فى الفترة الأخيرة قرأت عدد من الروايات و القصص القصيرة و الأشعار و كتب المقالات لمختلف الكتاب, و يمكن أن أقول أن من جملة ما قرأت فى الفترة الأخيرة أن أغلب أختيارات القراءة كانت سيئة أو غير موفقة.
فكان مما قرأت ديوان شعر بعنوان أصداء عبثية للشاعرة هبة عبد الوهاب يقع الديوان فى 39 قصيدة تفعيلة تقريبا و فى بعض القصائد و كأن الشاعرة عمدت إلى كتابة الشعر العامودى و لكنها وضعته فى نهاية الأمر فى قالب شعر التفعيلة و لا أفهم لماذا مع أن بنيان القصيدة العمودية شديد الوضوح, ربما لأنها تخشى الوقوع فى اخطاء بحور الشعر و ما إلى ذلك, الحق أن الشاعرة متمكنة من اللغة العربية و لكن جاءت الكثير من الصور الجمالية مقولبة و مكررة و لكن مع قليل من الاختلاف, تورطت أغلب القصائد فى الشعر الرومانسى المطعم دائما و أبدا بويلات الحب و عذابه مما أوقعه فى مشكلة الرومانسية الكلاسيكية التى نرفض التخلى عنها إلى يومنا هذا.
الديوان صادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ضمن سلسلة كلمات و يوزع من خلال جريدة الأخبار بسعر جنيه واحد فقط, التقطه من على رصيف بائع جرائد ضمن مجموعة كتب أخرى تتبع مطبوعات الهيئة العامة لقصور الثقافة, لا يمكن أن أقول أنه ديوان شعر لمبتدئة فى صياغة التعابير الشعرية المختلفة و لكن الديوان فى مجمله لم يخرج عن التصاوير المقولبة إلى حد كبير و التى قرأها الكثير منا فى دواوين أخرى.
و مما قرأت أيضا ديوان شعر العاصفير و الوطن لمحمد الشربينى الذى لا أعرف ماذا أقول عنه صراحة فأن كان ديوان الشاعرة هبة عبد الوهاب تورط بشكل ملحوظ فى استعارة صور جمالية مقولبة فيمكنى أن أقول و أنا مطمئن البال أن كل هذا الديوان ما ألا أبيات مستنسخة من قصائد شتى قرأناها مرارا و تكرارا و كون بها الشاعر ديوان شعر جديد!, لا أجد تعبير أقل خشونة أو أكثر لطفا مما ذكرت, و ديوان الشاعر يضم نحو عشر قصايد تقريبا و صدر أيضا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ضمن سلسلة كلمات, ديوان إن قرأته الحق أنك لن تخرج بشىء يوحى بأن للشاعر أسلوب شعرى يخصه, أقصد بأنك بمجرد أن تقرأه تستطيع أن تنسبه إليه و لكنه مجموعة من الأبيات الشعرية المستعارة كما ذكرت من قبل, حتى المواضيع التى يتناولها فى قصائده سبق و أن تم تداولها كثيرا و ليس هذا عيبا أن يخوض الشاعر فى موضوعات تم تداولها من قبل و لكن كل العيب أن يستدعى مع نفس الموضوع نفس أسلوب الطرح الذى سبق و أن قرأناه عشرات المرات.
أما عن دار ميريت فقد قرأت لبعض الكتاب الغير معروفين بالنسبة لى أنا على الأقل فقرأت رواية عشاق خائبون لإيهاب عبد الحميد و لنفس الروائى قرأت مجموعة قصصية بعنوان قميص هاواى و أيضا رواية لصوص متقاعدون لحمدى أبو جليل و أخيرا رواية بازل لحسين عبد العليم, لو قررت أن أخفف من حدة هجوماتى الأنطباعية حول ما قرأت, فيمكنى أن أثنى على الكاتب إيهاب عبد الحميد فى أنه يمتلك أسلوب خاص به فى الكتابة, متمكن بشكل احترافى من أدواته الكتابية و أن لم يكن يستخدمها بدافع الفزلكة أو الأستعراض, أبدا, و لكنها تخرج منه طبيعية سهلة و سلسلة و أيضا تنبه القارىء إلى أن هذا رجل يتمكن من أدواته و لكن لو أطلعنا سريعا على روايته الضخمة عشاق خائبون و التى تقع فيما يزيد عن 600 صفحة تقريبا, يمكنك أن تجمل الأحداث فى أقل من ربع الكتاب!, و الباقى هى هلوسات بطل القصة خالد !, رجل أسير للخمرة و المخدرات و العلاقات الجنسية المتعددة و الخيال المريض , و الكوابيس و العلاقات الغرامية الفاشلة و طرح فكرة الرغبة فى الانتحار على طول خط القصة حتى الشخصيات الأخرى فى الرواية كلها بدرجات متفاوتة أو متقاربة جدا تسير على نفس الدرب و المنوال, لا يمكن أن تخرج من هذه الرواية و أنت متذكر لأحداث معينة لأنها غابت و تاهت و طمست ملامحها فى وسط سرد مطول مكثف عن هلوسات الشخصية المحورية للرواية خالد و أما المجموعة القصصية قميص هاواى لنفس الكاتب فهى تتنوع بين القصص الواقعية و الفاتنازية و الخلط بين الواقع و الأجواء الفانتازية, بعضها بالنسبة لى بدى مملا جدا و البعض الآخر بدى ممتعا و لكنها ليست على الأقل من المجموعات القصصية التى تستهوينى قراءتها على الإطلاق.
رواية لصوص متقاعدون, ليست بالرواية الجديدة على الرغم من أن القارىء قد يخدع فى عنوانها الذى قد يدفعه فورا إلى شراء الرواية لأن الأسم ينبىء بأنها تشى بأحداث غير اعتيادية و لكن الحقيقة أن الرواية كانت عادية جدا و مألوفة , يمكنك أن تتذكر الكثير من أحداثها و لكن كلها بلا طائل, سرد بحت, أو سرد لمجرد السرد, لا أقصد رسالة و قيم أخلاقية المفروض أن تبثها الرواية أبدا و لكنها من نوع الروايات التى لا تبعث على الملل أو حتى السعادة لدى قراءتها و أيضا تزخر بجو الأدمان و المخدرات و العلاقات الجنسية المتعددة و أن كل أبطال القصة و البيئة المحيطة بهم على نمط واحد من الحياة المضطربة الغير متزنة, شىء غريب و غير واقعى بالمرة, الكل فى الرواية نصابون و محتالون و مخادعون, لا يوجد شريف بالرواية و لا تبرر ذلك بأن الرواية أسمها لصوص متقاعدون لأن أسم الرواية أبعد ما يكون عما تحتويه.
و أما رواية بازل لحسين عبد العليم فهى من أسخف ما قرأت فى حياتى لرجل لا يمتلك الحد الأدنى من موهبة الكتابة, ليس العيب من وجهة نظرى أنه كتبها كلها بالعامية و لكن لافتقاره لأى شرط من شروط الكاتب ليس المحترف و لكن حتى الموهوب بالفطرة, يكرر حكايات أيضا على نفس المنوال من السكر و الخمر و العلاقات الغير مشروعة و لكن بدون أن يضفى عليها شخصيته ككاتب, بدون أن يبرزها هو و لكنه يقصها عليك مثل أى سائق تاكسى أو حشاش من الممكن أن يقص عليك قصة مماثلة !, لم يقدم أى رؤية مختلفة , و أقول أيضا العيب ليس فى الأحداث بقدر الأسلوب الذى أعتمده الكاتب للسرد و هو عندما تنتهى من الرواية حتما ستسأل سؤال معين, ما الفرق بينك و بين أى بلطجى ممكن أن يقص على أحداث مماثلة أو أكثر إثارة, لا فرق, فلا أجد هذا أدبا و لا فنا أنما هو أنحدار فى مستوى الكتابة و فشل إبداعى نعانى منه كما نعانى من أغانى المهرجانات و شعبان عبد الرحيم بالنسبة لى كلاهما وجهان لعملة واحدة.
و أخيرا أحب أن أختم مقالى هذا بالمجموعة القصصية الفائزة بدورة نجيب محفوظ! و ستفهمون لماذا وضعت علامة تعجب بعد قليل؟, للقاصة هبة الشريف تحت عنوان مشاعر تحت الميكروسكوب, الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة, يمكنك أن تطلق صفير طويل لتعبر عن إعجابك بإنتقاء القاصة لعنوان مجموعتها القصصية ثم أتحداك أن تنهى هذه المجموعة القصصية التى أأسف أن أقول أننى أنهيتها بصعوبة شديدة.
تشترك القاصة هبة الشريف مع الشاعر محمد الشربينى فى استخدام نفس الأسلوب الأنتقائى لعبارات مقولبة التى نعرفها كلنا على غرار: و لم ينبث ببنت شفة , و سرت رجفة فى أوصاله, و أقشعر بدنه" تعرفون هذا النوع من العبارات المقولبة, يكفى أن تعلم أن القصص كلها على هذا النسق فى أغلب عبارات القصة و ذلك يدفعك للتساؤل كيف أتعرف على أسلوب القاصة هبة الشريف مما تكتب, لن تعرف, فهى خليط من الترجمات العربية و العبارات المقولبة للأدب الكلاسيكى العربى!
حتى الخط الدرامى المستخدم فى القصص لا يمكن أن تفرق بينه و بين دراما المسلسلات التركى , المبالغة التى لا يمكن أن يتقبلها أى عقل, فكل الدنيا تتآمر على أبطال القصص و كل الأحداث تسير فى سياق الإبتلاءات المتكررة بلا توقف و لا كلل و لا ملل لأبطال القصة!
لا أعرف كيف فازت هذه المجموعة القصصية بجائزة دورة نجيب محفوظ, أريد أن أتعرف على القائمون على هذه المسابقة و هل لازالت مستمرة؟!, كيف قرروا أن تفوز هذه المجموعة القصصية بمثل هذه الجائزة.
حتى أننى أرتبكت فى بعض الأحيان, هل هذه قصة أم مجموعة من الخواطر؟, أم أنها انقلبت فجأة إلى قصيدة نثرية سخيفة؟!
ختاما, القارىء لهذا المقال سيظن أنى أهاجم فقط كل ما يكتب و لا أثنى على أى عمل و لكن الحقيقة أننى قرأت مؤخرا رواية نادى السيارات لعلاء الأسوانى و حتى لا يأخذ القارىء الكريم أنطباع سىء عنى فأنى أحب أن أوجه الشكر للكاتب علاء الأسوانى على هذه الرواية الرائعة و المعلومات التاريخية الدقيقة جدا حتى فى ملابس خدم النادى و أسلوب العمل فى نادى السيارات فى العهد الملكى كيف كان, لقد بذل مجهود يستحق الإعجاب الشديد, ليس فقط لبراعته فى صياغة الأحداث و الأسلوب المشهدى فى سرد الأحداث و الذى أحبذه و أحبه كثيرا و لكن للزخم الممتع من المعلومات التاريخية التى تذكرنى إلى حد كبير بأعمال الرائع يوسف زيدان و ألوم عليه أنه تجنى كثيرا على الملك و أنه صوره على أنه أبليس من الأبالسة و أعتقد أنه جانبه الصواب فى هذا الأمر إلى حد كبير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق