الخميس، 4 ديسمبر 2014

ذواقة الشاي لـ أيمن العتوم



مقدمة

دخلت علوم القرن التاسع برؤية فلسفية ثابتة أطلق عليها آلية الكون لقد جرى الاعتقاد وقتها أن هناك بضع نظريات رياضية " مثل قوانين نيوتن للحركة وبويل للغازات " تم استخدامها في التعبير عن الواقع وتنبؤ حوادث المستقبل وكل ما كان يلزم لهذه التنبؤات هو مجموعة من المعادلات التامة والمصاحبة للمعايير الدقيقة , لفد استغرق الحضارة السائدة أربعين عاما لتواكب تلك النظرة العلمية .
ان الحوار الذي جرى بين الامبراطور نابليون وبيير سيمون لابلاس في بداية القرن التاسع عشر , مثال لهذا التخلف الحضاري لقد قام لابلاس بنشر كتاب تعريفي ضخم عن كيفية حساب المواقع المستقبلية للكواكب والنجوم عن طريق مراقبتها من سطح الأرض صرح بعدها نابليون بأنه لم يجد ذكرا للاله في بحث لابلاس فأجابه لابلاس أنه لم يجد حاجة لمثل هذه الفرضيات .
لقد خاف الكثيرون من أن يسود مفهوم كون آلي من دون اله يجري أموره , يتم به تقدير المستقبل تبعا لأحداث الماضي .
ومن ناحية أخرى كانت النقلة العاطفية في القرن التاسع عشر ردة فعل للنظرة العقلانية الباردة , كما ظهرت في منتصف القرن براهين للعلوم الجديدة أذهلت عقول الناس , لقد أصبحت نظريات نيوتن الرياضية تستخدم للبحث عن كواكب أخرى وتم اكتشاف الكوكب نبتيون في الموقع الذي افترضته تلك القوانين .
تداعت بعد ذلك كل المقاومات التي اعترضت نظام الكون الآلي وأصبحت النظرة العلمية الفلسفية جزءا أساسيا من الحضارة السائدة واذا لم يكن لدى لابلاس حاجة للاله في تشكيل نظرياته فانه احتاج شيئا آخر أسماه " عامل الخطأ " فمراقبة الكواكب والنجوم من على سطح الأرض لم تتفق تماما مع مواقعها المفترضة .
قام لابلاس وزملاؤه العلماء بايعاز ذلك الى خطأ في الملاحظة بسبب تشويش في جو الأرض أو بسبب أخطاء بشرية أحيانا أخرى , قام لابلاس برمي هذه الأخطاء على عاتق سبب اضافي " عامل الخطأ " الذي أضافه الى مواصفاته الرياضية فامتصها عامل الخطأ هذا تاركا القوانين الأصلية للحركة وحدها لافتراض المواقع الحقيقية للأجرام السماوية , لقد كانوا يعتقدون أن المزيد من القياسات الدقيقة ستلغي الحاجة لعامل الخطأ .
كان العلم في القرن التاسع عشر تحت سيطرة فلسفات القدر مع اعتبار دور عامل الخطأ لربط الفروقات ما بين الملاحظ والمفترض فلسفة القدر هي الايمان أن كل ما يحدث محدد مسبقا عن طريق عوامل الكون البدائية والصيغ الرياضية التي تصف حركاته , ازدادت الأخطاء في نهاية القرن التاسع عشر بدلا من اختفائها , وبازدياد دقة القياسات ازداد ظهور الأخطاء أصبحت آلية الكون في ضياع كما باءت بالفشل محاولات اكتشاف قوانين لعلم الأحياء والاجتماع .
حتى بعض العلوم القديمة مثل الفيزياء والكيمياء التي قام نيوتن ولابلاس بوضع قوانينها اتضح أنها مجرد قوانين تقريبية أصبح العلم تدريجيا يعمل بنظام آخر وهو النموذج الاحصائي للحقائق فاتجهت معظم العلوم بنهاية القرن العشرين الى استعمال النماذج الاحصائية .
فشلت الحضارة السائدة بالتواكب مع هذه الثورة العلمية وانساقت بعض الأفكار والمصطلحات " مثل الربط , الفروق , المخاطرة " مع المفردات العامية أدركت غالبية الناس انعدام الحتمية المصاحبة لبعض المجالات العلمية مثل الطب والاقتصاد وبقيت الأقلية البعيدة عن هذه العلوم غير مستوعبة للنقلة العميقة التي حدثت في النظرة الفلسفية .
ما هي هذه النماذج الاحصائية ؟ كيف تم اكتشافها ؟ ما دورها في الحياة الواقعية ؟ هل هي وصف حقيقي للواقع ؟ ان هذا الكتاب محاولة للاجابة عن هذه الأسئلة وفي خلال هذه المرحلة سنستعرض حياة بعض الرجال والنساء .

بيانات الكتاب

الأسم: ذواقة الشاي
المؤلف:  أيمن العتوم
الناشر:  مكتبة العبيكان
عدد الصفحات: 492
الحجم: 7 ميغا بايت
تحميل كتاب ذواقة الشاي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق