طارق علي يروي لنا عواقب سقوط غرناطة من خلال سردية طويلة ، لعائلة من اولئك الذين كانوا يحاولون البقاء علي قيد ال حياة بعد انهيار عالمهم. الرواية بارعة في استدعاء شكل الحياة بالنسبة لاولئك من ذوي القدر المشئوم المحاصرين من كل جانب في عالم مسيحي لا يعرف التسامح. رواية لديها ما تقوله وتقوله جيدا.
في روايته (ظلال شجرة الرمان) يتوقف المفكر البريطاني طارق علي أمام مشهد تاريخي عاصف ترك بصماته على مستقبل العالم في سنوات أعقبت سقوط غرناطة ولكن المؤلف لا يلجأ إلى مقولات جاهزة بل ينسج خيوطا معقدة ومتداخلة لشبكة من العلاقات الاجتماعية والفلسفات والأديان في دراما أشبه بالتراجيديات الكلاسيكية.
وسقوط غرناطة عام 1492 لم يكن تسليما طوعيا لمدينة وإنما إنهاء لمرحلة وفتح أبواب الحجيم على المنتمين إليها من المسلمين واليهود معا والاستيلاء على أملاكهم "وتقسيمها بين الكنيسة الكاثوليكية والعرش" وتحريم ممارسة الشعائر الإسلامية أو التحدث بالعربية وتحويل غرناطة إلى "محرقة خطرة".
وفي الاستعراض الدرامي لهذا الموقف لا يميل طارق علي إلى تصوير الأندلس كفردوس مفقود وإنما يرصد على لسان أبطاله ومن خلال سلوكهم ما يمكن اعتباره حتمية تاريخية جعلت النهاية غير مفاجئة حيث خير المسلمون بين التحول إلى الكاثوليكية والقتل فاختار البعض أن يتحول في حين لجأ آخرون للثورة المسلحة التي لا يكتب لهم فيها النصر.
وقبل المواجهة المسلحة أو بالتزامن معها حدد المنتصر هدفه وهو محو ذاكرة المهزوم.. ففي المشهد الافتتاحي للرواية في نهاية عام 1499 يحرق نحو مليوني مخطوط "السجل العامر لثمانية قرون" وجمعت من مكتبات 12 قصرا و195 مكتبة عامة في غرناطة بأمر من "راهب الشيطان" الأسقف خمينيث دي سيسنيروس الناطق بلسان الكنيسة والتاج معا ولكن بضع مئات نجت من المحرقة بحيلة من جنود كانوا يلقون المخطوطات الأثقل وزنا على عتبات أبواب مغلقة فيتسلل رجل ملثم ويلتقطها ثم عبرت تلك المخطوطات إلى مدينة فاس بالمغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق