الكشكول - الشيخ بهاء الدين العاملي
كتاب: الكشكول للشيخ بهاء الدين العاملي
بهاء الدين العاملي
(953 ـ 1031هـ/1547 ـ 1622م)
محمد بن حسين بن عبد الصمد بن محمد الجبعي العاملي، المعروف بالبهاء العاملي. عالم موسوعي. لقّب بالعاملي نسبة إلى جبل عامل الذي يقع في الجنوب الشرقي من سهل البقاع في لبنان، والجبعي نسبة لبلدة جبع أو جباع التي تقع على ذلك الجبل.
ولد بهاء الدين في مدينة بعلبك، ولمّا بلغ من العمر أربعة عشر عاماً رحل في صحبة والده الشيخ حسين بن عبد الصمد إلى مدينة قزوين عاصمة الدولة الصفوية في ذلك الوقت، وكانت رحلتهما في إطار هجرة الشيعة القاطنين في جبل عامل التي تلت مقتل زين الدين بن نور الدين العاملي المعروف بالشهيد الثاني وكان في طريقه إلى القسطنطينية، لمقابلة السلطان سليمان الأول سنة 965هـ/1557، عقب اتهامه بجرم لم يرتكبه.
كانت الدولة العثمانية في ذلك الحين تسيطر على بلاد الشام، وكان العداء مستحكماًُ بينها وبين الدولة الصفويّة لعدة أسباب، أهمها التعصب المذهبي في كلتا الدولتين؛ فالأمراء والقضاة في الدولة العثمانية كانوا على مذهب أهل السنّة، في حين كان التشيّع لآل البيت والاجتهاد في الإفتاء من أهم مبادئ الفقه الشيعي في الدولة الصفويّة. ولعل الجور العثماني الذي كان يجثم على بلاد الشام، بدافع التحكم أو بدافع الضغط على أصحاب المذاهب الأخرى، من الأسباب التي حثت الشيعة القاطنين في جبل عامل على الرحيل إلى بلاد فارس في نهاية القرن العاشر للهجرة.
ولمّا رحل بهاء العاملي إلى قزوين كان الشاه طهماسب (930-984 هـ) لمّا يزل يحكم البلاد،وكانت الدولة الناشئة بأمس الحاجة إلى من يقوم بتوضيح الفقه الشيعي وتفسير أحكامه؛ لذلك قام والد بهاء الدين الشيخ حسين بوضع كتاب «العقد الطهماسبي»، وكان ذلك سبباً في انتشار شهرته ورفع مكانته.
كان لوالد بهاء الدين الفضل الأكبر في تعليمه المبادئ الأساسية لعلوم اللغة العربية والفقه والأصول والحديث والتفسير.ولمّا غادر الشيخ حسين قزوين، تاركاً ولده فيها، توجّه إلى هراة سنة 983هـ/1575م حيث أصبح زعيماً لمشيخة الإسلام فيها. فلحق بهاء الدين والده إلى هراة فتابع دراسته عليه وعلى الشيخ عبد العالي الكركي (ت 993هـ)، وقد حاز بهاء الدين العاملي شهرة واسعة بعد تضلّعه من العلوم والفقه والآداب وإتقانه اللغتين العربية والفارسية أهّلته لتولي مشيخة الإسلام في أصفهان، وهي المدينة التي أحبها وخلّدها في أشعاره ورسائله. وكانت له فيها دار رحبة الفناء يلجأ إليها الأيتام والأرامل ويقوم هو بالإنفاق عليهم، كما قام بتأسيس عدة مدارس في أصفهان فصارت بذلك دار العلم في عصره. كان بهاء العاملي ميّالاً إلى تحصيل العلوم،راغباً في العزلة، محباً للتنقل و الاطلاع، ولم يكن له زوجة ولا ولد.
لمّا توفي والده سنة 984هـ/1576م سنحت له فرصة السفر، فلم يترك ناحية من نواحي بلاد فارس إلا زارها، كما زار مصر وسورية والحجاز حيث أدى فريضة الحج وعاد بعدها إلى أصفهان. ويقال إن الشاه عباس الكبير حينما علم بعودته إلى أصفهان ذهب إليه بنفسه، وعرض عليه رئاسة العلماء،وفوّض إليه أمور الشريعة.ومع أنه لم يستمر بهذا المنصب بقي صاحب المقام الأول عند الشاه، وصحبه سنة 1015هـ في جولة زارا فيها خراسان وأذربيجان و آران (قفقاسية). توفي العاملي في مدينة أصفهان،على ما ذكره حسين الكركي العاملي، ونقل إلى مشهد الرضا ودفن هناك في داره بجانب الحضرة المقدسة.
كان بهاء العاملي واسع الأفق، ومصلحاً دينياً واسع الصدر. اتصل بمختلف الطوائف متعمقاً في دراسة مختلف الملل والنحل، وعمل على توحيد الآراء وجمع الشتات وتقريب وجهات النظر. انتقد الجمود والتقليد والفساد الذي كان منتشراً في عصره، وشنّ حملات كثيرة في شعره ونثره، باللغتين العربية والفارسية، على المتزمتين والمرتزقين من الدجل والرياء؛ لهذا ناوأه بعض أفراد تلك الطبقة، ووجهوا إليه المطاعن والتهم الباطلة، كما كثر حسّاده حتى تمنى أن والده لم يخرج به من جبل عامل إلى الشرق، وأنه لم يختلط بالملوك.
لبهاء العاملي عدة مؤلفات أكثرها باللغة العربية وقليل منها بالفارسية، ويمكن تصنيف مؤلفاته في ثلاث زمر:
أـ مؤلفات دينية، وهي تضم ما يلي:
1ـ أجوبة وحواشٍ تتعلق بعلوم القرآن الكريم، وتفسير بعض الآيات والكلمات الواردة فيه.
2ـ شرح «أنوار التنزيل وأسرار التأويل» للبيضاوي.
3ـ شرح الأدعية الواردة في «الصحيفة السجادية» لزين العابدين.
4ـ شرح الأربعين حديثاً.
5ـ رسائل في الاختلاف الكائن بين المذهب الشيعي الاثنا عشرية والمذاهب الشيعية الأخرى.
6ـ الرسائل الاثنا عشرية، وعددها خمس، وهي تتعلق بالطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج، وتقسم كل رسالة إلى اثني عشر مطلباً.
ب ـ مؤلفات أدبية (لغوية وشعرية) أشهرها:
ـ «المخلاة» جمع فيه العاملي ماتشتهي الأنفس، وتلذ الأعين، من جواهر التفسير، وزواهر التأويل، وعيون الأخبار، ومحاسن الآثار، وبدائع حكم يُستضاء بنورها، وجوامع كلم يُهتدى ببدورها.
ـ «الكشكول» وهو من أشهر مؤلفاته، بدأ بتصنيفه حينما كان في مصر، وذكر فيه أين ذهب، وبمن التقى، وما صادفه من أحداث . وهو موسوعة ضخمة طبع عدة مرات، ويعد الكشكول بحسب الظاهر مؤلفاً أدبياً، لكنه يحوي في ثناياه أبحاثاً تتعلق بعلوم الحساب والجبر والفلك والهندسة والطب، إلى جانب الفلسفة وعلم الكلام،والتصوف واللاهوت. وهذا يدل على براعة العاملي وتفكيره العلمي، إلى جانب إتقانه علوم اللغة والدين.
ـ «أسرار البلاغة» جمع فيه العاملي أفصح ماورد في آيات القرآن الكريم وأبلغه، وماروي عن الأنبياء والحكماء والشعراء من نوادر وعظات وحكم.
ج ـ مؤلفات علمية أشهرها:
ـ «خلاصة الحساب» وهو، كما قيل، موجز لكتابه الكبير المسمى «بحر الحساب» الذي لم ينل شهرة مختصره، لذلك لم ينسخ وينشر. أما كتاب خلاصة الحساب فقد نال شهرة واسعة، فكثرت نسخه المخطوطة،وعُلق عليه وشرح . وطبع أكثر من مرة، كما ترجم إلى عدة لغات، منها الفارسية والألمانية والفرنسية. لقد استعمل العاملي في مؤلفه هذا الأرقام الهندية المشرقية، فيما عدا الصفر الذي كتبه بحسب الطريقة الفارسية والشائعة في البلاد الأجنبية (0) وقد تم نشر هذا الكتاب تحت عنوان «رياضيات بهاء الدين العاملي».
ـ «تشريح الأفلاك» رسالة مختصرة في علم الهيئة (الفلك)، ألفها العاملي للشاه عباس الصفوي.
الناشر: منشورات مؤسسة الاعلمي للمطبوعات
الطبعة: السادسة 1983م
الجزء الاول - الجزء الثاني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق