يتناول الكاتب في هذا الكتاب العديد من القضايا ويناقشها ويحاول الوصو إلى إجابة شافية لها مثل:
1- الشريعة الإسلامية وتطبيقها
2-الفن
3-بوذا
4-فرويد ونظريته
5-والموت
مقتطفات من الكتاب
سألت نفسي عن أسعد لحظة عشتها .. ؟ ؟
ومر بخاطري شريط طويل من المشاهد .. لحظة رأيت أول قصة تنشر لي , ولحظة تخرجت من كلية الطب , ولحظة حصلت على جائزة الدولة في الأدب .. ونشوة الحب الأول والسفر الأول .. والخروج الى العالم الكبير متجولا بين ربوع غابات إفريقيا العذراء . وطائرا الى ألمانيا وإيطاليا والنمسا وسويسرا وإنكلترا وفرنسا وأمريكا .. ولحظة قبضت أول ألف جنيه .. ولحظة وضعت أول لبنة في المركز الإسلامي بالدقي .. استعرضت كل هذه المشاهد وقلت في سري .. لا .. ليست هذه .. بل هي لحظة أخرى ذات مساء من عشرين عاما اختلط فيها الفرح بالدمع بالشكر بالبهجة بالحبور حينما سجدت لله فشعرت أن كل شيء في بدني يسجد .. قلبي يسجد .. عظامي تسجد .. أحشائي تسجد .. عقلي يسجد .. ضميري يسجد .. روحي تسجد .. حينما سكت داخلي القلق وكف الاحتجاج ورأيت الحكمة في العذاب فارتضيته , ورأيت كل فعل الله خير , وكل تصريفه عدل وكل قضائه رحمة , وكل بلائه حب .. لحظتها أحسست وأنا أسجد أني أعود الى وطني الحقيقي الذي جئت منه وأدركت هويتي وانتسابي وعرفت من أنا .. وأنه لا أنا .. بل هو .. ولا غيره ..
انتهى الكبر وتبخر العناد وسكن التمرد وانجابت غشاوات الظلمة وكأنما كنت اختنق تحت الماء ثم أخرجت رأسي فجأة من اللجة لأرى النور وأشاهد الدنيا وآخذ شهيقا عميقا وأتنفس بحرية وانطلاق .. وأي حرية .. وأي انطلاق .. يا إلهي .. لكأنما كنت مبعدا منفيا مطرودا أو سجينا مكبلا معتقلا في الأصفاد ثم فك سجني .. وكأنما كنت أدور كالدابة على عينيها حجاب ثم رفع الحجاب .
نعم .. لحظتها فقط تحررت .
نعم .. تلك كانت الحرية الحقة .. حينما بلغت غاية العبودية لله . وفككت عن يدي القيود التي تقيدني بالدنيا وآلهتها المزيفة .. المال والمجد والشهرة والجاه والسلطة واللذة والغلبة والقوة ..
وشعرت أني لم أعد محتاجا لأحد ولا لشيء لأني أصبحت في كنف ملك الملوك الذي يملك كل شيء .
كنت كفرخ الطير الذي عاد الى حضن أمه .. كانت لحظة ولكن بطول الأبد .. نعم تأبدت في الشعور وفي الوجدان وألقت بظلها على ما تبقى من عمر ولكنها لم تتكرر .. فما أكثر بعد ذلك دون أن أبلغ هذا التجرد والخلوص وما أكثر ما حاولت دون جدوى .. فما تأتي تلك اللحظات بجهد العبد بل بفضل الرب .. وإنما هو الذي يتقرب إلينا وهو الذي يتحبب إلينا .. وما نتعرف عليه إلا به .. وما نعبده لحظة تمام العبادة إلا بمعونته .. وما ندخل عليه إلا بإذنه .. فهو العزيز المنيع الجناب الذي لا يدخل إليه بالدعاوي والأقاويل .
ولقد عرفت آنذاك أن تلك هي السعادة الحقة وتلك هي جنة الأرض التي لا يساويها أي كسب مادي أو معنوي .
يقول الله لنبيه عليه الصلاة والسلام ( واسجد واقترب
الاسم : السؤال الحائر
تأليف : مصطفى محمود
الناشر : دار المعارف
عدد الصفحات : 117 صفحة
الحجم : 1 ميجا بايت
تحميل كتاب السؤال الحائر
1- الشريعة الإسلامية وتطبيقها
2-الفن
3-بوذا
4-فرويد ونظريته
5-والموت
مقتطفات من الكتاب
سألت نفسي عن أسعد لحظة عشتها .. ؟ ؟
انتهى الكبر وتبخر العناد وسكن التمرد وانجابت غشاوات الظلمة وكأنما كنت اختنق تحت الماء ثم أخرجت رأسي فجأة من اللجة لأرى النور وأشاهد الدنيا وآخذ شهيقا عميقا وأتنفس بحرية وانطلاق .. وأي حرية .. وأي انطلاق .. يا إلهي .. لكأنما كنت مبعدا منفيا مطرودا أو سجينا مكبلا معتقلا في الأصفاد ثم فك سجني .. وكأنما كنت أدور كالدابة على عينيها حجاب ثم رفع الحجاب .
نعم .. لحظتها فقط تحررت .
نعم .. تلك كانت الحرية الحقة .. حينما بلغت غاية العبودية لله . وفككت عن يدي القيود التي تقيدني بالدنيا وآلهتها المزيفة .. المال والمجد والشهرة والجاه والسلطة واللذة والغلبة والقوة ..
وشعرت أني لم أعد محتاجا لأحد ولا لشيء لأني أصبحت في كنف ملك الملوك الذي يملك كل شيء .
كنت كفرخ الطير الذي عاد الى حضن أمه .. كانت لحظة ولكن بطول الأبد .. نعم تأبدت في الشعور وفي الوجدان وألقت بظلها على ما تبقى من عمر ولكنها لم تتكرر .. فما أكثر بعد ذلك دون أن أبلغ هذا التجرد والخلوص وما أكثر ما حاولت دون جدوى .. فما تأتي تلك اللحظات بجهد العبد بل بفضل الرب .. وإنما هو الذي يتقرب إلينا وهو الذي يتحبب إلينا .. وما نتعرف عليه إلا به .. وما نعبده لحظة تمام العبادة إلا بمعونته .. وما ندخل عليه إلا بإذنه .. فهو العزيز المنيع الجناب الذي لا يدخل إليه بالدعاوي والأقاويل .
ولقد عرفت آنذاك أن تلك هي السعادة الحقة وتلك هي جنة الأرض التي لا يساويها أي كسب مادي أو معنوي .
يقول الله لنبيه عليه الصلاة والسلام ( واسجد واقترب
بيانات الكتاب
الاسم : السؤال الحائر
تأليف : مصطفى محمود
الناشر : دار المعارف
عدد الصفحات : 117 صفحة
الحجم : 1 ميجا بايت
تحميل كتاب السؤال الحائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق