السبت، 13 ديسمبر 2014

اهلا مع السلامة لـ عبد الوهاب مطاوع

مجموعة من المقالات الأدبية والتى تترجم بعض الصور الإنسانية فى الحياة بما فيها من حب وصدق وعناء …إلخ. من المشاعر المختلفة
 مقدمة
اشجان عابرة !


إلا يحدث لك أحيانا أن تلتقي بانسان تعرفه أو لا تعرفه و تسمعه يتحدث إلى غيرك بأسى فتشعر فجأة بالشجن الغامض يتسلل إلى نفسك و تجد نفسك بعد انتهاء اللحظة اقل ابتهاجا بالحياة و أكثر ميلا للحزن و الصمت و التأمل ؟! .
أنا شخصيا يحدث لي ذلك في مواقف و لحظات ابعد ما تكون عن الحزن و الكآبة و قد تجرأت ذات يوم و تحدثت في هذا الموضوع مع صديق لي هاو في علم النفس فنفي أن يكون ذلك من الميول اهلا مع السلامة الاكتئابية و اكد لي أن المكتئب تنحصر اهتمامته و احزانه غاليا في ذاته و لكن قمة السرور قد تكون في بعض الأحيان معادلة لقمة الاستعداد للحزن و لهذا فإنه يمكن بسهولة أن ينتقل الإنسان من هذه إلى تلك في لحظان إذا استثيرت احزانه القديمة أو تلقت منبها خارجيا يجددها و يستدعيها من مكامنها .. كما أن إشارة الاستدعاء هذه قد تجئ في موقف حزين .. و قد تجئ أيضا في موقف لا يوحي للاخرين بالحزن . و لا غرابة في ذلك لأن اثر المؤثرات الخارجية على النفس قد يختلف من انسان إلى آخر تبعا لحالته النفسية و طبيعته الشخصية التي قد تستجيب لدواعي الحزن بأسرع مما تستجيب لدواعي الابتهاج أو العكس .
فإذا كان الأمر كما يقول صديقي هاوي التحليل النفسي فلا بأس إذن بأن احدثك عن بعض المواقف لعابر التي اثارت اشجاني و سلمتني لفترة غير قصيرة بعدها للتأملات و الصمت و الحزن الشفيف الغامض .
في الكعبة المشرفة ذات يوم صباح بارد نسبيا منذ سنوات ابتهجت حين دخلت ساحة الحرم و لمست قلة الزحام فيها في ذلك الوقت المبكر من الصباح ووجدتها فرصة نادرة لأن استطيع أن المس استار الكعبة و الصق صدري بها و اناجي ربي بما تحلو لي به المناجاة و فعلت ذلك بالفعل و شعرت بسكينة شديدة و سلام غريب و تهيأت لأن اغادر موقفي إلى فندق قريب لاشرب قهوة الصباح و اقرأ الصحف و أنا في هذه الحالة المعنوية الطيبة فإذا بي أرى بجواري سيدة شابة جميلة في العشرينات من عمرها تحمل طفلا وليدا على ذراعها .. و تمسك بيد الطفل الوليد و تلمس بها استار الكعبة و تقول به بصوت هامس : قل يا رب اشف ماما .. قل يا رب اشف ماما من اجلي .. قل ! .
و الطفل الوليد لا ينطق و لا يتكلم بالطبع و لا يفهم ابعاد الموقف الاليم لكني فهمته للاسف .. و وجدت نفسي اهتف بحرارة و أنا متعلق بأستار الكعبة و ظهري لهذه السيدة : اللهم استجب لدعاء هذا الطفل الصامت لأمه و لا تردهما خائبين .. اللهم اشفها و اشف كل مريض ..آمين يا رب العالمين .. ثم غادرت الحرم و قد تبدد جزء كبير من السكينة التي شعرت بها من قبل و صاحبتني صورة هذه السيدة الشابة في مجلسي بالفندق بعد ذلك و تساءلت في اعماقي عما تشكو منه هذه الام الصغيرة و هل هو المرض اللعين الذي تقشعر الابدان لذكره ؟ .. و هل هي من المقيمات بهذا البلد مع زوجها و اسرتها أم تراها قد جاءت من بلدها معتمرة لتتشفع بالمكان الطاهر في الاستجابة لدعائها ؟ .

بيانات الكتاب

الاسم : اهلا مع السلامة
المؤلف : عبد الوهاب مطاوع
الناشر : دار الشروق
عدد الصفحات : 61
الحجم : 2 ميجا
تحميل كتاب اهلا مع السلامة

 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق