الأحد، 14 ديسمبر 2014

نظرية المعرفة و الموقف الطبيعي للانسان لـ فؤاد زكريا

نقد بشكل اساسي للفلسفة المثالية وبالاخص في قضية (الوجود الخارجي) ..النقد جيد ومنظم وينال معظم فلاسفة المثالية ..الا انه يعيبه اقتصاره في تفنيد حججهم على فكرة فقدان التأثير العملي لفلسفتهم واعتماده على طبيعة مادية بحته في نقض النظرية.

مقدمة


(( يسارع الفلاسفة إلى الترحيب بأي شيء تبدو عليه سيماء الغرابة ، و يخالف أول افكار البشر و اكثرها تلقائية و يعدونه علامة من علامات سمو

علمهم الذي يستطيع كشف اراء بعدت إلى هذا الحد عن وجهة النظر الشائعة . و من وجهة أخرى فإن أي شيء يقترح علينا و يسبب دهشة و اعجابا يرضي الذهن إلى حد يجعله يستسلم لهذه الانفعالات السارة حتى لا يعود لديه مجالا للاقناع بأن لذته قد لا يكون لها أي اساس . و من هذه الاستعدادت لدى الفلاسفة و لدى تلاميذهم ينشأ ذلك التفاهم المتبادل بين الطرفين : إذ يأتي الاولون بمجموعة ضخمة من الآراء الغريبة التي لا يقدم لها تعليل و نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان يصدقهم الاخرون على التو )) .
تفرض كل مهنة على من يحترفها مجموعة من الآراء و المواقف التي تميزه عمن يحترفون مهنة أخرى و تبدو غريبة خارجة عن المألوف في نظر غيره . و مهنة الفلسفة ليست استثناء لهذه القاعدة . فالأمر الذي لا شك فيه أن الباحث المتخصص في الفلسفة هو اليوم صاحب مهنة لها (( جو )) خاص يجده غير المتخصص في الفلسفة غريبا خارجا عن المألوف . في هذا الجو يقول الفلاسفة بآراء و يتخذون مواقف هي في نظرهم من الامور العادية المألوفة مع أنها في نظر غيرهم مذهلة لا تكاد تصدق . و من أكثر هذه الآراء شيوعا تلك التي يعبر عنها الفلاسفة بصورة مختلفة منها : إن العالم الخارجي غير موجود أو انه ذاتي . تلك الآراء – المتعلقة بمشكلة تؤلف الجزء الرئيسي في مبحث المعرفة الذي كان ربما أهم اجزاء الفلسفة العامة أو المتافيزيقا – هي إذن جزء لا يتجزأ من التراث الفلسفي كما ينقل من جيل إلى جيل و لكنها تبدو بعيدة تماما عن التصديق بل عن التصور حالما يخرج بها المرء عن دائرة الفلسفة المتخصصة .

و لا أظن أن احدا من دارسي الفلسفة لم يمر في وقت من الأوقات بتلك التجربة التي يتعرض فيها لسخرية الاخرين – الذين قد يكونون اناسا عاديين أو اشخاصا متخصصين في فروع أخرى من العلم – من مواقف الفلاسفة التي تكاد تصل في نظر هؤلاء الاخرين إلى حد الجنون و من اهمها ذلك الموقف المثالي و ما يقترن به من انكار لوجود العالم الخارجي أو شك فيه . و لكن لنفرض أن واحد من المتخصصين في الفلسفة اتخذ الموقف المضاد أي دافع عن وجهة النظر (( المعتادة )) التي يعبر عنها (( غير الفلاسفة )) فماذا يكون رأي الفلاسفة فيه ؟ . إنني لا زلت اذكر نظرة الاستغراب التي نظرها إلى احد الاساتذة و هو يناقشني في البحث الذي تقدمت له لدرجة الدكتوراه و دافعت فيه عن وجهة النظر (( المعتادة )) هذه . لقد سألني : اتعني حقا أن تدافع عن وجهة نظر (( الإنسان المعتاد )) ؟ . و كان في تساؤله دهشة لا تقل عن تلك التي يبديها عالم الرياضة إذا سمع احدا يعترض على صحة جدول الضرب .

بيانات الكتاب

الاسم : نظرية المعرفة و الموقف الطبيعي للانسان
المؤلف : د. فؤاد زكريا
الناشر : دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر
عدد الصفحات : 171
الحجم : 3 ميجا
تحميل كتاب نظرية المعرفة و الموقف الطبيعي للانسان


 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق