الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

شهقة اليائسين لـــ ياسر ثابت

يتناول ظاهرة الانتحار فى العالم العربى. ويكشف بالحقائق والأرقام مدى تفشى هذا الفعل الذى يعكس أزمة مجتمعاتنا فى أوضح صورها.

مقدمة


حتى في الموت رسائل !
هكذا يرى بعضهم في قرار الترحل عن الحياة سبيلا للخلاص والانعتاق وفي حين يبدو هذا العنف الموجه نحو النفس قرارا ذاتيا للتخلص من بؤس البقاء على قيد الحياة فانه يكون في كثير من الأحيان رسالة انذار أو غضب حيال المحيطين بالشخص المنتحر .
شهقة اليائسين وفي ظل أزمات اقتصادية خانقة وتضييق سياسي على المشاركة في الممارسة الديمقراطية وغياب ملامح العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والحس المشترك والقيم الجماعية يلوح الانتحار في الأفق بالنسبة الى من يشعرون بالقلق والجزع وينشدون الخلاص أو يريدون التعبير عن رفضهم لواقعهم الأليم .
ان الانتحار ينجم عادة عن كون المنتحر ترك نفسه ليحشر في فخ حتى يبدو الانتحار بالنسبة للمنتحر حلا أو مهربا سواء من الاخفاق أو العزلة أو الأزمات النفسية , والجسمية والمالية التي يرى الفرد أنه عجز عن مواجهتها أو التكيف معها وبين هذا وذاك تكون النتيجة واحدة : وهي الموت .
والعرضان الأشد خطورة للانتحار هما الاحساس بفقدان الأمل والاحساس بقلة الحيلة فاذا اجتمعا معا انهارت قلاع الانسان واستسلم لأفكار قد تقوده الى ازهاق روحه على رغم أن فطرتنا ترفض الافناء الارادي للذات .
ولعل ما زاد الطين بلة حالنا التي لا تخفى على أحد من تقوقع للشرائح الاجتماعية بعضها على بعض سواء على أساس فكري أو طبقي معيشي أو وظيفي أو مهني أو قبلي أو عائلي , الى ذلك أننا نرزح تحت قيود مفروضة محسوسة ولكنها ليست بملموسة : مثل الأعراف الاجتماعية والتقاليد والمحظورات السياسية ولهذه القيود آثار نفسية واجتماعية جانبية تعتصر كثيرين وتجبرهم على الرضوخ لسلسلة من الأوامر والنواهي والضغوط التي قد تقود بعضهم الى ضعف انساني واستسلام لفكرة الانتحار .
هذه الظاهرة المؤسفة نهشت في جسد الوطن العربي الكبير بتعقيدات واقعه وثقل تجربته التاريخية وأدت الى حوادث محزنة وأوضاع مأساوية تستدعي النظر في الأسباب والبحث عن حلول حتى نحمي أنفسنا وأحبتنا من خطر داهم وموجة عارمة تصبغ أيامنا بالسواد .
كان الموت يتخطف أبناء هذه الأمة بارادتهم طوعا وقسرا ويذبهم الى سراديب النهاية ومداراتها واذا كانت الأزمات حقا وحقيقة فان الانتحار بدا حنقا وطريقة للتعبير عن السخط واليأس والاكتئاب ومثالا على قلة الحيلة تارة ودليلا على ضعف الارادة تارة أخرى .
ان الجروح المعنوية العميقة والشديدة التي يتعرض لها الانسان يمكن لها أن تدفعه للتفكير في انهاء حياته بنفسه بكامل سلطانه على ذاته وفي هذا بعض التبرير لدى من يرصدون ظاهرة الانتحار في المنطقة العربية ويبدو أن رؤية الانسان اليائسة للواقع والأحداث والظروف الخاصة والعامة التي يمر بها قد تجعل فكرة الانتحار بديلا مقبولا عن واقعه والكروب التي يمر بها .
وفي مدن عربية دخلت نفق التخلي وقرى وبلدات ذاقت طعم التجاهل والنسيان نجد أجيالا بأكملها نحرت قبل أن تنتحر وشعوبا أهملت قبل أن تنحدر الى قاعها الدامي وأفقرت الى حد الاغتيال , ونحن ننسى أنه لا يعود البشر بشرا عندما يفقد الانسان كرامته ويغيب احساسه ويقتل تفكيره وحين يصبح يدا ممدودة لطلب المساعدة .
ومع ذلك فانه مما يسترعي الانتباه هو أن المجتمع المصري بشكل خاص ومعظم شعوب المنطقة العربية بشكل عام تتهرب من واجهة مرآة الواقع وتتحايل على نفسها .
 

بيانات الكتاب

الأسم:شهقة اليائسين الانتحار في العالم العربي
المؤلف:  ياسر ثابت
الناشر:  دار التنوير(
عدد الصفحات:208
الحجم: ( 3 ميغا بايت )

تحميل كتاب شهقة اليائسين الانتحار في العالم العربي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق