في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات نشر بومان عدة كتب تحدثت عن العلاقة بين الحداثة، البروقراطية، العقلانية والإقصاء الإجتماعي. اتبع بومان فرويد عندما نظر للحداثة الأوروبية كمقايضة، زعم بأن المجتمعات الأوروبية قبلت بالتفريط بشيء من الحرية مقابل الحصول على فوائد زيادة الحماية الفرديّة.[5] تحدث بومان عن الحداثة، والتي وصفها بالشكل "الصلب"، حيث حاولت أن تزيل خوف وتوجس الشخصية البشرية عن طريق التحكم بالثروات، وتطبيق السلالم الوظيفية، ووضع القوانين والتنظيمات، وذلك لتجنب الفوضوية التي تجعل من الإنسان مضطرب إلى أمور تسهل حياته بشكل مرتب ومنظم وسهل. ولكن بومان أطلق عدداً من الكتب حيث كانت تتحدث عن أن وضع هذه القوانين والأنظمة وترتيب الحياة بهذا الشكل لم تصل إلى النتيجة التي كان يطمح إليها الإنسان. يزعم بومان أنه عندما تكون الحياة منظمة بشكل منطقي وواضح، سيكون هناك دائمًا مجموعات من المجتمع لا نستطيع أن نداريها أو نضبطها ورغم ذلك تعتبر جزء من المجتمع. في كتابه "الحداثة والازدواجية" وضع بومان نظريته عن شخصية الإنسان غائبة الملامح بتقديم الشخصيّة المجازيّة "الغريب". واعتماداً على دراسات جورج سيميل وعلى دراسات الفيلسوف جاك ديريدا، كتب بومان "الغريب" كشخص غير مألوف في مجتمع غير مقرّر بعد.. حاول بومان في كتابه الحداثة والازدواجية أن يعطي عدداً من الاختلافات التي تحاول المجتمعات الحديثة تبنيها تجاه هذه الشخصية الغريبة. من ناحيته، يزعم بومان بأنه في ظل اقتصاد موجّه للاستهلاك، الغريب وغير المألوف يبقى دائمًا جذّاب؛ في أنواع مختلفة من الأطعمة،
وبسبب أن هذا الغريب لا يمكن التحكم به، فهو يمتلك هذا الشعور بالخوف تجاه الشخص من الخارج (خارج نطاق مجتمعه) الذي يشعر باحتمالية أنه يتوعده ويهدده بشكل مستمر. وكتاب بومان "الحداثة والهولوكست" الذي شرح بشكل كامل عن خطر الشعور بمثل هذه المخاوف. وبناءً على دراسات حنّة أرندت و ثيدور أدورنو عن الاستبداد والتنوير، يرى بومان بأن الهولوكوست لا يجب أن يُعتبر جزء من تاريخ اليهود، ولا نوع من الرجوع إلى بربرية ما قبل الحداثة. وبشكل ما يرى بومان بأن الهولوكوست لها علاقة عميقة بالحداثة. في تحليلات بومان يذكر أن اليهود أصبحوا "غرباء" بشكل أكبر في أوروبا[6]، والنتيجة في ذلك كما صورها هو بسبب محاولات المجتمعات الأوروبية لتجاوز الطبيعة السيئة الغير مريحة لهم والتي هي مزروعة في أصل اليهود كعنصر أساسي في طبيعتهم. ويتبع بومان الفيلسوف جورجيو آقامبين بأن آثار الهولوكوست ما زالت ظاهرة حتى الآن، ويتم استعمالها إلى اليوم في سياسيات معينة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق