حوار مع ابنة ملك الجن الأحمر
ــ
ماهو اسمك الحقيقي ؟
ــ أسماءنا سرية ولايمكن
إعطاؤها , ونحن نستعير أسماء شبيهة بأسماءكم
ونحافظ عليها طيلة حياتنا .
ــ
أين موقعكم في هذا العالم ؟
ــ موقعنا سريّ أيضاً
.
ــ هل عندكم دول وقارات وبلدان كما هي الحال
عندنا ؟
ــ لا بل عندنا ممالك متعددة , وملوك
وأمراء وشعوب .
ــ هل يمكن أن نعرف أسماء بعض
الممالك ؟
ــ نحن نصف ممالكنا بالالوان لكي نقربها
من فهمكم , فنقول الجن الأحمر
والجن الأزرق و الأصفر لكن الألوان هي
تعبير عن اختلافات نختلف فيها عن
بعضنا .
ــ
إذاً أنتم أيضا محجوبون عن بعضكم حسب النوع أو اللون ؟
ــ
نعم فنحن محجوبون عن بعضنا ولايمكننا رؤية نوع آخر من الجن من ممالك
أخرى
, ولكن أيضاً هناك استثناءات كما هي الحال الآن .
ــ
حسنا خانم ماهو موقعك في عالمك ؟
ــ أنا ابنة ملك
الجان الأحمر كما تعرفون . ووالدي مايزال حاكماً لمملكتنا .
ــ
كم عمرك ؟
ــ سبع وعشرون عاماً .
ــ
هل أنت متزوجة ؟
ــ لا لست متزوجة . فجدتك (أي من
تتكلّم معي) لاتدع لي وقتاً , فهي تطلبني
كثيراً للحضور لمعالجة الناس
, ومعالجة المشاكل الناشئة عن الجان أيضاً .
ــ
أنت مسلمة كما أعلم . فهل عندكم ديانات أخرى ؟
ــ
نعم نحن أسلمنا مع البشر ودخلنا في هذا الدين الحنيف , وهناك ديانات
أخرى
عندنا وكذلك عندنا كفّار , فنحن نشبهكم كثيراً من هذه النواحي .
ــ
كيف دخلتم إلى دين الاسلام ؟
ــ ألم تقرأ سورة
الجن . حينما استمع نفر من الجن إلى حديث رسول الله .
فآمنوا به
وبشّروا بهذا الدين الحنيف . ودخلنا الاسلام والحمد لله .
ــ
كيف تستطيعون الدخول لعالمنا ؟
ــ نحن نراكم ونحس
بكم كونكم أكثر كثافة منا فالأمر يمكن تشبيهه بسلّم
ينحدر من اللطافة
نحو الكثافة , هذا كتشكيل جسدي , أما البنية الأساسية
للبشر فهي تحوي
كامل درجات هذا السلّم ولكن لم تتوصل علومكم حتى الآن
لمعرفة حتى
القليل من البنية الحقيقية للإنسان , ولكن لا نستطيع التفاعل
معكم بشكل
جيد إلا من خلالكم , أي من خلال الدخول بأجسادكم .
ــ
لقد أثرت فضولي أكثر بهذا الكلام . وفتحت شهيتي للمناقشة أكثر . فهل
يمكن
أن ندخل بالتفاصيل ؟
ــ لقد اعتدنا على فضولك هذا
وجدتك تحبك كثيراً وهذا مايصبرني عليك ...
تفضّل .
ــ
هل يمكن أن تشرحي لي كيف تدخلون لأجسامنا ؟
ــ
نحن ندخل الجسم البشري بلحظة ما من لحظات حياته , وبوضع معيّن له .
ــ
ماذا تقصدين بالوضع المعيّن ؟
ــ أقصد عندما
تنفصل روحه عن جسده لفترة من الزمن , عندها تفتح ثغرة نستطيع
من خلالها
الدخول .
ــ متى تنفصل الروح عن الجسم ؟
ــ
كثيرة هي الحالات التي تنفصل بها الروح عن الجسد , غير الموت طبعاً , أي
الانفصال المؤقت فمثلاً أثناء الأحلام التي تحدث في النوم يكون بطل هذا
الحلم
هو الروح أو الجسم النوراني الذي يخرج وينطلق بعيداً ويعود من جديد .
ــ
إذاً تدخلون عندما يحلم الإنسان ؟
ــ لا بالطبع .
فهذه الخروجات لانستطيع الوصول إليه عن طريقها , ولو كان
الأمر كذلك
لسهل الدخول إلى جميع الأجساد الآدمية .
ــ إذاً
عن أي حالة تتحدّثين ؟
ــ هناك حالات كثيرة ,
وكثيرة جداً فمثلاً الغيبوبة الناتجة عن صدمة ما
أوحادث سقوط أو ارتطام
, أو تلك التي تحصل نتيجة خوف شديد أو ذعر , كل هذه
الأحوال إضافة إلى
الحالة النفسية للشخص الهدف تكون ملائمة للدخول فيه .
ــ
ماذا تقصدين بالشخص الهدف . وهل هناك أشخاص مقصودين ومستهدفين ؟
ــ
نحن وحسب بنيتنا يمكننا رؤيتكم دون أن تستطيعون أنتم رؤيتنا .
وبتصرفاتكم
العادية قد تسببون لنا أذى عن قصد أو عن غير قصد . وهنا يصبح
الشخص
الذي تسبب بالأذى هدفاً لنا ونراقبه عن كثب وعند حصول حالة ما من
حالات
النفوذ نغتنم هذه الفرصة وندخل به .
ــ أيّ لغات
تتكلّمون ؟
ــ ليس لدينا لغة خاصة فنحن نتخاطر,
ولكننا ننطق من خلالكم بلغاتكم التي
نتعلمها نتيجة احتكاكنا بكم .
ــ
هل يمكن أن تحدّثينا عن حياتكم الاجتماعية ؟
ــ
نعم فهي شبيهة بحياتكم جداً وخاصة بعدما تموتون .
ــ
نحن بالحقيقة لاندري شيئاً عن شكل حياتنا بعد الموت إلا من خلال
الفلسفات
التي نعرفها ؟
ــ عندما تموتون وتخلعون عنكم هذا
الجسد الثقيل تنتقلون لمرحلة شبيهة جداً
بنا من حيث الحركة والتكوين
والعلاقات , وخاصة بالمراحل السفلية من حياتكم
غير الماديّة . فتعيشون
بعالم مواز شديد الشبه بعالمكم من حيث الأمكنة
والشعور , فليست حياتكم
الجسدية ذات الحواس الخمس إلا مدرسة تتعلمون فيها
وتتذوقون وتحسون
وتسمعون وتشتمّون وترون , وتتخرّجون بعد الموت لعالم ليس
مادي وإنما
شعوري , فتستفيدون من حياتكم الدنيا بخبرات معينة تؤهّلكم
للحياة فوق
المادية وتصبحون قادرين على تصورات معينة تحيون من خلالها ,
وتترقون
لمراتب أعلى فأعلى وتعيدون التجربة مرات ومرات وفي كل مرّة تزداد
الخبرات
بشكل كبير للوصول إلى الشكل النهائي الذي يرقى بكم لمستوى علوي .
وما
أريد قوله هنا أنكم تشبهوننا في تلك المرحلة الأولى من العالم الآخر .
ــ
إذا قدّر لي أن أصبح مثلكم فماذا سأرى ؟
ــ سترى
حياة شفافة ضبابية . فلا مادة تقيدنا ولافيزياء ولاكيمياء بل
أحاسيس
وتشكيلات شبيهة بكم من حيث المظهر , أي هيئات عامة أما من حيث
المضمون
فنحن نختلف عنكم كثيراً .
ــ هل تأكلون وتشربون .
أو ماهي مصادر الطاقة عندكم ؟
ــ لا نحن لانأكل
ولانشرب . فنحن طاقات بحد ذاتنا , طاقات مبرمجة تخضع
لقانون أعلى
فنترقّى أو ننحدر بحسب أعمالنا . فنحن خاضعين أيضاً لقانون
الثواب
والعقاب مثلكم , فأعمالنا الخيّرة تنعكس برصيد إيجابي يوفّر لنا
اللطافة
التي ترقينا على سلّم السمو وأعمالنا الشريرة تجعلنا نبتعد نحو
كثافة
أكبر وتبقينا ضمن الطبقات السفلى .
ــ لماذا تسمون
عوالم سفلية وأنتم وخاصة المؤمنون لكم تركيب يشبه الملائكة
حسب
اعتقادي ؟
ــ دعينا بهذا الاسم لسبب هام . فليس
موقعنا هو السبب كما يظن البعض وإنما
بسبب كوننا تحتكم في الكثافة ,
فكما قلت سابقاً أنه سلّم مقلوب بما يخصنا
نحن , أما بالنسبة لكم
فالسلم غير مقلوب , وهنا يكمن السر . فلو لم يكن هذا
السلم الخاص بنا
مقلوباً لأصبح الجان بشراً بمراحل متقدمة , أي متجاوزين
المرحلة
الماديّة وبذلك نكون ملائكة كما قلت .
ــ هل أفهم
من القول أنكم عندما تتطورون وتترقون تذهبون نحو الأسفل والعكس ؟
ــ
ليس مكانياً كما تفهمون . أنتم البشر قيدتكم المادة كثيراً إضافة للزمان
والمكان . العبرة هنا أننا كجان وأنتم كبشر نحمل إرادتي الخير والشر وهذا
مايميزنا
ولكن لكل منا اتجاهه , ليس كما تتصور مكانياً وإنما فكرياً , فنحن
نتطور باتجاه وأنتم تتطورون باتجاه معاكس , نعيش المرحلة الأولى متجاورين
ومتحاكين
, فكأننا نخضع لإمتحان في مدرسة واحدة ولكن كل في شعبته وعند
نهاية
هذا الإمتحان يخرج كل منا من باب مخالف للباب الآخر . فنحن وأنتم
شرطان
أساسيان لوجود هذه المدرسة , وإن كنا نشابهكم في مرحلة ما من مراحلكم
الانتقالية ولكن ذلك لايعني أننا نخالطكم بعد التطور .
ــ
أسئلتي كثيرة فأرجو ألا يصيبك الملل
ــ سأجيبك
عنها وبصراحة كونك مهتم بالموضوع بشكل جدي . وأنا شخصياً أود شرح
الملابسات الخاصة المتعلقة بالجان , فأنا أحب البشر وأتمنى أن تكون
علاقتنا
بكم وثيقة .
ــ أسمع كثيراً وأرى إنساناً ما أو
إنسانة دخل فيها جني أو جنية فأراهم
يتخبطون وينهارون نفسياً وهذا ما
يتسبب بالإدعاء بأن جميع من لهم علاقات
بكم مرضى نفسيين وخاصة بالمراحل
الأولى فهل تشرحين لي السبب ؟
ــ هل تتخيل مثلاً
دخول بطيخة بأحد منخريك وكم ستعاني من أصناف العذاب
أثناء ذلك فليس من
البساطة دخول جسد غريب ضمن تركيبة جسد آخر . فالعذاب
يكون للطرفين
المضيف والضيف , ولكن بنسب مختلفة . فالجني وعي مختلف وعقل
مختلف وحس
مختلف وبيئة وو إلخ ... يدخل ضمن تركيبة ليست متوازية من حيث
البنية ,
وهذا ما يسبب العذاب والشقاء وخاصة في المراحل الأولى .
ــ
إذاً لماذا تدخلون هذه الأجسام ؟
ــ إن هذه
الأجسام بالنسبة لنا هي طاقة فرج , فالجني الذي يدخل بالأنسي
يكون
محظوظاً ويعيش فترات جميلة من حياته , ويقدم الكثير من وقته وطاقاته
لخدمة
البشر وخدمة المضيف لقاء هذه الحضورات التي يحضرها ضمن هذا الجسد .
والآن
دعني أعود مؤقتاً , لأن جدتك قد تعبت . وأعدك بلقاء آخر نتمم فيه
نقاشاتنا
. السلام عليكم . قالت ذلك وتنحت تاركة جسد جدتي وقد أضناه التعب
وخاصة
وأنها لم تفهم شيئاً من الحديث الذي دار على لسانها بيني وبين حسنا
خانم
, وعاتبتني لإثقالي بالأسئلة والفلسفة ( اللي مالا طعمة ) كما قالت .
غادرت
الغرفة برأس مثقل بكنز كبير من المعلومات واتجهت مباشرة إلى دفاتري
لأدوّن
هذا الحديث الشيق متطلعاً لبقية اللقاءات بشغف كبير .
ــ
ماهو اسمك الحقيقي ؟
ــ أسماءنا سرية ولايمكن
إعطاؤها , ونحن نستعير أسماء شبيهة بأسماءكم
ونحافظ عليها طيلة حياتنا .
ــ
أين موقعكم في هذا العالم ؟
ــ موقعنا سريّ أيضاً
.
ــ هل عندكم دول وقارات وبلدان كما هي الحال
عندنا ؟
ــ لا بل عندنا ممالك متعددة , وملوك
وأمراء وشعوب .
ــ هل يمكن أن نعرف أسماء بعض
الممالك ؟
ــ نحن نصف ممالكنا بالالوان لكي نقربها
من فهمكم , فنقول الجن الأحمر
والجن الأزرق و الأصفر لكن الألوان هي
تعبير عن اختلافات نختلف فيها عن
بعضنا .
ــ
إذاً أنتم أيضا محجوبون عن بعضكم حسب النوع أو اللون ؟
ــ
نعم فنحن محجوبون عن بعضنا ولايمكننا رؤية نوع آخر من الجن من ممالك
أخرى
, ولكن أيضاً هناك استثناءات كما هي الحال الآن .
ــ
حسنا خانم ماهو موقعك في عالمك ؟
ــ أنا ابنة ملك
الجان الأحمر كما تعرفون . ووالدي مايزال حاكماً لمملكتنا .
ــ
كم عمرك ؟
ــ سبع وعشرون عاماً .
ــ
هل أنت متزوجة ؟
ــ لا لست متزوجة . فجدتك (أي من
تتكلّم معي) لاتدع لي وقتاً , فهي تطلبني
كثيراً للحضور لمعالجة الناس
, ومعالجة المشاكل الناشئة عن الجان أيضاً .
ــ
أنت مسلمة كما أعلم . فهل عندكم ديانات أخرى ؟
ــ
نعم نحن أسلمنا مع البشر ودخلنا في هذا الدين الحنيف , وهناك ديانات
أخرى
عندنا وكذلك عندنا كفّار , فنحن نشبهكم كثيراً من هذه النواحي .
ــ
كيف دخلتم إلى دين الاسلام ؟
ــ ألم تقرأ سورة
الجن . حينما استمع نفر من الجن إلى حديث رسول الله .
فآمنوا به
وبشّروا بهذا الدين الحنيف . ودخلنا الاسلام والحمد لله .
ــ
كيف تستطيعون الدخول لعالمنا ؟
ــ نحن نراكم ونحس
بكم كونكم أكثر كثافة منا فالأمر يمكن تشبيهه بسلّم
ينحدر من اللطافة
نحو الكثافة , هذا كتشكيل جسدي , أما البنية الأساسية
للبشر فهي تحوي
كامل درجات هذا السلّم ولكن لم تتوصل علومكم حتى الآن
لمعرفة حتى
القليل من البنية الحقيقية للإنسان , ولكن لا نستطيع التفاعل
معكم بشكل
جيد إلا من خلالكم , أي من خلال الدخول بأجسادكم .
ــ
لقد أثرت فضولي أكثر بهذا الكلام . وفتحت شهيتي للمناقشة أكثر . فهل
يمكن
أن ندخل بالتفاصيل ؟
ــ لقد اعتدنا على فضولك هذا
وجدتك تحبك كثيراً وهذا مايصبرني عليك ...
تفضّل .
ــ
هل يمكن أن تشرحي لي كيف تدخلون لأجسامنا ؟
ــ
نحن ندخل الجسم البشري بلحظة ما من لحظات حياته , وبوضع معيّن له .
ــ
ماذا تقصدين بالوضع المعيّن ؟
ــ أقصد عندما
تنفصل روحه عن جسده لفترة من الزمن , عندها تفتح ثغرة نستطيع
من خلالها
الدخول .
ــ متى تنفصل الروح عن الجسم ؟
ــ
كثيرة هي الحالات التي تنفصل بها الروح عن الجسد , غير الموت طبعاً , أي
الانفصال المؤقت فمثلاً أثناء الأحلام التي تحدث في النوم يكون بطل هذا
الحلم
هو الروح أو الجسم النوراني الذي يخرج وينطلق بعيداً ويعود من جديد .
ــ
إذاً تدخلون عندما يحلم الإنسان ؟
ــ لا بالطبع .
فهذه الخروجات لانستطيع الوصول إليه عن طريقها , ولو كان
الأمر كذلك
لسهل الدخول إلى جميع الأجساد الآدمية .
ــ إذاً
عن أي حالة تتحدّثين ؟
ــ هناك حالات كثيرة ,
وكثيرة جداً فمثلاً الغيبوبة الناتجة عن صدمة ما
أوحادث سقوط أو ارتطام
, أو تلك التي تحصل نتيجة خوف شديد أو ذعر , كل هذه
الأحوال إضافة إلى
الحالة النفسية للشخص الهدف تكون ملائمة للدخول فيه .
ــ
ماذا تقصدين بالشخص الهدف . وهل هناك أشخاص مقصودين ومستهدفين ؟
ــ
نحن وحسب بنيتنا يمكننا رؤيتكم دون أن تستطيعون أنتم رؤيتنا .
وبتصرفاتكم
العادية قد تسببون لنا أذى عن قصد أو عن غير قصد . وهنا يصبح
الشخص
الذي تسبب بالأذى هدفاً لنا ونراقبه عن كثب وعند حصول حالة ما من
حالات
النفوذ نغتنم هذه الفرصة وندخل به .
ــ أيّ لغات
تتكلّمون ؟
ــ ليس لدينا لغة خاصة فنحن نتخاطر,
ولكننا ننطق من خلالكم بلغاتكم التي
نتعلمها نتيجة احتكاكنا بكم .
ــ
هل يمكن أن تحدّثينا عن حياتكم الاجتماعية ؟
ــ
نعم فهي شبيهة بحياتكم جداً وخاصة بعدما تموتون .
ــ
نحن بالحقيقة لاندري شيئاً عن شكل حياتنا بعد الموت إلا من خلال
الفلسفات
التي نعرفها ؟
ــ عندما تموتون وتخلعون عنكم هذا
الجسد الثقيل تنتقلون لمرحلة شبيهة جداً
بنا من حيث الحركة والتكوين
والعلاقات , وخاصة بالمراحل السفلية من حياتكم
غير الماديّة . فتعيشون
بعالم مواز شديد الشبه بعالمكم من حيث الأمكنة
والشعور , فليست حياتكم
الجسدية ذات الحواس الخمس إلا مدرسة تتعلمون فيها
وتتذوقون وتحسون
وتسمعون وتشتمّون وترون , وتتخرّجون بعد الموت لعالم ليس
مادي وإنما
شعوري , فتستفيدون من حياتكم الدنيا بخبرات معينة تؤهّلكم
للحياة فوق
المادية وتصبحون قادرين على تصورات معينة تحيون من خلالها ,
وتترقون
لمراتب أعلى فأعلى وتعيدون التجربة مرات ومرات وفي كل مرّة تزداد
الخبرات
بشكل كبير للوصول إلى الشكل النهائي الذي يرقى بكم لمستوى علوي .
وما
أريد قوله هنا أنكم تشبهوننا في تلك المرحلة الأولى من العالم الآخر .
ــ
إذا قدّر لي أن أصبح مثلكم فماذا سأرى ؟
ــ سترى
حياة شفافة ضبابية . فلا مادة تقيدنا ولافيزياء ولاكيمياء بل
أحاسيس
وتشكيلات شبيهة بكم من حيث المظهر , أي هيئات عامة أما من حيث
المضمون
فنحن نختلف عنكم كثيراً .
ــ هل تأكلون وتشربون .
أو ماهي مصادر الطاقة عندكم ؟
ــ لا نحن لانأكل
ولانشرب . فنحن طاقات بحد ذاتنا , طاقات مبرمجة تخضع
لقانون أعلى
فنترقّى أو ننحدر بحسب أعمالنا . فنحن خاضعين أيضاً لقانون
الثواب
والعقاب مثلكم , فأعمالنا الخيّرة تنعكس برصيد إيجابي يوفّر لنا
اللطافة
التي ترقينا على سلّم السمو وأعمالنا الشريرة تجعلنا نبتعد نحو
كثافة
أكبر وتبقينا ضمن الطبقات السفلى .
ــ لماذا تسمون
عوالم سفلية وأنتم وخاصة المؤمنون لكم تركيب يشبه الملائكة
حسب
اعتقادي ؟
ــ دعينا بهذا الاسم لسبب هام . فليس
موقعنا هو السبب كما يظن البعض وإنما
بسبب كوننا تحتكم في الكثافة ,
فكما قلت سابقاً أنه سلّم مقلوب بما يخصنا
نحن , أما بالنسبة لكم
فالسلم غير مقلوب , وهنا يكمن السر . فلو لم يكن هذا
السلم الخاص بنا
مقلوباً لأصبح الجان بشراً بمراحل متقدمة , أي متجاوزين
المرحلة
الماديّة وبذلك نكون ملائكة كما قلت .
ــ هل أفهم
من القول أنكم عندما تتطورون وتترقون تذهبون نحو الأسفل والعكس ؟
ــ
ليس مكانياً كما تفهمون . أنتم البشر قيدتكم المادة كثيراً إضافة للزمان
والمكان . العبرة هنا أننا كجان وأنتم كبشر نحمل إرادتي الخير والشر وهذا
مايميزنا
ولكن لكل منا اتجاهه , ليس كما تتصور مكانياً وإنما فكرياً , فنحن
نتطور باتجاه وأنتم تتطورون باتجاه معاكس , نعيش المرحلة الأولى متجاورين
ومتحاكين
, فكأننا نخضع لإمتحان في مدرسة واحدة ولكن كل في شعبته وعند
نهاية
هذا الإمتحان يخرج كل منا من باب مخالف للباب الآخر . فنحن وأنتم
شرطان
أساسيان لوجود هذه المدرسة , وإن كنا نشابهكم في مرحلة ما من مراحلكم
الانتقالية ولكن ذلك لايعني أننا نخالطكم بعد التطور .
ــ
أسئلتي كثيرة فأرجو ألا يصيبك الملل
ــ سأجيبك
عنها وبصراحة كونك مهتم بالموضوع بشكل جدي . وأنا شخصياً أود شرح
الملابسات الخاصة المتعلقة بالجان , فأنا أحب البشر وأتمنى أن تكون
علاقتنا
بكم وثيقة .
ــ أسمع كثيراً وأرى إنساناً ما أو
إنسانة دخل فيها جني أو جنية فأراهم
يتخبطون وينهارون نفسياً وهذا ما
يتسبب بالإدعاء بأن جميع من لهم علاقات
بكم مرضى نفسيين وخاصة بالمراحل
الأولى فهل تشرحين لي السبب ؟
ــ هل تتخيل مثلاً
دخول بطيخة بأحد منخريك وكم ستعاني من أصناف العذاب
أثناء ذلك فليس من
البساطة دخول جسد غريب ضمن تركيبة جسد آخر . فالعذاب
يكون للطرفين
المضيف والضيف , ولكن بنسب مختلفة . فالجني وعي مختلف وعقل
مختلف وحس
مختلف وبيئة وو إلخ ... يدخل ضمن تركيبة ليست متوازية من حيث
البنية ,
وهذا ما يسبب العذاب والشقاء وخاصة في المراحل الأولى .
ــ
إذاً لماذا تدخلون هذه الأجسام ؟
ــ إن هذه
الأجسام بالنسبة لنا هي طاقة فرج , فالجني الذي يدخل بالأنسي
يكون
محظوظاً ويعيش فترات جميلة من حياته , ويقدم الكثير من وقته وطاقاته
لخدمة
البشر وخدمة المضيف لقاء هذه الحضورات التي يحضرها ضمن هذا الجسد .
والآن
دعني أعود مؤقتاً , لأن جدتك قد تعبت . وأعدك بلقاء آخر نتمم فيه
نقاشاتنا
. السلام عليكم . قالت ذلك وتنحت تاركة جسد جدتي وقد أضناه التعب
وخاصة
وأنها لم تفهم شيئاً من الحديث الذي دار على لسانها بيني وبين حسنا
خانم
, وعاتبتني لإثقالي بالأسئلة والفلسفة ( اللي مالا طعمة ) كما قالت .
غادرت
الغرفة برأس مثقل بكنز كبير من المعلومات واتجهت مباشرة إلى دفاتري
لأدوّن
هذا الحديث الشيق متطلعاً لبقية اللقاءات بشغف كبير .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق