ولا تكشف .. وتضلل ولا تدلل ..وتشوه ولا توضح .. وهي أدوات التباس أكثر منها أدوات تحديد .. يقول الحبيب لحبيبته :
- أحبك .
وهو يقصد بذلك التعبير عن حالة وجدانية خاصة جدا وذاتية وجديدة عليه , فلا يجد إلا كلمة هي صك مستهلك تهرأ من كثرة الاستعمال .. كلمة أصبحت ماركة مسجلة لأردإ أنواع البضائع .. كلمة حولتها الأغاني للبتذلة والهزليات المسرحية الى مبولة أو بالوعة , حالات فسيولوجية عديدة ومتناقضة .
ولكنه لا يجد غيرها .
الروح والجسد لــ مصطفى محمود فإذا حاول أن يستخرج من قاموس الحروف ومعجم العبارات كلمات أخرى فإنه لا يجد إلا المجاز والاستعارة والبيان والبديع وضرب الأمثلة .. فيقول لحبيبته إنه يحبها كما تحب الوردة ندى الفجر ,أو كما تحب ظلمة الليل شعاع الشمس , أو كما تحب صغار العصافير أعشاشها .. وهو كلام فارغ آخر يترجم الحالة الخاصة الفريدة الى سلسلة من البدائل المزورة , ويحول الشعور البكر الى ثرثرة جوفاء لا تدل على شيء ..
ولو أنه صمت لكان صمته أبلغ ..
وللصمت المفعم بالشعور حكم أقوى من حكم الكلمات .. وله إشعاع وله قدرته الخاصة على الفعل والتأثير ..
والمحب الصامت يستطيع أن ينقل لغته وحبه الى الآخر .. إذا كان الآخر على نفس المستوى من رهافة الحس – وإذا كان هو الآخر قادرا على السمع بلا أذن والكلام بلا نطق .
والإنسان معجزة المخلوقات ..
وهو ليس آلة كاتبة .. ولا أسطوانة ناطقة
وهو أكثر من مجرد آليات جسدية ..
هو عقل وروح ووجدان ..
وذاته مستودع قوى وأسرار إلهية .
وهو يستطيع أن يتكلم بلا نطق .. ويسمع بلا أذن .. ويرى بلا عيون .
ونحن نرى في الحلم بلا عيون ونسمع بلا آذان ونجري بلا سيقان ..
وقد رأى المبصرون بعيون طه حسين ما لم يروا بعيونهم ..
وفي رؤى أبي العلاء وأشعاره ما لا تتطاول إليه عيون للمبصرين أصحاب العيون .
والحقائق العالية تقصر دون بلوغها الحروف والعيون والآذان .. وإنما خلقت الحروف للتعبير عن أشتات العالم المادي وجزئياته , وهي مجرد رموز ومصطلحات ونظائر لما نرى حولنا من شجر وحصى ورمل وبحر وتلال ووديان وجبال .
أما عالمنا الداخلي .. وسماواتنا الداخلية .. وسرائرنا العميقة .. فتقصر دونها الحروف ولا تصورها كلمات ..
وكلما كان شعورنا حميما , وكلما كان حبنا متغلغلا في شغاف القلب مالكا ناصية السر , ساكنا لب الفؤاد عجز اللسان وتضعضعت الكلمات وتقطعت العبارات ..
والحقائق الالهية أكثر استحالة على الألفاظ
هنا الألفاظ تتحول الى جلاميد صخر لا تصلح على الاطلاق لوصف ذات الله المطلقة .
والألفاظ في رحاب الله .. أستار وحجب .. والكلمة حائل والعبارة عائق .. والاصطلاح عقبة .
يقول الله سبحانه في مخاطباته القدسية للصوفي الصالح محمد بن عبد الجبار :
كل ما فوق وتحت وعن يمين وشمال وكل ما بدا ليس مني الحروف لا تدل على ... الكلمات لا تدل على أوصافي
أوصافي التي تحملها العبارة هي أوصافك بمعنى ..
وحينما أقول اني أنا الرحيم فانك تفهم رحمتي برحمتك وما رحمتي يا عبدي كرحمتك

بيانات الكتاب


الاسم : الروح والجسد
تأليف : مصطفى محمود
الناشر : دار المعارف
عدد الصفحات : 112 صفحة
الحجم : 1 ميجا بايت
تحميل كتاب الروح والجسد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق