رأى المؤلف أن يبدأ بحثه هذا حول فينومينولوجيا الوعي الباطن بالزمن، بما ذكره برنتانو في أمر الزمن في هذه الدروس
وقد جاء ترتيب ذلك ضمن قسمين ضم القسم الأول دروس سنة 1905 في فينومينولوجيا الوعي الباطني بالزمن وذلك ضمن مقالات ثلاث
حوت المقالة الأولى ما قاله برنتانو في أصل الزمن، وجاءت المقالة الثانية في الفحص عن الوعي بالزمن
ودارت المقالة الثالثة حول مراتب انشاء الزمن وحول الموضوعات الزمنية. وأما القسم الثاني فقد ضم تكملات مترتبة من سنة 1905 إلى سنة 1910
وجاءت هذه التكملات في الانطباع الأصلي وفي متصل التغييرات المتعلق به، وفي التخيل والانطباع، وفي الإدراك والتذكر
إن الفحص عن الوعي بالزمن قد كان منذ القدم الصخرة الكأدة لعلمين اثنين علم النفس الوصفي و علم المعرفة و أول من تبين بحق صعوباته الجمة و كان قد تعب فيه حتى كاد ييأس انما هو القديس اغسطين و اليوم كذلك فكل من طلب معرفة امر الزمن فلا غنية له من أن يدمن النظر في الفصل الثالث عشر و سائر الفصول إلى الفصل الثامن و العشرين من المقالة الحادية عشر من كتاب اعترافاتي . إذ أن العصر الحديث المتكبر كثيرا بعلمه ما نراه قد افادنا بشيء يذكر في مسألة الزمن أو قال قولا زاد به بينة عما قاله ذلك العالم النحرير الذي كان قد خاض فيه بصدق الهمة . بل لنا اليوم أن نقول كقول القديس اغسطين (( لئن لم اسأل في الزمن ما هو علمت ما هو و إن سئلت ما هو جهلت ما هو )) .
و بحق فكل الناس تعلم ما الزمن . و هو اعرف الاشياء جميعا ثم إنا اذا اخذنا نطلي معرفة ما علة الوعي بالزمن و أي علاقة حقيقية توجد بين الزمن الموضوعي و الوعي الذاتي بالزمن و كيف أن الموضوعية الزمنية أو كل موضوعية شخصية اجمالا انما تنتشيء في الوعي الذاتي الزمني أو كلما رمنا فقط أن نفحص عن الوعي الذاتي المحض للزمن و عن الفحوى الفينومينولوجي لمعايش الزمن فما نلبث أن نضيع في صعوبات جمة و نتوه في تناقضات و مجاهيل غريبة ايما .
و قد ارى بأن ابدأ بحثي هذا بما قاله برنتانو في امر الزمن . و لهفنا على أن برنتانو ما كان نشر اقواله قط الا ما كان قد افاد به طلبته و قد نجد بسطا لبعضها مبثوثا في مصنف مارتي ذي العنوان في نمو الحس اللوني الذي نشره اخر العقد السابع أو في مصنف ستوي ذي العنوان في علم نفس الحس .
الباب الأول : في اسقاط الزمن الموضوعي
كذلك و لا بد اولا أن ننبه على امور . إذ غايتنا انما بأن نفحص عن الوعي بالزمن فحصا فينومينولوجيا . و هذا سيقتضي ككل فحص فينومينولوجي أن نسقط تام الاسقاط كل ضروب فرض وجود الزمن الموضوعي و اثباته أو الايمان به أي اسقاط كل مقدمة ذات تتعلق بالوجود المفارق لشيء من الاشياء . و هو جائز جدا بالاعتبار الموضوعي أن يكون كل معيش ذا موضع في الزمن الموضوعي الواحد ككل وجود واقعي أو ككل جزء وجودي واقعي و لذا فالمعيش الادراكي للزمن و نصور الزمن نفسه ذو موضع في الزمن الموضوعي الواحد و جائز جدا أن يطلب احدنا معرفة ما الزمن الموضوعي لبعض المعايش كالمعيش الاصلي للزمن بل جائز كذلك أن يكون بحثا نافعا أن نطلب ما العلاقات الموجودة بين الزمنين الزمن الذي عند الوعي زمن موضوعي و الزمن الموضوعي الواقعي و أن كانت هناك مناسبة بين الفصول الزمنية المقدرة و الفصول الزمنية الموضوعية الواقعية و إن لم تكن مناسبة فكيف تكون المباينة بينها . بيد أن هذا الفعل ليس بالذي من مشمولات الفينومينولوجيا . إذ انه فكما أن الشيء الواقعي و العالم الواقعي ليسا هما بمعطي فينومينولوجي كذلك فزمن العالم أي الزمن الشيئي أي زمن الطبيعة التي هي مطلوب العلوم الطبيعية ليس هو بمعطى فينومينولوجي لذا فإن زمن علم النفس من حيث هو علم طبيعي موضوعه النفساني ليس أيضا بمعطى فينومينولوجي .
الاسم: دروس في فينومينولوجيا الوعي الباطني بالزمن
تأليف: ادموند هوسرل
ترجمة: لطفي خير الله
الناشر: منشورات الجمل
عدد الصفحات: 202 صفحة
الحجم: 6 ميجا بايت
وقد جاء ترتيب ذلك ضمن قسمين ضم القسم الأول دروس سنة 1905 في فينومينولوجيا الوعي الباطني بالزمن وذلك ضمن مقالات ثلاث
حوت المقالة الأولى ما قاله برنتانو في أصل الزمن، وجاءت المقالة الثانية في الفحص عن الوعي بالزمن
ودارت المقالة الثالثة حول مراتب انشاء الزمن وحول الموضوعات الزمنية. وأما القسم الثاني فقد ضم تكملات مترتبة من سنة 1905 إلى سنة 1910
وجاءت هذه التكملات في الانطباع الأصلي وفي متصل التغييرات المتعلق به، وفي التخيل والانطباع، وفي الإدراك والتذكر
المقدمة
إن الفحص عن الوعي بالزمن قد كان منذ القدم الصخرة الكأدة لعلمين اثنين علم النفس الوصفي و علم المعرفة و أول من تبين بحق صعوباته الجمة و كان قد تعب فيه حتى كاد ييأس انما هو القديس اغسطين و اليوم كذلك فكل من طلب معرفة امر الزمن فلا غنية له من أن يدمن النظر في الفصل الثالث عشر و سائر الفصول إلى الفصل الثامن و العشرين من المقالة الحادية عشر من كتاب اعترافاتي . إذ أن العصر الحديث المتكبر كثيرا بعلمه ما نراه قد افادنا بشيء يذكر في مسألة الزمن أو قال قولا زاد به بينة عما قاله ذلك العالم النحرير الذي كان قد خاض فيه بصدق الهمة . بل لنا اليوم أن نقول كقول القديس اغسطين (( لئن لم اسأل في الزمن ما هو علمت ما هو و إن سئلت ما هو جهلت ما هو )) .
و بحق فكل الناس تعلم ما الزمن . و هو اعرف الاشياء جميعا ثم إنا اذا اخذنا نطلي معرفة ما علة الوعي بالزمن و أي علاقة حقيقية توجد بين الزمن الموضوعي و الوعي الذاتي بالزمن و كيف أن الموضوعية الزمنية أو كل موضوعية شخصية اجمالا انما تنتشيء في الوعي الذاتي الزمني أو كلما رمنا فقط أن نفحص عن الوعي الذاتي المحض للزمن و عن الفحوى الفينومينولوجي لمعايش الزمن فما نلبث أن نضيع في صعوبات جمة و نتوه في تناقضات و مجاهيل غريبة ايما .
و قد ارى بأن ابدأ بحثي هذا بما قاله برنتانو في امر الزمن . و لهفنا على أن برنتانو ما كان نشر اقواله قط الا ما كان قد افاد به طلبته و قد نجد بسطا لبعضها مبثوثا في مصنف مارتي ذي العنوان في نمو الحس اللوني الذي نشره اخر العقد السابع أو في مصنف ستوي ذي العنوان في علم نفس الحس .
الباب الأول : في اسقاط الزمن الموضوعي
كذلك و لا بد اولا أن ننبه على امور . إذ غايتنا انما بأن نفحص عن الوعي بالزمن فحصا فينومينولوجيا . و هذا سيقتضي ككل فحص فينومينولوجي أن نسقط تام الاسقاط كل ضروب فرض وجود الزمن الموضوعي و اثباته أو الايمان به أي اسقاط كل مقدمة ذات تتعلق بالوجود المفارق لشيء من الاشياء . و هو جائز جدا بالاعتبار الموضوعي أن يكون كل معيش ذا موضع في الزمن الموضوعي الواحد ككل وجود واقعي أو ككل جزء وجودي واقعي و لذا فالمعيش الادراكي للزمن و نصور الزمن نفسه ذو موضع في الزمن الموضوعي الواحد و جائز جدا أن يطلب احدنا معرفة ما الزمن الموضوعي لبعض المعايش كالمعيش الاصلي للزمن بل جائز كذلك أن يكون بحثا نافعا أن نطلب ما العلاقات الموجودة بين الزمنين الزمن الذي عند الوعي زمن موضوعي و الزمن الموضوعي الواقعي و أن كانت هناك مناسبة بين الفصول الزمنية المقدرة و الفصول الزمنية الموضوعية الواقعية و إن لم تكن مناسبة فكيف تكون المباينة بينها . بيد أن هذا الفعل ليس بالذي من مشمولات الفينومينولوجيا . إذ انه فكما أن الشيء الواقعي و العالم الواقعي ليسا هما بمعطي فينومينولوجي كذلك فزمن العالم أي الزمن الشيئي أي زمن الطبيعة التي هي مطلوب العلوم الطبيعية ليس هو بمعطى فينومينولوجي لذا فإن زمن علم النفس من حيث هو علم طبيعي موضوعه النفساني ليس أيضا بمعطى فينومينولوجي .
بيانات الكتاب:
تأليف: ادموند هوسرل
ترجمة: لطفي خير الله
الناشر: منشورات الجمل
عدد الصفحات: 202 صفحة
الحجم: 6 ميجا بايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق