أولاً: العوائق الاجتماعية:
هناك عوائق اجتماعية عديدة تقف أمام التغير الاجتماعي، وتظهر بوضوح لدى المجتمعات التقليدية أكثر منها في المجتمعات الحديثة، وأهم العوائق:
1 – الثقافة التقليدية:
يرتبط التغير الاجتماعي إلى حد كبير بثقافة المجتمع السائدة، فالثقافة التقليدية القائمة على العادات والتقاليد، والقيم بوجه عام، لا تساعد على حدوث عملية التغير الاجتماعي بيسر، فالعادات والتقاليد التي تميل إلى الثبات تقاوم التغير وكل تجديد سواء أكان مادياً أم معنوياً، وكلما سادت هذه الثقافة وانتشرت، كانت المقاومة أشد وأقوى.
فالأيديولوجية المحافظة التي تتبنى فلسفة تقديس القديم تؤدي إلى مقاومة كل جديد، وتسود مثل هذه المعتقدات خاصة عند كبار السن الذين عاشوا أوضاعاً مختلفة عن الأوضاع الحالية، مما يؤدي إلى الجهل بالتجديد، والتحديث عامة.
وقد بين وليام أوجبرن أن النزعة المحافظة عند كبار السن والميل للمحافظة على القديم واستاتيكيته ثبات العادات والتقاليد، كلها متغيرات تقاوم التجديد المادي والتغير بوجه عام.
وتظهر المقاومة بشكل أوسع، حينما يتعلق التغير بالقيم والمعتقدات التقليدية، كما أن المحافظة على البناء الأسري المتعلق بالأسر الممتدة من شأنه أنه يعيق عملية التغير الاجتماعي، بعكس بناء الأسرة الصغيرة "الأسرة النووية".
كما أن تعطيل دور المرأة في المجتمع من شأنه أن يعيق عملية التغير الاجتماعي.
أ – طبيعة البناء الطبقي:
لطبيعة البناء الطبقي في المجتمع أثر في قبول أو رفض التغير الاجتماعي، لأن أنماط التفاعل فيها تكون محدودة نتيجة للانغلاق الطبقي.
ب – الميل للمحافظة على الامتيازات:
تظهر المقاومة للتغير من قبل الأفراد الذين يخشون على زوال مصالحهم، تلك المصالح التي قد تكون في المكانة الاجتماعية، أو الامتيازات الاقتصادية، أو الاجتماعية، لهذا يشعر أولئك الأفراد بأن امتيازاتهم مهددة بالزوال نتيجة للتجديد، سرعان ما تقوم المعارضة.
وتظهر المقاومة بوضوح في ميادين عديدة في أنماط الحياة المختلفة السياسية والاقتصادية والعلمية، وغالباً ما تكون هذه المقاومة نتيجة الجهل بالمتغيرات الجديدة، والخوف على المصالح المستقرة، فإن المقاومة تكون قوية كلما تعرضت تلك المصالح إلى تغيير كبير.
ج – عزلة المجتمع:
إن العزلة قد تكون مفروضة على المجتمع كالاستعمار، وقد تكون عزلة ذاتية يفرضها المجتمع على نفسه.
د – المحافظة على القيم والخوف من التغير:
غالباً ما تقف الفئات المحافظة في المجتمع عقبة أمام إحداث التغير الاجتماعي، حرصاً على أوضاعهم التقليدية وخوفاً من ضياع حقوقها المكتسبة.
هـ - تماسك الجماعة:
في المجتمعات الريفية التقليدية يتمسك الناس بفكرة مثالية تنعكس في إحساسهم بالالتزام المتبادل داخل إطار الأسرة والجماعة من الأصحاب، وتفضيلهم العام للانتماء إلى جماعة صغيرة والرغبة في انتقاد أي فرد ينحرف عن السلوك المعتاد.
و – عدم التجانس في تركيب المجتمع:
إن اختلاف الأفراد الذين يتكون منهم المجتمع من حيث النوع والسن والتعليم والمهنة، والمركز الاجتماعي، والوضع الطبقي، والديانة، يؤدي إلى عدم تجانسهم وتضارب مصالحهم، بحيث أن أي تغير جديد قد يلقى معارضة من بعض الأفراد الآخرين، عكس التجانس في تركيب المجتمع.
ويرى عدلي أبو طاحون أن العوائق الاجتماعية للتغير تتعلق بالعناصر التالية:
أ – الالتزام المتبادل داخل الأسرة والجماعات القرابية والأصدقاء:
التوقعات المرتبطة بالمهام الفردية بالمجتمعات الريفية تعد من المسلمات الاجتماعية أي أنها ليست اختيارية أو متروكة لحرية الأفراد، وتبدو هذه الالتزامات قوية جداً وهامة في وقت الأزمات مثل حالات الوفاة، المجاعة وغيرها.
وهذا النمط التبادلي لا يتمشى في أغلب الأحيان مع الاتجاه الفردي والذي يميز عملية التحضر والتصنيع التي تتميز بقوة الالتزامات المتبادلة فيها، خاصة في طور الانتقال حيث يكون كالفرملة لعملية التغير.
ب – ديناميكيات الجماعة الصغيرة:
الإحساس بالانتماء الشخصي للجماعات الصغيرة أو المجتمعات المحلية يشكل موضوعاً حيوياً لمعظم الناس، لأنه يوفر الاطمئنان السيكولوجي والارتياح والرضا النفسي مما يساهم في إتمام الأعمال اليومية، وسبب ذلك أن الجماعات الصغيرة تعطي الأفراد المنتمين إليها الإطار المريح للعمل بداخلها.
ج – الرأي العام:
تظهر أهمية وحدة الجماعة الصغيرة في تنفيذ العديد من برامج التغيير الموجهة، وفي نفس الوقت نلاحظ أن الرأي العام قد يؤثر بقوة على سلوك الأفراد داخل الجماعة أحياناً فيكون غير مشجع لأعضاء الجماعة المبتكرين.
2 – النزاعات:
تسود لدينا فكرة بأن المجتمعات الريفية يسودها التماسك الاجتماعي والاتفاق العام إلا أن الأمر لا يسلم من وجود بعض الخلافات والنزاعات الحزبية والتي تؤدي إلى تجزئة القرية إلى أجزاء متصارعة.
أ – التحزبات:
يجب أن تجري البرامج الموجهة للجماهير بطريقة تسمح لعدد كبير من الناس بالاشتراك فيها، وبالتالي يمكن تقليل معارضتها، لكون المجتمعات التي تكون في طور انتقال الحزبيات والانقسامات غالباً، لذا نجد أنه إذا أخذت مجموعة أو حزب بفكرة معينة فإن المجموعة المضادة سترفض هذه الفكرة دون تقييمها أو حتى التفكير فيها.
ب – ذوو المصلحة الخاصة (الجماعات المصلحية):
إن كثيراً من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية المشجعة عالمياً تفسر في الوقت الحاضر على أنها محددة لأمان بعض الأفراد والجماعات.
ج – مصادر السلطة:
في مجتمع القرية يقع جانب كبير من السلطة في نطاق الأسرة طبقاً للتقاليد الموضوعة وتوجد أنواع أخرى من السلطة داخل البنيان السياسي، كذلك فإنه قد توجد متمركزة في أيدي بعض الشخصيات الفريدة في نوعها الذي لهم تأثيرهم المباشر على تصرفات باقي الأفراد، دون أن يكون لذلك صفة رسمية، بالإضافة لذلك توجد أنواع أخرى من السلطة خارج نطاق القرية والتي يكون لها تأثير أقوى من السلطة المحلية وهي خاصية تتميز بها المجتمعات التقليدية، والتي تشمل السلطة داخل نطاق الأسرة، وداخل البنيان السياسي والاجتماعي وسلطة الشخص الفريد.
ثانياً: العوائق الاقتصادية:
1 – ركود حركة الاختراعات والاكتشافات العلمية:
وهي نتيجة انعدام روح الابتكار والتجديد، وتعود إلى عوامل فرعية كثيرة منها: انخفاض المستوى العلمي، والمستوى الاجتماعي بوجه عام، وعدم وجود الحاجة الملحة الدافعة إلى الاختراع، مع ملاحظة أن الشعور بالحاجة وحده لا يكفي للاختراع، إذ لابد من توفر المستوى العلمي والتكنولوجي، بالإضافة إلى المناخ الثقافي الملائم، لكي يصبح الاختراع ممكناً.
إن شروط الاختراع تتطلب وجود الشخص القادر والإمكانيات اللازمة والبيئة الاجتماعية الملائمة، وأن نقص الإمكانات الاقتصادية اللازمة يحول دون تقدم الاختراعات وبالتالي إعاقة عملية التغير الاجتماعي.
2 – التكلفة المالية:
يرغب الأفراد في امتلاك المخترعات التكنولوجية إلا أن ارتفاع تكلفتها المالية يحول دون تحقيق ذلك، أي أن توفر الرغبة لا يكفي، ما لم تتوفر القدرة المالية التي تسمح بالاقتناء.
إن الموقف الاجتماعي يجب أن يؤخذ في الاعتبار كعامل مؤثر في عملية التغير، وأن تحقيق الفائدة المادية ليس هو العامل الحاسم أو الوحيد في تبني التجديد.
3 – محدودية المصادر الاقتصادية:
إن شح الموارد الاقتصادية لدى المجتمعات من شأنه أن يعيق عملية التغير الاجتماعي، فالمجتمعات التي لا تتوافر فيها الثروة المعدنية أو الطبيعية، لا تحدث فيها تغيرات اجتماعية كبيرة، ولهذا فإن المجتمعات النامية والفقيرة منها لا تستطيع أن تلبي حاجات أفرادها، فتبقى على مستوى الكفاف، وينخفض فيها التراكم الرأسمالي الذي يؤدي بدوره إلى انخفاض معدل الاستثمار.
وصف البرتيني الاقتصاد المتخلف بثلاث خصائص:
أ – أنه اقتصاد تقليدي: ويسود الزراعة فيه أنماط بدائية الإنتاج.
ب – يتصف الاقتصاد المدني فيه بضعف الإنتاج، ولا ينتج إلا القليل مما يستهلك، والباقي يستورد أي أنه اقتصاد تابع ولا تتوفر فيه الجدوى الاقتصادية.
ج – يتميز باقتصاد الشركات متعددة الجنسيات التي تقوم على خدمة مصالحها الخاصة في الدرجة الأولى، وغير منسجمة في إنتاجها وتشغيلها مع البلد النامي، بالإضافة إلى أن أرباحها تذهب للخارج.
عموماً، يؤدي نقص الموارد الاقتصادية إلى محدودية عملية التغير وإعاقتها، فالوسائل المادية لا يمكن الحصول عليها إلا بالمال، وكذلك الاختراعات والمصانع، فالمقدرة المادية هي التي تساعد في الحصول على ذلك وفي غيابها تلغى عملية التغير.
ثالثاً: العوائق الايكولوجية:
إن تأثير البيئة الطبيعية على المجتمعات واضح سواء أكان إيجاباً أم سلباً، فالبيئة الطبيعية من مناخ وسهول وجبال وأنهار تؤثر في تكوين حضارة المجتمعات، فشح الموارد الطبيعية يعيق عملية التغير، وبناء حضارة كبيرة، فالعزلة الطبيعية التي تعيشها المجتمعات نتيجة أحاطتها بالصحراء أو بمنطقة جبلية وعرة المسالك، من شأنها أن تعيق اتصال المجتمع بغيره من المجتمعات الأخرى.
رابعاً: العوائق السياسية:
1 – العوائق السياسية الداخلية:
هناك عوائق سياسية عديدة تقف أمام عملية التغير منها:
أ – ضعف الإيديولوجية التنموية: تخضع عملية التغير للسياسة الداخلية للدولة، وذلك وفق الإيديولوجية التي تتبناها، فحينما تكون الإيديولوجية غير واضحة، ومتأرجحة فإن ذلك ينعكس على المنهج التنموي القائم، الأمر الذي يؤدي إلى قصور في خطط التنمية، فخطة التنمية تصاغ في إطار إيديولوجي سياسي، لأن التنمية عملية سياسية في المحل الأول، في البناء والتطبيق والإشراف.
ب – تعدد القوميات والأقليات داخل المجتمع: غالباً ما تقف أمام التغير حفاظاً على التوازن العام داخل المجتمع، فأي إصلاح أو تغيير غالباً ما يقابل بعدم استجابة أو معارضة من قبل تلك الفئات التي قد تتضرر مصالحها داخل المجتمع على عكس المجتمع المتجانس.
ج – عدم الاستقرار السياسي: من شأن الاستقرار أن يسهل عملية التغير ويؤدي إلى تحقيقها، حيث تتوجه جهود السلطة والشعب نحو التغير المنشود.
2 – العوائق السياسية الخارجية:
أ – السياسة الامبريالية: من المعروف أن الامبريالية تفرض هيمنتها على المستعمرات، وتحارب كل تغير إيجابي قد يحدث في البلدان المستعمرة فهي تفرض السياسة التي تتلاءم مع وجودها، وهي سياسة مناقضة لمصالح الشعوب المقهورة، علاوة على فرض ثقافتها وحضارتها التي لا تتلاءم وثقافة المستعمرات مما يؤدي في النهاية إلى إعاقة التغير.
ب – الحروب الخارجية: لا شك أنها تستنزف موارد مالية هائلة يكون المجتمع بحاجة إليها من أجل إحداث التنمية، كما أنها قد تؤدي إلى تدمير الثروة المادية والبشرية.
خامساً: العوائق الثقافية:
تتعرض كل المجتمعات الإنسانية لظاهرة التغير، وعلى ذلك يمكن النظر إلى كل مجتمع على أنه عرضة لنوعين من القوى: قوى تعزز حدوث التغير وتعضده، وأخرى تعرقله وتحد من فاعليته، ومن هنا تبدأ عناصر الثقافة في المجتمع مرة أخرى، وتكيف نفسها في بناء أكثر انسجاماً وتلاؤماً، وفي خلال هذه الدينامية الثنائية تنعكس لنا قوى الثبات الثقافي النسبي، والميل إلى التغير المتوازن بين القوى القائمة.
قد تكون عوامل للتثبيت الاثنوجرافي، أو تكون عوامل منشطة لإحداث التغير الثقافي هي:
أ – البيئة أو المكان: قد تقدم إمكانيات تفيد سكانها، أو تصبح عديمة الجدوى لهم، وفي الحالة الثانية تضع البيئة العراقيل أمام التيار التكنولوجي الطاغي، كما يمكن أن تضع من العقبات ما يكفي للحد من فاعلية التواصل بين الشعوب، وبالتالي تحول دون وصول التيارات والموجات اللازمة لتحقيق التغير المنشود، بيد أن العزلة ليست وحدها عاملاً معوقاً للتغير، وإنما هي عامل وسيط تعضده عوامل أخرى كقلة السكان وعقم الوسائل التكنولوجية وندرة وجود المستحدثات.
ب – العوامل التاريخية: تميل إلى أن تكون المخرج من أسر العوامل البيئية ومعوقاتها، وذلك من خلال ما تقدمه العوامل الأولى من منبهات أو مثيرات لإحداث التغير الثقافي، ومثال هذه العوامل الانحراف الثقافي والصدفة التاريخية، وهما عاملان قد ينبعان من داخل الثقافة أو خارجها، كالرحلات والغزو.
ج – العوامل النفسية: تتضمن ميكانيزمات تقبل الجديد وتعتنقه، أو تلفظه وترفضه، وهي مبعث السلوك الإنساني، ومظهر خاص لعملية التعلم في مستوييها المبكر، والراشد.
وعلى ذلك ينبغي النظر إلى العوامل التي تشل عملية التغير الثقافي على أنها حواجز تنطوي على مضمون ثقافي وبالتالي فهي حواجز ثقافية، مع مراعاة أن العوامل النفسية والثقافية والاجتماعية المعرقلة للتغير توجد في إطار اقتصادي، ومن ثم فلابد من مراعاة العامل الاقتصادي الهام الذي يعطي للعوامل السابقة جدواها وفاعليتها.
د – نوعية التراث وطبيعته: تتضمن بعض الثقافات أهمية كبرى على قيمة الابتكار والتغير، ولذلك فهي ترى في الشيء الجديد مبرراً كافياً لفحصه وتطبيقه، بينما نلاحظ مجتمعات أخرى أن التراث يمارس سطوة كبيرة عليها ويتسم أيضاً بالمحافظة الثقافية، ومرد ذلك إلى الطابع النسقي المتكامل للثقافة، وفي ضوء هذا الطابع يتشكك القروي مثلاً في الأشياء الجديدة ولن يقبل عليها أو يقبلها.
وتلعب الأمثال الشعبية دوراً بارزاً في التثبيت الاثنوجرافي، وبالتالي في الحيلولة دون حدوث التغير الثقافي سريع الإيقاع، حيث أن المثل صورة مختزلة بخبرة موقف اجتماعي، وعلى ذلك قد يكون المثل، متضارباً مع غيره وهذا التضارب لا يرجع إلى تضارب الوجدان الشعبي بقدر ما يرجع إلى اختلاف المواقف ذاتها، والمثل إذن موقف وليس إلا، وطالما أن المواقف متنوعة ومتباينة فلابد أن تتنوع الأمثال وتتباين.
هـ - التواكل: ترتبط اتجاهات التواكل ارتباطاً وثيقاً بقوى التراث السائد، ولذلك ففي المجتمعات غير الصناعية التي لم تحقق السيطرة الكاملة على قوى الطبيعة، ينسب الجفاف والفيضان إلى القوى فوق الطبيعية التي تزور الإنسان سواء كانت آلهة أو أرواحاً شريرة، وعلى ذلك على الإنسان أن يستعطفها، لا أن يتحكم فيها، بينما لا تقدم الأشكال الاقتصادية والتكنولوجية فيها للفلاح ما يقيم الأود فيظل خاضعاً لها، وأن دل ذلك على شيء فإنما يدل على قصر نظر كما يذهب إلى ذلك هيرسكوفيتس وبالتالي يكون التواكل بمثابة التكيف الأفضل الذي يقوم به الإنسان إزاء القنوط، وكل ما يعجز عنه.
و – معايير التواضع السائدة: غالباً ما توجد عوائق تعرقل التغير الثقافي الموجه، ويقصد بهذا النوع العلاقة بين الرجل والمرأة، وتظهر هذه العلاقة واضحة في حملات الصحة العامة بين الطبيب والنسوة الحوامل، وعلى سبيل المثال للتقليل من معدل وفيات الأطفال والملاحظ في بعض البلاد النامية في بداية دخول الطب الرسمي بها أن المرأة الحامل كانت تفضل تجنب الرعاية الطبية خشية أن يفحصها طبيب رجل يطلع عليها، ولذلك كان الزوج هو حلقة الوصل بين الطرفين.
ز – تضارب السمات الثقافية: من المعروف أن هناك عناصر ثقافية يسود بينها الانسجام المنطقي، وفي حين توجد أخرى تنطوي على تضارب بين بعضها البعض، ويؤدي هذا التضارب وعدم الاتساق إلى الحيلولة دون حدوث التغير الثقافي.
ح – النتائج غير المتوقعة للتجديد: لا يمكن أن يحدث تغير في حالة منعزلة وبلا نتائج ثانوية وأولية وثالثة على نطاق واسع في المجتمع المتغير، أنه هنا مثل حجر نلقيه في الماء فيحدث حلقات آخذة في الاتساع إلى أن يفقد تأثيره قوة الدفع، كذلك حال التجديد حيث يترتب عليه تأثيرات دائرية في الثقافة، فإن التجديد يتعرض للمقاومة إذا أحدث آثاراً جانبية سيئة، وعلى ذلك ينبغي بذل المجهودات الكبيرة للتغلب على هذه السوءات من ناحية، والتفحص الدقيق للتجديد قبل نشره من ناحية أخرى حتى لا يؤتي آثاراً ضاره، وحتى لا يقاومه المستقبلون له.
ط – المعتقدات الشعبية: توجد صور عديدة من هذه المعتقدات التي تعرقل التغير على وجه العموم، مثل أكل اللبن وشرب السمك، لما في ذلك من أضرار، وغير ذلك.
ي – القيم والاتجاهات والتقاليد:
أ – التقاليد:
لكل مجتمع تقاليده السائدة به والمسيطرة عليه والتي تؤثر على مدى تقبل المجتمع للتغير، فمثلاً المجتمعات الصناعية يسود بها ثقافة تحفز وتدعو للتغيير والأخذ بالحديث من المبتكرات وتولي ذلك أهمية خاصة فالجديد بها يجذب انتباه الناس إليه ويدعوهم لمحاولة تجربته، فهناك علاقة وثيقة الصلة بين الاقتصاد وبين ظهور التقاليد الدافعة للتغير، وعلى العكس في المجتمعات غير الصناعية التقاليد لا تدفع للتغير.
ب – الاعتقاد في الحظ والنصيب:
إنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالقوى التقليدية، وتعتبر أحد المعوقات الهامة لعملية التغير ولقد تمكنت المجتمعات الصناعية من أن تثبت لنفسها أن لديها قدرة كبيرة على التحكم في الظروف الطبيعية والاجتماعية وتطويعها لصالحها، ولا تعتبر أي وضع غير مرغوب فيه أمراً مستحيلاً ولكن تعتبره تحدي لقدرتها لذلك، عكس المجتمعات غير الصناعية.
ج – التعصب الثقافي:
يعتقد جميع البشر بمختلف ثقافتهم أن أنظمتهم وطريقة معيشتهم هي الطريقة الطبيعية والمثلى بالمقارنة بالطرق الأخرى وإن جوهر الثقافة الحقيقي يتعلق بما نفكر فيه ونعمله بما يشمله من اتجاهات سلوكية وعقائد دينية وأشكال اجتماعية وأن القيم المطلقة تؤكد أن الاعتقاد العام في رفعة ثقافة معينة من أهم القوى التي تؤدي إلى الاستقرار.
د – الشعور بالعزة والكرامة:
في المجتمعات التقليدية يولي الناس اهتماماً كبيراً للأشياء التي تمس بعزتهم أو كرامتهم ولو من بعيد ومرجع ذلك اعتدادهم بثقافتهم وقوميتهم ونوع الحياة التي يعيشونها.
هـ - معايير التواضع:
لا تخلو أي ثقافة من الثقافات من عنصر التواضع وهذه الأفكار مصطلح عليها ثقافياً وتتباين كثيراً من ثقافة لأخرى فمثلاً ما يعد سلوكاً صالحاً ومحموداً في ثقافة معينة قد يعد نفس السلوك في مجتمع آخر مستهجن مما يجعل هذه المعايير تقف كعائق لبعض برامج التغيير الموجهة.
سادساً: العوائق السيكولوجية:
لا يتوقف قبول الناس أو رفضهم لفرصة جديدة تعرضوا لها لمجرد وجود نمط مناسب للعلاقات الاجتماعية وتوافر الظروف الاقتصادية بل أيضاً يتأثر بالعوامل السيكولوجية مثل كيفية تصور الشخص للشيء الجديد هل يتخيله مثل الأخصائي أو بوجهة نظر أخرى فالظاهرة الواحدة يفهمها كل مجتمع بطريقة مختلفة.
أولاً: التباين التصوري والإدراكي بين الثقافات:
أ – الاتجاه إلى الحكوميين:
غالبية البرامج المستخدمة للتغيير الموجه بمعظم بلدان العالم والتي تقوم بها الحكومة من خلال هيئاتها المخصصة تواجه بالتشكيك من قبل أفراد المجتمع ويرجع ذلك إلى خبرات سابقة لهم في التعامل المباشر مع أجهزة الحكومة، وليس كون الأخصائي ممثل الحكومة فقط هو ما يشكل عائق للتغيير بل لكونه غريباً أيضاً وغير مفهوم لجميع سكان المجتمع.
ب – النظرة إلى الهدايا:
تميل بعض المؤسسات إلى إعطاء الفلاحين معونات في صورة أشياء كالسلع والخدمات بدون مقابل ولكننا نجد في معظم الأحوال أن الأفراد الفلاحين لا يقبلون عليها بالرغم من فقرهم ويرجع ذلك إلى نظرتهم إلى هذه الأشياء باعتبارها فاسدة أو ليست ذات فائدة لذلك فالأفضل أن تعطى هذه المنح ولكن بسعر رمزي لتلافي هذا الشعور.
ج – الاختلاف التخيلي للأدوار:
يوجد بكل مجتمع اختلاف أو تباين لما يتوقعه الأفراد من الآخرين وما يتوقعه الآخرون منهم وذلك بمختلف المواقف وبالطبع ذلك يؤدي على حدوث المشاكل في المواقف الثقافية المتداخلة نظراً لاختلاف التوقعات.
د – اختلاف النظرة إلى الغرض الحقيقي:
اختلاف وجهات النظر أثناء القيام بتنفيذ برامج التنمية والتغيير المخطط بين كل من القائمين على وضعها وبين المنفذين من جهة وبين الأعضاء المشتركين فيها بينهم من جهة أخرى يمثل عائق للتغيير.
ثانياً: المشاكل الاتصالية:
تحدث عملية الاتصال بنجاح عندما يشترك كل من أخصائي التغيير وأعضاء المجتمع في ثقافتهم ولغتهم نظراً لأن الأشخاص المشتركين في اللغة يستطيعون أن يتفهموا رموزها بسهولة أكثر من الأخرى، ومن أهم المشاكل الاتصالية صعوبة اللغة والمشاكل الإيضاحية.
أ – مشاكل اللغة:
تظهر بوضوح في اختلاف اللغة التي يستعملها كل من الأخصائي ولغة أعضاء المجتمع.
ب – مشاكل إيضاحية:
فليس من السهل أن يتبع ويفهم القرويون الوسائل الإيضاحية فالأفلام والشرائح والملصقات والنشرات قد تظهر بصورة مشوشة في ذهن الأفراد غير المعتادين عليها، وقد لا يدرك القرويون بين الأحداث أو الصورة المعروضة في الأفلام.
ج – مشاكل التعلم:
يجب أن يدرك المرشد أن الخبرات والمعلومات وطرق تناولهما للموضوعات وأن بدت له سهلة، إلا أنها قد لا تكون كذلك بالنسبة للقرويين، المراد أن يوصل لهم هذه الخبرات لذلك يجب عليه أن ينتبه لنواحي القصور في خبرات القرويين المراد تنميتها ويساعده في إتمام ذلك على أكم وجه بأن يكون وجوده معهم بشكل مستمر يعطي القروي الفرصة لإقناع نفسه بتبني ذلك الشيء الجديد.
عن : موقع العلوم الاجتماعيه
هناك عوائق اجتماعية عديدة تقف أمام التغير الاجتماعي، وتظهر بوضوح لدى المجتمعات التقليدية أكثر منها في المجتمعات الحديثة، وأهم العوائق:
1 – الثقافة التقليدية:
يرتبط التغير الاجتماعي إلى حد كبير بثقافة المجتمع السائدة، فالثقافة التقليدية القائمة على العادات والتقاليد، والقيم بوجه عام، لا تساعد على حدوث عملية التغير الاجتماعي بيسر، فالعادات والتقاليد التي تميل إلى الثبات تقاوم التغير وكل تجديد سواء أكان مادياً أم معنوياً، وكلما سادت هذه الثقافة وانتشرت، كانت المقاومة أشد وأقوى.
فالأيديولوجية المحافظة التي تتبنى فلسفة تقديس القديم تؤدي إلى مقاومة كل جديد، وتسود مثل هذه المعتقدات خاصة عند كبار السن الذين عاشوا أوضاعاً مختلفة عن الأوضاع الحالية، مما يؤدي إلى الجهل بالتجديد، والتحديث عامة.
وقد بين وليام أوجبرن أن النزعة المحافظة عند كبار السن والميل للمحافظة على القديم واستاتيكيته ثبات العادات والتقاليد، كلها متغيرات تقاوم التجديد المادي والتغير بوجه عام.
وتظهر المقاومة بشكل أوسع، حينما يتعلق التغير بالقيم والمعتقدات التقليدية، كما أن المحافظة على البناء الأسري المتعلق بالأسر الممتدة من شأنه أنه يعيق عملية التغير الاجتماعي، بعكس بناء الأسرة الصغيرة "الأسرة النووية".
كما أن تعطيل دور المرأة في المجتمع من شأنه أن يعيق عملية التغير الاجتماعي.
أ – طبيعة البناء الطبقي:
لطبيعة البناء الطبقي في المجتمع أثر في قبول أو رفض التغير الاجتماعي، لأن أنماط التفاعل فيها تكون محدودة نتيجة للانغلاق الطبقي.
ب – الميل للمحافظة على الامتيازات:
تظهر المقاومة للتغير من قبل الأفراد الذين يخشون على زوال مصالحهم، تلك المصالح التي قد تكون في المكانة الاجتماعية، أو الامتيازات الاقتصادية، أو الاجتماعية، لهذا يشعر أولئك الأفراد بأن امتيازاتهم مهددة بالزوال نتيجة للتجديد، سرعان ما تقوم المعارضة.
وتظهر المقاومة بوضوح في ميادين عديدة في أنماط الحياة المختلفة السياسية والاقتصادية والعلمية، وغالباً ما تكون هذه المقاومة نتيجة الجهل بالمتغيرات الجديدة، والخوف على المصالح المستقرة، فإن المقاومة تكون قوية كلما تعرضت تلك المصالح إلى تغيير كبير.
ج – عزلة المجتمع:
إن العزلة قد تكون مفروضة على المجتمع كالاستعمار، وقد تكون عزلة ذاتية يفرضها المجتمع على نفسه.
د – المحافظة على القيم والخوف من التغير:
غالباً ما تقف الفئات المحافظة في المجتمع عقبة أمام إحداث التغير الاجتماعي، حرصاً على أوضاعهم التقليدية وخوفاً من ضياع حقوقها المكتسبة.
هـ - تماسك الجماعة:
في المجتمعات الريفية التقليدية يتمسك الناس بفكرة مثالية تنعكس في إحساسهم بالالتزام المتبادل داخل إطار الأسرة والجماعة من الأصحاب، وتفضيلهم العام للانتماء إلى جماعة صغيرة والرغبة في انتقاد أي فرد ينحرف عن السلوك المعتاد.
و – عدم التجانس في تركيب المجتمع:
إن اختلاف الأفراد الذين يتكون منهم المجتمع من حيث النوع والسن والتعليم والمهنة، والمركز الاجتماعي، والوضع الطبقي، والديانة، يؤدي إلى عدم تجانسهم وتضارب مصالحهم، بحيث أن أي تغير جديد قد يلقى معارضة من بعض الأفراد الآخرين، عكس التجانس في تركيب المجتمع.
ويرى عدلي أبو طاحون أن العوائق الاجتماعية للتغير تتعلق بالعناصر التالية:
أ – الالتزام المتبادل داخل الأسرة والجماعات القرابية والأصدقاء:
التوقعات المرتبطة بالمهام الفردية بالمجتمعات الريفية تعد من المسلمات الاجتماعية أي أنها ليست اختيارية أو متروكة لحرية الأفراد، وتبدو هذه الالتزامات قوية جداً وهامة في وقت الأزمات مثل حالات الوفاة، المجاعة وغيرها.
وهذا النمط التبادلي لا يتمشى في أغلب الأحيان مع الاتجاه الفردي والذي يميز عملية التحضر والتصنيع التي تتميز بقوة الالتزامات المتبادلة فيها، خاصة في طور الانتقال حيث يكون كالفرملة لعملية التغير.
ب – ديناميكيات الجماعة الصغيرة:
الإحساس بالانتماء الشخصي للجماعات الصغيرة أو المجتمعات المحلية يشكل موضوعاً حيوياً لمعظم الناس، لأنه يوفر الاطمئنان السيكولوجي والارتياح والرضا النفسي مما يساهم في إتمام الأعمال اليومية، وسبب ذلك أن الجماعات الصغيرة تعطي الأفراد المنتمين إليها الإطار المريح للعمل بداخلها.
ج – الرأي العام:
تظهر أهمية وحدة الجماعة الصغيرة في تنفيذ العديد من برامج التغيير الموجهة، وفي نفس الوقت نلاحظ أن الرأي العام قد يؤثر بقوة على سلوك الأفراد داخل الجماعة أحياناً فيكون غير مشجع لأعضاء الجماعة المبتكرين.
2 – النزاعات:
تسود لدينا فكرة بأن المجتمعات الريفية يسودها التماسك الاجتماعي والاتفاق العام إلا أن الأمر لا يسلم من وجود بعض الخلافات والنزاعات الحزبية والتي تؤدي إلى تجزئة القرية إلى أجزاء متصارعة.
أ – التحزبات:
يجب أن تجري البرامج الموجهة للجماهير بطريقة تسمح لعدد كبير من الناس بالاشتراك فيها، وبالتالي يمكن تقليل معارضتها، لكون المجتمعات التي تكون في طور انتقال الحزبيات والانقسامات غالباً، لذا نجد أنه إذا أخذت مجموعة أو حزب بفكرة معينة فإن المجموعة المضادة سترفض هذه الفكرة دون تقييمها أو حتى التفكير فيها.
ب – ذوو المصلحة الخاصة (الجماعات المصلحية):
إن كثيراً من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية المشجعة عالمياً تفسر في الوقت الحاضر على أنها محددة لأمان بعض الأفراد والجماعات.
ج – مصادر السلطة:
في مجتمع القرية يقع جانب كبير من السلطة في نطاق الأسرة طبقاً للتقاليد الموضوعة وتوجد أنواع أخرى من السلطة داخل البنيان السياسي، كذلك فإنه قد توجد متمركزة في أيدي بعض الشخصيات الفريدة في نوعها الذي لهم تأثيرهم المباشر على تصرفات باقي الأفراد، دون أن يكون لذلك صفة رسمية، بالإضافة لذلك توجد أنواع أخرى من السلطة خارج نطاق القرية والتي يكون لها تأثير أقوى من السلطة المحلية وهي خاصية تتميز بها المجتمعات التقليدية، والتي تشمل السلطة داخل نطاق الأسرة، وداخل البنيان السياسي والاجتماعي وسلطة الشخص الفريد.
ثانياً: العوائق الاقتصادية:
1 – ركود حركة الاختراعات والاكتشافات العلمية:
وهي نتيجة انعدام روح الابتكار والتجديد، وتعود إلى عوامل فرعية كثيرة منها: انخفاض المستوى العلمي، والمستوى الاجتماعي بوجه عام، وعدم وجود الحاجة الملحة الدافعة إلى الاختراع، مع ملاحظة أن الشعور بالحاجة وحده لا يكفي للاختراع، إذ لابد من توفر المستوى العلمي والتكنولوجي، بالإضافة إلى المناخ الثقافي الملائم، لكي يصبح الاختراع ممكناً.
إن شروط الاختراع تتطلب وجود الشخص القادر والإمكانيات اللازمة والبيئة الاجتماعية الملائمة، وأن نقص الإمكانات الاقتصادية اللازمة يحول دون تقدم الاختراعات وبالتالي إعاقة عملية التغير الاجتماعي.
2 – التكلفة المالية:
يرغب الأفراد في امتلاك المخترعات التكنولوجية إلا أن ارتفاع تكلفتها المالية يحول دون تحقيق ذلك، أي أن توفر الرغبة لا يكفي، ما لم تتوفر القدرة المالية التي تسمح بالاقتناء.
إن الموقف الاجتماعي يجب أن يؤخذ في الاعتبار كعامل مؤثر في عملية التغير، وأن تحقيق الفائدة المادية ليس هو العامل الحاسم أو الوحيد في تبني التجديد.
3 – محدودية المصادر الاقتصادية:
إن شح الموارد الاقتصادية لدى المجتمعات من شأنه أن يعيق عملية التغير الاجتماعي، فالمجتمعات التي لا تتوافر فيها الثروة المعدنية أو الطبيعية، لا تحدث فيها تغيرات اجتماعية كبيرة، ولهذا فإن المجتمعات النامية والفقيرة منها لا تستطيع أن تلبي حاجات أفرادها، فتبقى على مستوى الكفاف، وينخفض فيها التراكم الرأسمالي الذي يؤدي بدوره إلى انخفاض معدل الاستثمار.
وصف البرتيني الاقتصاد المتخلف بثلاث خصائص:
أ – أنه اقتصاد تقليدي: ويسود الزراعة فيه أنماط بدائية الإنتاج.
ب – يتصف الاقتصاد المدني فيه بضعف الإنتاج، ولا ينتج إلا القليل مما يستهلك، والباقي يستورد أي أنه اقتصاد تابع ولا تتوفر فيه الجدوى الاقتصادية.
ج – يتميز باقتصاد الشركات متعددة الجنسيات التي تقوم على خدمة مصالحها الخاصة في الدرجة الأولى، وغير منسجمة في إنتاجها وتشغيلها مع البلد النامي، بالإضافة إلى أن أرباحها تذهب للخارج.
عموماً، يؤدي نقص الموارد الاقتصادية إلى محدودية عملية التغير وإعاقتها، فالوسائل المادية لا يمكن الحصول عليها إلا بالمال، وكذلك الاختراعات والمصانع، فالمقدرة المادية هي التي تساعد في الحصول على ذلك وفي غيابها تلغى عملية التغير.
ثالثاً: العوائق الايكولوجية:
إن تأثير البيئة الطبيعية على المجتمعات واضح سواء أكان إيجاباً أم سلباً، فالبيئة الطبيعية من مناخ وسهول وجبال وأنهار تؤثر في تكوين حضارة المجتمعات، فشح الموارد الطبيعية يعيق عملية التغير، وبناء حضارة كبيرة، فالعزلة الطبيعية التي تعيشها المجتمعات نتيجة أحاطتها بالصحراء أو بمنطقة جبلية وعرة المسالك، من شأنها أن تعيق اتصال المجتمع بغيره من المجتمعات الأخرى.
رابعاً: العوائق السياسية:
1 – العوائق السياسية الداخلية:
هناك عوائق سياسية عديدة تقف أمام عملية التغير منها:
أ – ضعف الإيديولوجية التنموية: تخضع عملية التغير للسياسة الداخلية للدولة، وذلك وفق الإيديولوجية التي تتبناها، فحينما تكون الإيديولوجية غير واضحة، ومتأرجحة فإن ذلك ينعكس على المنهج التنموي القائم، الأمر الذي يؤدي إلى قصور في خطط التنمية، فخطة التنمية تصاغ في إطار إيديولوجي سياسي، لأن التنمية عملية سياسية في المحل الأول، في البناء والتطبيق والإشراف.
ب – تعدد القوميات والأقليات داخل المجتمع: غالباً ما تقف أمام التغير حفاظاً على التوازن العام داخل المجتمع، فأي إصلاح أو تغيير غالباً ما يقابل بعدم استجابة أو معارضة من قبل تلك الفئات التي قد تتضرر مصالحها داخل المجتمع على عكس المجتمع المتجانس.
ج – عدم الاستقرار السياسي: من شأن الاستقرار أن يسهل عملية التغير ويؤدي إلى تحقيقها، حيث تتوجه جهود السلطة والشعب نحو التغير المنشود.
2 – العوائق السياسية الخارجية:
أ – السياسة الامبريالية: من المعروف أن الامبريالية تفرض هيمنتها على المستعمرات، وتحارب كل تغير إيجابي قد يحدث في البلدان المستعمرة فهي تفرض السياسة التي تتلاءم مع وجودها، وهي سياسة مناقضة لمصالح الشعوب المقهورة، علاوة على فرض ثقافتها وحضارتها التي لا تتلاءم وثقافة المستعمرات مما يؤدي في النهاية إلى إعاقة التغير.
ب – الحروب الخارجية: لا شك أنها تستنزف موارد مالية هائلة يكون المجتمع بحاجة إليها من أجل إحداث التنمية، كما أنها قد تؤدي إلى تدمير الثروة المادية والبشرية.
خامساً: العوائق الثقافية:
تتعرض كل المجتمعات الإنسانية لظاهرة التغير، وعلى ذلك يمكن النظر إلى كل مجتمع على أنه عرضة لنوعين من القوى: قوى تعزز حدوث التغير وتعضده، وأخرى تعرقله وتحد من فاعليته، ومن هنا تبدأ عناصر الثقافة في المجتمع مرة أخرى، وتكيف نفسها في بناء أكثر انسجاماً وتلاؤماً، وفي خلال هذه الدينامية الثنائية تنعكس لنا قوى الثبات الثقافي النسبي، والميل إلى التغير المتوازن بين القوى القائمة.
قد تكون عوامل للتثبيت الاثنوجرافي، أو تكون عوامل منشطة لإحداث التغير الثقافي هي:
أ – البيئة أو المكان: قد تقدم إمكانيات تفيد سكانها، أو تصبح عديمة الجدوى لهم، وفي الحالة الثانية تضع البيئة العراقيل أمام التيار التكنولوجي الطاغي، كما يمكن أن تضع من العقبات ما يكفي للحد من فاعلية التواصل بين الشعوب، وبالتالي تحول دون وصول التيارات والموجات اللازمة لتحقيق التغير المنشود، بيد أن العزلة ليست وحدها عاملاً معوقاً للتغير، وإنما هي عامل وسيط تعضده عوامل أخرى كقلة السكان وعقم الوسائل التكنولوجية وندرة وجود المستحدثات.
ب – العوامل التاريخية: تميل إلى أن تكون المخرج من أسر العوامل البيئية ومعوقاتها، وذلك من خلال ما تقدمه العوامل الأولى من منبهات أو مثيرات لإحداث التغير الثقافي، ومثال هذه العوامل الانحراف الثقافي والصدفة التاريخية، وهما عاملان قد ينبعان من داخل الثقافة أو خارجها، كالرحلات والغزو.
ج – العوامل النفسية: تتضمن ميكانيزمات تقبل الجديد وتعتنقه، أو تلفظه وترفضه، وهي مبعث السلوك الإنساني، ومظهر خاص لعملية التعلم في مستوييها المبكر، والراشد.
وعلى ذلك ينبغي النظر إلى العوامل التي تشل عملية التغير الثقافي على أنها حواجز تنطوي على مضمون ثقافي وبالتالي فهي حواجز ثقافية، مع مراعاة أن العوامل النفسية والثقافية والاجتماعية المعرقلة للتغير توجد في إطار اقتصادي، ومن ثم فلابد من مراعاة العامل الاقتصادي الهام الذي يعطي للعوامل السابقة جدواها وفاعليتها.
د – نوعية التراث وطبيعته: تتضمن بعض الثقافات أهمية كبرى على قيمة الابتكار والتغير، ولذلك فهي ترى في الشيء الجديد مبرراً كافياً لفحصه وتطبيقه، بينما نلاحظ مجتمعات أخرى أن التراث يمارس سطوة كبيرة عليها ويتسم أيضاً بالمحافظة الثقافية، ومرد ذلك إلى الطابع النسقي المتكامل للثقافة، وفي ضوء هذا الطابع يتشكك القروي مثلاً في الأشياء الجديدة ولن يقبل عليها أو يقبلها.
وتلعب الأمثال الشعبية دوراً بارزاً في التثبيت الاثنوجرافي، وبالتالي في الحيلولة دون حدوث التغير الثقافي سريع الإيقاع، حيث أن المثل صورة مختزلة بخبرة موقف اجتماعي، وعلى ذلك قد يكون المثل، متضارباً مع غيره وهذا التضارب لا يرجع إلى تضارب الوجدان الشعبي بقدر ما يرجع إلى اختلاف المواقف ذاتها، والمثل إذن موقف وليس إلا، وطالما أن المواقف متنوعة ومتباينة فلابد أن تتنوع الأمثال وتتباين.
هـ - التواكل: ترتبط اتجاهات التواكل ارتباطاً وثيقاً بقوى التراث السائد، ولذلك ففي المجتمعات غير الصناعية التي لم تحقق السيطرة الكاملة على قوى الطبيعة، ينسب الجفاف والفيضان إلى القوى فوق الطبيعية التي تزور الإنسان سواء كانت آلهة أو أرواحاً شريرة، وعلى ذلك على الإنسان أن يستعطفها، لا أن يتحكم فيها، بينما لا تقدم الأشكال الاقتصادية والتكنولوجية فيها للفلاح ما يقيم الأود فيظل خاضعاً لها، وأن دل ذلك على شيء فإنما يدل على قصر نظر كما يذهب إلى ذلك هيرسكوفيتس وبالتالي يكون التواكل بمثابة التكيف الأفضل الذي يقوم به الإنسان إزاء القنوط، وكل ما يعجز عنه.
و – معايير التواضع السائدة: غالباً ما توجد عوائق تعرقل التغير الثقافي الموجه، ويقصد بهذا النوع العلاقة بين الرجل والمرأة، وتظهر هذه العلاقة واضحة في حملات الصحة العامة بين الطبيب والنسوة الحوامل، وعلى سبيل المثال للتقليل من معدل وفيات الأطفال والملاحظ في بعض البلاد النامية في بداية دخول الطب الرسمي بها أن المرأة الحامل كانت تفضل تجنب الرعاية الطبية خشية أن يفحصها طبيب رجل يطلع عليها، ولذلك كان الزوج هو حلقة الوصل بين الطرفين.
ز – تضارب السمات الثقافية: من المعروف أن هناك عناصر ثقافية يسود بينها الانسجام المنطقي، وفي حين توجد أخرى تنطوي على تضارب بين بعضها البعض، ويؤدي هذا التضارب وعدم الاتساق إلى الحيلولة دون حدوث التغير الثقافي.
ح – النتائج غير المتوقعة للتجديد: لا يمكن أن يحدث تغير في حالة منعزلة وبلا نتائج ثانوية وأولية وثالثة على نطاق واسع في المجتمع المتغير، أنه هنا مثل حجر نلقيه في الماء فيحدث حلقات آخذة في الاتساع إلى أن يفقد تأثيره قوة الدفع، كذلك حال التجديد حيث يترتب عليه تأثيرات دائرية في الثقافة، فإن التجديد يتعرض للمقاومة إذا أحدث آثاراً جانبية سيئة، وعلى ذلك ينبغي بذل المجهودات الكبيرة للتغلب على هذه السوءات من ناحية، والتفحص الدقيق للتجديد قبل نشره من ناحية أخرى حتى لا يؤتي آثاراً ضاره، وحتى لا يقاومه المستقبلون له.
ط – المعتقدات الشعبية: توجد صور عديدة من هذه المعتقدات التي تعرقل التغير على وجه العموم، مثل أكل اللبن وشرب السمك، لما في ذلك من أضرار، وغير ذلك.
ي – القيم والاتجاهات والتقاليد:
أ – التقاليد:
لكل مجتمع تقاليده السائدة به والمسيطرة عليه والتي تؤثر على مدى تقبل المجتمع للتغير، فمثلاً المجتمعات الصناعية يسود بها ثقافة تحفز وتدعو للتغيير والأخذ بالحديث من المبتكرات وتولي ذلك أهمية خاصة فالجديد بها يجذب انتباه الناس إليه ويدعوهم لمحاولة تجربته، فهناك علاقة وثيقة الصلة بين الاقتصاد وبين ظهور التقاليد الدافعة للتغير، وعلى العكس في المجتمعات غير الصناعية التقاليد لا تدفع للتغير.
ب – الاعتقاد في الحظ والنصيب:
إنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالقوى التقليدية، وتعتبر أحد المعوقات الهامة لعملية التغير ولقد تمكنت المجتمعات الصناعية من أن تثبت لنفسها أن لديها قدرة كبيرة على التحكم في الظروف الطبيعية والاجتماعية وتطويعها لصالحها، ولا تعتبر أي وضع غير مرغوب فيه أمراً مستحيلاً ولكن تعتبره تحدي لقدرتها لذلك، عكس المجتمعات غير الصناعية.
ج – التعصب الثقافي:
يعتقد جميع البشر بمختلف ثقافتهم أن أنظمتهم وطريقة معيشتهم هي الطريقة الطبيعية والمثلى بالمقارنة بالطرق الأخرى وإن جوهر الثقافة الحقيقي يتعلق بما نفكر فيه ونعمله بما يشمله من اتجاهات سلوكية وعقائد دينية وأشكال اجتماعية وأن القيم المطلقة تؤكد أن الاعتقاد العام في رفعة ثقافة معينة من أهم القوى التي تؤدي إلى الاستقرار.
د – الشعور بالعزة والكرامة:
في المجتمعات التقليدية يولي الناس اهتماماً كبيراً للأشياء التي تمس بعزتهم أو كرامتهم ولو من بعيد ومرجع ذلك اعتدادهم بثقافتهم وقوميتهم ونوع الحياة التي يعيشونها.
هـ - معايير التواضع:
لا تخلو أي ثقافة من الثقافات من عنصر التواضع وهذه الأفكار مصطلح عليها ثقافياً وتتباين كثيراً من ثقافة لأخرى فمثلاً ما يعد سلوكاً صالحاً ومحموداً في ثقافة معينة قد يعد نفس السلوك في مجتمع آخر مستهجن مما يجعل هذه المعايير تقف كعائق لبعض برامج التغيير الموجهة.
سادساً: العوائق السيكولوجية:
لا يتوقف قبول الناس أو رفضهم لفرصة جديدة تعرضوا لها لمجرد وجود نمط مناسب للعلاقات الاجتماعية وتوافر الظروف الاقتصادية بل أيضاً يتأثر بالعوامل السيكولوجية مثل كيفية تصور الشخص للشيء الجديد هل يتخيله مثل الأخصائي أو بوجهة نظر أخرى فالظاهرة الواحدة يفهمها كل مجتمع بطريقة مختلفة.
أولاً: التباين التصوري والإدراكي بين الثقافات:
أ – الاتجاه إلى الحكوميين:
غالبية البرامج المستخدمة للتغيير الموجه بمعظم بلدان العالم والتي تقوم بها الحكومة من خلال هيئاتها المخصصة تواجه بالتشكيك من قبل أفراد المجتمع ويرجع ذلك إلى خبرات سابقة لهم في التعامل المباشر مع أجهزة الحكومة، وليس كون الأخصائي ممثل الحكومة فقط هو ما يشكل عائق للتغيير بل لكونه غريباً أيضاً وغير مفهوم لجميع سكان المجتمع.
ب – النظرة إلى الهدايا:
تميل بعض المؤسسات إلى إعطاء الفلاحين معونات في صورة أشياء كالسلع والخدمات بدون مقابل ولكننا نجد في معظم الأحوال أن الأفراد الفلاحين لا يقبلون عليها بالرغم من فقرهم ويرجع ذلك إلى نظرتهم إلى هذه الأشياء باعتبارها فاسدة أو ليست ذات فائدة لذلك فالأفضل أن تعطى هذه المنح ولكن بسعر رمزي لتلافي هذا الشعور.
ج – الاختلاف التخيلي للأدوار:
يوجد بكل مجتمع اختلاف أو تباين لما يتوقعه الأفراد من الآخرين وما يتوقعه الآخرون منهم وذلك بمختلف المواقف وبالطبع ذلك يؤدي على حدوث المشاكل في المواقف الثقافية المتداخلة نظراً لاختلاف التوقعات.
د – اختلاف النظرة إلى الغرض الحقيقي:
اختلاف وجهات النظر أثناء القيام بتنفيذ برامج التنمية والتغيير المخطط بين كل من القائمين على وضعها وبين المنفذين من جهة وبين الأعضاء المشتركين فيها بينهم من جهة أخرى يمثل عائق للتغيير.
ثانياً: المشاكل الاتصالية:
تحدث عملية الاتصال بنجاح عندما يشترك كل من أخصائي التغيير وأعضاء المجتمع في ثقافتهم ولغتهم نظراً لأن الأشخاص المشتركين في اللغة يستطيعون أن يتفهموا رموزها بسهولة أكثر من الأخرى، ومن أهم المشاكل الاتصالية صعوبة اللغة والمشاكل الإيضاحية.
أ – مشاكل اللغة:
تظهر بوضوح في اختلاف اللغة التي يستعملها كل من الأخصائي ولغة أعضاء المجتمع.
ب – مشاكل إيضاحية:
فليس من السهل أن يتبع ويفهم القرويون الوسائل الإيضاحية فالأفلام والشرائح والملصقات والنشرات قد تظهر بصورة مشوشة في ذهن الأفراد غير المعتادين عليها، وقد لا يدرك القرويون بين الأحداث أو الصورة المعروضة في الأفلام.
ج – مشاكل التعلم:
يجب أن يدرك المرشد أن الخبرات والمعلومات وطرق تناولهما للموضوعات وأن بدت له سهلة، إلا أنها قد لا تكون كذلك بالنسبة للقرويين، المراد أن يوصل لهم هذه الخبرات لذلك يجب عليه أن ينتبه لنواحي القصور في خبرات القرويين المراد تنميتها ويساعده في إتمام ذلك على أكم وجه بأن يكون وجوده معهم بشكل مستمر يعطي القروي الفرصة لإقناع نفسه بتبني ذلك الشيء الجديد.
عن : موقع العلوم الاجتماعيه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق