مفهوم الخصومة يستحضر كل ما يوترالعلاقة بين شخصين أو أكثر بحيث يجد كل منهما في الآخر ما يبحث عنه
لا ليكتمل به إنما ليسقط عليه من جهة ما لا يريده ويظهر فيه كل ما هو سلبي من جهة أخرى ولهذا فالخصومة
تقوم على تفاعل تنابذي وليس تجاذبياً والتخاصم هو عنصر قهري ماورائي وواقعي فى آن بالنسبة للأطراف التي تدخل في مجاله
وهذا يعنى أن عقلية التخاصم المذكورة تبرز مدمرة أكثر لأنها تضادية وليست تناقضية ولعلنا لا نكون مجانبين للصواب اذا قلنا ان هذه العقلية تحكم الثقافة العربية
الاسلامية منذ لحظة تشكلها وترسم حدودها ومعالمها الأثرية المعنوية وتبرمج لأحكامها وميكانيزمها وطريقة تفعيلها وهى عقلية لم توجد في عدم
إنما لها تاريخها الممد لها وعناصرها المهيئة لولادتها
لزوميات ما يلزم
كل ما جاء به القرآن حق و يدل على الاختلاف فالقول بالقدر صحيح و له أصول في الكتاب و القول بالإجبار صحيح و له أصل في الكتاب و من قال بهذا فهو مصيب لان الآية الواحدة ربما دلت على وجهين مختلفين و احتملت معنيين متضادين .
و سئل يوما عن أهل القدر و أهل الإجبار فقال : كل مصيب هؤلاء قوم عظموا الله و هؤلاء نزهوا الله . و كذلك القول في الأسماء فكل من سمى الزاني مؤمنا فقد أصاب و من سماه كافرا فقد أصاب و من قال هو فاسق و ليس بمؤمن و لا كافر فقد أصاب و من قال هو كافر مشرك فقد أصاب لان القرآن قد دل على هذه المعاني .
و لو قال أن القاتل في النار كان مصيبا و لو قال هو في الجنة كان مصيبا إذ كان إنما يريد بقوله إن الله تعبده بذلك و ليس عليه علم الغيب . و كان يقول في قتال علي لطلحة و الزبير و قتالهما له : إن ذلك كله طاعة لله تعالى .
لو افترضنا أننا موجودون في عيادة طبيب أمراض نفسية و عرضنا عليه حالات أولئك الذين كتبوا و لا زالوا يكتبون عن الإسلام بكل أبعاده الدينية و الاجتماعية و التاريخية و الأدبية و النفسية و تعمقوا و يتعمقون فيه بحثا و تنقيبا لووجهنا بنتيجة مروعة تشمل معظمهم ذات طابع مرضي من نوع خاض و هي ( حمى التاريخ ) التاريخ الذي لا يعاش سوى مرة واحدة و في فترة من فتراته و هي فترة لا تخضع في أهم عناصر تكونها للمقاييس البشرية . فترة تشكل خلاصة التاريخ ، زبده بخلاف أي تاريخ آخر . بل لا يعدو تاريخ أي شعب آخر أو امة أخرى سوى الداخل في هذا التاريخ بمعنى ما مهما اختلفت عنه تاريخ جرى أو تم تقديسه و تثبيته بمجموعة من المواصفات الميتابشرية و لكنها في حقيقتها مواصفات بشرية و هو تاريخ لا يعاش ( رغم تحديده الزمني ) بطريقة واحدة إنما بأكثر من طريقة فالذين عاشوه أو اخضعوا له و كتبوا عنه و إن كانوا و لا زالوا ينتمون إلى (( جغرافيات )) مكانية و أثنية فكارية مختلفة هم أشبه بأبناء عدة زوجات يرتبطون نسبيا بأب واحد كل منهم يسعى إلى الاستئثار به وفق رغباته ... فكل يسعى إلى إلغاء أو تفنيد بنوة الآخر أو البقية و ما أكثرهم بحجج شتى و يحاول من جهة أخرى رسم صورة الأب بخلاف ما يرسمه الأخر و هكذا يتكاثر الأبناء و ينجب هؤلاء أبناء و هؤلاء مثل الأول ة يظل الأب الأول هو جامع الجميع و مفرقهم معا !
غير أن هذه الحالات المرضية التي ذكرناها في بداية سرعان ما تفصح عن مكانيتها الاجتماعية و الثقافية و زمانيتها التاريخية و السياسية من خلال ما تراهن عليه و يغدو التاريخ في بعده الواحد الأوحد ( الماضي الذي يشكل جوهر التاريخ في تنوع مراحله و تحولاته و ارتباطه بمنبعه " عقله الفيضي " ) مقروء في علاماته الكبرى و هي علامة إنسية و إن سكنت بإلوهية معرفة لها . فهذا التاريخ الذي يبرز زمسكونا بصراعات شتى صراعات تلي أخرى ليس سوى الساحة الكبرى التي تتسع و تتفرع عنها ساحات أخرى متباينة في أبعادها و تضاريسها و دلالاتها و رموزها التي تسير معانيها و ميكانيزماتها المصيرية و طقوسها و شعائرها و أعيادها المختلفة و شيفراتها المختلفة و صراطها المستقيم الخاص بها و قوانينها الخاصة بها و فتاويها و مناسكها و تقاليدها الأدبية و الاجتماعية و تصوراتها المميزة بها رغم أنها تلح على نسبها الأول ( الرهان على وجود الأب الأول و اعتباره علامة وجودها الكبرى ) و تلك هي ساحة رهان دائمة تشع فيها و بها تخيلات مسيرة و ترسم ولاءات منتظرة و تحدد آفاق مرغوبة و غايات منشودة و سلطة مرجعية تعرف في خطوطها الكبرى لتعرف بها و من خلال لغة توصف بها و مفردات تشكل دالتها الأساسية و إرهاصات تعيشها و آلية عمل تستند إليها و تصبح ( حمى التاريخ ) حمى الذات التي تسعى إلى تأكيد وجودها في مسارها التاريخي و اعتبارها ذات الذوات و يصبح التاريخ في تجليه الأسمى و المقدس ( مع ظهور الإسلام ) هو الملجأ الأمين لمن لا يجد أمنا له في واقعة المعاش و لمن يستهدف تحقيق غاية ما لتعزيز أمنه . و هو أشبه بالحبل السري الذي يوصله بالحياة و المؤثر في تكوينه النفسي و الثقافي و الاجتماعي . إنه متنفسه : رئته ( العقلية ) التي بها يتنفس و يفكر .. ذاته التي فيها و بها يعيش و عليها يعتمد و إليها مرجعه و نسبه الذي يرتبط به حتى إن لم يصرح بذلك .
المقدمة
القسم الأول : النار و الهشيم
سرديات عقلية التخاصم تاريخيا
محمد إنسانا .... و ابن امرأة كانت تأكل القديد في مكة
المهاجرون و الأنصار : التفاعل التخاصمي
تنمية عقلية التخاصم
الأمويون : من القبيلة إلى الدولة القبيلتية
عقلية التخاصم في سلوكها الردعي القمعي
عقلية التخاصم في تمسرحها الفكري الثقافي
القسم الثاني : من القرآن إلى القرآن
القرآن و أساطير الأولين
القرآن و الشعر : تاريخان متشابكان
المرأة في سياق عقلية التخاصم قرآنيا
حركية التفسير في الإسلام
القسم الثالث البحث عن التاريخ المفقود
اللغة العربية و التشظى الاجتماعي
حركية الجامع في إطار عقلية التخاصم
المسيحية و الإسلام : جدل الأنا و الآخر – الأخر و الأنا
الإسلام المقاوم
المتباين المتشابه في عقلية التخاصم
الاسم: الفتنة المقدسة – عقلية التخاصم في الدول العربية الإسلامية
تأليف: إبراهيم محمود
الناشر: رياض الريس
عدد الصفحات: 355 صفحة
الحجم: 12 ميجا بايت
لا ليكتمل به إنما ليسقط عليه من جهة ما لا يريده ويظهر فيه كل ما هو سلبي من جهة أخرى ولهذا فالخصومة
تقوم على تفاعل تنابذي وليس تجاذبياً والتخاصم هو عنصر قهري ماورائي وواقعي فى آن بالنسبة للأطراف التي تدخل في مجاله
وهذا يعنى أن عقلية التخاصم المذكورة تبرز مدمرة أكثر لأنها تضادية وليست تناقضية ولعلنا لا نكون مجانبين للصواب اذا قلنا ان هذه العقلية تحكم الثقافة العربية
الاسلامية منذ لحظة تشكلها وترسم حدودها ومعالمها الأثرية المعنوية وتبرمج لأحكامها وميكانيزمها وطريقة تفعيلها وهى عقلية لم توجد في عدم
إنما لها تاريخها الممد لها وعناصرها المهيئة لولادتها
المقدمة
كل ما جاء به القرآن حق و يدل على الاختلاف فالقول بالقدر صحيح و له أصول في الكتاب و القول بالإجبار صحيح و له أصل في الكتاب و من قال بهذا فهو مصيب لان الآية الواحدة ربما دلت على وجهين مختلفين و احتملت معنيين متضادين .
و سئل يوما عن أهل القدر و أهل الإجبار فقال : كل مصيب هؤلاء قوم عظموا الله و هؤلاء نزهوا الله . و كذلك القول في الأسماء فكل من سمى الزاني مؤمنا فقد أصاب و من سماه كافرا فقد أصاب و من قال هو فاسق و ليس بمؤمن و لا كافر فقد أصاب و من قال هو كافر مشرك فقد أصاب لان القرآن قد دل على هذه المعاني .
و لو قال أن القاتل في النار كان مصيبا و لو قال هو في الجنة كان مصيبا إذ كان إنما يريد بقوله إن الله تعبده بذلك و ليس عليه علم الغيب . و كان يقول في قتال علي لطلحة و الزبير و قتالهما له : إن ذلك كله طاعة لله تعالى .
لو افترضنا أننا موجودون في عيادة طبيب أمراض نفسية و عرضنا عليه حالات أولئك الذين كتبوا و لا زالوا يكتبون عن الإسلام بكل أبعاده الدينية و الاجتماعية و التاريخية و الأدبية و النفسية و تعمقوا و يتعمقون فيه بحثا و تنقيبا لووجهنا بنتيجة مروعة تشمل معظمهم ذات طابع مرضي من نوع خاض و هي ( حمى التاريخ ) التاريخ الذي لا يعاش سوى مرة واحدة و في فترة من فتراته و هي فترة لا تخضع في أهم عناصر تكونها للمقاييس البشرية . فترة تشكل خلاصة التاريخ ، زبده بخلاف أي تاريخ آخر . بل لا يعدو تاريخ أي شعب آخر أو امة أخرى سوى الداخل في هذا التاريخ بمعنى ما مهما اختلفت عنه تاريخ جرى أو تم تقديسه و تثبيته بمجموعة من المواصفات الميتابشرية و لكنها في حقيقتها مواصفات بشرية و هو تاريخ لا يعاش ( رغم تحديده الزمني ) بطريقة واحدة إنما بأكثر من طريقة فالذين عاشوه أو اخضعوا له و كتبوا عنه و إن كانوا و لا زالوا ينتمون إلى (( جغرافيات )) مكانية و أثنية فكارية مختلفة هم أشبه بأبناء عدة زوجات يرتبطون نسبيا بأب واحد كل منهم يسعى إلى الاستئثار به وفق رغباته ... فكل يسعى إلى إلغاء أو تفنيد بنوة الآخر أو البقية و ما أكثرهم بحجج شتى و يحاول من جهة أخرى رسم صورة الأب بخلاف ما يرسمه الأخر و هكذا يتكاثر الأبناء و ينجب هؤلاء أبناء و هؤلاء مثل الأول ة يظل الأب الأول هو جامع الجميع و مفرقهم معا !
فهرس
المقدمة
القسم الأول : النار و الهشيم
سرديات عقلية التخاصم تاريخيا
محمد إنسانا .... و ابن امرأة كانت تأكل القديد في مكة
المهاجرون و الأنصار : التفاعل التخاصمي
تنمية عقلية التخاصم
الأمويون : من القبيلة إلى الدولة القبيلتية
عقلية التخاصم في سلوكها الردعي القمعي
عقلية التخاصم في تمسرحها الفكري الثقافي
القرآن و أساطير الأولين
القرآن و الشعر : تاريخان متشابكان
المرأة في سياق عقلية التخاصم قرآنيا
حركية التفسير في الإسلام
القسم الثالث البحث عن التاريخ المفقود
اللغة العربية و التشظى الاجتماعي
حركية الجامع في إطار عقلية التخاصم
المسيحية و الإسلام : جدل الأنا و الآخر – الأخر و الأنا
الإسلام المقاوم
المتباين المتشابه في عقلية التخاصم
بيانات الكتاب
تأليف: إبراهيم محمود
الناشر: رياض الريس
عدد الصفحات: 355 صفحة
الحجم: 12 ميجا بايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق