الأحد، 19 مايو 2013

بول باسكون المجتمع المركب المجتمع المغربي من وجهة : نظر بول باسكون ومحمد جسوس.1 حمو بلغازي ـ ترجمة : ناصر السوسي

المجتمع المغربي من وجهة : نظر بول باسكون ومحمد جسوس.1 حمو بلغازي ـ ترجمة : ناصر السوسي

 http://www.anfasse.org/index.php/2010-12-27-01-33-59/2010-12-05-18-31-21/3518---------

حاول بعض الباحثين المحليين والأجانب ، سواء بهاته الطريقة أو تلك ، تحديد طبيعة المجتمع المغربي بإبراز الآليات الواقعية التي تحرك هذا البلد المتأرجح بين التقليد والحداثة،و اللاعقلاني والعقلاني.
فبالرغم من أن المجتمع المغربي مجتمع يعيش وضعية كهاته فإن ثمة طموحا يحذوه لاحتلال منزلة داخل عالم التكنولوجيا.
يتضمن النص التالي عرضا لمقتربين في منتهى الوجاهة، أولهما لبول باسكون ، وثانيهما لمحمد جسوس.
-    مقترب بول باسكون : المجتمع المركب :2
لا يوجد ، حسب بول باسكون ، مجتمع واحد في المغرب بل توجد مظاهر جزئية لخمس مجتمعات متراتبة ؛ ذلك أن الأمر يرتهن بمجتمعات أبوية/بطريركية، وتيوقراطية ، وفيودالية [=قايدية] ثم قبلية فصناعية.
يريد بول باسكون بالمجتمع الأبوي المجتمع الذي تشكل فيه مؤسسة العائلة الخلية الأساسية للتنظيم الاجتماعي بحيث تكون هذه الخلية متميزة بالمركزة الكلية للسلطة بين يدي الأب؛ إذ لا شيء يحصل ، أو يتم إقراره بدون رضى ، وقبول رئيس العائلة [=الأب]. وللتدليل على هذا يمكن الإشارة إلى مؤسسة الزواج التي من غير الممكن إقامتها بدون موافقة آباء العازمين على الزواج.
على أنه وضمن المجتمع الأبوي نلاحظ بأن الفتاة تستمر في العيش في كنف الأب وتحت سلطته ؛ وفي حالة غيابه تنتقل إلى العيش تحت حماية أحد أقربائها من جهة الأب طبعا.
إن الأب، و دائما ضمن المجتمع الأبوي، هو الوحيد الذي يؤول إليه حق ممارسة السلطة المطلقة والكلمة – الفصل سواء تعلق الأمر بالمجال الاقتصادي؛ أو بمجال تدبير الإرث العائلي.
أما المجتمع التيوقراطي فبقدر ما يعسر علينا حصره و ضبطه؛ يعسر علينا كذلك تجاهل أدواره، و تأثيراته في تاريخ المغرب التي تحدث من خلال الزوايا؛ و الجماعات الدينية الطرقية.
ويريد بول باسكون بالمجتمع الفيودالي ذلك النسق المؤسس [ بفتح السين الأولى] من قبل القواد الكبار أو المتوسطين الممثلين للسلطة المركزية على المستوى المحلي [كاد رجال السلطة أن يتملكوا رقاب الناس، وكل ممتلكات المناطق الخاضعة لنفوذهم (قياداتهم)].
وبناء على هذا يستنتج بول باسكون بان ما يسم النسق القايدي هو الاستغلال، و العنف بالإضافة إلى العبودية.
هذا من جانب، و من جانب آخر أشار باسكون إلى المجتمع القبلي الذي اعتبره موسوما بالتضامن السياسي الإقليمي؛ لأن القبيلة تكون ملزمة بالذب عن مجالها الجغرافي بالأسلحة الضرورية. وجدير بالذكر أن مثل هذا الدفاع يتطلب سلطة تتمثل في وجود رجال قادرين على حمل السلاح.
و أخيرا هناك المجتمع الصناعي، فهو كأي مجتمع متطور تقنيا، نجده يعمل في المغرب وفقا للمبادئ التالية : الشركة، الباطرونا، والعمل الأجير (...) علما بأن الخلط يظل قائما بين الشركة (كفضاء للشغل و الأعمال)؛ وبين البيت (كمجال للحياة الخاصة) ...
وعموما لم تبق الأنساق القبلية، و القايدية، و التيوقراطية بذات الأشكال التي كانت عليها في السابق؛ بحسبان أن المجتمع الصناعي ما انفك يبحث عن نفسه في ظل مجتمع بطريركي يواصل هيمنته على كل الأنماط المجتمعية الأخرى. لكن ماذا يقول محمد جسوس في ذات المضمار؟.
- مقترب محمد جسوس : المجتمع المخزني.3
في المجتمع المغربي، غالبا ما تتساكن، وفقا لمحمد جسوس، خمس مشاريع مجتمعية في عين الآن : نسق القرابة، و المشتركية، و الزبونية، ثم الرأسمالية، فالمخزن ( الإدارة المركزية أو الدولة).
النسق القرابي هو حجر زاوية التنظيم الاجتماعي في المغرب العتيق.
فقد أضحى إحدى الأدوات الايدولوجيا للدولة ؛ كما إحدى امتداداتها. فإذا كانت روابط القربى تقدم علاجا ناجعا، وفعالا لمختلف الاضطرابات، والأزمات الاجتماعية، فإنها اليوم تسهم في تمجيد السلطة المركزية عبر الإكثار، إلى حد الغلو ، من النماذج ، والسلوكات، والقيم، والمعتقدات التي تتماهى ، وتتطابق والمشروع المخزني.
 على حين أن المشروع المشتركي (أو الوطني) والذي كان قد لعب دورا رياديا غداة نضال الشعب المغربي ضد الأطماع الخاريجية، وتحديدا في فترة الاستعمار، نجده قد أضحى اليوم وسيلة فعالة للتغميض والتعتيم. فالدولة المغربية تستعين بهذا المشروع لأجل إخفاء المشاكل المترتبة على اللامساواة ؛ واستغلال البعض من قبل البعض الآخر (...) وبصيغة أخرى إن الدولة نجحت من خلال الاعتماد على المشتركية، في تمرير رسالة مؤداها أن المغاربة متساوون؛ وأنهم إخوة، وبهذا المعنى فإنه لا شيء يميز بينهم.
ونظرا لحضور هذا الخطاب الإيديولوجي، ولنظرة كهاته تحلق بعيدا فوق حقيقة الأشياء؛ فإنه يصعب الحديث عن التناقضات والصراعات الاجتماعية بيد انه وبمجرد ما تقوم حركة فكرية تتقصد تعدية ذلك الخطاب، فإنه يتم التصدي لها بسرعة باعتبارها حركة و تناهض مبادئ التقليد المغربي، بل تناقض حتى تعاليم الإسلام.
أما الزبونية فهي ظاهرة ترتكز بشكل كبير على العلاقات الشخصية كما على السلطة السياسية ؛ ذلك أن الأقطاب الذين ينتظم الزبناء حولهم يشغلون وظيفة الوسطاء لدى الإدارة، ولدى الأجهزة الدولتية على السواء.
كانت الوساطة في الماضي تدور حول محاور بعينها : الأسياد، والمرابطين ورؤساء الجماعات الدينية لكن محورها اليوم صار هو الدولة. إن دل هذا شيء فإنما يدل على ان ظاهرة الزبونية أضحت، على وجه التقريب، تشمل الحقل الاجتماعي برمته. من هنا ينتصب السؤال التالي : هل بمستطاعنا أن نؤسس مجتمعا بكامله على قواعد وروابط زبونية؟.
المشروع الرابع الذي تحدث عنه محمد جسوس هو المشروع الرأسمالي.
برز هذا المشروع مع نهاية القرن التاسع عشر غير أنه لم يتمكن من فرض نفسه كيما يكون مستقلا؛ ولعل من سببيات ذلك أن البورجوازية المغربية تابعة للشركات المتعددة الجنسية؛ وذيلية للاستعمار، حتى وإن كانت مجموعة من المؤشرات السوسيو اقتصادية (العلاقة مع الرأسمال البترولي العربي، والمرور من البنية التقنية للقطاع العام إلى القطاع الخاص) تبين بأن هذه البورجوازية المغربية طفقت تعبد طريقها باتجاه استقلالها.        
وخلافا للمشروع الرأسمالي المومإ إليه يبدو المخزن مؤسسة ذات جذور تاريخية  همها الأكبر [حسب محمد جسوس] استتباب سلطة مركزية يكون بمقدورها تحقيق اختياراتها؛وفرض قراراتها على مختلف تشكيلات المجتمع المغربي مما جعلها تصطدم بمقاومة قبلية شرسة حالت دون مركزة نفسها، ودون الدفاع عن سلطتها [=المؤسسة المخزنية] في جميع أطراف البلاد. وقد تسنى لها ذلك، فيما بعد، بالاعتماد على النظام الاستعماري.
ويردف محمد جسوس في ، السياق ذاته، بأن المشروع المخزني مشروع يهيمن على كل المشاريع الأخرى فضلا عن أنه يعطي الأولوية لاحتكار المنطق السياسي على حساب أي منطق آخر، سواء كان هذا المنطق ذات طبيعة اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو إيديولوجية (...).
يتحصل مما سبق أن كلا من بول باسكون ومحمد جسوس يجلي بأن ثمة قوة واحدة محركة للمجتمع المغربي : النسق البطريركي بالنسبة لبول باسكون ؛ والمشروع المخزني بالنسبة لمحمد جسوس ، وينضاف إلى ذلك أن عناصر المقتربين تتشابه فيما بينها وتتكامل وهو ما يقذف بنا إلى صياغة هذا الاستفهام : هل يعني هذا أن الواقع المغربي غذا جليا وشفافا مثل مياه الصخور؟
كلا . لأن هنالك مناطق ظل كثيرة تتطلب البيان والتبيين، ومن ذلك العقلية المغربية التي يتعين الشروع في دراستها.
التقابل بين المقتربين :
المجتمع المركب
المجتمع المخزني
الميزة
النسق الأبوي
المشروع المخزني
مركزة السلطة (الأب – المؤسسة)
النسب التيوقراطي
المشروع الزبوني
الوساطة
النسق الصناعي
المشروع الرأسمالي
الشعبية
النسق القبلي
المشروع القرابي
التضامن(دفاع ذاتي).
- إحالات –
-1- « libération » N° : 479, Vendredi 22 mai 1992 , P : 18
- 2 – Pascon (Paul) : 1980, Etudes rurales, S.M.E.R. Rabat, Maroc , pp : 189-229.
-3- جسوس (محمد)، تسائلات حول طبيعة ومآل المجتمع المغربي المعاصر جريدة "الاتحاد الاشتراكي"، الأعداد : 171- 180- 181.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق