مريم... بقايا الأبجدية المستحيلة، هل تدرين؟ بعد عشرين سنة لم أفعل شيئاً مهماً سوى البحث عنك أعود إلى هذه المقبرة التي صارت اليوم وسط المدينة بعد امتداد العمران بشكل جنوني إليها، أقف على هذه الشاهدة الصغيرة التي كتب عليها كما اشتهيت في وصيتك.
ضيقة هي الدنيا، ضيقة مراكبنا، للبحر وحده سنقول، كم كنا غرباء في أغراس المدينة، تمنيت أن أعيش طويلاً لأحبك أكثر ولكن الأقدار منحتني فرصة الشهادة قبلك لتكون أنت المطالب بحبي وتحمل غيابي
«طوق الياسمين» تقوم على علاقتي حب حميميتين ومأزومتين ومدمرتين، علاقة واسيني بمريم ابنة بلده، وعلاقة عيد عشاب مع سلفيا بنت دمشق. علاقة اعجاب ربطت بين واسيني الكاتب ومريم الفتاة التي تخطو نحو فهم العالم على يديه، من خلال كتبه وجمله وكلماته، وشيئاً فشيئاً يكتشفان خفق قلبيهما ويعيشان متعة الحب الراعشة، ويذوقان طعم جسديهما ويغرقان فيه. لكن رغبة مجنونة وعارمة تجتاح مريم، بعد فترة، في ضرورة أن تحمل بطفل، فهي بلغت الثلاثين. لذا تصارح حبيبها واسيني بضرورة زواجهما، لكنه يقف صامتاً ومرتبكاً، يخبرها أنه ليس مؤهلاً للزواج ضمن ظرفه، ويرجوها التمهل في طلبها ورغبتها. وهكذا هاجس الطفل هو كل شيء في حياة مريم وفي علاقتها مع واسيني. ويصب الخلاف البرود على علاقتهما، فيفقدها ألقها وارتعاشاتها، وفي لحظة اندفاع تخبره بأنها قد تتركه في مقابل هذه الرغبة، وأن صديقهما الذي لا يمل ملاحقتها ينتظر أي اشارة منها، وانه مستعد للزواج منها. ولأن الأنفة والهدوء يلازمان واسيني، فإنه يبقى في هدوئه، ويخبرها أن لها كل الحرية في اختيار ما تريد، وعلى هذه اللحظة – المنعطف تقوم الرواية. تقدم مريم على الزواج من صالح، وكأنها تحاول أن تؤكد لواسيني ولنفسها مدى جديتها. لكن هذه الخطوة تجرها الى تدمير حياتها وحياة واسيني، وتكتشف بعد زواجها ان قلبها ازداد تعلقاً بعالم واسيني، وانها لا تستطيع العيش من دونه، وأنها بانتمائها الى عقد زواجها من جعفر، وجنونها بواسيني، انما حكمت على نفسها بالعذاب والويل: «لم أستطع نسيانك أيها المهبول. تزوجت لأنساك فصرت مريضة بفقدانك المتكرر ولم يزدني غيابك الا ضلالة والتصاقاً بك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق