تحث اشراف: الاستاذ عبد الرحيم عنبي
يأتي بحثنا لمحاولة التعرف على الانعكاسات الناجمة عن البرامج التنموية في الصورة المجالية والاجتماعية لدوار أسكا، ولتحقيق هذا الهدف كان لزاما علينا السير في دراستنا وفق خطة بحث اشتملت على مقدمة ومدخل عام وفصلين أساسيين:
فالمدخل العام تناولت فيه سياق العام للإشكالية، ثم قمنا بصياغة فرضيات الشق الميداني، وضحت فيه أهمية البحث وأهدافه، وتناولت فيه كذلك منهجية وتقنيات البحث،والتعريف كذلك بالمجال المدروس،كما عرضنا فيه للمفاهيم الرئيسية في البحث، كما قمنا بتلخيص لأهم الدراسات التي تناولت الموضوع من زوايا مختلفة..
أما الفصل الأول تناولت فيه تحولات على مستوى صورة مجال وسكن دوار أسكا ويتكون هذا الفصل من محوريين،خصصت المحور الأول لتحولات المجال العام للسكن،تناول في هذا المحور مستويين:مستوى تنظيم المجال القروي،ومستوى طبيعة السكن، أما المحور الثاني فقد تناولت فيه الثابت والمتحول في السكن،حيث تطرقت فيه إلى مستويات التغير والثبات في السكن.
أما الفصل الثاني فقد تطرقت فيه إلى صورة العلاقات والأدوار الاجتماعية،وهذا الفصل يتكون من محورين عامين،تناولت في المحور الأول تحول المجال وتغير العلاقات الأسرية وعلاقة الجوار، أما المحور الثاني فقد خصصت تناولت فيه تمدين الفضاء المنزلي وتغير السلوك اليومي للمرأة القروية.
لنصل في الختام إلى خلاصة تركيبية، لخصنا فيه أهم الخلاصات التي توصلنا إليها، ثم خلصنا إلى مجموعة من المداخل الممكنة التي تبين لنا ضرورتها بالنسبة للتنمية القروية.
خلاصة الفصل الأول:
استحضارا إذن للبرامج التنموية الأساسية التي عرفتها منطقة أسكا مؤخرا، يمكن أن نفسر واقع الدوار حاليا في مستويين، لأن كل التغيرات التي يمكن معاينتها حاليا من تحول السكن في طبيعته وشكله يمكن ربطها بالبرامج التنموية، والتي كانت من نتائجها المباشرة كما رأينا في مستويين:
استحضارا إذن للبرامج التنموية الأساسية التي عرفتها منطقة أسكا مؤخرا، يمكن أن نفسر واقع الدوار حاليا في مستويين، لأن كل التغيرات التي يمكن معاينتها حاليا من تحول السكن في طبيعته وشكله يمكن ربطها بالبرامج التنموية، والتي كانت من نتائجها المباشرة كما رأينا في مستويين:
في مستوى مجالي: نجد الانتقال من السكن المتجمع إلى السكن المتشتت المحادي للطريق من جهة، وبالتالي تغير شكل الدوار والسكن وتغير كذلك مواد بنائه من جهة ثانية، وبالتالي من الشكل الهندسي يمكن قياس الدخل الأسري ومعرفة بنياتها ويتضح ذلك من خلال طبيعة والشكل الخارجي للمنزل بأسكا كما يوضح كذلك أن معظم الأسر حاليا بدوار أسكا تتجه نحول السكن المستقيل مما يدل على أن الأسر تتجه حاليا نحو النووية.
على مستوى الشكل الداخلي للمسكن القروي هناك تحول على مستوى التصميم كما نجد تغير وتنوع في التجهيزات المنزلية من أواني تشبيه بتلك الموجودة بالمدن، كما نجد داخل السكن الجديد غرف خاصة تستجيب لمتطلبات العصر مثلا نجد ما يسمى بغرفة التلفاز، غرفة النوم الخاصة بالأبناء والزوجين ومكان خاص بالضيوف ووجود مطبخ عصري يطلق عليه محليا ب"الكوزينة"، عوض "أنوال" ووجود حمام خاص، بموازة مع ذلك هناك تعايش القديم والجديد أي "تغير داخل منطق الاستمرارية" بمعنى نجد هذا التجاور بين أسماء قروية مع أسماء جديدة قد سبق ذكرها، أي أن مستويات الثبات نجدها على مستوى تمثل الساكنة للسكن حيث نجد استمرار بعض الأسماء القروية للسكن وبعض الأماكن رغم تحول السكن من حيث شكله ومواد بنائه مثلا نجد "لبيت اوكرن" أي غرفة مخصصة فقط لتخزين الدقيق مازالت مستمرة في الوقت الراهن.
خلاصة الفصل الثاني:
خلاصة الفصل الثاني:
نخلص في هدا الفصل إلى القول أن المجتمع القروي الافراني عرف تحولات أساسية في عدة مستويات، على المستوى المجالي وعلى المستوى الاجتماعي، وهذه التحولات أفرزت لنا عدة تغيرات يمكن إجمالها أساسا في: تغير العلاقات الأسرية الاجتماعية: في هذا المستوى عرفت منطقة أسكا تغيرات أساسية في علاقتها الاجتماعية وخاصة في علاقاتها السرية، بفعل البرامج التنموية المنجزة بالمنطقة أثرت في السكن والمجال مما انعكس على بنيات الأسرة حيث وجدنا أن الأسر الإفرانية تتجه هي بدورها نحو الأسر النووية، وتغير كذلك العلاقات بين الأبناء المتزوجين والآباء وهذا ناتج لعدة عوامل ومحددات سوسيولوجيا التي أدت إلى ظهور ثقافة العزيل، لكن في مستويات معينة سجلنا ووجود مل يسميه الأستاذ عبد الرحيم العطري ب" تغير بمنطق الاستمرارية" أي هناك ووظائف لم تتغير بعد داخل الأوساط الأسرية، خصوصا أثناء الخطر الخارجي هنا سجلنا مستويات الثبات في التلاحم الاجتماعي الأسري .
تغير العلاقات الجوارية الاجتماعية: كما لاحظنا أن الأسر اليوم تنحو لنفسها طريقا نحو ثقافة الانفرادية، والتدبير الشخصاني لبعض المسائل،وبالتالي اندثار لمبادئ التضامن والتآزر بين جميع شرائح الاجتماعية بالمنطقة، رجحنا هذه التحولات والتغيرات إلى مسألة أساسية وهي تحول في المجال والسكن الذي عرف بدوره تمدين في فضائه الداخلي، بمعنى الانتقال من السكن المتجمع والممتد إلى السكن المستقيل والمجهزة بمتطلبات العصر والاتصال مع العالم الخارجي عن طريق ووسائل الاتصال .
تغير السلوك اليومي للمرأة القروية:في هذه النقطة وجدنا أن المرأة القروية الإفرانية نحث لنفسها مسار مغايرا لذلك المسار الذي كانت تؤديه في عدة مجالات بالوسط القروي، فوضعيتها الراهن تدل على وجود نوع من الفراغ اليومي ، أصبحت اليوم تقتحم مجالات متعددة كانت في السابق لايمكن لها أن تتجاوزها، حيث ووجدنا تقتحم السوق الأسبوعي، كما وجدنا أن هناك سوق مخصص للمرأة يتم فيه بيع أنواع من الألبسة العصرية، وهذا ما يدل على انخراط المرأة القروية وخصوصا الفتاه في ثقافة الاستهلاك، ويمكن إرجاع هذه المسألة إلى وسائل الإعلام التي أثرت في ثقافة المحلية وخصوصا في على المرأة التي تقضي وقت كبير جدا في البيت بسب الفراغ اليومي، كما تغير علاقة المرأة مع الصحة.
هكذا يمكن اعتماد مؤشر البرامج التنموية نموذجا تفسيريا لمجموعة من التغيرات التي عرفتها منطقة أسكا خصوصا قي مستوياتها الاجتماعية المجالية، وبالتالي التغير الذي عاشته الأسرة القروية يحتوي على عناصر جددت في النسق الثقافي لكي يستجيب لمتطلبات الواقع.
خلاصة وتركيب:
حاولنا في هذا البحث أن نقف على طبيعة العلاقة بين البرامج التنموية التي عرفتها منطقة افران الأطلس الصغير وبالخصوص دوار أسكا خلال السنوات الأخيرة، وقد تبين لنا أن هذه العلاقة هي علاقة ضرورية، حيث ساهمت تلك البرامج وبشكل كبير في التأثير على المجال والسكن، وإيمانا بضرورة منهجية تقتضي أن هناك عوامل أخرى مرتبطة بالهجرة و المكانة الاجتماعية لبعض الأسر، لا تعدو أن تمثل سواء جزء ساهمت وبالتالي كان لابد لها أن تتأثر من جراء التغيرات التي عرفها المجتمع القروي المغربي عامة.
ومن أهم الخلاصات التي توصلنا إليها في هذا البحث هو أن المجال العام للدوار عرف تغيرات كثيرة أصابت شكله بحيث لاحظنا أن هناك انتقال من سكن متجمع إلى سكن محادي للطرق وبالتالي تغير شكل الدوار من شكل متجمع إلى شكل مستطيل أي محادي للطريق هذا من جهة، وتغير طبيعة السكن من جهة ثانية، حيث لاحظنا أن السكن في بنياته الداخلية عرف تحولات هامة تمس بالأساس التجهيزات المنزلية العصرية لكن مقابل ذلك رغم هذه التحولات وجدنا أنها تحولات لم تم بشكل تام أو كلي حيث تبين لنا كيف أن التحول في غالب الحالات في دوار السكن نجده متجاور مع الثابت على مستوى التمثل الاجتماعي للسكن، أي مازال هناك استمرارية لنسق ثقافي متعلق بالأساس بالسكن القروي رغم التمدين الذي عرفه المسكن بدوار أسكا.
على مستوى المجال ذلك خصوصا بدوار أسكا لاحظنا في بعض الحالات التجاور بين ما هو قديم وماهو جديد، ما هو قديم وماهو حديث، في التجهيزات المنزلية العصرية وبين الأواني الفخرية...، كما سجلنا كذلك معطيات ثابتة على مستوى التمثل والمخيل الاجتماعي حول السكن ووظائفه القديمة،رغم تمديد فضائه الداخلي، يعني الحضور المزدوج للثابت والمتحول في المسكن القروي عند المجتمع الافراني.
من الناحية الاجتماعية، يمكن أن نسجل بداية انتقال الأسرة من أسرة ممتدة إلى أسرة نووية وتغير العلاقات بين الأبناء والآباء، وتراجع التعاضد العائلي، كما سجلنا تراجع العلاقات بين الجيران بفعل التحول المجالي حيث لاحظنا أن هناك قطيعة مع الجار القديم، وتراجع تلك الزيارات وتبادل الخبرات والتجارب بين الجيران التي كانت تؤطرها ثقافة "تويزي" ومبدأ التعاون والتكافل الاجتماعي، لكن في مستويات معينة سجلنا معطيات ثابتة رغم التحول والتغيرات التي طرأت على مستوى البنية الأسرية وظهور السكن المستقيل عن الأسرة الأصلية، هذا الثابت لمسناه على مستوى الخطر الخارجي.
وبشكل عام فان هذه التحولات، والتغيرات التي مست دوار أسكا لا تنفصل بالمرة عن مجموع التحولات التي عرفها المجال الافراني عموما، لكن ما اشرنا قبلا انه رغم هذه التحولات تغير قاطع مع الماضي، حيث يتم تجاور القديم مع الحديث.
وبما أن دراسة التغير الاجتماعي ليس فقط لمعرفة مستويات الثبات والتحول،بل هو أيضا مسألة ذات رؤية تنموية مستقبلية خصوصا في العالم القروي الذي يعيش في انتظارية دائمة.
مع ذلك فمن بين المداخل الممكنة لتنمية الوسط القروي خصوصا في منطقة أسكا في نظرنا متعددة وممكنة،نظرا لغياب أي بديل للفراغ الذي تواجهه المرأة ،حيث أن البرامج التنموية خففت من الأعباء اليومية التي تعاني من المرأة، أرى ومن خلال ما أدلت به جل المبحوثات ضرورة خلق مشاريع مدرة للدخل خصوصا المنصبة بالأساس نحو تثمين المنتوج المحلي حيث أن المنطقة غنية من الناحية الموارد الطبيعة، حيث نجد أشجار اللوز،النخيل، أشجار الزيتون، إلى غيرها..، وهذه المنتوجات المحلية إذا تم تثمينها يمكن أن تخلق دخل قار لبعض الأسر الفقيرة، يمكن كذلك أن تحد من هجرة الشباب إلى المدن الكبرى بحثا عن عمل مأجور، وبهذا يمكن أن نضع إستراتجية بديلة لثقافة الهجرة الداخلية من الوسط القروي إلى الوسط الحضري.
وجدنا كذلك أن في المنطقة لم يتم تفعيل برامج التنمية البشرية، وفي هذا الإطار ينبغي إعطاء أهمية للسياسات المولدة للمشاريع الصغيرة بالوسط القروي والتي تعتمد على القروض والتسهيلات المالية، تلك في نظرنا هي المداخل الممكنة التي يمكن أن تضمن إمكانية تحقيق تنمية وازنة بمنطقة أسكا وافران خصوصا،حيث سجلنا غياب أي تعاونية مهتمة بالتنمية الفلاحية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق