الجمعة، 26 ديسمبر 2014

في عالم المكفوفين لـ أحمد الشرباصي

إنه مكفوف لا يدرك المصير الوخيم الذى يسير إليه ، ولا يرى الهاوية السحيقة التى تردى فيها ، أو سيتردى فيها عما قليل ؛ وهو مكفوف لا يشاهد تلك الأنياب الشيطانية الرهيبة التى تنهش في لحمه وعظمة وفهمة ، حتى تتركه شبحاً محطماً ، أو نهباً مقسماً بين العلل والأوجاع ؛ وهو مكفوف عما تسببه له بنت ألحان من مصائب فى حاضره ومستقبله ، ومصائب فى عرضه وشرفه ومصائب فى أصدقائه وخلانه .

مقدمة


هذا كتابي (( في عالم المكفوفين )) اقدمه – على استحياء – إلى كل من يريد ان يطالع شيئا عن هؤلاء الرفاق الذين حرمتهم الاقدار نعمة الابصار ، و الذين طال اهمال المجتمع لهم و غفلته عن اداء واجبه نحوهم و قد آن اوان التفكير و دفع عاب التقصير ...
و انا لا افخر – بل اقرر حقيقة مجردة – حين اقول : إن هذا الكتاب هو – فيما اعلم – أول كتاب يظهر بيننا عن عالم المكفوفين و شئونهم المختلفة و لا شك ان ارتياد المجال الذي لم تعتد الاقدام طروقه ، فى عالم المكفوفين يكون مخوفا بالنهيب و التخويف : و الثمرة التي تؤخذ من ذلك الارتياد تكون اهلا للترحيب و حسن الاستقبال مهما كان قدرها ...
و ماذا تقول في ميدان من الكتابة يقبل عليه صاحبه و ليس بين يديه مراجع معلومة أو مناهج مرسومة أو مقررات مفهومة ؛ و انما هي اللمحات العابرة و الجزيئات المتناثرة ؛ و لا بد حينئذ من الصبر على استخلاص خبر من هنا و شاهد من هناك و قصة من هنالك ثم محاولة ربطها و الجمع بينها في بحث أو مقال !؟ ..
و قد بدأت صلتي بالكتابة في شئون المكفوفين منذ سنوات ...
ففي سنة 1950 م القيت بدار المركز العام لجمعيات الشباب المسلمين في القاهرة اربع محاضرات عن المكفوفين ؛ و رغب إلى كثيرون ان اسجل خلاصة ما تحدثت به ، فأجملت ذلك في فصل بعنوان : (( في صحبة المكفوفين )) استغرق نحو ثلاثين صفحة من كتابي : (( محاصرات الثلاثاء )) الذي صدر عام 1952 م ...
و تمنى الكثيرون الازدياد من هذا اللون من الكتابة و مواصلة الحديث عن المكفوفين و لكن الشواغل المختلفة لم تهيء الفرصة لذلك ؛ و في طليعة عام 1955 م تلقيت دعوة من المركز النموذجي لتدريب المكفوفين في الزيتون لالقاء سلسلة من المحاضرات حول المكفوفين ، على المبعوثين الذين قدموا المركز من البلاد العربية ، ليتدربوا على تدريب المكفوفين حتى يكونوا نواة التوسع في عناية الامة العربية بشئون المكفوفين .
و استجبت للدعوة مقدرا و شاكرا و جعلت اتحدث إلى هؤلاء المبعوثين احاديث شتى حول المكفوفين ، و كان قصدي الاول من هذه الاحاديث ان اوجد شيئا يصح ان يكون بداية للبحث و التأليف المنهجي في عالم المكفوفين ؛ مع ميل إلى نزعة التوجيه و التحريض . و نوه صديقي الدكتور عبد المنعم نور مدير المركز بهذه المحاضرات اكثر من مرة و اقترح هو و غيره نشرها اكثر من مرة كذلك ؛ و كانت هذه المحاضرات هي البذرة الاولى لتلك البداية التي تمثلت في ذلك الكتاب ، مع زيادات هنا و هناك ...
و اذا استطعت بهذه الفصول ان ادفع القادرين من الكاتبين إلى مواصلة البحث في شئون المكفوفين و اصدار الكتاب عن عالمهم في تجويد و اتقان ؛ أكون قد حققت امنية تسامر القلب و الفكر منذ امد طويل و أكون قد أديت واجبا لا يضيع عن المنصفين ...

بيانات الكتاب

الاسم : في عالم المكفوفين
المؤلف : أحمد الشرباصي
الناشر : مطبعة نهضة مصر بالفجالة
عدد الصفحات : 400
الحجم : 6.75 ميجا

تحميل كتاب في عالم المكفوفين

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق