ثلاثة وسبعون عامًا من الحب والألم والتجربة النافذة إلى قلب الحياة.. هي قصة حياة شاعرنا الجميل إبراهيم عيسى.. فقد ولد في عام 1927 في حي بين السرايات بالجيزة.. وحصل على بكالوريوس التجارة عام 1949 وتقلب في عدة مناصب وأعمال مختلفة أكسبته تجربة الحياة العريضة.. وكانت تربطني به صداقة حميمة متفردة.. وقد يندهش الكثيرون لهذه الصداقة.. فهو شاعر متعصب لقالب القصيدة العمودية.. وأنا محسوب على الشعر الحديث.. لكنني كنت أتعامل مع صديقي بصفته إنسانًا أولاً.. ثم بصفته شاعرًا مجددًا في إطار القصيدة القديمة.. أما إنسانية إبراهيم عيسى.. فهي دائرة متسعة ليس لها حدود.. فقد كان طيب القلب متسامحًا.. عميق المودة.. شديد الوفاء.. سمح النفس. وبقدر ما كان متطرفًا في عاطفته كالطفل.. كان متطرفًا في غضبه كالعاصفة خاصة حينما يكتشف غدر الدنيا وغدر الأصدقاء.. وكثيرًا ما كنا نلتقي وأتلقى منه شكواه من صديق تنكر له برغم مما قدم له من عطاء واهتمام ومساندة.. لكننا كنا ننتهي من لقائنا بأننا نتعامل مع الله.. ومن ثم سرعان ما أراه يثوب إلى إيمانه حامدًا شاكرًا. أما شاعرية إبراهيم عيسى.. فأنا أشهد هنا بأنه كان نسيجا وحده في شاعريته.. فهو يعيش التجربة ويصبر عليها وينحت قصائده من جدار قلبه.. وينقحها في روية وجدية.. ولهذا كان الصدق هو الصلة الوحيدة بينه وبين المتلقي.. وهو لا يكتب لمجرد شهوته في الكتابة.. فتجارب حياته حافلة بالمواقف.. ومن ثم فهو مفكر في شعره.. وشاعر في فكره.. وأزعم أن شاعرًا يمتلك هذا كله في وجدانه.. يجيء في مقدمة كوكبة شعراء طريقته وعصره.. فالفكرة لديه نابعة من داخله.. عميقة الجذور.. والتعبير عنها تعبير شائق واسع الرؤية.. عذب المأخذ.. والصور لديه مستمدة من الطبيعة الحية.. بألوانها وأصواتها.. في رومانسية طازجة عصرية.. ولقد كنت أحد الذين يحرص على أن يُسمعهم أشعاره فور الانتهاء من كتابتها.. ونتحاور كثيرًا حولها.. وكان هو يجب أن يَسْمَعَني أقرأ له قصائده بصوتي.. ربما لأنه كان يريد أن يلمس كيف سرى صدقه في وجداني. وأشرف أنني كنت وراء نشر أحد دواوينه الثلاثة الأولى.. وكنت سعيدًا بذلك..
السبت، 2 فبراير 2013
الاعمال الشعريه الكامله للشاعر ابراهيم عيسى
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق